Skip to Content

التربية على الاختيار - الأخت دُنيز الخوري

 التربية على الاختيار

الأخت دُنيز الخوري

مقدمة : تعريف الاختيار

بشكل بديهي يمكن أن نعرف الاختيار بأنه تفضيل شيءٍ على آخر أو موقفٍ على آخر أو شخصٍ على آخر. ولكن إذا تعمقنا أكثر يمكن القول أن الاختيار هو اتخاذ قرار أو موقف يلتزم به الإنسان.

شروط أو أسس الاختيار

1 - الحرية .

2 - الوعي .

3 - القيم .

1- الحرية:

لا يستطيع أن يختار إلا الإنسان الحر, والحرية هبة أو قدرة ينميها الإنسان ويتمرن عليها.

    الحرية ليست إمكانية أن يفعل الإنسان مار يريد بل إمكانية اختيار ما يحقق له إنسانيته. يقول الكتاب المقدس: "في كل يوم يقول الله للإنسان قد جعلت أمامكم الحياة والموت, البركة واللعنة, فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك." فالإنسان لا يصبح إنساناً ولا يصل إلى ملء قامته إلا إذا عاش حريته في الاختيار.

    "في كل يوم" إن حياة الإنسان هي سلسلة من الاختيارات اليومية وفي كل اختيار تخلي أي كل اختيار هو موت وقيامة هو فصح "إن حبة الحنطة إن لم تمت تبقى مفردة". ليصل الإنسان إلى الحرية عليه أن يتحرر من أمورٍ كثيرة, أن يخلع الإنسان العتيق ويلبس الإنسان الجديد. عليه أن يتخلى عن محوريته, عن أنانيته, عن غرائزه وميوله, عن التقاليد, عن الموضة والمظاهر.

    غير أن الإنسان لا يتحرر بقواه الذاتية بل بنعمة وقوة المسيح. إذاً لابد من إعطاء دور للمسيح في حياتنا وقراراتنا.

2- الوعي:

أي استعمال العقل والموازنة في الاختيار مثلاً عندما أريد شراء شيءٍ ما كيف أختار ما أشتري؟ هل أسأل ما هي الموضة؟ ما هو أغلى؟ ما يوافق ذوق الآخرين؟ أم اختار ما يناسبني من حيث القدرة والعمر....

3- القيم:

في حياة كل إنسان يوجد قيم روحية وإنسانية واجتماعية ولهذه القيم سُلَّمْ. من هذه القيم: الله
وعلاقتي به, المحبة, العدالة, الصدق, الاستقامة والأمانة. فما هو سُلَّمْ القيم وأولوياتها بالنسبة لي؟

    البعض يضع المال والمظاهر والحياة الاجتماعية في أعلى هذا السُلَّمْ والبعض الآخر يضع الله ومحبة القريب. وأنا ماذا أضع في أعلى سُلّمي؟

مراحل الاختيار

1- دراسة الواقع. ما هي المعطيات؟ الإيجابيات والسلبيات؟ ما هو الهدف أو الغاية؟ ماذا أريد؟

2- اتخاذ القرار بعد الدراسة والموازنة.

3- تنفيذ القرار أي الالتزام بما قررت واخترت.

4- مناقشة النتائج.

تربية الإنسان على الاختيار

لابد من تربية ذواتنا على الاختيار السليم لنربي أولادنا عليه. إذاً لابد من وقفة مع ذواتنا لنتعرف عليها بشكل أعمق ونكتشف صحة اختيارنا وقراراتنا انطلاقاً مما سمعنا.

كيف نربي الطفل على الاختيار السليم؟

- أولاً: بالمثل:

أي اختيار الأهل السليم ومناقشة نتائج هذا الاختيار مثلاً إقامة حفلة ما, الخروج بنزهة, أو شراء قطعة ما للمنزل.

- ثانياً: بالإشراك:

أي إشراك الأولاد في الاختيارات التي تُهم الأسرة بكاملها. كيف سنحتفل هذه السنة بعيد الميلاد مثلاً؟ أو بعيد البربارة؟

- ثالثاً: بالتمرين:

أي تمرين الطفل على الاختيار انطلاقاً من أسسه السليمة مثلاً: اختيار ساعة النوم, أسبابها فوائدها, الألعاب, اللباس, ....

- رابعاً: التربية على الحرية الصحيحة:

أي على التخلي عن أنانيته ومحوريته والانفتاح على الله والآخر. أن أزرع في نفسه القيم الروحية والإنسانية لا بالكلام فقط بل بالمثل أيضاً فأعيش معه الانفتاح والمشاركة والمحبة والعطاء والعدالة والصلاة .... علينا أن نخلق لأطفالنا جواً سليماً يساعدهم على الاختيار السليم.

الاختيارات المصيرية

اختيار المهنة- الدعوة- شريك الحياة- ....

    انطلاقاً مما سبق كيف يختار الشاب والفتاة المهنة أو الدعوة أو شريك الحياة؟ هل يختار انطلاقاً من ذاته ومصلحته أم يختار الشريك لذاته هو؟ اختار (سمر) لأنها إنسانة ... اختار المهنة الفلانية لأنها تساعدني على تحقيق إنسانيتي لا على الكسب المادي فقط.

    هل يختار انطلاقاً من المظاهر الخارجية أم من القيم الروحية والإنسانية التي يتحلى بها الشخص الآخر.

    هل يختار انطلاقاً من الأمور المادية: المال, المركز الاجتماعي, السيارة, ... أم لأن الطرف الآخر إنسان يملك إمكانيات إنسانية تساعد على تأسيس أسرة سليمة تعيش في الفرح والسعادة وقادرة على العطاء؟

إن الاختيار غير السليم يؤدي إلى تفكك الأسرة والطلاق وهذا ما نراه في مجتمعنا اليوم. لنربي شبابنا على القيم الروحية والإنسانية حتى نبني أسرة قوية, فعالة وكنسية, ومجتمعاً سليماً.

خاتمة

في النهاية يمكن أن نلخص كل ما تقدم بالقول: إن كل قرار مبني على الحرية يجعل الإنسان أكثر إنسانية, وأن حياة الإنسان هي مجموعة من القرارات, صغيرة كانت أم كبيرة, توصله في النهاية إلى السعادة الأبدية. "كنت أميناً على القليل فسأقيمك على الكثير".

يقول القديس أوغسطينس: "مثلنا مثل الكنارة فأهم ما في الكنارة هو الأوتار, أجل هناك قاعدة لكن الأوتار هي التي تهتز. فما يهتز في حياتي وما يكونني هو قراراتي سواء كانت صغيرة أم كبيرة".

يقول فرانسوا فاريون: "إن قراراتنا هيَ التي تكوننا فإننا نبني حياتنا الأبدية يوماً بعد يوم, دقيقة بعد دقيقة وقراراً بعد قرار. كل قرار هو حجر في بناء ذاتنا وبناء حياتنا".

أتمنى أن تكون كل حجارتنا قوية ونظيفة لنبني بناءً راسخاً متيناً



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +