Skip to Content

سر المعمودية - دير القديس العظيم أنبا مقار

 

سر المعمودية

Click to view full size image

 

 

جانب الشخصي للمعمودية:

 

يوضِّح هذا الجانب القديس بطرس الرسول الذي يدعو المعمودية: «... المعمودية تنجِّيكم الآن، لا بإزالة وسخ الجسد، بل بعهد صادق النية مع الله بقيامة يسوع المسيح» (1بط 3: 21 - الترجمة العربية الجديدة).

فالمعمودية هي دخول شخصي في عهد الله الجديد مع البشر.

- ومن خلال المعمودية، ينضمُّ المُعمَّد إلى جسد الكنيسة الذي هو جسد المسيح القائم من بين الأموات والذي صعد إلى السموات، فيصير مواطناً في ملكوت الله، وعضواً متحداً بالجسد السرِّي السرائري للمسيح، هذا الجسد السرِّي الذي ينمو في كل مرة يتعمَّد فيه إنسان جديد بسرِّ المعمودية.

 

- كما ينال المعمَّد مغفرة كاملة عن خطاياه السالفة إن كان بالغاً؛ أما إن كان طفلاً فينال عتقاً من آثار ونتائج خطية أبوينا الأوَّلَيْن آدم وحواء التي حدثت في الطبيعة البشرية،

وهي: الموت، وناموس الخطية الكائن في الأعضاء، والخطية التي دخلت إلى العالم بخطية الأبوين الأوَّلَيْن، ثم من الموت الروحي (أي الأبدي) الذي حلَّ على البشر بسبب انفصال الإنسان الأول عن الله مصدر حياته الأبدية؛ ولهذا السبب تقول أوشية الراقدين:

”لأنه ليس أحدٌ طاهراً من دنسٍ ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض“، باعتبار أن لوثة الخطية قد طالت الطبيعة البشرية التي أورثها آدم لكل ذريَّته.

النِّعَم والعطايا السرِّية الممنوحة للمعمَّد

(بحسب صلوات سرِّ المعمودية):

 

1. التعرية من الإنسان العتيق:

أي التعرية من إنسان الخطية الخاضع للموت الروحي الأبدي، والذي وُلد به الإنسان الولادة الأولى، ويقابلها هذه الطلبة: ”وجدِّد ميلادهم بالحياة الأبدية“.

 

2. نزع الأرواح النجسة من داخل قلوبهم:

”انزع من قلوبهم كل الأرواح النجسة، الروح الخبيث الذي يُغلق قلوبهم، وروح الضلالة وكل خبث، روح محبة المال وعبادة الأوثان، روح الكذب، وكل نجاسة تُصنع كتعليم إبليس“.

 

- ولاحِظ أن طرد ونزع الأرواح النجسة يسري معها طرد أرواح الخطايا: الضلالة، الخبث، محبة المال، الطمع الذي هو عبادة الأوثان، الكذب، كل نجاسة. فالمعمودية تنزع من المؤمن الروح النجس الذي تسلل إلى الطبيعة البشرية، والذي يغوي ذرية آدم لفعل هذه الخطايا. لذلك،

فالمعمودية تُعطي المُعمَّدين الذين انتُزِعت منهم هذه الأرواح الشريرة، تعطيهم قوة أن ”يُجاهدوا كوصايا المسيح“، وأن ”يحرسوا الخاتم (ختم المعمودية) من أي سارق“، و”يحفظوا اللباس بغير اضمحلال“.

- ومقابل هذه العملية السلبية أي نزع الأرواح النجسة من نفوس وأجساد المعمَّدين، يطلب الكاهن من الله: ”املأهم من قوة روحك القدوس“، ”هيئ أنفسهم لكي يقبلوا روحك القدوس“، ”إذ تعدُّهم هيكلاً لروحك القدوس“، ”فليتصوَّر المسيح في الذين ينالون صبغة الميلاد الجديد“، ”أعدَّهم هيكلاً لروحك القدوس“.

 

ويُلاحَظ أن الصلاة: ”أعدَّهم هيكلاً لروحك القدوس“ تتكرر قبل صلوات سرِّ المعمودية وأثناءها، لأنها تمثِّل جوهر المعمودية المسمَّاة ”الولادة من الماء والروح“.

لذلك، فإن الكاهن وهو يصلِّي صلاة التقديس على الماء المخصَّص للمعمودية، يطلب: ”أنعِمْ على هذا الماء لكي لا يوضع فيه ولا ينزل مع الذي يعتمد فيه، روح رديء، ولا روح نجس... ولا روح الشيطان، بل انتهرهم بقوتك العظيمة ليصيروا (الأرواح الشريرة) مشدوخين أمام علامة صليبك واسمك القدوس الذي ندعوه“. وعن هذا الماء يطلب الكاهن: ”امنحه نعمة الأردن والقوة والعزاء السمائي. وعند حلول روحك القدوس عليه، هَبْهُ بركة الأردن، أعطِه قوة ليصير ماءً مُحيياً، ماءً طاهراً، ماءً يُطهِّر الخطايا... إلخ“.

 

- وهذه هي اللحظة الحاسمة: لحظة حلول الروح القدس على المياه، فهو الذي يُتمِّم السر بكل مفاعيله. تأمَّل هذه الصلاة: ”أَرعدْ يا الله الآب ضابط الكل على هذه المياه، لكي بها، وبروح قدسك، تُجدِّد ميلاد عبيدك الذين تقدَّموا إليك، تُجدِّدهم بقوتك الإلهية“.

 

- ويُلاحَظ أيضاً أن الذي تقدَّم للتعميد سبق له أن دُهِنَ بزيت ”الغاليلاون“ وقت جَحْدَ الشيطان والاعتراف بالإيمان المقدس، لكي يجعله هذا الزيت وهو مُحمَّل بالروح القدس ”أن يحلَّ أعمال الشيطان وسحرهم وكل عبادة الأوثان، وانقلْه (نفس الطلبة التي تُتلى على الخبز والخمر في سرِّ الإفخارستيا) ليكون زيت مسحة وموعظة لكي يجعل النفس مؤمنة بالمسيح يسوع ربنا“؛ وكذلك: ”ليصير دهن موعظة يُبطِل كل أفعال المضاد، وكل سحر وكل تعزيم وكل عبادة الأوثان، ويردَّ إلى خلف كل شيء رديء“.

 

- إننا نوجِّه نظر المؤمنين لهذه النعمة العظيمة التي مُنحت لهم في سرِّ المعمودية وهي: العتق من الأرواح الشريرة النجسة بكل أعمالها الرديئة، وهي الخطايا المُهلكة المؤدِّية إلى الموت، حتى يحترس المؤمنون من كل حِيَل إبليس والأرواح التي تعمل الآن في أبناء المعصية الذين لم ينعموا بنعمة الميلاد الجديد، حتى لا يشاركوهم في أعمال الظلمة بل يحتفظوا بطهارة ونقاوة نفوسهم التي بثَّها فيهم الروح القدس الذي سكن فيهم منذ معموديتهم.

+ «ولا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبِّخوها» (أف 5: 11).

 

3. الاستنارة بالروح القدس:

- ولذلك فإن المعمودية تُعطي للمُعمَّد ”استنارة“، لأنها تُضيء عليه ”بنور المعرفة“: ”نسأل ونطلب منك يا محب البشر، فتِّش خزائن نفوسهم، وأَضئ عيون أفهامهم بنور المعرفة“، ”اجعلهم أهلاً بغير عيب وبطهارة أن يقبلوا إليهم النور وخاتم مسيحك وموهبة روحك القدوس المساوي لك، ويصيروا حلة نورانية“، ”افتح أعين قلوبهم ليستضيئوا بضياء إنجيل ملكوتك، وليصحب حياتهم ملائكة النور، ليُخلِّصوهم من كل مؤامرة، ومن المصادقة (المعاشرات) الرديئة“، ”لكي يخلع الذين يعتمدون فيه (الماء المقدس) الإنسان العتيق الذي يفسد بشهوات الضلالة، ويلبسوا الإنسان الجديد الذي يتجدَّد مرة أخرى كصورة خالقه، ويُضيء فيه نور الحق من قِبَل الروح القدس... إلخ“.

 

- وبعد إتمام سرِّ المعمودية يُصلِّي الكاهن صلاة تسريح الماء فيقول: ”أنت يا سيدنا جعلتَ هذا الماء طاهراً بنعمة مسيحك، وحلول روحك القدوس عليه، وصار لعبيدك الذين تعمَّدوا حميماً للميلاد الجديد، وتجديداً من الضلالة القديمة، وأضاءوا بنور لاهوتك... إلخ“.

- يا لعظمة وبهاء نعمة المعمودية التي تجعلنا نُضيء بنور لاهوت المسيح!

 

4. الميلاد الجديد:

+ «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله» (1يو 1: 12).

من واقع سُكنى الروح القدس في الإنسان المُعمَّد - كما رأينا في صلوات المعمودية (بند 2) - فإن المُعمَّد يصير في الحال ابناً لله مولوداً من الله بالروح القدس. لذلك تزخر صلوات المعمودية بهذه البركة:

- ”اجعلهم مستحقين للنعمة التي تقدَّموا إليها، لينالوا من روح قدسك، ويمتلئوا من قوتك الإلهية، ويكونوا متشبِّهين بابنك الوحيد ربنا يسوع المسيح صائرين واحداً معه“.

- ”وَلِدْهم مرة أخرى بحميم الميلاد الجديد“.

- ”جدِّد ميلادهم بالحياة الأبدية، واملأهم من قوة روحك القدوس“.

- ”فليتصوَّر المسيح في الذين ينالون صبغة الميلاد الجديد“.

- ولذلك فإن المعمودية تجعلنا متحدين في شخص الابن في شركة سرِّية، كما تقول الصلوات: ”من أجل هذا يا رب طهَّرتَ طبيعتنا وعتقتنا بالاتحاد في شخصك في شركة سرِّية“.

المعمودية سر لا غِنَى عنه للجميع

وهكذا، فبما أن الإنسان ينال في المعمودية كل هذه النِّعَم، بديلاً للوجود العتيق، حيث ينال وجوداً جديداً وحياة جديدة، ويصير بهذا ابناً لله، وعضواً في جسد المسيح، أي الكنيسة (وتُكني عنها صلوات المعمودية بـ الزيتونة اللذيذة“ التي يتطعَّم فيها المتعمِّد كما تُطعَّم الزيتونة البرية في الزيتونة الجيدة فتُثمر زيتوناً لذيذاً)، ويصير وارثاً للحياة الأبدية ومسكناً للروح القدس؛ فواضحٌ، إذن، أن المعمودية لا غِنَى عنها لأحد، حتى الأطفال، الذين وهم ينمون في القامة والحكمة يجب أن ينموا أيضاً في المسيح.

وفي كتابات الرسل هناك إشارات متعددة لتعميد الأسرة بأكملها (مثل بيت ليديا، وحارس السجن، وبيت استفانوس - 1كو 1: 16)؛ بينما لم يُذكَر أبداً أن الأطفال كانوا يُستثنَوْنَ من المعمودية.

ويؤكِّد آباء الكنيسة في تعليمهم للمُقْدِمين على معمودية الأطفال على هذه الحقيقة. فالقديس غريغوريوس اللاهوتي وهو يُخاطب الأُمهات المسيحيات، يقول لهن: ”فلتجعليه يتقدَّس في طفولته، لكي يتكرَّس للروح في شبابه“.

وهنا لابد أن نُذكِّر الآباء والأُمهات والرعاة وخدَّام مدارس الأحد إلى المسئولية الخطيرة تجاه الأطفال المُعمَّدين ليربُّوهم في الإيمان المسيحي وحياة التقوى. ونقرأ تعليمات هامة عن هذا الأمر في الكتاب القديم ”الرئاسات الكهنوتية الكنسية“ المنسوب إلى القديس ديوناسيوس الأريوباغي، والذي يحظى باحترام وتوقير كبيرين من الكنيسة:

[إنه أمر مقبول لمُعلِّمينا القديسين أن يسمحوا للأطفال أن يتعمَّدوا أيضاً، تحت شرط أن يستأمن والداهم واحداً من المؤمنين ليُعلِّمهم حسناً الأمور الإلهية، ثم يعتني بهم كأب مُعطَى لهم من فوق لكي يحرس خلاصهم الأبدي. مثل هذا الشخص حينما يُقدِّم تعهُّداً بإرشاد الطفل في حياة التقوى، يُكلِّفه الأسقف أن ينطق بكلمات جحد الشيطان والاعتراف المقدس (نيابة عن الطفل)].

وهذا هو عمل ”الأشبين“ الذي يقوم بهذا العمل الآن أثناء إجراء سرِّ المعمودية للأطفال.

ما أخطر هذا التعليم الآتي إلينا من الكنيسة المسيحية القديمة! ومنه نرى عِظَم المسئولية الملقاة على عاتق الأشبين. وكم يجب أن يعتني الوالدان بطفلهما المُعمَّد وهم يختارون الأشبين الذي سيقوم بتعليمه وتربيته التربية المسيحية!

وفي معظم الأحوال وإذا كانت الأسرة مسيحية بالحق، فإن الأبوَيْن يقومان بأنفسهما بتعليم أطفالهما حقائق الإيمان وحياة التقوى.

ولكن بما أن الظروف الاجتماعية السائدة الآن يصعب فيها على الأسرة المسيحية أن تقوم بتربية أطفالها، لذلك صارت تستدعي من الكنيسة أن تكون منتبهة لعملية التربية المسيحية للنشء حتى لا يبقى الأطفال بلا إرشاد مسيحي.

أما في حالة وجود أشبين بالشروط الواجبة، فعليه أن يكون مستعدّاً دائماً لحفظ الصلة الروحية المتينة مع تلميذه الروحي، ويكون متأهِّباً لأية خدمة روحية في أية لحظة يحتاج فيها الطفل إلى حضور أشبينه إليه ومعاونته في الثبات في طريق التقوى



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +