Skip to Content

مقالة سر الميرون أو التثبيت - الأب منير سقّال

 

سر الميرون أو التثبيت

 

الأب منير سقّال

 

 

مقدمـة

 

" وأنا اسأل الآب فيعطيكم معزياً آخر ليقيم معكم إلى الأبد . وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم " ( يو 14 : 16 – 26 ).

 

سر الميرون أو التثبيت هو أحد أسرار العهد الجديد السبعة ، ويجب أن يعرف كتكملة سر العماد وهو يطبع كالعماد وسر الكهنوت طابعاً لا يمحى . فالروح يعطى كعطية خاصة ، مميزة عن نعمة التوبة وهذه العطية تدعى ، في اللغة الكتابية " نضح " ، " ختم " ، للذي تعمد ، وتدخله في شركة عطية العنصرة ، ومواهب الروح التي في الكنيسة . وكما أن نعمة العماد تقلع الإنسان من شريعة الخطيئة والموت ، فإن نعمة التثبيت هي حقاً للكنيسة نعمة لتقوم برسالتها تجاه العالم وتعلن للّه تمجيده الآتي . فما هو دور كل منا ومهمته الخاصة في نشر هذه النعمة ، الله وحده يقرر ذلك بدعوة خاصة وبتوزيع مواهب الروح القدس التي ليست سوى أجزاء مختارة لتجلي الروح الوحيد الفريد الذي يقبله الكل في التثبيت . فالتثبيت إذاً هو امتداد واستمرار للعنصرة الأولى ، وهو نداء لنشر ملكوت الله والرسالة الخلاصية . . هو العلامة أن ملء الروح القدس قد أعطي لشعب الله كافة ، ملء الروح ، لملء الكنيسة ، وهذان كلاهما يجعلان من التثبيت سراً مميزاً ، مع أنه لا ينفصل عن العماد و الافخارستيا ، " أفيض روحي على كل إنسان " هذا هو سر التثبيت . لا نستنتجنّ أن بقية الأسرار لا تعطي الروح القدس بنوع أو بآخر . لكن التثبيت يعطي ملء الروح . ولكن ما هو الروح ؟

 

الريح المتكلم

 

أخذ الابن وجه إنسان وكلماته وحركاته ونظره وسكوته . و الآب ؟ هو أب هذا الابن والابن هو سر أبيه كله " من رآني فقد رأى الآب " ( يو 12/9 ) ونحن نعرف العلاقة بين الآب والابن ونعيشها . والروح ؟ لا وجه له … ليس مادياً ، لا يمكن إمساكه بأية وسيلة ، كلي القدرة ويفرض ذاته بوضوح ، كالريح " الريح تهب حيث تشاء . تسمع صوتها لكن لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب " ( يو 3/8 ) . لكن هذا الروح ليس محض صفة ليسوع : إنه شخص ، هو الريح التي تتكلم والتي تعلم الأبانا للذين يصغون إليها وتجعلهم أبناء الله حقيقة ومن الداخل . نحن هنا في ملء نعمة التثبيت : إعطاء الآب عائلة بنين وإعطاء الابن عائلة أخوة يؤلفون فيما بينهم شراكة فسيحة هي علامة للعالم : الكنيسة . كل ما يرمز إلى الروح – الريح ، الماء ، الهواء ، التنفس – وجه له . هي الريح التي كانت ترف على الهاوية في اليوم الأول للخليقة ، والتي ظلّلت مريم في اليوم الأول للفداء ، هي التي حلت على يسوع يوم عماده ويستعملها كاملة لرسالته . هي بكاملها قدرة الحب لأن الله محبة ، قوة الحب هذه التي لا تقهر نقلها يسوع إلى جميع أتباعه : " ستنالون قوة هي الروح القدس " . ( أع 1/8 ) . امتلئ منها يوم تجسده وذلك لحياته ولرسالته . والآن عند نزاعه ، يسلم الروح يعطي الروح لكل شعبه " لقد ارتفع بيد الله في قيامته وصعوده لأنه قبل من الآب الروح الموعود به " – للآخرين هذه المرة – " فأفاضه " ( أع 2/33 ) ، هذه هي العنصرة هذه هو التثبيت . فالروح سيفاض من دون حساب أو أي بخل ، سيفاض على الشعب كله من دون تمييز أو طبقة اجتماعية ، سيتكلم الله بفم الكبار وبفم المساكين أيضاً والروح سيملئ الجميع مواهب نبويّة ( أي التكلم عن الله ) .

 

يوم العنصرة

 

لما حلّ يوم العنصرة كانوا مجتمعين جميعهم ، حوالي مئة وعشرين شخصاً ، نساءً ورجالاً ، على رأسهم الرسل ومريم في الوسط . ماذا كانوا يفعلون ؟ " كانوا جميعهم مواظبين على الصلاة بصوت واحد " ( أع 1/14 – 15 ، 2/1 ) . لم يحلّ الروح على أفراد بل على جماعة … على جماعة " مجتمعة مع الرسل ومريم " ، على جماعة تصلي بصوت واحد . وبغتة حلّ الروح . ريح ونار ، حقيقتان لا وجه لهما ، كان يوحنا قد تنبأ عنهما : " فهو يعمدكم في الروح القدس والنار " ( متى 3/11 ) . هذه الريح لغّتهم جميعاً وليس فقط الأحد عشر ، واستقرت ألسنة النار على كل منهم ، كل منهم إذا يقدر أن يقول كلمة إلهية ، في كل منهم يجب أن ننصت إلى الروح ، لكل منهم مواهبه ورسالته ونعمته ومسؤولياته . إنه وعد الآب ووعد الابن ، إنه عطية الآب وعطية الابن " لكي يبقى معكم إلى الأبد " ( يو 14/16 ) .

 

تثبيت العماد

 

أسرار التنشئة المسيحية الثلاثة – العماد والتثبيت والافخارستيا – تؤلف كلاّ لا يتجزأ . إنها تتسلسل بحيث أن أحد هذه العناصر لا يأخذ قيمته الكاملة إلا إذا لاحظنا العلاقات التي تربط واحدها بالآخر . كانت الكنيسة تمنح معاً العماد والتثبيت من دون أن تطرح أية قضية ، منذ قرون ( القرن الثاني عشر ) راح الغرب يميز ويفرق بينهما ، الشيء الذي لم تصنع به الكنيسة الشرقية حتى اليوم فأعطت العماد والتثبيت معاً . وغالباً ما يعطى الطفل بعض نقاط من الدم الكريم : عماد وتثبيت و افخارستيا . العماد يعطي الروح والتثبيت يعطيه كاملاً . هذان السران يتطلب واحدهما الآخر . كما الولادة تتطلب النمو ، والحياة تتطلب الصحة . ويضعنا القديس بولس على الطريق : لقد تعمدنا جميعاً بروح واحد " – هذا هو العماد – " وارتوينا جميعاً من روح واحد " هذا هو التثبيت – تثبيت العماد . لما وصل بولس إلى أفسس ، التقى تلاميذ المعمدان : فعمدهم باسم الرب يسوع ثم وضع عليهم الأيدي ليهبهم الروح ، ( أع 19/1-6 ) . طقسان مختلفان لإعطاء نعمتين مميزتين لكن متكاملتين . وجهان لأيقونة واحدة . ويميز القديس بطرس بين " العماد باسم يسوع وموهبة الروح القدس ( أع 2/38 ) . هذا الربط بين أسرار التنشئة المسيحية كان هدف المجمع الفاتيكاني الثاني إذ قال : " يجب إعادة النظر في طقس التثبيت لتظهر بوضوح العلامة بينه وبين التنشئة المسيحية ككل . " ( الليتورجيا المقدسة ) .

 

العماد والتثبيت

 

قد يقول البعض : ما دمنا قد مُنحنا الروح القدس في العماد فلماذا مَنحُنا إياه مرة أخرى في التثبيت ؟ إن سر التثبيت يكمّل العماد ويرسخه :

 

- العماد يحيينا ، إذ هو يدخلنا في العائلة الإلهية بصفة أبناء الله وبنات … أما التثبيت فإنه يجعلنا نُحيي غيرنا بالشهادة المسيحية وإشعاع الحياة التي فينا .

 

- بالعماد يَسِمنا الآب بشبه صورة ابنه ، أما التثبيت فإنه يرسلنا لنتلمذ كل الأمم وفي شهادتكم هذه " لستم أنتم المتكلمين بل هو روح أبيكم المتكلم فيكم " ( متى 10/20 ) .

 

- بالعماد نصبح تلاميذ يسمعون الكلمة ليعملوا بها ، بالتثبيت نصبح " أنبياء " يذيعون كلمة البشارة في بيئتهم الحياتية والعملية .

 

- بالعماد نكفر بالشيطان وأباطيله ، بالتثبيت نتجدد بالروح القدس ، " أنزع من لحمكم قلب حجر وأعطيكم قلباً من لحم . واجعل روحي في أحشائكم ، وتكونون لي شعباً وأكون لكم إلهاً " ( حزقيال 36/26 – 28 ) .

 

- بالعماد تصبح لنا " كنيسة عائلة روحية نستفيد من خيراتها المتنوعة ، بالتثبيت تصبح لنا " كنيسة " رسالة ينبغي لنا أن ننقلها إلى العالم .

 

- بالعماد نلبس المسيح ليعيش فينا ، بالتثبيت نشع المسيح ليعيش في الآخرين .

 

- بالعماد نعلن الحقيقة الإيمانية ، بالتثبيت نتعمق فيها لنفهمها الفهم الكامل ، " حين يجيء الروح ، روح الحق ، هو يقودكم إلى جميع الحق ويطلعكم على ما سيكون " ( يو 16/13 ) .

 

- بالعماد يسكن الروح القدس في نفوسنا ، بالتثبيت يزينها ويجملها ويغنيها بمواهب خاصة .

 

- العماد يتم بالروح القدس ، التثبيت يمنحنا ملء الروح القدس . هذه العلاقة المكملة بين التثبيت والعماد واضحة تماماً في ممارسة الكنيسة الأولى " لما سمع الرسل أن السامريين قبلوا كلمة الله ، أرسلوا إليهم سمعان بطرس ويوحنا . فانحدرا وصليا عليهم ليقبلوا الروح القدس ، لأنه لم يكن قد حلّ بعد على أحد منهم ، ولكنهم كانوا قد اعتمدوا باسم ربنا يسوع المسيح ، فوضعا عليهم الأيدي فقبلوا الروح القدس " ( أع 8/14 – 17 ) .

 

مفاعيل سر الميرون أو التثبيت

 

أي شيء يختلف سر التثبيت في فاعلياته الخاصة عنها في سر العماد ؟ " … المسيح الذي فيه أنتم دعيتم بعد أن سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم . وفيه بعد أن آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى ، لمدح مجده . " ( افسس 1/13 – 14 ) .

 

لقد أجمع الآباء والقديسون ومعلمو الكنيسة منذ العهد الرسولي ، أن سر الميرون أو التثبيت يميّز المعتمدين بالنعم الخاصة الآتية :

 

- يمنح الروح القدس بالذات ، أي شخصه الإلهي ، المتميّز عن الآب والابن ولذلك دعوه " سر الروح القدس " . ويخبرنا أعمال الرسل ، أن الرسل كانوا يسألون المؤمنين ، حتى أولئك الذين اعتمدوا باسم يسوع : هل نلتم الروح القدس ؟

 

- يرسخ مفاعيل العماد : يختم النفوس بالروح القدس ، فيثبت مفاعيل العماد ويعمقها و يثمرها . إن سر العماد لا يجعل المعتمد في عصمة من الخطيئة ، فالطبيعة البشرية ضعيفة فيه وميالة إلى ما هو ضد الروح ، فسر التثبيت يُلبس المعمد " قوة من العلاء ، ليستطيع المقاومة في اليوم الشرير " ، كما جعل الرسل بعد العنصرة أقوياء ، أشداء لا يفصلهم عن المسيح لا شدة ولا ضيق ، يبشرون بالمسيح بكل جرأة .

 

- يقوي اتحادنا بالمسيح ، بل يعطينا المسيح نفسه " متى جاء روح الحق أرشدكم إلى الحق كله ، لأنه لا يتكلم بشيء من عنده بل يتكلم بما يسمع … سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم ، جميع ما للآب فهو لي " ( يو 16/13 – 15 ) . إنه يرسم فينا صورة المسيح بأكثر جلاء لنكون شركاءه متشابهين له في كل شيء . نشاركه في ميزاته الإلهية وأفعاله الفدائية الخلاصية .

 

سر التثبيت يجعل المعتمد شريكاً بكهنوت المسيح العام ، على الفاعلية والمفعولية ، أي الكاهن المقرِب والمقرّبَ، يقرب أولاً الحمل الإلهي ذبيحة غير دموية في القداس الإلهي بالاشتراك مع الكاهن المحتفل ، ويُقرب ذاته معه وحياته وإيمانه الحي قرباناً مقدساً ، كما أن المسيح قدّم نفسه ككاهن ذبيحة لأبيه السماوي على الصليب .

 

إلى جانب الصليب ، يشرك سر التثبيت المعتمد بفرح المسيح ومجد قيامته ، فالمسيحي الذي نال الروح القدس ، الروح المعزي ، كما سماه يسوع ، يجعل حياته كلها ، على لياليها المظلمة ، متألقة بفرح الروح ورجاء القيامة " أني فائض فرحاً في جميع مضايقي " ( 2 كور 1/3 - 11 ) ، فالروح القدس هو روح الفرح .

 

سر التثبيت يكشف عن دعوة المسيحي في جسد الكنيسة ، أي الكنيسة التي أندمج هو فيها بالعماد المقدس ، فالمعتمد له دعوة خاصة فيها ، عمل فريد شخصي ومميز " كل واحد ينال موهبة يتجلى فيها الروح للخير العام " (1 كور 12/5 - 8 ) .

 

هو عربون القيامة والحياة الخالدة ، إن سر التثبيت بمنحه الروح القدس ، يعطي الخلود للجسد المائت والقداسة ، فيصبح جسداً روحانياً " إذا كان الروح الذي أقام يسوع من بين الأموات حالاً فيكم ، فالذي أقام يسوع أيضاً يحيي أجسادكم الفانية بروحه الحال فيكم " ( رو 8/11 ) .

 

ملخص القول ، إن ما يمنحه العماد من نعم وخصائص ، يقويه ويرسخه وينميه سر التثبيت ، كما يدل عليه اسمه . إنه اللمسة الأخيرة للروح القدس في الإنسان الجديد المخلوق على صورة الله بالعماد ، فيفيض فيه " الحكمة والفهم والمشورة والقوة والعلم والتقوى " ، هذه عطايا الروح التي عدّدها اشعيا النبي ( 11/ 1 – 2 ) ، إن سر التثبيت لهو حقاً سر العنصرة في تاريخ حياتنا اليومية .

 

نحن هنا في صدد أعمال الله ، الله المحبة ، يعمل الاقانيم الثلاثة كل شيء باتفاق ، ولكن عملهم المشترك يبقى مميزاً : كل شيء يبدأ بالآب وكل شيء يتحقق بواسطة الابن الذي أرسله الآب ، وكل شيء يتوج بالروح القدس الذي أرسله الآب والابن وستبقى الحال هكذا إلى الأبد … لنعد إلى التشبيه التقليدي : الآب هو كالذراع التي منها تنطلق القوة والحركة ، والابن هو كاليد التي تنفذّ ، والروح هو كالإصبع – إصبع يمين الله – التي تتقن وتنهي . وهكذا تؤلف الاقانيم الإلهية كُلاّ ، وتعمل دائماً متفقة ، الشيء عينه وفي الترتيب ذاته لكن على أصعدة مختلفة : يبدأ الآب ويتابع الابن ويكمّل الروح القدس ، والروح هو الفنان ، الإصبع التي تنجز أعمال الآب والابن ، أعمال المحبة ، إنه يؤمن الأعمال النهائية .

 

التثبيت في الكنيسة

 

لم يكن السر يوماً عبادة فردية ، إنه عمل كنسي أي عمل الجماعة الكنسية المسيحية الحاضرة هنا ، عمل الكنيسة الجامعة ، إذ يجب أن يكون علامة للعالم .

 

" فأجاب بطرس وقال : إن الله أحق من الناس بأن يطاع . إن إله آبائنا قد أقام يسوع الذي قتلتموه أنتم إذ علقتموه على خشبة . هذا رفعه الله بيمينه رئيساً ومخلصاً ليعطي إسرائيل التوبة ومغفرة الخطايا . ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضاً الذي أعطاه الله للذين يطيعونه " ( أع 5 / 26 – 32 ) .

 

سر التثبيت ، هو سر هذه العنصرة الذي أخرج الرسل من العلية – المخبأ ورمى بهم ، كشهود ، وسط جمهور " مجتمع من كل الأمم التي تحت السماء " . هذا يعني أن الكنيسة تتخطى الجماعة المسيحية التي تؤلفها ، لأنها تأسست لكي تبشر العالم بشيء وبخاصة عندما تحتفل بسر – علامة ، ولا سيما عندما يكون هذا السر سر التثبيت . فهذا السر يشير ، من قبل يسوع المسيح ، إلى الذي يقبله ، ويحقق ما يشير إليه ، وكم بالأحرى يكون ذا معنى لمن يقبله كما يفهمه الرب : أي حدث كنسي ، حدث للعالم . التثبيت هو إشارة من المسيح ، في كنيسته ، للعالم . والكنيسة التي ولدت من العنصرة هي كنيسة الروح . وأعطاها المسيح سر التثبيت لكي " تصنع ذكر " العنصرة . وهكذا يعود التثبيت إلى هذا الحدث المعيّن من تاريخ الخلاص – العنصرة – ويجعله حاضراً ( وهذا ما نسميه تأوين حدث العنصرة ) . وككل حدث المسيح الفصحي ، العنصرة حدث تاريخي – كما تذكرون – لكنه يتخطى تاريخ ذلك الزمان بديناميكية تجعله حاضراً في التاريخ كله ، ديناميكيته هو . بذلك تتذكر الكنيسة إنها ليست شعباً لله بل شعب الله ، تعلن أنها ولدت منذ الفي سنة في أورشليم وإنها لا تزال تولد من روح العنصرة . كما تعلن " النعمة " التي لم تستحقها . إنها تعني أنها لم ولا ولن تولد من رغبة بشر ، من جهد الإنسان ومن عمله ، بل من الروح الذي يهب حيث يشاء . عندما تحتفل الكنيسة بسر التثبيت فهي تلتفت إلى المستقبل وتبشر الناس بأن الله ، بقوة الروح المحبة ، " سيكون كلا في الكل " . والتثبيت هو أساساً سر نمو الملكوت . تحتفل الكنيسة بالتثبيت إذ من الضروري أن تحتفل وتمتلئ من الذي هو أصلها وكيانها وينبوعها ووحدتها ورسالتها … فالعنصرة إذاً هي ولادة الكنيسة بصفتها رسولية. في التثبيت يحل الروح القدس على الكنيسة ، والمعمدون يرسلون معاً في العالم لأجل تقديس الناس وتغيير الكون " حتى يصير الله كلاّ في الكل . "

 

التثبيت يفتح لنا ينبوعاً أبدياً ، ولكن علينا أن نعبّ منه … ريح قوية لا تتوقف … لكن علينا أن ننشر الأشرعة . صديقنا لن يتركنا بعد اليوم … لكن علينا ألا نفرض عليه الصمت … إذا ثبّتنا العلمانيين ولم نسند إليهم مسؤوليات كنسية ، إذا قدمنا الأولاد الصغار إلى التثبيت من دون أن نرضى بتغييرهم وتحريرهم وتحميلهم مسؤوليات ، فنحن نجهل ما نعمل …

 

" في ذلك الزمان ، وقف يسوع في الهيكل رافعاً صوته : من كان عطشاناً فليأت إليّ ، ويشرب . من آمن بي ، فكما قال الكتاب : يخرج من جوفه أنهار ماء الحياة . قال يسوع هذا بالنسبة إلى الروح القدس الذي سيقبله كل المؤمنين به . " ( يو 7/ 37 – 38 )

 




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +