Skip to Content

كيفَ يتصرفون كي يتعلَّموا - إعداد سلام سيدة

 

كيفَ يتصرفون كي يتعلَّموا

Click to view full size image

إعداد سلام سيدة

«ماذا سنفعَل؟» أو «هل أستطيع أن أجرِّب؟» إنّها أسئلة مُتكررة عند الأولاد ما بين 7-12 سنة. وقد لاحظ هذا الأمر سيليستان فرينيه   Celestin Freinet  فوضع له نظرية أطلق عليها اسم: «نظريّة التحسُّس التجريبي».

 تقول هذه النظريّة إنّ الأطفال يستعملون طريقة التحسّس التجريبيّ من أجل أن يتدرّبوا على أمورٍ طبيعيّة في حياتهم. فالطفل يتحسّس خطاه الأولى ليتدرّب على المشي، ويجرّب الأصوات ليتدرّب على الكلام ... وقد أعار علماء التربية وعلماء النفس هذه المهارة لدى الطفل في التجريب أهميّةً شديدة. وبينما ظنّ بعضهم أنّ الطفل يلجأ إلى التحسّس التجريبيّ في سنواته الأولى من عمره (1-3 سنوات)، أكّد العلماء أنّ هذه الأطفال بين 7-12 سنة يستعملون كثيراً هذه الطريقة في التعلّم، إذ يُحركهم فضول شديد، فيسعون إلى الفهم عن طريق التصرف أو الفعل.

سن التجريب

إنَّ الميل إلى التجريب يقود الأولاد بين 7- 12 سنة إلى:

الاختراع :

إنَّه السن الذي يتوضَّح فيه إبداعهم في كل المجالات، فيسعون إلى الإبداع من دون مراقبة، أي من دون أن يضعوا حدوداً وعوائق لإبداعهم. فالأولاد من 7- 12 سنة يبتكرون بطيبة خاطر قصائد أو ألغاز من دون الاكثراث لقواعد اللغة والشعر؛ يكتبون نصوصاً أو صلوات من دون الاكثراث إلى تناسبها مع الموضوع أو العقائد. وهم يوَضِّحون أفكارهم غالباً، وبحرية أكثر، في مجال الرسم، ويبتكرون بمفردهم أو مع آخرين رسومات جدارية. مثلاً، لمناسبة عيد التعليم المسيحي، يعبّر كل واحد عن شيءٍ من ذاته، بحسب إدراكه المُختلف لله، ويتمّ هذا التعبير من خلال الكلمات والصور والعروض التي يقترحها.

التعاون :

حين يصل الطفل إلى سنّ الـ 7 سنوات، يصبح قادراً على العمل ضمن فريق وعلى المشاركة. لذلك، يلاحظ الأولاد، من خلال المشاركة في الأفكار والمناقشة، أن هناك وجهات نظر أخرى غير التي لديهم. إنهم يحبون في هذا السنّ التجمّع، وإعداد الخطط معاً للقيام بأفعال أو ألعاب جماعية لها هدف مُحدَّد. في لقاء التعليم المسيحي، ولمناسبة تقديم أحد العروض، يُستحسن أن يقوم المربّي بتدريبهم كفريق على فقرةٍ واحدة مشتركة. فيعزّز بهذا، حبّهم للعمل الجماعيّ. وحين يشاركون معاً في احتفالٍ ما، يَختبر الصغار مثلاً أننا لسنا مسيحيين بمفردنا، ويكتشفون غِنى المشاركة: فكلُّ واحد هو قيمة مُضافة.

الاستبطان :

بفضل امتلاك قابلية الانقلاب الذهني، الذي يسمح بالعودة إلى الذات، فإنَّ الأولاد من 7-12 سنة قادرون على التدرّب على الاستبطان. فاختبار الحياة الداخليّة «كيف أنا في داخلي» يفتح إمكانية اللقاء بيسوع في الصلاة.

السيطرة على قدراتهم الدفينة :

يُحب الأولاد من 7-12 سنة أن يقيسوا أنفسهم بالآخرين. ولكنهم يحبون أيضاً اختبار قواهم الشخصيّة والتفوق. إنَّه سن امتلاك السيطرة على الحركات والمهارة: ويسمح لهم النمو والنُضج في الجهاز العصبي ـ العضلي بأن يكونوا أكثر دقةً، أكثر هدوءاً، والتكرار عدة مرات إلى أن يصلوا إلى نتيجة مُرضية.

العوامل المُساعدة

اللعِب :

الأولاد من 7-12 سنة مولَعون بالألعاب الجماعية. فباللعِب ينفتحون على الآخرين بكل ما يتطلَّب هذا من نمو ومنافسة. لهذا، يأخذ اللعِب في لقاء التعليم المسيحي على عاتقه كل أبعاد شخصية الطفل: جسده، عقله، وأيضاً بعده الروحي. لأنَّه يرى في هذه الألعاب التوَجه الذي يعرضه الإنجيل في الحياة: الصبر والاحترام والنزاهة ...

الخبرة المعاشة :

يتمُّ الإدراك عندَ الأولاد ما بين 7-12 سنة انطلاقاً من الذي عاشوه. فإذا ساعدناهم كي يعبّروا بالكلمات عن تجاربهم وخبراتهم، ينتج عن هذا، ترسيخ لهذه الخبرات في ذواكرهم، وإعداد لتدرِّج مستويات العواطف. مثلاً، إذا طرحتم عليهم السؤال: «مَن تحبون؟»، عليكم أن تتوقّعوا أنَّ التجربة هي التي ستصيغ الاختلافات في الإجابة. فالفعل «يُحب» يلائم كلمة الأم كما يلائم كلمة حلوى. حين يُطرَحُ عليه السؤال، يقف أمام الاختيار: ما الّذي يحبّه أكثر: ماما أم الشوكولا؟ وحين يجيب عن السؤال، تترسّخ فيه ما أسميناه «تدرّج مستويات العواطف». فتنال ماما مثلاً كميّة عواطف أكبر من الشوكولا. ماما أوّلاً والشوكولا ثانياً. فإذا اختبر الطفل هذا التدرُّج لمرة واحدة، فإنَّه سيستطيع الكلام على تجربته مع الله وتحديد مكانته العاطفيّة في قلبه.

الحواس :

الانخراط، التملك، الاستذكار، الاستبطان، التعبير بالكلمات ... مراحل كثيرة تتطلب من الطفل أن يُجنِّد فكره وجسده. فمثلاً، بأجسادهم، سوف يشعر الأطفال أنَّه من الصعب أن يظلوا صامتين أثناء وجودهم ضمن جماعة. وضحكهم المتواصل هو غالباً وسيلة للتعبير عن خوفهم من الصمت، والابتعاد عن القلق. أو أيضاً، عندما ينهض الأولاد وينتقلون إلى زاوية للصلاة، فإنهم يقومون بتجربة أنَّ الإيمان ليس البقاء في مكانهم.

مسيرتكم

كيفَ نساعد الأولاد على أن يعيشوا هذه المرحلة التجريبية في لقاء التعليم المسيحي؟

بأن نقترح عليهم نشاطات مُتوافقة. فبالحقيقة:

لا يُمكن أن يتم لقاء التعليم المسيحي بدون نشاطات عملية لأن الإيمان يُعنى بالكائن الحي ككُل. ولكن انتبهوا، لا تناسب جميع النشاطات التعليم المسيحيّ!

اشتركوا معهم دائماً بالنشاطات! ليس الهدف من مشاركتكم الشخصية معهم هو أن تجعلوهم يفعلون أشياء، ولكن لتُعبِّروا بوساطة هذه المُشاركة عن أهميّة هذه النشاطات.

عليكم أنتم أن تُقرِّروا أيُّ الأوقات أكثر مُلائمةً للقيام بنشاط مثلاً متى تطرحون عليهم سؤالاً فيه قليل من الصعوبة؛ نشاط يكتشفوا فيه شيئاً ما؛ أو يقوموا فيه بمسيرةٍ إيمانيّة. أو أيضاً لتسهيل استذكار ما عاشوه.

تذكّروا أنّ التجريب والنشاط لا يُمارسا فقط في المكان المُعتاد للقاء التعليم المسيحي. لذا، لا تترددوا في التجريب في أماكن أخرى (كنيسة، دير...)، واقتراح إشارات وحركات أخرى (إشارة الصليب، تطواف، سجود...).

 سيليستان فرينيه(1896- 1966) ، عالم تربية فرنسي وضع نظرية تربوية تستند إلى التحفيز والتعبير والشراكة والتحسس التجريبي. فمن خلال ممارسته للتدريس، توصلَّ إلى قناعة بأن التعليم يجب أن يُساعد على تطور الشخصية. فبالنسبة إليه، تُغني روح الملاحظة والبحث والتجارب التي يعيشها التلميذ محتوى التعليم وتُجدده، وتكون مادة لمخطط العمل الّذي يعِدُّه المعلم والتلاميذ معاً في روح من التعاون. إنَّه يجسِّد التجديد التربوي، والالتزام لخدمة هدف واحد: نجاح التلميذ. كتبَ يقول « يرتكز دورنا التربوي على تسهيل هذا التحسس التجريبي وإغنائه والسماح للأولاد بأن يقوموا بعددٍ من التجارب تهيء لهم النجاح، وبتنظيم عملية التكرار للتثبّت من أنّ المعلومة قد تمّ استيعابها

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +