Skip to Content

الفصل الثامن: فأرينا بعد هذا المنفى - كتاب مريم البتول

Click to view full size image

الفصل الثامن

* في شأن ما يلاحظ هذه الكلمات وهي: فأرينا بعد هذا المنفى*

 *يسوع ثمرة بطنكِ المباركة*

*وفيه ثلاثة أجزاء*

الجزء الأول

* في أن مريم البتول تنجي المتعبدين لها من جهنم*

أنه لمن المستحيل أن يمضي هالكاً في الجحيم من يكون متعبداً لمريم بأمانةٍ ويكرمها ويلتجئ إليها. فربما أن هذه القضية تظهر للبعض في بدء ملاحظتهم إياها أنها متفاوتة الحدود الواجبة. غير أني أتوسل الى من يقول ذلك عنها بألا يحكم عليها بالشجب قبل أن يقرأ ما أنا مزمعٌ أن أبرهنه بالمحاماة عنها، فالقول أن من كان للعذراء عبداً لن يدركه الهلاك أبداً. لا ينبغي أن يفهم به عن أولئك الذين يطمعون بأستنادهم على تعبدهم لمريم لكي يستهونوا بفعل الخطايا بأقل خوفٍ، ولذلك يوجد البعض الذين ظلماً وعدواناً يتلاومون على نوعٍ ما ضد تعظيم شأن رحمة مريم نحو الخطأة قائلين: أن هؤلاء الأثمة عند سماعهم ذلك يستخدمونه بيسماً لكي يتزايدوا في أفعال الخطايا: على أنه لا شك في أن عباداً جهلةً هذه صفتهم يستحقون لأجل طمعهم الجسور بالنوع المذكور عقاباً لا رحمةً، فاذاً أنما يفهم بالمتعبدين لمريم أولئك الذين برغبةٍ حقيقيةٍ في أن يصلحوا ذواتهم ويغيروا سيرتهم، يكرمونها بحسن تدينٍ أمينين ويلتجئون إليها مستغيثين. فعن هؤلاء أقول أنه لمن المستحيل أدبياً أن يدركهم الهلاك الأبدي. فأنا أجد أن هذه القضية هي مقالةٌ من الأب كراسات أيضاً، وقبل هذا الأب هي مقولةٌ من المعلم فاغا في الكتاب المسمى اللاهوت المريمي، ومن العلامة ماتدونسا ثم من لاهوتيين آخرين غيرهم. ولكي يعرف جيداً أن هؤلاء العلماء لم يوردوا هذه القضية بطريق العرض فلننظرن ما الذي قاله في هذا الشأن القديسون والمعلمون في بيعة الله، الا أني أرغب من القارئ أن لا يستغرب إيرادي أن كنت أستشهد أراء كتبةٍ مختلفين يقولون شيئاً واحداً هو هو نفسه، لأني قصدت بذلك أن أدون ههنا أقوالهم كلها لكي أبين، كيف أن الكتبة الكنائسين قد أتفقوا برأيٍ واحدٍ عند أيرادهم هذه القضية في مصنفاتٍ مختلفةٍ.*

فيقول القديس أنسلموس: انه كما أن من ليس هو حسن التعبد لمريم، ولا تحامي هي عنه لا يمكن له أن يفوز بالخلاص، فهكذا لمن المستحيل أن يهلك من يلتجئ الى هذه البتول القديسة وهي تقتبله في حمايتها بحبٍ: وهذا القول يورده القديس أنطونينوس بكلماتٍ تماثله قائلاً: أنه كما أن أمراً من المستحيل هو أن يفوز بالخلاص من تعرب مريم عنه عيني رحمتها معرضةً عنه، فبالضرورة ينتج أن أولئك الذين مريم تلاحظهم بعين رأفتها، وتحامي هي عنهم يحصلون على الخلاص ويتمتعون بالمجد. فاذاً هذا القديس يضيف الى القول السابق ذكره أن المتعبدين لمريم بالضرورة يخلصون.*

فليعتبرون جيداً الجزء الأول من القضية الموردة من القديسين المقدم ذكرهما أولئك الذين يحتسبون التعبد لمريم فضلةً زائدةً، أو أنهم بعد أبتدائهم بالعبادة لها يهملونها كسلاً وتهاوناً. وليرهبوا مرتعدين من هذا الوعيد المخوف وهو أنه غير ممكنٍ أن يفوز بالخلاص أولئك الذين لا تحامي عنهم مريم الأم الإلهية، وهذا يورده آخرون أيضاً نظير الطوباوي ألبرتوس الكبير القائل: أن كل الذين ليسوا عبيداً لكِ يا مريم يهلكون جميعاً. والقديس بوناونتورا يقول: أن من يهمل تعبده لمريم البتول فيموت في خطيئته. وقال هو نفسه في مكانٍ آخر: أن من لا يلتجئ إليكِ أيتها السيدة فلا يبلغ الى الفردوس السماوي، بل أن هذا القديس الجليل قد أتصل الى أن يقول: أنه ليس فقط لا يخلص أولئك الذين تغرب مريم عنهم نظرها معرضةً. لكن أيضاً لا يوجد رجاءٌ لخلاصهم: وقبل هؤلاء القديسين قد كان أورد هذه القضية القديس أغناتيوس الرسولي الشهيد بتعليمه: في أنه لا يمكن خلاص أحدٍ من الخطأة الا بواسطة مريم البتول المثلثة القداسة. التي بضد ذلك هي تخلص بواسطة شفاعاتها ذات الرأفة كثيرين من أولئك الذين بموجب العدل الإلهي كان يلزم أن يهلكوا. فقد يوجد البعض الذين يضعون صعوباتٍ ما في تصديق أن هذه الكلمات هي حقاً للقديس أغناتيوس المذكور. أما الأب كراسات فقلما يكون يبرهن في أن القديس يوحنا فم الذهب أسعمل هو ذاته هذا القول، ويوجد ذلك مكرراً من الأنبا جالانسه أيضاً، ثم بهذا المعنى تخصص الكنيسة المقدسة بمريم تلك الكلمات المدونة في سفر الأمثال (أ ص8ع36) وهي: أن جميع الذين يمكتوني يحبون الموت: أي الذين يمقتوني ولا يحبوني فيجتلبون لذواتهم الموت ويحبونه. لأن ريكاردوس الذي من سان لورانسوس في تفسيره كلمات سفر الأمثال (ا ص31ع14) وهي: فصارت كمركب تاجرٍ: يقول أن كل أولئك الذين هم خارج المركب المذكور يغرقون في بحر هذا العالم: حتى أن أيكولامباديوس الأراتيكي نفسه كان يعتبر علامةً أكيدةً للرذل الأبدي قلة العبادة الموجودة في البعض لمريم والدة الإله اذ أنه يقول هكذا: أنه لا يقالن أصلاً عني أني مضاد لمريم التي أعتبر أن من يضادها يكون حاصلاً على علامةٍ أكيدةٍ في عقله بأنه هو من المرذولين. وبضد ذلك تقول مريم: من أطاعني لا يخزى: (ابن سيراخ ص24ع30) ومن يلتجئ اليَّ ويستمع ما أقوله له لن يمضي هالكاً: ولهذا يقول نحوها القديس بوناونتورا: أن الذي يهتم في أن يكرمكِ أيتها السيدة فيكون بعيداً من أن يدركه الهلاك. ويقول القديس أيلاريوس: أن هذا عينه يصح ولئن كان مكرم العذراء قد أغاظ الله كثيراً فيما مضى.*

فمن ثم يبذل الشيطان كل مجهوده مع الخطأة لكي يصيرهم بعد أن يكونوا أضاعوا نعمة الله بالأثم أن يفقدوا عبادتهم لمريم أيضاً. فأمنا ساره حينما رأت أسماعيل أبن جاهر المصرية يلعب مع أسحاق أبنها فخوفاً من أن الأول يعلم الثاني عوائد رديئةً قالت لرجلها أبراهيم أبينا: أخرج هذه الأمة وأبنها: (تكوين ص25ع10) وأنما لم تكتف ساره بأخراج أسماعيل وحده من بيتها، بل أرادت أخراج أمه أيضاً معه. لتأملها أن أسماعيل لو كان يخرج هو وحده خارجاً وتبقى أمه في البيت فمن المعلوم أنه لكان يستمر يتردد هو الى هناك ليشاهد أمه، وهكذا لما كان يزول سبب العشرة فيما بينه وبين أبنها أسحق، فمثل ذلك الشيطان لا يكتفي بأن يشاهد النفس تطرد عنها يسوع بفعل الخطيئة، بل يريد منها أن تطرد أمه مريم أيضاً بترك العبادة لها، لأنه يخاف من أن الأم بواسطة شفاعتها ترجع الأبن معها الى تلك النفس، وخوفه هذا هو في محله. لأن الأب العلامة باجيوكالى يقول: أن من هو أمينٌ بمواظبته على تكريم والدة الإله فمن دون أعاقةٍ يقتبل عنده هذا الإله راجعاً اليه بواسطة أمه مريم. ولذلك بكل حقٍ يسمي القديس أفرام السرياني التعبد لمريم: صك العتق ومصحف الحرية. أي أنه بواسطتها لا يعود المتعبد لها مأسوراً بعد من الجحيم ولا يمضي اليه هالكاً، كما أنه أي القديس أفرام نفسه يسمي مريم: المحامية عن الهالكين. وبالحقيقة أن يكن صادقاً كما هو حقاً كذلك ما يقوله القديس برنردوس وهو: أن مريم لا تقدر أن تنقص لا في أقتدارها ولا في أرادتها عن أن تخلصنا: وأنما لا ينقض أقتدارها عن تخليصنا لأنه لمن المستحيل على الأطلاق أن تضرعاتها لدى الله لا تفوز بالقبول التام، حسبما يقول القديس أنطونينوس: أنه لمن المستحيل مطلقاً أن طلبات والدة الإله تمضي خائبةً من القبول. وقال القديس برنردوس عينه: أن طلبات هذه الأم الإلهية لا يمكن أصلاً أن لا تستجاب أو أن تذهب سداً، بل أنها تستمد كل ما تشاء ثم ولا تنقص أرادتها عن أن تخلصنا، لأنها هي أمنا وتشتهي تخليصنا أوفر أشتهاءً منا نحن أنفسنا، فأن كان ذلك كذلك اذاً كيف هو ممكنٌ حدوث هذا الأمر، وهو أن أنساناً ما أميناً في عبادته لمريم يمضي هالكاً، لأنه أن يكن هذا الإنسان خاطئاً ولكنه ذو أرادةةٍ على أصلاح سيرته بالتوبة، وذو ثباتٍ على الألتجاء الى هذه الأم الصالحة، فيخصها أن تستمد هي له النور الذي به يخرج عن حاله السيئة. وتنال له التوجع القلبي على خطاياه والثبات على عمل الصلاح وأخيراً الميتة الصالحة. لأنه ترى أية أمٍ يمكنها بسهولةٍ ان تخلص أبنها من الموت بمجرد توسلها لدى القاضي في أن يمنحه نعمة العتق من حكومة الموت المبرزة ضده. وهي تتأخر عن أن تصنع ذلك. أفهل نحن نستطيع أن نفتكر هذا الفكر فضلاً عن أن نقبله، وهو أن مريم التي هي الأم الأشد حباً والأكثر أشفاقاً من كل الأمهات نحو المتعبدين لها، فمع أنها تقدر أن تخلص نفس من هو أبنها من الموت الأبدي، وتستطيع أن تفعل ذلك بكل سهولةٍ وهي لا تصنعه.*

فيا لحسن حظنا أيها القارئ الحبيب أن كنا نشعر في ذواتنا أن الله قد منحنا الحب لسلطانة السماء هذه. ووهبنا التعبد الأمين لها الأمر الذي من أجله يلزمنا أن نشكره عز وجل شكراً دائماً. على أنه كما يقول القديس يوحنا الدمشقي أن الله لا يهب هذه النعمة الا لأولئك الذين هو يريد خلاصهم بأرادةٍ خصوصيةٍ، وهذه هي كلمات القديس المذكور الجليلة التي بها ينعش رجاه ورجانا وهي:" أن كنت أنا أضع رجائي فيكِ يا والدة الإله فأكون مخلصاً. واذ ما كنت تحت كنف حمايتكِ فلا أخاف من شيءٍ أصلاً، لأن الكيان في التعبد لكِ هو نفس أمتلاك الأسلحة الضرورية للخلاص، التي لا يمنحها الله الا لأولئك الذين هو تعالى يريدهم خالصين. ولهذا كان يسلم عليها المعلم أرازموس قائلاً: السلام عليكِ يا مخيفة الجحيم ويا رجاء المسيحيين لأن الأتكال عليكِ هو تأكيد نوال الخلاص.*

فمن ثم أمرٌ محزنٌ جداً للشيطان أن يشاهد نفساً ما مواظبةً واجبات العبادة لهذه الأم الإلهية، فيقرأ في سيرة حياة الأب ألفونسوس الافارس الكلي التعبد لمريم، أنه اذ كان هو مرةً ما ممارساً صلواته وشعر بذاته مجرباً بقلقٍ من أفكار ضد العفة محركة ضده من الشيطان ليخزيه بها، فقال له حينئذٍ هذا العدو الجهنمي هكذا: أترك أنت عبادتك هذه لمريم وأنا أكف عنك من التجارب.*

ثم أن الآب الأزلي قد أوحى الى القديسة كاترينا السيانية، كما هو مورد من بلوسيوس، بأنه تعالى من قبل جودة خيرية صلاحه قد وهب مريم، أكراماً لأبنه الوحيد المولود منها بالجسد، بأنه ولا واحدٌ من الذين يستغيثون بشفاعاتها، ولو كان خاطئاً يمضي مأخزذاً غنيمةً للجحيم. حتى أن النبي والملك داود كان يتوسل في أن تنقذ نفسه من الجحيم لأجل الحب الذي كان في قلبه وقتئذٍ نحو مريم العتيدة أن تولد في العالم. اذ يقول: يا رب أحببت جمال بيتك وموضع محله مجدك فلا تهلك مع الكفرة نفسي ولا مع رجال الدماء حياتي: (مزمور 26ع8) لأن مريم هي بيت الرب الذي شيده عز وجل لذاته على الأرض ليسكن فيه بين الناس واجداً فيها راحته بتجسده منها. حسبما هو مدون عنها في سفر الأمثال: أن الحكمة أبتنت لها بيتاً: (ص9ع1) فمن ثم يقولالقديس أغناطيوس الرسولي الشهيد: أن من يكون مهتماً في العبادة لمريم العذراء لا يمضي هالكاً: والقديس بوناونتورا يثبت ذلك بقوله نحو هذه البتول المجيدة هكذا: أن المغرمين بحبكِ أيتها السيدة يتمتعون في هذه الحياة بسلامٍ عظيمٍ، وفي العالم العتيد لا يصادفون الموت الى الأبد: ثم أن بلوسيوس الحسن التعبد يؤكد لنا: بأنه لا حدث قط ولا يحدث أصلاً أن أنساناً متعبداً لمريم بأتضاعٍ ونشاطٍ يذهب هالكاً في الأبدية.*

فكم وكم من الخطأة لكانوا هلكوا مؤبداً، أو لكانوا لبثوا مصرين على آثامهم من دون توبةٍ، لولا تكون دخلت مريم وسيطةً عنهم لدى أبنها الإلهي مستمدةً لهم منه الرحمة. فهكذا يقول المعلم توما الكامبيسي وهذا هو رأي لاهوتيين كثيري العدد لا سيما القديس توما شمس المدارس. وهو أن والدة الإله قد وقفت بقوة شفاعاتها لدى الله حكومة الهلاك المبرزة على كثيرين من أولئك الذين ماتوا في حال الخطيئة المميتة. مكتسبةً لهم نعمة الرجوع الى الحياة ليمارسوا أفعال التوبة ويخلصوا بها. ثم يوردون في هذا الشأن جملة حوادث هذه صفتها محررة من مؤرخين مدققين جداً، ففيما بين النموذجات الأخرى المثبتة هذه القضية نورد هنا ما دونه فلوداردوس الذي كان عائشاً نحو الجيل التاسع. فهذا العلامة يخبرنا في تاريخه عن شماس أنجيلي أسمه أدالمانوس، الذي اذ كان أعتبر أنه مات فحينما أخذت جثته الى القبر لتدفن، قد رجعت روحه اليه فعاش وأخبر بأنه شاهد مكان جهنم حيث حكم عليه العدل الإلهي بالخلود هناك، ولكن لأجل تضرعات البتول المجيدة والدة الإله من أجله قد أرجع الى العالم كي يمارس واجبات التوبة عن خطاياه.*

وكذلك سوريوس يورد في الرأس الخامس والثلاثين من كتابه الأول: أن أنساناً مدنياً رومانياً أسمه أندراوس قد مات غير تائب، وأن مريم قد أستمدت له من الله أن يرجع الى الحياة حيث يمكنه أن يكتسب الغفران:*

ويخبر بالبارتوس (في العدد الأول من القسم الثاني من كتاب الثاني عشر على البتول الطوباوية) بأنه في أزمنته حينما كان مجتازاً الملك سيجيزموندوس بعسكره في جبال الألب قد سمع صوتاً من جثةٍ كانت مطروحةً في الأرض فانيةً لم يبق منها سوى العظام، وكان ذاك الميت يطلب معلم أعتراف قائلاً: أنه لأجل كونه هو أحد المتعبدين لمريم والدة الإله، فحينما كان خادماً في الجندية ومات، قد أستمدت هي له من الله النعمة في أنه يستمر باقياً بالنفس مع تلك الجثة الى أن يعةترف بخطاياه، وهكذا اذ جاء اليه الكهنة وسمع أعترافه فحينئذٍ مات.*

فهذه النموذجات وغيرها لا يلزم أن تستخدم لكي تشجع أحداً ما من الجسورين على أن يعيش في حال الخطيئة تحت الرجاء في أن مريم العذراء تخلصه من جهنم ولئن أدركه الموت وهو في حال الخطيئة، لأنه كما أن من يطرح ذاته في بئرٍ عميقةٍ تحت الأمل في أن مريم تحفظه من الموت، حسبما صنعت ذلك بعض الأحيان مع غيره، يحسب أحمق عديم العقل! فهل من حماقةٌ أعظم وجهالةٌ أشد ألقاء الإنسان ذاته في خطر، فيموت في حال الخطيئة تحت الأمل في أن البتول الطوباوية تخلصه من جهنم، بل أنما تفيد هذه النموذجات لأن تنعش رجانا عند تأملنا في أنه أن كانت شفاعات هذه الأم الإلهية، قد أستطاعت أن تخلص من الجحيم أيضاً أولئك الذين ماتوا في حال الخطيئة، فكم بأولى حجةٍ تحفظ من الذهاب الى جهنم أولئك الذين وهم في الحياة يلتجئون إليها بنية أن يصلحوا ذواتهم ويغيروا سيرتهم الردية ويخدموا هذه السيدة بأمانةٍ.*

فلنقل اذاً نحوها مع القديس جرمانوس (في عظته على وضع زنارها): ترى ما عساه أن يكون لنا يا أمنا العزيزة نحن الذين نعم أننا خطأة، ولكننا نريد أن ننقي ذواتنا من الأثم ونبادر إليكِ أنتِ التي هي حياة المسيحيين: فنحن يا سيدتنا نسمع القديس أنسلموس قائلاً: أنه لا يمضي هالكاً ذاك الذي أنتِ تصلين من أجله مرةً واحدةً فقط: فاذاً صلي من أجلنا ونحن نعود ناجين من جهنم. ثم أن ريكاردوس الذي من سان فيقطر يقول: ترى من يمكنه (حينما أحضر في الديوان الإلهي ولا يكون القاضي على صالحي) أن يخبرني بأني حصلت في دعواى على أن تكوني أنتِ يا أم الرحمة محاميةً عني. والطوباوي أريكوس صوزونه قد كان يعلن جهاراً أنه وضع نفسه في يدي مريم البتول، وكان يقول أنه أن كان القاضي يوجد معتمداً على أن يحكم عليه بالهلاك، فهو كان يريد أن الحكومة عليه تدخل الى يد مريم، مترجياً هو بأنه اذا تسلم الحكم لتلك اليدين المملؤتين سخاءً وأشفاقاً يدي مريم البتول، فمن دون أرتيابٍ هي حينئذٍ توقف الحكومة: فهذا الأمر عينه أقوله أنا أيضاً يا ملكتي الكلية القداسة وأرجو أن يكون لي، ولذلك أريد أن أكرر لديكِ الهتاف دائماً مع القديس بوناونتورا قائلاً: عليكِ يا سيدتس توكلت فلا أخزى الى الأبد. فأنا أيتها السيدة قد وضعت كل رجائي فيكِ مؤملاً أن لا أرى ذاتي ضائعاً، بل أفوز بالخلاص في السماء حيث أسبحكِ وأحبكِ الى الأبد.*

* نموذجٌ *

أنه قد كان في أحدى مدن أقليم فياندرا شابان حديثان في السن يدرسان العلوم، ولكن عوضاً عن أنهما يهتمان وقتئذٍ في أكتساب العلوم قد كانا يبيحان ذاتيهما لكلنوعٍ من رذلتي الشراهة والدنس، فاذ وجدا ليلةً ما من تلك الليالي المدنسة منهما بالقبائح في بيت أرمأةٍ خاطيةٍ لأفعال الأثم، فأحدهما الذي كان أسمه ريكاردوس بعد ساعاتٍ من الليل قد رجع الى مكان سكناه. وأما رفيقه فبقي عند تلك الأمرأة الدنسة، فعندما دخل ريكاردوس الى مخدعه لينام قد فكر بأنه في ذاك اليوم لم يكن صلى تلك المرات السلام الملائكي حسب عادته التي بها يومياً كان يتلوها عبادةً منه لمريم العذراء، فأي نعم أن النوم كان حينئذٍ متغلباً عليه وبالتالي كان يستصعب تلاوتها في ذاك الوقت، ولكن لم يرد أن يتركها مطلقاً بل أغتصب ذاته وقالها، ولئن كان بقليل من العبادة وكأن نصف نائمٍ، ثم أتكأ على سريره راقداً، فبعد برهةٍ وفيما هو يغط في النوم سمع باب بيته يقرع بشدةِ، وحالاً من دون أن يفتح الباب قد شاهد رفيقه الشاب داخلاً إليه بصورةٍ مخيفةٍ من شدة البشاعة، واذ سأله من أنت، قد أجابه قائلاً: أما عدت تعرفني من أنا: فقال له ريكاردوس: وكيف أنك قد أستحلت الى هذه البشاعة حتى يبان كأنك شيطان: فحينئذٍ ذاك التعيس تنفس الصعداء صارخاً: أواه الويل لي، فأنا قد هلكت في جهنم: فسأله ريكاردوس: وكيف تم ذلك: فأجابه الشخص بقوله: أعلم أنه حينما خرجت أنا بعدك من بيت تلك الأمرأة الدنسة. قد وثب عليَّ الشيطان فخنقني وبقي جسدي طريحاً في الطريق ونفسي حكم عليها بالهلاك، ثم أعلم أيضاً أن هذا العقاب الذي حل بي قد كان معداً لك أنت أيضاً، الا أن الطوباوية مريم البتول لأجل الكرامة القليلة التي أنت صنعتها لها، بتلاوتك السلام الملائكي المرات المعتاد على تلاوتها، قد أنقذتك من هذا العقاب، فسعيدٌ أنت أن كنت تستفيد من هذا التنبيه الذي أرسلتني والدة الإله لأن أنبهك به. قال هذا ثم كشف رداءه وأظهر لريكاردوس اللهيب المحيط به والأفاعي والعقارب التي كانت تلسعه وهكذا غاب من أمامه. فوقتئذٍ ريكاردوس أنطرح على الأرض مدرفاً من عينيه تياراتٍ من الدموع مقدماً الشكر الواجب لوالدة الإله التي خلصته من الهلاك. وفيما كان يفتكر عازماً على الطريقة التي بها يغير سيرته ويصلحها قد سمع ناقوس دير الرهبان الفرنسيسكانيين يقرع لأجل "صلاة الفجر". فقال حينئذٍ لذاته: أن الله يدعوني الى هذا الدير لكي أصنع توبةً عن خطاياي: فنهض في تلك الساعة عينها ومضى الى الدير متوسلاً لأولئك الآباء بأن يقبلوه عندهم، الا أنهم لمعرفتهم به وبفساد سيرته قد كانوا يماتعون قبوله، غير أنه قد أخبرهم بالحادث جميعه بدموعٍ سخيةٍ، ومن حيث أن أثنين منهم خرجا حالاً وذهبا الى الطريق وشاهدا جثة ذاك الشاب التعيس ملقاةً على الأرض مخنوقةً مسودةً نظير الفحم، فبعد أن رجعا وأخبرا بالحقيقة قد قبل ريكاردوس في الدير، وأبتدأ بعيشةٍ فاضلةٍ. وفيما بعد ذهب الى بلاد الهند ليكرز بالإيمان ومنها مضى الى بلاد الجامبون، وهناك حصل أخيراً على الحظ السعيد والنعمة العظيمة بأن يموت شهيداً من أجل الإيمان بالمسيح محروقاً حياً. (كما هو مدون في تأليف ألفونسوس أندرادا)*

† صلاة †

يا مريم أمي العزيزة ترى في أي عمقٍ من الشرور لقد كنت أنا حاصلاً الآن، لولا أن يدكِ المملؤة حنواً وأشفاقاً تحفظني مراتٍ كثيرةً من هوة الهلاك، بل بأبلغ من ذلك كم من السنين مرت عليَّ الى يومنا هذا، وأنا في قعر الجحيم هالكاً، لو لم تنجيني من جهنم، لأن خطاياي الثقيلة لكانت تقودني الى هناك والعدل الإلهي لكان حكم عليَّ بالخلود فيها. والشياطين لكانوا بفرحٍ يتممون الحكومة لولا تخلصيني منها، وقد صنعت ذلك من دون أن أكون أنا ألتمسته منكِ. وهكذا أنقذتيني من غير أن أتوسل إليكِ يا أمي الرأوفة، فبماذا يمكنني أن أكافئكِ عن نعمٍ بهذا المقدار عظيمةٍ صنعتيها معي يا منقذتي، وعن حبٍ هذا حده قد أحببتيني به، فأنتِ قد أنتصرتِ أخيراً على قساوة قلبي وأجتذبتيني لأن أحبكِ ولأن أثق بكِ راجياً، وبعد ذلك في كم وكم من الخطايا لكنت سقطت لولا أنكِ مراتٍ عديدةً تعينيني بيدكِ المعينة في الأخطار التي أنا وجدت فيها وتحفظيني من السقوط. فداومي عنايتكِ في خلاصي من الجحيم يا أمي الجليلة ويا رجائي الوطيد ويا حياتي، بل الأعز من حياتي نفسها. وقبلاً أنقذيني من الخطايا التي يمكن أن أسقط بها، ولا تسمحي بأن أشتمكِ لاعناً في جهنم، لأني أحبكِ يا سيدتي المستحقة كل محبةٍ، فهل يمكن أن يحتمل صلاحكِ أن تشاهدي أحد عبيدكِ الذي يحبكِ هالكاً. فأنا أرجوكِ بأن تستمدي لي الا أكون بعد الآن كافراً بجميلكِ عليَّ، ولا خائناً في حق إلهي الذي حباً بكِ قد وهبني نعماً هكذا عديدةً وعظيمةً، فماذا تخبريني يا مريم أهل أنني عتيدٌ أن أخلص أم هل أني أمضي هالكاً. فأي نعم أني سأهلك أن كنت أبتعد عنكِ مهملاً، ولكن من هو الذي يطيق أن ينفصل عن حبكِ، وكيف يمكنني أن أنسى المحبة التي أحببتيني بها، فأنتِ بعد الله هي موضوع حب نفسي، بل لا أقدر أن أعيش من دون أن أحبك، لأني مغرم القلب والنفس فيكِ وأرجو أن أحبكِ دائماً في الزمن الحاضر والمستقبل وفي كل الأبدية، أيتها الخليقة الأعظم جمالاً والأكثر قداسةً والأوفر عذوبةً وحلاوةً، والموضوع الأفضل ما يكون في العالم بأسره مستحقاً أن يحب آمين.*

Click to view full size image 

الجزء الثاني

* في أن مريم البتول تسعف أنفس المتعبدين لها بعد الموت في المطهر*

أنهم بالحقيقة لسعيدون جداً هم عباد هذه الأم الكلية الرأفة، لأنهم يسعفون ويعانون منها ليس في هذا العالم فقط بل في المطهر أيضاً يفوزون بمساعدتها لهم وبتعزيتها إياهم. ومن حيث أن الأنفس في المطهر هن أكثر أحتياجاً الى الأسعاف، لأنهن يوجدن هناك متكبداتٍ عذاباتٍ شديدةً جداً من دون أن يقدرن على أن يسعفن ذواتهن بذواتهن فبأبلغ من ذلك تتلألأ مفاعيل شفقة أم الرحمة نحوهن بأجتهادها في أعانتهم. فيقول القديس برنردينوس السياني: أن الكلية القداسة مريم لها سلطةٌ وسلطانٌ مطلقٌ في ذاك الحبس المطهري المحبوسة فيه الأنفس اللواتي هن عروسات يسوع المسيح. على أن تسعفهن وأن تخلصهن أيضاً من تلك العذابات:*

فنظراً الى أسعاف مريم هذه الأنفس فالقديس برنردينوس عينه اذ يخصص بمريم تلك الكلمات المدونة في حكمة أبن سيراخ وهي: في أمواج البحر مشيت: (ص24ع8) يقول: أن عذابات المطهر تسمى أمواجاً لأنها عذباتٌ عابرةٌ وقتيةٌ خلافاً لعذبات جهنم الثابتة الأبدية، وأنما تدعى عذابات المطهر أمواج البحر، لأنها مرةٌ جداً كمياه البحر، فالأنفس المتعبدة لمريم اذ يكن مملؤاتٍ من الحزن جداً فيما بين أمواج تلك العذبات المرة فهذه السيدة تزورهن مراتٍ كثيرةً وتسعفهن: وهنا يقول نوفارينوس: هوذا البرهان الذي يوضح كم يجب أن يعتبر ويحب التعبد لمريم السيدة الصالحة. لأنها لا تعرف أن تنسي تلك الأنفس المتعبدة لها، ولا تهمل أن تساعدهن حينما يتعذبن في ذاك اللهيب. على أنه ولئن كانت هذه السيدة تسعف بوجه العموم كل الأنفس الكائنة في المطهر، الا أنها مع ذلك تسعف أنفس أولئك الذين في هذا العالم كانوا متعبدين لها عبادةً خصوصيةً أسعافاً خصوصياً.*

فهذه البتول المجيدة قد أوحت للقديسة بريجيتا قائلةً لها: أني أنا أمٌ لكل الأنفس الكائنة في المطهر، ففي الوقت الذي فيه هن يتعذبن بشدةٍ بكل تلك العذابات المتوجبة على الخطايا المفعولة منهن في العالم، ففيه أنا في كل ساعةٍ أخففها عنهن طالما هن هناك بواسطة صلواتي من أجلهن. ثم أن هذه الأم الشفوقة لا تأنف من أنها تأتي بذاتها بعض الأحيان الى ذلك السجن المقدس لكي تزور الأنفس بناتها وتعزيهن. كما جاء عنها القول في حكمة أبن سيراخ (ص24ع8): أني دخلت سالكةً في عمق الغمر: حيث أن القديس بوناونتورا يخصص الكلمات المذكورة بوالدة الإله مضيفاً إليها قوله عن لسانها: أنا دخلت في عمق ذاك الغمر أي المطهر لكي أسعف بحضوري هناك تلك الأنفس البارة: أما القديس فينجانسوس فرارى فيقول: أن مريم هي مفيدةٌ للأنفس الكائنة في المطهر. لأنهن يحصلن بواسطتها على الأسعاف الكلي. فيا لعظمة حنو هذه البتول القديسة الكلية الأشفاق نحو تلك الأنفس المتكبدات العذابات في المطهر، اللواتي هن على الدوام يشعرن بمفاعيل المعونات والأسعافات التي تمارسها هي نحوهن.*

لأنه أية تعزيةٍ لهن في حال ضيقتهن سوى مريم وأسعافها لهن اذ هي أم الرحمة، فالقديسة بريجيتا يوماً ما سمعت يسوع المسيح مخاطباً والدته هكذا: أنكِ يا أمي أنت هي أم الرحمة وأنتِ هي تعزية الأنفس الكائنة في المطهر. بل أن البتول الطوباوية عينها قالت للقديسة بريجيتا: انه كما أن المريض الفقير المطروح على الفراش مسكيناً يكون مملؤاً من الحزن لمشاهدته ذاته متروكاً مهملاً، الا أنه يحصل على تعزيةٍ وافرةٍ عندما يسمع كلمةً ما تنذر بأسعافه، فهكذا تلك الأنفس المطهرية يشعرن بتعزيةٍ جزيلةٍ بمجرد سماعهن ذكر أسمي. فاذاً مجرد ذكر أسم رميم (الذي هو أسم رجاءٍ وخلاص) يسبب للأنفس المسجونة في المطهر تعزيةً وافرةً عندما تلفظه بأفواههن بناتها هؤلاء المحبوبات منها. أما نوفارينوس فيقول: أن هذه الأم المملؤة من الحب عندما تسمع الأنفس المطهرية يستغثن بأسمها، تضاعف هي تضرعاتها لدى الله الذي أجابةً لمطلوبها يترأف عليهن بالأسعاف، نظير النداء المنحدر من السماء ليبرد عنهن سعير تلك النيران الملتهبة.*

غير أن مريم العذراء لتظهر عنايتها نحو أنفس المتعبدين لها ليس فقط في تعزيتهن وأسعافهن في مدة أقامتهن في المطهر، بل في أنقاذهن أيضاً من ذلك السجن بواسطة شفاعتها. ففي يوم صعود هذه القديسة والدة الإله المجيد من الأرض الى السماء جميع الأنفس اللواتي كن وقتئذٍ في المطهر خلصن منطلقاتٍ معها الى السعادة البدية، كما كتب العلامة جرسون بقوله: أن سجن المطهر في ذلك اليوم حصل فارغاً من الأنفس التي كانت فيه.*

ويثبت ذلك نوفارينوس مبرهناً عنه بأقوال كتبةٍ كنائسيين كثيرين معتبرين جداً وهو: أن والدة الإله في حين أنتقالها من الأرض الى السماء ألتمست من أبنها الإلهي هذه النعمة، وهي أن تخلص جميع الأنفس الكائنة في ذلك اليوم مسجونةً في المطهر وتقودهن صحبتها الى النعيم: فيقول جرسون: أن البتول المجيدة من ذلك النهار أخذت سلطان التملك على هذه الخصوصية الممنوحة لها من الله وهي أن تخلص من المطهر أنفس المتعبدين لها: وهذا يؤكده لنا تأكيداً مطلقاً القديس برنردينوس السياني بقوله: أن البتول الطوباوية هي حاصلة على هذه السلطة والتفويض المطلق، وهو أنها بواسطة تضرعاتها، وكذلك بتخصيصها أستحقاقاتها الذاتية أسعافاً للأنفس المطهرية، لا سيما أنفس المتعبدين لها، تخلصهن من تلك العذابات: وهذا عينه يقوله نوفارينوس معتبراً أنه لأجل أستحقاقات والدة الإله الخصوصية ليس فقط تعود العذابات المطهرية لطيفةً عذبةً على تلك الأنفس، بل أيضاً تجعلها مختصرةً بزمنٍ أقل من المرسوم عليهن، لأنها بتوسلاتها من أجلهن تنقص عنهن زمن العذابات ليخلص بسرعةٍ.*

ثم أن القديس بطرس داميانوس يخبرنا عن أمرأةٍ أسمها ماروتسا، بأنها قد ظهرت لأشبينتها بعد موتها وقالت لها، أنها في يوم عيد صعود مريم البتول الى السماء قد خلصت هي من عذابات المطهر، جملةً مع أنفسٍ كثيرة تفوق عدداً على جميع الشعب الروماني، حيث أنطلقن كلهن الى السماء. وكذلك يقول القديس ديونيسيوس كارتوزيانوس: أن والدة الإله في كل يومٍ من يومي هذين العيدين السنويين أي الميلاد والقيامة تنحدر بذاتها الى المطهر مرافقةً من أجواقٍ ملائكيةٍ كثيرةٍ وتخلص من السجن المطهري أنفساً عديدةً. ثم أن نوفارينوس يبرهن في أن هذه الطوباوية تصنع ذلك في كل يوم عيدٍ من أعيادها هي أيضاً الأحتفالية السنوية.*

وما عدا هذا لشهيرٌ ومعروفٌ بكفايةٍ هو الوعد الذي وعدت به السيدة المجيدة للبابا يوحنا الثاني والعشرين، الذي ظهرت هي له وأمرته بأن يعلن لجميع أولئك الذين يحملون على ذواتهم ثوبها المسمى ثوب سيدة الكرمل، أن أنفسهم يخلصن من المطهر في يوم السبت الأول الذي يأتي بعد موتهم: فالحبر الأعظم المذكور كما يورد الأب كراسات قد أشهر ذلك وأعلنه لجميع المؤمنين في منشوره الباباوي الذي أبرزه في هذا الشأن، وقد أثبت المنشور المومى إليه الباباوات ألكسندروس الخامس، وأكليمنضوس الثامن وبيوس الخامس، وغريغوريوس الثالث عشر، وبولس الخامس، الذي سنة 1612 أبرز منشوراً وبه أعلن قائلاً: أن الشعب المسيحي يستطيع أن يعتقد بحسن عبادةٍ بأن البتول الطوباوية تسعف بشفاعاتها المتواصلة وبأستحقاقاتها الذاتية وبحمايتها الخصوصية بعد الموت وخاصةً في يوم السبت (المكرس لعبادتها من الكنيسة) أنفس الأخوة المشتركين بأخوية سيدة ثوب الكرمل، الذين تنفصل أنفسهم عن أجسادهم من هذه الحياة وهم في حال نعمة الله ويكون هؤلاء الأخوة. حملوا على ذواتهم ثوبها بحفظ واجبات فضيلة الطهارة بقدر واجب ألتزمات دعوتهم الخصوصية، ويكونون تلوا الفرض المختص بهذه السيدة، واذا لم يكونوا أستطاعوا تلاوة هذا الفرض فيكونون حفظوا الصيامات االكنائسية، وأمتنعوا عن أكل اللحم نهار الأربعاء، ما عدا يوم عيد الميلاد: ثم في خدمة الفرض الأحتفالي المختص بعيد سيدة الكرمل يقرأ هكذا: أنه يعتقد الأعتقاد التقوى بأن البتول القديسة تعزي بحبٍ والديٍ في المطهر أنفس المشتركين بهذه الأخوية، وأنها من دون أعاقةٍ تخلصهن بواسطة شفاعاتها من تلك العذابات، وتقودهن الى الوطن السماوي. (كما هو مدون تحت اليوم السادس عشر من شهر تموز في عيد سيدة الكرمل) فكيف لا نستطيع نحن أيضاً أن كنا متعبدين لهذه الأم الصالحة أن نرجوا لذواتنا النعم والأسعافات المقدم ذكرها. وكيف لا نقدر أن نؤمل أننا بعد موتنا نذهب الى السماء من دون الدخول الى المطهر، مترجين نوال هذه النعمة لأجل خدمتنا والدة الإله وعبادتنا لها بحبٍ خاص، كما أن والدة الإله أرسلت الراهب أبونضوس الى الطوباوي غوديفرادوس قائلةً له: أمض فقل للأخ غوديفرادوس أنه أن كان يتقدم نامياً في الفضيلة، سيكون مختصاً بأبني وبي أنا أيضاً، وحينما تخرج نفسه من جسده فأنا أصيرها أن لا تمضى الى المطهر بل أني أخذها أنا وأقدمها أمام أبني.*

فأن كنا اذاً نريد أن نسعف الأنفس المطهرية فلنجتهدن في ان نتوسل الى والدة الإله من أجلهن في صلواتنا كافةً المقدمة منا في أسعافهن، مخصصين إياهن بنوعٍ متميزٍ بصلوة المسبحة الوردية المقدسة، التي تجلب لهن أسعافاً عظيماً حسبما يبان من النموذج اآتي إيراده.*  

                                * نموذجٌ *

أن الأب أوسابيوس نيارامبارك يخبرنا (في الرأس 29 من الكتاب4 على الأنتصارات المريمية) بأنه كانت في مدينة أراغونا أبنةٌ فتاة أسمها ألكسندرا، التي اذ كانت شريفة الأصل وجميلةً جداً في الخلقة فتعلق نحوها بنوعٍ ممتاز عن الآخرين حب أثنين من الشبان بشدةٍ، ولأجل الغيرة التي أتقدت حرارتها فيما بين هذين الشابين أحدهما ضد الآخر من جرى حبهما الزائد لتلك الفتاة قد تضاربا بالأسلحة والأثنان سقطا على الأرض مقتولين. فحينئذٍ أقرباء هذين الشابين لشدة حزنهم على فقدهما وثبوا على الفتاة ألكسندرا عينها، فقتلوها لأجل أنها صارت علةً لموت ذنيك التعيسين، ثم قطعوا رأسها وطرحوه في بئرٍ عميقةٍ، فبعد أيامٍ من ذلك اذ كان القديس عبد الأحد ماراً بالقرب من البئر، فبألهام خصوصي من الله قد دنا من البئر عينها وقال: ألكسندرا أخرجي خارجاً: واذا بالرأس المقطوع صعد من البئر ولبث على حافتها متوسلاً للقديس بأن يستمع أعترافها، فالقديس أستمع أعتراف ألكسندرا ونقل القربان الأقدس وناولها إياه زوادةً أخيرةً بمحضر الشعب الغفير، الذي تقاطر الى هناك من كل ناحيةٍ من المدينة لمشاهدة هذا العجب. وبعد ذلك القديس طلب من ألكسندرا أن تخبره كيف ولأية حجةٍ هي نالت من الله هذه النعمة، فأجابته بأنها حينما أماتها القاتلون وقطعوا رأسها قد كانت هي حاصلةً في حال الخطيئة المميتة، ولكن والدة الإله الكلية القداسة مكافأةً لعبادتها لها بتلاوتها المسبحة الوردية قد حفظتها في الحياة. فقد أستمر رأس ألكسندرا حياً عند حافة تلك البئر مدة يومين مشاهداً من جميع الذين كانوا يأتون الى هناك. وبعد ذلك ذهبت نفسها الى المطهر. غير أنها عقيب خمسة عشر يوماً قد ظهرت للقديس عبد الأحد جميلةً متلألئةً بالضياء نظير كوكبٍ مشعشعٍ وقالت له: أن الأسعاف الأخص الذي يحصل للأنفس المطهرية في تلك العذابات هو تلاوة المسبحة الوردية من أجلهن، وأن هذه الأنفس اذ يخلصن من المطهر بمفعول صلاة الوردية، فحالما يبلغن الى السماء يمارسن تقدمة التوسلات لله من أجل أولئك الذين يكونون أسعفوهن بتقدمتهم لأجلهن هذه الصلاة الكلية الفاعلية على تخليصهن من المطهر: قالت هذا ثم صعدت أمام عيني القديس الى السماء متهللةً بفرحٍ لا يوصف لتتمتع بالسعادة الطوباوية.*

† صلاة †

يا سلطانة السماوات والأرض يا أم مخلص العالم مريم المجيدة. أيتها المخلوقة الأعظم والأسمى والأجمل والأحب من كل المخلوقات، أي نعم أن كثيرين على الأرض لا يحبونكِ ولا يعرفونكِ، ولكن توجد ألوفٌ وربواتٌ وكراتٌ ومليوناتٌ فائقة الأحصاء من الملائكة ومن الطوباويين في السماء يحبونكِ ويسبحونكِ دائماً، ثم في هذه الأرض أيضاً كم وكم من الأنفس السعيدة تلتهب أتقاداً في نيران حبها إياكِ، وتعيش مغرمةً في صلاحكِ! فليتني أحبكِ أنا أيضاً يا سيدتي المحبوبة في الغاية، وأكون دائماً في أتمام خدمتي إياكِ وفي مديحكِ وتكريمكِ، وفي الأجتهاد بأن تكوني محبوبةً من الجميع. أنتِ قد صيرتِ الإله نفسه متعلقاً بحب جمال نفسكِ حتى أنكِ، لكي أقول هكذا، قد أجتذبتيه من حضن أبيه الأزلي الى أحشائكِ الكلي الطهر متجسداً من دمائكِ وصائراً أبناً حقيقياً لكِ، أفهل أنني أنا الدودة الحقيرة لا ألتهب حباً بكِ، أي نعم يا أمي الكلية الحلاوة أنا أيضاً أريد أن أحبكِ حباً شديداً. وأقصد أن أفعل كل ما أقدر عليه لكي أجعل الآخرين أيضاً أن يحبوكِ. فأقبلي اذاً يا مريم شوقي المتقد نحو حبكِ وساعديني على أن أضعه بالعمل، فأنا أعلم أن المغرمين بحبكِ هم مقبولون لدى عيني إلهكِ، لأنه تعالى بعد الشيء المختص بمجده لا يرتاح الى شيءٍ آخر بمقدار أرتياحه الى أن تكوني ممجدةً مكرمةً محبوبةً من الجميع، فأنا أرجو منكِ أيتها السيدة كل التوفيقات والسعادات. فيخصكِ أن تستمدي لي غفران خطاياي كلها، ونعمة الثبات على الخير. وأن تساعديني في ساعة موتي. وبعد ذلك أن تخلصيني من العذابات المطهرية. وأخيراً أن تقوديني الى الفردوس السماوي، فهذه الأشياء يترجاها منكِ محبونكِ ولا يخيبون من أملهم، فأرجوها منكِ أنا أيضاً الذي أحبكِ حباً شديداً

فوق كل شيءٍ بعد حبي لله آمين. †

 

Click to view full size image

الجزء الثالث

* في أن مريم العذراء تقود عبيدها الى الفردوس السماوي *

فيا لها من علامةٍ جليلةٍ للأنتخاب الى المجد هي الحاصل عليها عبيد مريم البتول بتعبدهم لها. على أن الكنيسة المقدسة تخصص بهذه الأم الإلهية الكلمات المدونة في سفر حكمة أبن سيراخ (ص24ع11) وهي: قد طلبت في جميع هؤلاء راحةً وأنا في ميراث الرب أحل ساكنةً: فيقول الكردينال أوغون في تفسيره هذا النص:  طوباوي هو ذاك الذي يجد مريم البتول المثلثة الغبطة راحةً في بيته، فمريم لأجل أنها تحب الجميع، تهتم في أن العبادة لها تنتشر عند الجميع. ولكن كثيرون أما أنهم لا يقبلون هذه العبادة، وأما أنهم لا يحفظونها، فمغبوطٌ هو الذي يقتبلها ويحفظها: ويضيف الى ذلك الرجل العلامة باجيوكالى هذا التفسير أيضاً وهو: أن قولها وأنا في ميراث الرب أحل ساكنةً، أنما هو أنها تسكن في من هم ميراث الرب المنتخبون، لأن العبادة لمريم البتول أنما تحل ساكنةً في جميع أولئك الذين هم ميراث الرب، أي الذين سيكونون في السماء ساكنين يسبحونه تعالى الى الأبد. ثم أن الطوباوية والدة الإله تتبع كلماتها السابقة بهذه اللاحقة قائلةً: عند ذلك أمرني خالق الجميع والذي خلقني أستراح في مسكني وقال لي، أسكني في أل يعقوب ورثي في إسرائيل وفي مختاري أجعلي أصولكِ: (ص24ع12). فتريد أن تعني بقولها هذا معلنةً "أن خالقي قد تنازل لأن يأتي فيستريح ساكناً في أحشائي، وقد أراد مني أن أحل قاطنةً في قلوب جميع المختارين (الذين جاء رسمهم في شخص يعقوب وهم ميراث هذه البتول) وقد رسم أن في جميع المنتخبين للمجد تتأصل عبادتي ويتأسس فيهم الرجاء والحب نحوي.*

فكم وكم من الطوباويين الكائنين الآن في السماء لما كانوا وجدوا هناك لولا تكون أقادتهم الى تلك السعادة مريم بقوة شفاعاتها المقتدرة، لأن الكردينال أوغون يجعل هذه السيدة متكلمةً عن ذاتها بما جاء في العدد السادس من الاصحاح 24عينه من حكمة أبن سيراخ وهو: وأنا جعلت أن يشرق في السماء ضوءٌ باقٍ: أي أنني قد صيرت أن يتلألأ مشرقاً في السماوات عددٌ وافرٌ من المصابيح الأبدية، بمقدار ما هو عدد عبيدي الحسني العبادة نحوي. ومن ثم يتبع الكردينال المذكور كلامه بقوله: لأن قديسين كثيرين هو الآن في السموات الذين لكانوا عدموا أن يوجدوا فيها، لولا تكون مريم أوصلتهم الى هناك بمفعول شفاعاتها: ويقول القديس بوناونتورا: أن باب السماء يفتح لكل أولئك الذين يحسنون رجاهم بثقةٍ في شفاعات مريم. لكي يقبلوا في السعادة الأبدية. ولذلك سمى القديس أفرام السرياني العبادة نحو هذه الأم الإلهية أفتتاح أبواب الفردوس. وكذلك بلوسيوس المتعبد اذ يخاطب والدة الإله يقول هكذا: أنها قد سلمت ليدكِ أيتها السيدة مفاتيح الملك الطوباوي وخزائنه: ولهذا يلزمنا أن نتوسل الى هذه السيدة على الدوام مكررين نحوها كلمات القديس أمبروسيوس وهي: أفتحي لنا يا مريم أبواب الملكوت، لأنكِ أنتِ حافظةٌ بيدكِ مفاتيحه. بل أنكِ نفسكِ هي باب الملكوت، كما تدعوكِ الكنيسة المقدسة في طلباتها هاتفةً: يا باب السماء صلي لأجلنا:*

ولهذه العبادة تسمي الكنيسة المقدسة هذه الأم العظيمة: نجمة البحر: لأنه (حسبما يقول القديس توما اللاهوتي في كتيبه الثامن): كما أن المسافرين في البحر يستدلون على المينا المقصود وصولهم اليه من قبل نجمة البحر، فهكذا المسيحيون هم مقادون ومرشدون في بحر هذا العالم للبلوغ الى مينا الخلاص وللدخول الى الفردوس بواسطة مريم البتول:*

وكذلك من هذا القبيل يسمي القديس بطرس داميانوس والدة الإله: سلم السماء، لأنه بواسطتها قد أنحدر الله من السماوات الى الأرض لكي يستحق البشريون بواسطتها أن يصعدوا من الأرض الى السماء. ثم يقول القديس أنسطاسيوس مخاطباً هذه البتول الطوباوية هكذا: أنكِ لأجل هذه الغاية عينها أنتِ أيتها السيدة قد صيرتِ ممتلئةً نعمةً، وهي لكي تكوني لنا طريقاً لبلوغنا الى الخلاص. ومصعداً لأرتقائنا الى الوطن السماوي. ومن ثم القديس برنردوس يلقب مريم: بالمركبة الناقلة من الأرض الى السماء والقديس يوحنا جاوماترا أيضاً يسميها كذلك قائلاً لها: السلام عليكِ أيتها المركبة الكلية الشرف التي بواسطتها تنقل عبادكِ من الأرض الى الفردوس السماوي: ولهذا يهتف نحوها القديس بوناونتورا صارخاً: أنهم لطوباويون هم أولئك الذين يعرفونكِ يا والدة الإله. اذ أن المعرفة بكِ هي المحجة التي يبلغ السائرون فيها الى الحياة العديمة الموت، وإذاعة فضائلكِ هي السبيل للوصول الى الخلاص الأبدي.*

ففي تاريخ الرهبنة الفرنسيسكانية (ك1 ق1 رأس35) يوجد مدوناً عن الراهب لاوُن: أنه شاهد مرةً ما سلماً حمراء كان واقفاً عليها يسوع المسيح. ونظر سلماً أخرى بيضاء كانت واقفةً فوقها أمه تعالى البتول القديسة، ثم نظر أن كثيرين كانوا يبتدئون أن يصعدوا على السلم الحمراء، ولكن بعد ذلك كانوا يسقطون من عليها الى الأرض مراتٍ مترادفةً كثيرةً، بمقدار المرات التي بها كانوا يحاولون أن يصعدوا إليها، ولهذا وجد من حرضهم على الذهاب نحو السلم البيضاء ليصعدوا فوقها، فشاهدهم هو من ثم أنهم مضوا إليها وبكل سهولةٍ أرتقوا صاعدين عليها، اذ أن والدة الإله نفسها كانت تمد يدها فتمسكهم وتسندهم، وبهذا النوع كانوا يبلغون أمينين الى الفردوس السماوي! فيسأل هنا القديس ديونيسيوس كارتوزيانوس قائلاً: من هو الذي يخلص، ومن يبلغ الى الملكوت السماوي، (وهو ذاته يجاوب على سؤاله بقوله): أن أولئك الذين تهتم من أجلهم أم الرحمة هذه بتضرعاتها، هم الذين يخلصون ويبلغون الى الملك السماوي آمنين، وهذا الأمر عينه تثبته مريم نفسها بقولها: بي تتملك الملوك: (أمثال ص8ع15) أي بواسطة شفاعاتي تملك الأنفس أولاً في هذه الحياة الزائلة على الأرض، بتسلطهم على آلامهم وشهواتهم كمنتصرين غالبين، وبعد ذلك ينطلقون الى السماء ليملكوا أبدياً حيث يصيرون جميعاً ملوكاً (كما يقول القديس أوغوسطينوس). وبالأجمال أن مريم الطوباوية. كقول ريكاردوس الذي من سان لورانسوس، هي سيدة الفردوس السماوي، لأنها هناك تأمر حسبما تريد وبما تشاء وتدخل إليه من تريدهم. ولهذا يخصص هو بها كلمات أبن سيراخ (ص24 ع15) وهي: وكان أمري نافذاً في أورشليم، ولذلك من دون ريبٍ أنا أمر بما أشاء وأدخل الى هناك من أريد. ومن حيث أنها هي والدة رب الملكوت السماوي فبالصواب والعدل هي سيدة الفردوس حسبما يقول روبارتوس.*

ثم أن هذه الأم الإلهية قد نالت لنا بواسطة صلواتها المقتدرة وأسعافاتها الفعالة الملك السماوي، أن كنا لا نضع من قلبنا مانعاً ما لأمتلاكه، كما يقول القديس أنطونينوس. ومن ثم أن الإنسان الذي يخدم هذه السيدة وهي تتشفع من أجله، فهو حاصلٌ على وثيقةٍ أكيدةٍ في نوال الفردوس، كأنه حقاً هو كائنٌ فيه (حسبما يورد الأنبا غواريكوس) ويضيف الى ذلك القديس يوحنا الدمشقي بقوله: أن الخدمة لمريم المجيدة والكيان من عدد عبيد بلاطها، هو سيمة الشرف الأعظم الذي يمكننا أن نحصل عليه، لأن الخدمة لملكة السماء هي أمتلاك السماء، والعيشة تحت أوامرها هي أعظم من التسلط الملوكي. وبضد ذلك أن الذين لا يخدمونها لا يخلصون، من حيث أن الذين هم معدومون أسعافات هذه الأم العظيمة، هم مهملون متروكون من معونات أبنها ومن مساعدة أهل البلاط السماوي بأسرهم.*

فلتكن على الدوام مسبحةً خيرية صلاح إلهنا الغير المتناهية، لأنه رتب راسماً وأقام مريداً في السماوات شفيعةً لنا مريم الطوباوية، حتى أنها بحسب كونها والدة للقاضي الديان وأماً للرحمة، تتعاطى معاطاةً فعالة بواسطة شفاعاتها ومحاماتها دعوى خلاصنا الأبدي. وهذا هو تعليم القديس برنردوس، ويقول الأب يعقوب الراهب العلامة فيما بين الآباء اليونانيين: أن الله قد جعل مريم نظير جسر للخلاص الذي أذا ما أجتزنا فوقه ناجين من أمواج بحر هذا العالم، فنقدر أن نبلغ الى المينا المغبوط الذي منه ندخل الى الفردوس السماوي: ولذلك يهتف اقديس بوناونتورا قائلاً: أسمعوا يا معشر الشعوب فأنتم الذين تشتهون أمتلاك الفردوس الأبدي، أخدموا مريم وكرموها فتصادفون الحياة السرمدية من دون ريبٍ.*

فلا ينبغي لأحدٍ مطلقاً أن ييأس من نوال السعادة الأبدية حتى ولو كان هو من عدد الذين قد أستحقوا جهنم بخطاياهم. لأن هؤلاء أنفسهم اذا أخذوا أن يخدموا  مريم بأمانةٍ فلا يفقدون خلاصهم. ثم يقول القديس جرمانوس مخاطباً العذراء هكذا: ترى كم وكم من الخطأة قد أهتموا في أن يجدوا الله بواسطتكِ يا مريم وقد أدركوه وخلصوا: أما ريكاردوس الذي من سان لورانسوس فيتأمل فيما هو مدون في الأبوكاليبسي (ص12ع1) وهو: أن القديس يوحنا الأنجيلي قد شاهد هذه الأمرأة الكلية القداسة، مكللةً على رأسها بأكليلٍ مركبٍ من أثنتي عشر كوكباً: وبضد ذلك أن سفر النشيد (ص4ع8) يوضح هذه العروسة الإلهية مكللةً من وحوشٍ ضاريةٍ أسودٍ ونمورةٍ اذ يخاطبها عروسها الإلهي قائلاً: تعالي يا عروستي من لبنان، هلمي من لبنان تجئين فتتكللين من صير الأسود ومن جبال النمورة: فكيف اذاً ينبغي أن يفهم هذا. فيجيب ريكاردوس عينه: بأن هؤلاء الوحوش الضارية هم الخطأة الذين بواسطة شفاعات مريم من أجلهم وبمساعدتها إياهم يستحيلون الى نجومٍ سماويةٍ وكواكب أبديةٍ. وهؤلاء يليقون أن يكونوا أكليلاً لهامة ملكة الرحمة هذه أفضل لياقةً من أن تتوج هي بكواكب السماء المادية كلها: ثم أن عبدة الرب الأخت الراهبة سيرافينا البتول التي من كابري. اذ كانت يوماً ما تتوسل الى الطوباوية مريم العذراء في الأيام المتقدمة على عيد أنتقالها الى السماء (كما يقرأ في سيرة حياة هذه الراهبة) قد ألتمست منها أن تستمد من الله نعمة التوبة لألف واحدٍ من الخطأة، ولكن لما بدأت تخاف من أن تكون طلبتها تزايدت عن الحدود، قد ظهرت لها العذراء المجيدة وهذبت فيها هذا الخوف الباطل قائلةً لها: لماذا تخشين، أهل أنني ربما لا أستطيع أن أنال من أبني نعمة الخلاص لألف واحدٍ من الخطأة، فهوذا أني قد أستمديت لكِ تمام الطلبة: قالت هذا وأخذتها بالروح الى السماء وهناك أرتها عدداً فائق الإحصاء من الأنفس الأثيمة اللواتي كن أستحقين جهنم بخطاياهن. وبعد ذلك بواسطة شفاعات هذه الأم الإلهية قد نالوا الخلاص وبدأن يتمتعن بالسعادة الأبدية.*

فأي نعم أنه لا يوجد إنسانٌ أصلاً طالما هو في قيد الحياة الزمنية يقدر أن يكون متأكداً تأكيداً مطلقاً خلاصه الأبدي العتيد، كما كتب: لن يعرف الإنسان أن كان هو مستوجباً المحبة أم البغضة، كل شيءٍ محفوظٍ للمستقبل غير يقين: (سفر الجامعه ص9ع1) ولكن مع ذلك فالنبي داود طلب من الله قائلاً: يا رب من يسكن في مسكنك أو من يحل في جبل قدسك: (مزمور 15ع1) فيجيب القديس بوناونتورا في تفسيره هذا النص مخاطباً الأثمة بقوله: يا معشر الخطأة فلنتبع أثر خطوات مريم، ولننطرح على قدميها المغبوطين، ولا نتركها أن لم تباركنا هي. لأن بركتها إيانا تؤكد لنا نوال الملكوت. ويقول القديس أنسلموس: أنه يكفينا أيتها البتول السيدة أنكِ تريدين أن تخلصينا، لأنه حينئذٍ لا يمكن لنا أن لا نكون خالصين. ويضيف الى ذلك القديس أنطونينوس بقوله: أن الأنفس المحامى عنهن من مريم يخلصن بالضرورة ومن دون كل ريبٍ.*

فبالصواب اذاً يقول القديس أيدالفونسوس: أن البتول الكلية القداسة قد سبقت وتنبأت عن ذاتها بقولها: فها منذ الآن يعطيني الطوبى سائر الأجيال: (لوقا 1ع48) لأن جميع المختارين ينالون بواسطتها الطوبى الأبدية: أما القديس متوديوس فيخاطب هذه المباركة في النساء قائلاً نحوها: أنكِ أنتِ هي أيتها الأم العظيمة أبتداء سعادتنا، ووسطها، ونهايتها، فالبداية لأنكِ تستمدين لنا نحن الخطأة نعمة غفران مآثمنا. والوسط لأنكِ تنالين لنا نعمة الثبات على الخير. والنهاية لأنكِ أخيراً تستمدين لنا نعمة البلوغ الى الفردوس والدخول الى السعادة الأبدية: فبواسطتكِ أيتها السيدة قد فتح باب السماء يقول نحوها القديس برنردوس، وبكِ فرغ الجحيم وبوساطتكِ قد اخصب الفردوس، وبالأجمال أنه بكِ قد أعطيت الحياة الأبدية لعددٍ فائق الإحصاء من الأشقياء الذين كانوا مستحقين الموت السرمدي:*

الا أن الأمر الذي يشجعنا بأبلغ من كل ما سواه على أن نوطد رجانا متأكدين نوال الفردوس، هو الوعد الجميل الذي وعدتِ به هذه الأم الطوباوية لكل أولئك الذين يكرمونها، لا سيما الذين يجتهدون بواسطة أقوالهم ونموذجاتهم الصالحة في أن يجعلوها معروفةً ومكرمةً من الآخرين أيضاً. وهذا الوعد هو المدون في حكمة أبن سيراخ (ص24ع30) بقولها: أن الذين يعملون بي لا يخطئون. ومن شرحني تحصل لهم الحياة الأبدية. فمن ثم يهتف القديس يوناونتورا قائلاً: أنهم لسعيدون هم بالحقيقة أولئك الذين يحصلون على أنعطاف مريم نحوهم محاميةً عنهم، لأن الطوباويين في السماء يعدون هؤلاء رفاقهم العتيدين من دون ريبٍ، اذ أن من يحمل على ذاته علامة تعبده لمريم يكون أسمه مدوناً في مصحف الحياة. ماذا يفيد التعب والقلق في الفحص عن الأحكام والآراء المدروسة. وهل أن الأنتخاب الى المجد يصدر قبل سابق النظر الى الأستحقاقات الخصوصية أم بعد تأمل هذه الأستحقاقات!" هل أن أسماءنا هي مكتوبةٌ في سفر الحياة أم لا؟ فنحن أن كنا عبيداً حقيقيين لمريم والدة الإله وفائزين بحمايتها، فمن دون أشكالٍ بل بكل تأكيدٍ أسماؤنا هي مسجلة في مصحف الحياة، لأنه كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: أن الله لا يمنح نعمة العبادة نحو والدته القديسة الا لأولئك الذين يريدهم مخلصين: ويبان أن هذا هو مطابقٌ لما أعلنه عز وجل واضحاً بواسطة رسوله القديس يوحنا في سفر الجليان قائلاً: أن الذي يغلب... أنا أكتب عليه أسم إلهي وأسم المدينة الجديدة التي لإلهي: (أبوكاليبسي ص3ع12) أي أن الذي يكون غالباً ومخلصاً يحمل على قلبه مكتوباً أسم مدينة الله، فمن هي مدينة الله هذه الا مريم حسبما يفسر القديس غريغوريوس الكبير في شرحه كلمات النبي داود هذه: أنه قد قيلت فيكِ المسبحات يا مدينة الله: (مزمور86ع3) فيمكننا حسناً أن نقول اذاً مع القديس بولس الرسول: لكن أساس الله الوطيد قد وقف ثابتاً وعليه هذا الختم، أن الرب قد عرف الذين له: (تيموتاوس ثانية ص2ع19) فالذي يكون عليه هذا الختم أي عبادته لمريم قد عرفه الرب أنه له وخاصته، ولذلك كتب القديس برنردوس قائلاً: أن التعبد لوالدة الإله هو ختمٌ وعلامةٌ كلية التأكيد لنوال الخلاص الأبدي: ثم أن الطوباوي الانوس اذ يتكلم بخصوص السلام الملائكي يقول: أن كل من يكرم البتول مراتٍ كثيرةً بتلاوة السلام الملائكي، يحوي في ذاته علامةً عظيمةً لأنتخابه الى المجد. ويقول هو عينه في محلٍ آخر: أنه يفوز بذلك أولئك أيضاً الذين يثابرون بثبات على تلاوة المسبحة الوردية المقدسة يومياً. وبأبلغ من هذا يورد الأب نيارامبارك قائلاً: أن عبيد والدة الإله هم ذووا أختصاصاتٍ أكثر وأفضل، ليس في مدة حياتهم فقط في هذا العالم، بل أنهم في السماء أيضاً سيكونون مكرمين بنوعٍ متميزٍ جداً عن الآخرين، ومتردين بحللٍ شريفةٍ تعلنهم واضحاً أنهم حواص ملكة السماء وأهل بلاطها كما قيل عنهم: أن أهل بيتها جميعهم لابسون ثياباً مضعفةً: (أمثال ص31ع21)*

فالقديسة مريم مادلينا داباتسي قد شاهدت في وسط البحر مركباً حاوياً ضمنه عبيدمريم العذراء أجمعين، ورأت هذه السيدة ماسكةً في يدها دفة تدبير المركب، ومهتمة في أن تقود هؤلاء الركاب كافةً بكل طمأنينةٍ وتأكيدٍ الى مينا الخلاص، وقد حصلت القديسة المذكورة على تفسير هذه الرؤيا وهو: أن كل أولئك الذين يعيشون في الحيوة الحاضرة تحت حماية والدة الإله، خم ناجون من غرق الخطيئة في بحر هذا العالم الجزيل الأخطار، وفائزون بالنجاة من الهلاك، لأنهم يقادون بمعوناتها وحمايتها بنوعٍ أمينٍ الى مينا الفردوس السماوي. فلنجتهد اذاً في أن نصعد الى هذا المركب المغبوط الذي هو كنف حماية أم الرحمة. وفيه نكون مطمئنين على البلوغ الى الغبطة الأبدية، اذ أن الكنيسة المقدسة ترتل في تسابيحها قائلةً نحو هذه السيدة هكذا: أن كل أولئك العتيدين أن يشتركوا في النعيم الأبدي، هم ساكنون فيكِ أيتها القديسة والدة الإله، لأنهم يحيون تحت كنف حمايتكِ.*

* نموذج *

أن كيساريوس يخبرنا (في الرأس3 من كتابه7) عن توما أحد الرهبان الجيستاررجيانسيين أنه كان حاراً جداً في العبادة لوالدة الإله، وكان يشتهي أن تزوره هي مرةً ما، ولذلك كان يتوسل إليها على الدوام في أن تهبه هذه النعمة. فليلةً ما اذ قد خرج الى بستان الدير، وكان يتفرس في السماء ويتنهد بتحسراتٍ قلبيةٍ متقدةٍ بحرارة الشوق لمشاهدة سيدته، واذا به ينظر منحدرةً من السماء أمرأةً كلية الجمال متلألئةً بالضياء قد جاءت اليه وسألته قائلةً له: أتحب يا توما أن تسمع صوت ترتيلي: فأجابها: أي نعم أني أرغب ذلك: فحينئذٍ تلك البتول رتلت بنغمةٍ كلية العذوبة بعض تراتيل، التي عند سماعها أضحى الراهب توما البار يظن ذاته كأنه في الفردوس السماوي، فلما أنتهى الترتيل غابت هي عنه وتركت أشواقه متقدةً لأن يعرف من كانت هبي بالحقيقة. ففيما هو غائصٌ في تلك الأفكار واذا ببتولةٍ أخرى ذات جمالٍ عظيم كالأولى قد جاءت أمامه ونظير تلك أسمعته صوت ترتيلها، فهو لعدم أستطاعته أن يمسك ذاته عن أن يعرف من كانت هي تلك البتول، قد سألها عن أسمها، وهي أجابته قائلةً: أن البتول التي جاءت إليك قبلي هي القديسة  كاترينا، وأما أنا فأسمي أنيسا، وكلتانا بتولان شهيدتان ليسوع المسيح، قد أرسلتنا إليك سيدتنا لكي نعزيك، فأشكر هذه الأم الإلهية وأستعد متأهباً لأقتبال نعمةٍ أعظم: قالت له هذا وأغربت عنه، فالراهب بقي تحت الرجاء العظيم في أن يشاهد ملكته المحبوبة، ولم يخب هو من أمله، لأنه بعد ذلك ببرهةٍ قد رأى أشراق ضياءٍ عظيمٍ أبرق وأستوعب منه قلبه أبهاجاً كلي العذوبة. واذا بوالدة الإله قد ظهرت له من باطن ذلك الضياء محاطةً من أجواقٍ من الملائكة. وهي ذات جمالٍ فائق بما لا يحد ولا يوصف على جمال تلك البتولتين اللتين ظهرتا له قبلاً، ثم قالت له: أنني قد أقتبلت منك يا عبدي وأبني العزيز، التعبد الذي خدمتني به، وأستجبت صلواتك، فأنت قد أشتهيت أن تراني، وهوذا أنا جئت اليك وأريد أن أسمعك أنا أيضاً ترتيلي: قالت هذا وبدأت ترتل، فقد كان أبتهاج قلب توما بهذا المقدار عظيماً حتى أنه غاب عن حواسه. وسقط على الأرض منكباً وبقي هكذا. فلما قرع ناقوس الصلاة السحرية وأجتمعت الرهبان حسب عادتهم في الخورص ولم يجدوا فيما بينهم توما أخذوا يفتشون عليه في قلايته وفي أمكنةٍ أخرى الى أن وجدوه أخيراً في البستان مطروحاً على الحضيض كمائتٍ، فأقاموه وأدخلوه داخلاً، واذ رجع الى ذاته قد حتم عليه الرئيس بأمر الطاعة المقدسة بأن يخبرهم بجميع ما حدث له. فحينئذٍ لأضطراره من قبل أمر الطاعة قد أخبرهم بكل ما رآه وسمعه وبما أنعمت عليه به هذه الأم الإلهية.*

† صلاة †

يا سلطانة الفردوس السماوي أم الحب المقدس أنكِ اذ كنتِ فيما بين المخلوقات كلها أنتِ هي المحبوبة من الله أكثر حباً، كما أنكِ أنتِ هي المحبة إياه الأولى أشد حباً، أرتضي بأن يحبكِ هذا الخاطئ الحقير أيضاً الأكثر كفراناً بالجميل والأشد شقاءً منجميع أهل الأرض، الذي عند مشاهدته ذاته معتوقاً من الهلاك الجهنمي بواسطتكِ، ومن دون أستحقاقٍ منه منعماً عليه منكِ أنعاماتٍ هكذا عظيمة، فقد أشتعل قلبه غراماً بمحبة صلاحكِ وقد وضع فيكِ رجاه كله، فأنا هو هذا الخاطئ ومن ثم أحبكِ يا سيدتي وأتمنى أن يكون حبي إياكِ أكثر مما أحبكِ به القديسون الأشد غراماً بمحبتكِ. وأشتهي من كل قلبي لو أكون قادراً على أن أجعل كل البشر الذين لا يعرفونكِ أن يفهموا جيداً كم أنتِ مستحقة المحبة. لكي يكرمكِ الجميع ويحبكِ الكل، بل أني أرغب أن أموت من أجل حبكِ بمحاماتي عن دوام بتوليتكِ، وعن حال كونكِ والدة الإله حقاً، وعن الحبل بكِ البريء من دنس الخطيئة الأصلية، هذا أن كان يحتاج الأمر لأن أقدم حياتي فداءً بالمحاماة عن خصوصياتكِ هذه ذات الأعتبار والقيمة، فأقبلي مني يا أمي العزيزة المحبوبة عواطف تعلقي القلبي بكِ، ولا تسمحي بأن أحد عبيدكِ الذي يحبكِ يكون عدواً لإلهكِ المحبوب منكِ بهذا المقدار العظيم. فالويل لي لأني في وقتٍ ما كنت كذلك حينما أهنت سيدي. الا أنني وقتئذٍ لم أكن أحبكِ يا مريم وكنت قليلاً أهتم في أن أكون محبوباً منكِ، أما الآن فأنا لا أتمنى شيئاً بعد نعمة الله أكثر من أن أحبكِ وأن أحصل منكِ محبوباً. ثم ولا يضعف رجائي في ذلك من قبل خطاياي الماضية، اذ أنني أعلم جيداً أنكِ سيدةٌ كلية الحنو والرأفة، ولا تأنفين من أن تحبي الأشد شقاوةً فيما بين الخطأة أيضاً الذين يحبونكِ، بل أنكِ لا تدعين أن يسمو أحدٌ بحبه على حبكِ، فأنا أريد أن آتي الى الفردوس لأحبكِ هناك أيتها الملكة الجليلة، لأني حينما أبلغ لأن أضبط قدميكِ فأعرف أفضل معرفةً كم أنتِ مستحقةً من المحبة، وكم صنعتِ من العناية الى أنكِ خلصتيني. ولهذا أحبكِ هناك أشد حباً طول أزمنة الأبدية من دون خوفٍ أصلاً من أن أعدم هذا الحب أو أنتزح عنه، فأنا أرجو يا مريم رجاءً أكيداً أن أفوز بالخلاص بوساطتكِ. ومن ثم أسألكِ أن تصلي من أجلي لدى أبنكِ يسوع ولا أريد أكثر من ذلك.

لأنه يخصكِ أن تخلصيني وأنتِ هي رجائي ولهذا أمضي

 

على الدوام مرتلاً، يا مريم رجائي أن

 

خلاصي هو متعلقٌ بكِ.

 

آمين.

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +