Skip to Content

عيد الميلاد 2011 - البطريرك بشارة الراعي

 

.التنشئة المسيحية عـيـد المـيلاد المجـيـد الأحد، 11 كانون الاول 2011

 

Click to view full size image

عــــــيـــد المـــــــيـلاد المجــــــــــــــــيـد

                                             (لو 2: 1-20)

 

 

حدث الميلاد تاريخي ولاهوتي بامتياز. إنه ميلاد الاله انساناً في زمن محدَّد وخاص من التاريخ، لكي يؤلِّه الانسان من اجل كتابة تاريخ جديد للبشرية. ولهذا تزامن ميلاده مع احصاء المسكونة، وبثّه الملاك فرحاً عظيماً يكون للعالم كله.

شرح الانجيل

من انجيل القديس لوقا ٢: ١-٢٠

في تِلْكَ الأَيَّام، صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أَغُوسْطُسَ قَيْصَرَ بِإِحْصَاءِ كُلِّ المَعْمُورَة. جَرَى هذا الإِحْصَاءُ الأَوَّل، عِنْدَمَا كانَ كِيرينيُوسُ والِيًا على سُورِيَّا. وكانَ الجَمِيعُ يَذهَبُون، كُلُّ واحِدٍ إِلى مَدِينَتِهِ، لِيَكْتَتِبوا فِيهَا. وَصَعِدَ يُوسُفُ أَيضًا مِنَ الجَلِيل، مِنْ مَدينَةِ النَّاصِرَة، إِلى اليَهُودِيَّة، إِلى مَدينَةِ دَاوُدَ الَّتي تُدْعَى بَيْتَ لَحْم، لأَنَّهُ كَانَ مِن  بَيْتِ دَاوُدَ وعَشِيرَتِهِ، لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خِطِّيبَتِهِ، وهِيَ حَامِل. وفِيمَا كانَا هُنَاك، تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِد،
فوَلَدَتِ ٱبنَهَا البِكْر، وَقَمَّطَتْهُ، وأَضْجَعَتْهُ في مِذْوَد، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ في قَاعَةِ الضُّيُوف.

وكانَ في تِلْكَ النَّاحِيَةِ رُعَاةٌ يُقِيمُونَ في الحُقُول، ويَسْهَرُونَ في هَجَعَاتِ اللَّيْلِ على قُطْعَانِهِم. فإِذَا بِمَلاكِ الرَّبِّ قَدْ وقَفَ بِهِم، ومَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ حَولَهُم، فَخَافُوا خَوفًا عَظِيمًا. فقالَ لَهمُ المَلاك: «لا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِلشَّعْبِ كُلِّهِ، لأَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ ٱليَوْمَ مُخَلِّص، هُوَ ٱلمَسِيحُ الرَّبّ، في مَدِينَةِ دَاوُد.
وهذِهِ عَلامَةٌ لَكُم: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا، مُضْجَعًا في مِذْوَد!». وٱنْضَمَّ فَجْأَةً إِلى المَلاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الجُنْدِ السَّمَاوِيِّ يُسَبِّحُونَ ٱللهَ ويَقُولُون:

أَلمَجْدُ للهِ في العُلَى، وعَلى الأَرْضِ السَّلام، والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر.

ولَمَّا ٱنْصَرَفَ ٱلمَلائِكةُ عَنْهُم إِلى السَّمَاء، قالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُم لِبَعْض: «هيَّا بِنَا، إِلى بَيْتَ لَحْم، لِنَرَى هذَا ٱلأَمْرَ الَّذي حَدَث، وقَد أَعْلَمَنا بِهِ الرَّبّ». وجَاؤُوا مُسْرِعِين، فوَجَدُوا مَرْيمَ ويُوسُف، والطِّفْلَ مُضْجَعًا في المِذْوَد. ولَمَّا رَأَوْهُ أَخبَرُوا بِالكَلامِ الَّذي قِيلَ لَهُم في شَأْنِ هذَا الصَّبِيّ. وجَمِيعُ الَّذِينَ سَمِعُوا، تعَجَّبُوا مِمَّا قَالَهُ لَهُمُ الرُّعَاة. أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ هذِهِ الأُمُورَ كُلَّهَا، وتتَأَمَّلُهَا في قَلْبِهَا. ثُمَّ عَادَ الرُّعَاةُ وهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ ويُسَبِّحُونَهُ على كُلِّ ما سَمِعُوا ورأَوا، حَسَبَما قِيْلَ لَهُم.

١. حدث تاريخي

الاله صار انساناً في زمن تاريخي فريد، هو احصاء شعوب المسكونة كلها، المتمثّلة يومها بالامبراطورية الرومانية. فكان ان توجّه يوسف ومريم الحامل بيسوع من الناصرة الى بيت لحم، للاكتتاب هناك في دائرة نفوس بيت لحم، المعروفة بمدينة داود، وكلاهما من سلالته وعشيرته. وكان اغسطوس قيصر امبراطور المملكة الرومانية، من سنة ٣٠ قبل المسيح الى سنة ١٤ مسيحية، هو الذي اصدر الامر بإجراء الاحصاء. وفيما هما في بيت لحم، ولدت مريم ابنها يسوع، وتمّ تسجيله في سجلاّت نفوس المسكونة: "يسوع بن يوسف ومريم من الناصرة".

هذا كله ليس بصدفة. فلا صدفة عند الله، لكونه فوق الزمن، بل يعني ان الله هو سيّد التاريخ، ويواكبه لحظة بلحظة بقدرة حضوره، ويكشف اسراره المكتومة منذ الازل في مراحل التاريخ، وعبر اناس، من رجال ونساء، كبار وصغار، اصحّاء ومرضى حكّام دول وعاديين، يحقّق ارادته وتصميمه الخلاصي من خلالهم وبالتعاون معهم. بسبب هذا الاحصاء، كان على المسيح الرب ان يُولد في بيت لحم، فتمّت نبوءة ميخا السابقة للميلاد بثماني مئة سنة: "وانت يا بيت لحم، انك أصغر عشائر يهوذا، ولكن منك يخرج لي مسلّط على إسرائيل – الشعب القديم- وأصوله منذ القديم، ومنذ أيام الأزل"(ميخا 1:5). هذا المولود هو إبن الله الذي يدشّن الأزمنة الجديدة، أزمنة ملكوت الله الذي يبدأ على الارض بالكنيسة- السرّ والشركة والرسالة، كنيسة الاتحاد بالله والوحدة بين البشر وأعمال المسيح.

إحصاء المسيح الرب في سجلاّت نفوس البشر يعني انه هو الملك "الجالس على عرش داود، ويملك على بيت يعقوب الى الابد، ولا يكون لملكه انقضاء"، كما جاء على لسان الملاك جبرائيل في البشارة لمريم(لو1 :32-33). وبالمقابل اغسطس قيصر امبراطور المسكونة المعروفة، ثبت لزمن، ومملكته الرومانية زالت من الوجود. الكنيسة هي مملكة المسيح وبداية ملكوته السماوي، وتثبت الى الابد. ولقد شاء الله، من خلال قيد ابنه الوحيد والمساوي له في الألوهة في سجلات الارض، أن يكتب في سجل السماء كل مؤمن به ومؤمنة، وكل الذين ينالون خلاصه.

من شهود هذا الحدث التاريخي رعاة بيت لحم الذين أُعلن لهم هذا الخبر في قلب الليل، وهم ساهرون على مواشيهم. هؤلاء صدّقوا الخبر، وأسرعوا إلى المغارة. أخبروا بالكلمة التي بلغتهم، ورأوا "الكلمة" متجسّدة في الطفل، وهلّلوا للكلمة المتأنّس، كما روى لوقا في إنجيله. هؤلاء هم صورة الأساقفة والكهنة، المدعوّين "رعاة الكنيسة" الذين يعلنون المسيح للعالم. يقول القديس امبروسيوس أن إيمان مريم تقوّى بالخبر الالهي الذي حمله الرعاة، ويتساءل: "إذا كانت مريم تعلّمت من الرعاة، لماذا الكثيرون يرفضون أن يتعلّموا من أساقفة الكنيسة وكهنتها؟"

2. حدث لاهوتي

ساعة ميلاد المسيح الرب، احتفلت ليتورجيا السماء بالحدث الخلاصي: "وفجأة ظهر للرعاة مع الملاك كثير من جنود السماء، يسبّحون الله ويهتفون: المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر" (لو 2 : 13-14).

الليتورجيا تعني احتفال الشعب المؤمن احتفال مشاركة في "عمل الله". هي بالأحرى عمل الله الخلاصي الذي يشارك فيه الشعب المؤمن. في الميلاد "عمل الله" ظاهر في الآب الذي أرسل إبنه متآنساً بالروح القدس من مريم البتول. الله كله حاضر بشخص الطفل في المغارة، الملاك وجنود الملائكة يعلنون "عمل الله". شعب الرعاة يشارك فيه: "أتوا مسرعين إلى أول كنيسة، مغارة بيت لحم حيث الطفل ومريم ويوسف، قدّموا هداياهم، أخبّروا بالكلمة التي قالها لهم الملاك، ثم رجعوا وهم يسبّحون الله ويهلّلون".

ثم شارك في هذه الليتورجيا – عمل الله المجوس الذين أتوا من المشرق البعيد، وسجدوا لملك الأزمنة الجديدة الذي رأوا نجمه طالعاً، وقدّموا له الهدايا ذهباً ومراًّ ولباناً. وهي هدايا ترمز إلى الذي حقّق "عمل الله": الذهب للملك، والمرّ للكاهن الفادي – الذبيح، واللبان لنبي الله.

المسيح الرب هو كاهن النعمة الأعظم، والنبي – كلمة الله الهادية، وملك المحبّة المحيية والجامعة، وهو بالتالي الليتورجي الأوّل الذي يواصل في الكنيسة، ومعها وبواسطة الخدمة الكهنوتية عمل فدائنا (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 66،1).

الليتورجيا التي نحتفل بها في كنائسنا على الأرض، تواصل خدمة الملائكة والرعاة والمجوس، مع سجود مريم ويوسف. ولذا نقيمها بكثير من التقوى والخشوع والجمال والترتيب. كل بيوتنا المسيحية وكنائسنا وساحات بلداتنا تحيي ليتورجيا الميلاد بالمغارة والشجرة والنجم. إنّا نواصل سماع الكلمة ورؤيتها بالإيمان، ونقل الخبر الحدث، ورفع التهاليل والتسبيح. ونصلّي من أجل عالمنا الذي يتخبّط في الظلمات، وقد أتاه "الشارق من العلى" (لو 1 : 78).

لكن ليتورجيا – عمل الله اكتملت بموت المسيح وقيامته وإرسال روحه القدوس الذي يُحيي "عمل الله" ويؤتي ثماره في نفوس المؤمنين. نحن اليوم نحتفل بهذه الليتورجيا أي بعمل الله الخلاصي في الأسرار المقدّسة. الميلاد أي الكلمة الذي صار بشراً بالتجسّد هو بداية سرّ الخلاص المحوري الذي اكتمل وبلغ ذروته في آلام ابن الله المتجسِّد، وموته وقيامته. فيسوع بدأ تقدمة ذاته حبّاً بالبشر أجمعين منذ اللحظة الاولى لوجوده البشري في أحشاء العذراء مريم. ولذلك ليلة الميلاد مرتبطة في العمق بليلة آلامه وفصحه حيث تمَّ "عمل الله" في الذبيحة لمغفرة الخطايا وفي القيامة للتبرير والحياة الجديدة.

الميلاد والفصح ليسا الواحد إلى جانب الآخر، بل هما غير منفصلَين، ويشكّلان إيماناً واحداً بالمسيح يسوع، ابن الله المتجسّد والفادي. الصليب والقيامة يفترضان التجسّد.

الزيارة إلى مغارة الميلاد تقودنا الى زيارة القربان، حيث نجد حاضراً بشكلٍ حقيقي، المسيح المصلوب والقائم من الموت، المسيح الحي. إنَّ سرَّ القربان يجعل ليتورجيا الميلاد والصلب والقيامة في آنٍ ذكرى وحضوراً وسراًّ فاعلاً (راجع خطاب البابا بندكتوس السادس عشر في مقابلة الأربعاء 5 كانون الثاني 2011). فالذكرى تحقّق في كل مؤمن ومؤمنة ثمار الخلاص والفداء التي هي الإنسان الجديد فينا بالروح القدس. ولهذا نادى البابا القديس لاوون الكبير: "أيها المسيحي، إعرف كرامتك. وإذ أصبحت شريكاً في الطبيعة الالهية، بواسطة الاله الذي أخذ طبيعتك البشرية، كن يقظاً لئلا تعود فتسقط، بمسلك غير لائق، من هذه العظمة إلى الأسافل القديمة".

صلاة

إن أجمل صلاة للميلاد هي الأنشودة الميلادية:


ليلة الميلاد يمحى البغض
ليلة الميلاد تدفن الحرب



عندما نسقي عطشان كأس ماء
عندما نكسي عريان ثوب حب
عندما نكفكف الدموع في العيون
عندما نفرش القلوب بالرجاء



 

ليلة الميلاد تزهر الأرض
ليلة الميلاد ينبت الحب



نكون في الميلاد
نكون في الميلاد
نكون في الميلاد
نكون في الميلاد



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +