Skip to Content

إنذهل أمام الله الذي يخاطبك. فهو لا يفتأ يستأنف الحوار الذي قطعته أنت - جان لافرانس




  إنذهل أمام الله الذي يخاطبك. فهو لا يفتأ يستأنف الحوار الذي قطعته أنت.

 

 Click to view full size image

جان لافرانس

1- انك تختبر كلّ يوم عزلة آدم في جنّة عدن: انه لم يكن يجد عونا بإزائه ( تكوين 2/20).

ومثله، تنذهل حينما تجد كائنا شبيها بك يوجّه إليك نظرة أو ابتسامة أو كلمة تنتزعك من وحدة عزلتك. لقد خُلقت لأجل اللقاء، والابتسامة، والنظرة، وللدخول في علاقة، ولكي تحبّ بحبّ دائم. ومثلما غمر الفرح مريم في البشارة، حينما رأت ذاتها موضوع محبّة الله، كذلك أنت، أيضا، تختبر ملء المحبّة، وكأنّي بك توجَد فجأةً حينما يعترف بك أخوك ويحبّك.

2- وحينما تفتح الكتاب المقدّس لتسمع فيه كلام الله، هل تختبر الانذهال نفسه؟ ألا تشبه، في أغلب الأحيان، الابن الشاطر الذي أعمته عطايا أبيه حتى بات لا يفكّر إلا في تبذيرها من دون أن يعترف بمعطيها؟

انه لا يتلقاها، بعد، كهدية أو كعلامة لعطاء أعمق يريد فيه الآب لأن يهب ذاته لابنه.

 3- بوسعك أن تنهض باكراً في الصباح للصلاة، أو أن تفعل ذلك في الليل أيضاً. ولكنّ الله قد سبقك إلى الصلاة، وهو يلتمس منك أن ترضى به، وهو يعرض عليك محبّته. وكلّما فتحت باب كلمة الله، فذلك يعني دوماً أنّك تفتح رسالة حبّ موجّهة إليك شخصياً.

الأحرى بك أن تنذهل أمام محبّة الله القلقة التي تبحث عن الإنسان وترصد أيّ جواب منه.

فلست أنت الذي يفتّش عن الله، بل هو الذي لا يكفّ عن طرق باب قلبك ( رؤيا 3/30)، لكي تفتح له وتشاركه وليمة صداقته.

 4- إن الله لا يحتاج إليك، فهو فوق الكلّ، وهو " الآخر المطلق"، وهو بذاته فرحٌ وسعادة ومحبّة وحقٌّ وقداسة.

إنما يريد أن يدعوك إلى عقد حوار المحبّة معه، ولكي يهبك كلّ ما هو. فهو أشدّ جوعا وعطشاً إليك منك إليه. وحينما يتكلّم، فهو لا يقول لك كلاما فارغاً، بل ينطق بكلمة تعبّر عن كيانه العميق. وحينما يخاطبك الله، ليس المهم، أوّلاً، في ما يقوله لك، بل المهمّ أنّه يخاطبك.

إنك تنذهل دائما أمام شخص يتحدّث إليك،لأنك ترى في ذلك عطاء شخصٍ يعبّر عن ذاته بحرّية، ويهب ذاته ويبذل ذاته. ومثلما فعل الله مع إبراهيم، كذلك يشاركك رغبته في إبرام عهد معك.

وكلامه يعبّر تعبيراً كاملاً عن المحبّة اللامتناهية التي يخصّك بها. فهو لا يتكلّم إلاّ ليقول لك : " إنّي أحبّك".

 5- ولن تنتهي أبدا من التأمل في هذه المحبّة. وستظهر لك أحياناً جنونا لا يصدّق. ولكن حذار من أن تثبط عزيمتك، مهما كانت خطيئتك أو إهمالك أو عدم أمانتك.

فانّ الله هو الذي يقوم دوما بالخطوات الأولى، ويستأنف الحوار الذي قطعته أنت:

وكان لم يزل بعيداً، إذ رآه أبوه، فأشفق عليه وأسرع إليه، فألقى بنفسه على عنقه وقبّله طويلاً ( لوقا 15/20)

 6- فالصلاة هي، إذاً، أن يظلّ الإنسان في غمرة الآب المفعم شفقة إزاء شقائنا. وأكثر من ذلك، فإنّك في قلب فقرك، تكتشف أنّ الله لم يكفّ قط عن الاشتياق إليك.

وصلاة المشاهدة الحقيقية تنشأ من هذا الانذهال أمام محبّة الثالوث.

 7- وحينما تشعر بحنان الله عليك- ولن تستطيع أبداً أن تدركه بكماله- فإنك ستطفو قليلا فوق خشونتك الساذجة، وسيضطرم قلبك بنار العلّيقة المتأجّجة.

وبهذا الصدد يقول غراهام غرين[1]:" آه، إنّ شخصا ضعيفا مثلي من شأنه أن يفرّ بعيدا هرباً من هذا الحبّ،إذا ما شعر به يحوم حوله"

 






عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +