Skip to Content

تشوّهات الكهنوت - المكرّم الأب جوزيبي كوادريو

  تشوّهات الكهنوت

 

أخوتي الأحبّاء ها إنني أقدّم لكم من جديد وباختصار رسالة أُخرى كتبها المكرّم الأب جوزيبّي كوادريو لأصدقائه الكهنة، تلاميذه القدامى. كتبها في 3-1-1963 قبل تسعة أشهر من وفاته. لعلّها تعود بالفائدة عليكم.

 يكتب الرسالة وهو على فراش الألم، منتظراً الموت الذي سيصير له جسراً ينقله إلى السماء، تلك السماء التي بدأ بعيشها على الأرض وسيكمل تذوّقها هناك، بجوار الآب السماوي ومعلّمه الربّ يسوع بقوة الروح القدس.

  إخوتي الكهنة الأحبّاء:

  بما أنَّ الكهنوت والتجسّد هما وجهان لسرٍّ واحد، فالتشوّهات الكلاسيكيّة التي تهدّدُ كهنوتنا تتوافق مع المفاهيم الخاطئة لسرّ التجسّد، التي تظهر لنا جليّاً من خلال اللاهوت.

 بدايةً: ممكن أن يكون لدينا كهنوت غير متجسّد، حيث الجانب الإلهي فيه لم يستطع أن يتّخذ إنسانية حقيقية وكاملة: ( الظاهرية).

فيكون لدينا عندئذٍ كهنة ليسوا بأشخاص ذوي إنسانية أصيلة، بل هم يرقات إنسانية،

أو أشخاص هبطوا من المريخ على الأرض، غير إنسانيين وغرباء، غير قادرين لا أن يتفهّموا ولا أن يكونوا مفهومين من قبل أُناس عصرهم وبيئتهم. ناسيين أنّ المسيح، ليخلّص البشر، "نزلَ... تجسّدَ... وصارَ إنساناً"، "أرادَ أن يشابههم بكل شيء، ما عدا الخطيئة". إذا كنّا الجسر بين البشر والله، يجب أن تكون قاعدة هذا الجسر مغروسة ومستندة بقوّة على الإنسانية، ليسهل لهم الوصول إليه.

 

ثانياً: لكن بالنسبة لنا، ممكن أن يكون الأكثر خطورة عكس ذلك: أي ذلك الكهنوت الذي أخذ من العالم الكثير حتّى صار كهنوتاً دنيوياً، حيث الجانب البشري فيه مَيّعَ وأضعفَ أو خنق الإلهي: ( المونوفيزية (. نرى حينئذٍ المشهد الداعي للبكاء لكهنة لعلّهم أساتذة جيّدين ومنظّمين بارعين،

لكنّهم ليسوا بعد "رجال الله"، فيصعب حينئذٍ رؤية المسيح من خلالهم. هم مثل بعض الكنائس المحوّلة إلى متاحف دنيوية.

 يوجد مقياس غير قابل للخطأ لقياس متانة كهنوتك ألا وهو الصلاة. الصلاة يجب أن تكون الاهتمام الأوّل والأساسي لأي كاهن، بغضّ النظر عن المسؤوليات الموكلة إليه، كل الأمور الأُخرى هي هامّة ولكن تأتي فيما بعد، في الدرجة الثانية.

فإذا لم نكن رجال صلاة، سنكون كجسرٍ انهار قوسه الأخير، ذاك الذي يلمس الله.

 
وأخيراً: ممكن أن يكون لدينا التشوّه النسطوري للكهنوت: كهنوت ممزّق، يعيش فيه الجانبان الإلهيّ والبشريّ دون تناسق وانسجام. كهنة على الهيكل، لكن علمانيين على كرسي التدريس، في الشارع، بين الناس.

هم كجسرٍ فَقَدَ قوسه المركزي الذي يدعم ويربط طرفيه اللذَين يلمسان الله من جهة والإنسان من جهة أُخرى، للأسف، الجانب الإلهي يسير باتجاه والإنساني باتجاهٍ آخر ولا رابط بينهما...

 الكاهن الحقيقي والأصيل هو الذي يكون الإنسان فيه، كلّه، دائماً وفقط كاهنا. الإنسان والكاهن يجب أن يتعايشا ويتوافقا تماماً في وحدةٍ متناغمة ومتجانسة إسوةً بوحدة المسيح الإنسانية اللاهوتية.

 حتّى الاهتمامات الأكثر دنيوية يجب أن تكون مدفوعة بوعيٍّ كهنوتيٍّ ناضجٍ وعميق دون مساومةٍ وكسوفٍ.

 إخوتي أُؤكّد لكلّ واحدٍ منكم صلاتي المتواضعة وخاصةً من خلال الذبيحة الإلهية، من اجل أن يكون كهنوتكم دائماً أكثر أصالة بحيث تُظهرون تجسّد المسيح في البيئة التي تعملون فيها.

  ليستطع الكل رؤية يسوع فيكم، كما يُرى الضوء خلف قطعة من البلّور.

 

 أخوكم الكاهن جوزيبّي كوادريو

الجامعة الحبرية السالزيانية

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +