Skip to Content

ماذا تعلم عن عبادة قلب يسوع الأقدس - الإكليريكي جوني بحبح


ماذا تعلم عن عبادة قلب يسوع الأقدس

Click to view full size image

هل تعرف متى ظَهَرَ التعبُّد لقلبِ يسوعَ الأقدس ومَن الذي نادى بهذه الحقيقة؟ للجواب على ذلك يجب علينا أن نعرف الشخص الذي مَهَّدَ لانتشارِ هذه العبادة، ألا وهو القديس "يوحنا أودس" (1601- 1680)، الذي لُقِّبَ برسول قلب يسوع. فقد بذل جهداً متواصلاً طوال حياته في سبيل إكرام قلب يسوع الإلهي.

وهو أول مَن ألَّفَ صلواتٍ خاصة لهذه العبادة، وطبع الكتب الخاصة بذلك، كما شيَّد الكنائس إجلالاً وإكراماً لقلب يسوع له المجد. وبفضل هذا القديس أُنشأت جمعيَّتان رهبانيتان إحداهُما تدعى رهبانية "زيارة العذراء" التي أزهرت منها القديسة مرغريتا مريم (1647- 1690)، التي ظهر لها المسيح قائلا لها:"إنَّ قلبي الإلهي يتلهَّبُ حباً للبشر حتى إنه لا يتمالك أن يضبطه، ويجب أن يظهره لهم ليفيض عليهم كنوزه النفيسة".

يا لهذه الكلمات المؤثرة والرائعة التي تعبِّر لنا عن عمق محبة الله لنا، رغم ضعفِنا وقِلة إيماننا! هل نُدرك معنى هذا الشوق وهذه اللهفة وهذا الحب النابع من قلب الفادي؟ ليتنا نُبادِله الحب بالحب، ونكرِّسَ ذواتَنا لرحمتِه الإلهية التي من خلالها يفيض علينا بنعمه وهباته السنيَّة! ألا تعلمون أن الله يشتاق شوق الغيرةِ إلى الروحِ الذي أسكَنَه فينا؟ (يع 4: 5).

نعود إلى قصة القديسة مرغريتا مريم التي ظهر لها يسوع والتي أكدت قائلة:"إنَّ الفادي أكد لي أنَّه يشعر بسرورٍ فائق إذا أُكرم بشكلٍ لائق هذا القلب الذي يريد أن تُعرَض صورته أمام الناس حتى يؤثِّر في القلوب القاسية، كما وعد الفادي بأنَّه سيسكب نعمه بغزارة على جميع الذين يُكرِّمونه".

وبفضل مساندة مرشدها الطوباوي "كلود دي لاكولومبيير" الذي وقف إلى جانبها وبذلا سوياً جهداً وغِيرةً مقدسة لنشر عبادة قلب يسوع الأقدس، وقد تم ذلك  في 21 حزيران  لسنة 1675 حيث شرعوا يحتفلون بعيد قلب يسوع الأقدس في أديرة الرهبانية، ومن ثم انتقلت العبادة في معظم أسقفيات فرنسا، ومنها انتشرت إلى جميع أنحاء العالم الكاثوليكي.

أما بالنسبة للشخص الذي نادى بهذه الحقيقة وأعلنها فهو قداسة البابا ليون الثالث عشر (عيّن بابا في 1878 وتوفي في 1903)، الذي أكد على عبادة قلب يسوع الأقدس، والتكرس له. ففي رسالته البابوية التي تدعى "سنة مقدسة" قال فيها:" في هذا القلب الإلهي يجب علينا أن نضع رجاءَنا، ومنه أن نلتمس خلاص العالم ولا نرجوه إلا منه". فهل يا تُرى، نحن أبناء اليوم نضع ثقتنا ورجاءَنا في الرب مصدر كل خير ومحبة وسلام! إني أرجو أن نكونَ واعين ومدركين لما نطلبه ونلتمسه بالصلاة من أجل تقديسِ نفوسِنا وتقديس نفوسِ إخوتنا الآخرين. يا لها من كلماتٍ رنانة، يصل صداها إلى أذهاننا حتى يومنا هذا، لا بل تدخل إلى نوافذ وثنايا قلوبنا، لتُحدث فيها التغيير والتحوّل والتقديس!
ومن بعد البابا ليون الثالث عشر جاء البابا بيوس الحادي عشر (انتُخبَ بابا سنة 1922 وتوفي في 1939)، وهو الذي نشر عبادة قلب يسوع، وحدَّدَ الإحتفال بعيد قلب يسوع الأقدس في يوم الجمعة التالي لعيد جسد الرب، فجعله من أعظم أعياد السنة، وتم ذلك في سنة 1929. إلا أنه رويداً رويداً أخذ المؤمنون يُصلُّون لقلب يسوع الأقدس في أول جمعة من كل شهر، وبه يحتشد أُناسٌ كثيرون ليكرمونَ قلب يسوع الفادي الحبيب، ويقومونَ بواجب التعويض نحو القلب الإلهي عن هفواتهِم وتقصيراتِهم وعن الذين يُهينون ويُسيئون إلى قلبه الأقدس المحب للبشر.

ولكي نصل إلى تكريس نفوسِنا  لقلب يسوع الأقدس، فإنه يمكننا اتباع أفضل الطرق وأنجعها، ألا وهي عن طريق: التناول في أول جمعة من كل شهر والاحتفال بتقوى وبنية صادقة بشهر قلب يسوع الأقدس والمناولة المستمرِّة وزيارة القربان المقدَّس. بهذه الطرق الرئيسية سنرى التغيرات الجذرية التي ستطرأ على ذواتِنا، كما سنرى مدى تأثُّر الآخرين بنا عندما يتعاملون معنا. وأخيراً بفضل صلواتنا المندمجة والمتحدة مع قلب يسوع الأقدس وقلب مريم الطاهر، فإننا سنرى ارتداد وتوبة ورجوع كثيرٍ من الناس الذين يأسنا وفقدنا الأمل من خلاص نفوسهم.

أمّا فيما يتعلق بطريقة الصلاة، في شهر حزيران للتعبد لقلب يسوع الأقدس، فإنها تتميز بالخصوصيات التالية: لكل يوم من أيام الشهر له موضوعٌ خاص يتعلق بصفات قلب يسوع، يليه فقرة (إكرام) تحث بها المؤمنين على إكرام قلب يسوع، ومن ثم تأتي (الصلاة) وهي موجهة في العادة إلى يسوع أو لقلبه الأقدس. ثم يتبعها طلبة صغيرة تسمى (نافذة) وهي كردَّة، ومن بعدها يتم سرد معجزات أو قصص أثَّرت في أحد المؤمنين نتيجة تدخل المسيح في حياتهم، وغالباً ما يكونوا من أحد القديسين وتدعى (نموذج)، وأخيراً يتم عرض (عاطفة روحية) تساعد النفس على الاتكال على نعمة الله والتقرُّب منه.

 

ويمكننا أن نصلي معاً هذه الصلاة المأخوذة من الكتيِّب الخاص بقلب يسوع الأقدس التي تطلب وتقول:
أيُّها السيّد المسيح، أستحلفُك بحقِّ قلبِكَ الوديع، أن تُعلِّمني الوداعة، والصلاح، والغِيرة، وجميع الفضائل التي أنت مثالٌ بديعٌ لها. نَعم يا قلبَ يسوع، إجعل قلبي مِثلَ قلبِك.

ولنردد معاً هذه العاطفة الروحية الجميلة 3 مرات: يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، إجعل قلبي مِثلَ قلبِكَ.

فلنُكرم إذاً قلب يسوع المسيح المطعون من أجلنا، ولنكرّس أنفسنا لرحمتِه الإلهية المملؤة محبة وطول أناة، ولنقترب، دون خوفٍ أو تردد، من قلب يسوع الذي ينتظِرُنا ليمنحنا سلامَه وغُفرَانَه.

الإكليريكي جوني بحبح




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +