Skip to Content

آذار - السنكسار الماروني

 

شهر اذار

أيام هذا الشهر واحد وثلاثون يوماً ساعات نهاره اثنتا عشرة ساعة ومثلها ليله

اليوم الاول

تذكار البارّة دومنينا

قال المؤرخ تاودوريطس:" انها ابنة والدَين مسيحَّيين عنيين تقيين. قد تبعت سيرة القديس مارون العظيم، فنصبت لها في بستان والدها كوخاً حقيراً من ورق الذرة، أقامت فيه مصلّية، باكية. وكانت تنفق المال على الفقراء والمعوزين. وعلىالرغم من نحافة جسمها، لم تكن تتناول من الطعام سوى العدس النقيع. ولم يكن من حدّ لتقشفاتها الشاقة. وكانت تعنى عناية خاصة بالنساك والعابدات. فرغب كثير من النساء في طريقتها حتى كاد عددهن يربو على المئتين والخمسين عابدة. وقد ازدهرت هذه الرهبانية قروناً وعرفت برهبانية مار مارون النسائية.

وبعد ان جاهدت الباره دومنينا الجهاد الحسن، رقدت بالرب نحو السنة 455. صلاتها معنا. آمين

 

وايضاً: تذكار الملاك الحارس

Click to view full size image

تعلّم الكنيسة الكاثوليكية أن الملائكة ترسل لحراسة البشر. وتعليمها هذا عقيدة ايمانية يجب على كل مؤمن ان يتمسك بها معتقداً أن لكل من المؤمنيين ملاكاً يقوم بحراسته. واعتقاد الكنيسة هذا قائم، منذ صدر المسيحية. قد أثبته آباء الكنيسة وعلماؤها استناداً الى الكتاب المقدس. وقد أثبت القديس توما اللاهوتي أنَّ لكل انسان ملاكاً حارساً يقيه الاضرار الروحية والجسدية.

لاجل ذلك رسمت الكنيسة عيداً معيّناً للملاك الحارس لتحرضنا على الشكر لله تعالى الذي أقام ملاكاً لحراستنا، فعلينا ان نكرمه لاهتمامه بنا ونعمل بحسب الهاماته الخلاصية، ونطلب شفاعته متذكرين انه يراقب جميع اعمالنا الخفية والظاهرة. وبمَا انه قدير لدى الله، فيساعدنا لنحيد عن الشر ونصنع الخير. قدّرنا الله على تمجيد اسمه القدوس، بشفاعة ملاكنا الحارس. آمين.

 

اليوم الثاني

تذكار ابينا القديس يوحنا مارون بطريرك انطاكيه

ولد يوحنا في قرية سروم القريبة من انطاكية. اسم ابيه اغاتون وأمه انوهاميا وكلاهما من المؤمنين الاتقياء. فربَّيا ولدهما يوحنا تربية مسيحية وثقفاه في مدارس انطاكية، ثم في القسطنطنية. ولمّا توفي والده، عاد الى انطاكية. ثم مضى الى دير مار مارون على شاطئ العاصي ، ولبس ثوب الرهبانية ورقّيَ الى درجة الكهنوت وسمي مارون نسبة الى الدير الذي ترهّب فيه. وشرع يتفانى غيرة على خلاص النفوس ويحميها من البدع. ووضع كتابه في العقيدة الكاثوليكية الصحيحة، مبرهناً أن في المسيح طبيعتين ومشيئتين وفعلين كاملين.

ثم ان نائب البابا يوحنا الفلادلفي رسمه اسقفاً وأرسله الى جبل لبنان سنة 676، حيث أقيم أسقفاً شرعياً على مدينة البترون وما يليها. وسنة 685، اجتمع رؤساء جبل لبنان واختاروا يوحنا مارون بطريركاً انطاكياً.

وقد جاء في تقليد طائفتنا انَّ هذا البطريرك ذهب الى روما وان البابا سرجيوس رحَّب به ووشّحه بيده درع الرئاسة السامية. واتخذ الشعب الماروني هذا الاسم من ذلك الحين ودعوا " موارنة" نسبة الى دير مار مارون والى يوحنا مارون الذي جعل كرسيه الاول في دير سيدة يانوح بين بلدتي قرطبا والعاقورة. وقد يكون، كما جاء في التقليد، انه هو الذي اقام في كفرحي فوق البترون، ديراً يعرف الآن بدير مار يوحنا مارون واليه نقلت هامة القديس مارون ابي الطائفة.

وعند تفشي داء الطاعون في البلاد، كان البطريرك يتفقد بذاته المطعونين ويشفيهم بصلاته. وحينئذ وضع نافور القداس المشهور باسمه.

وما زال هذا البطريرك القديس مجاهداً في سبيل شعبه يعنى بالمرضى والفقراء منهم ويبني لهم الكنائس والديورة ويوصيهم بالثبات في ايمانهم الكاثوليكي، الى ان نقله الله الى الاخدار السماوية في 2 شباط سنة 707. صلاته معنا. آمين.

 

  

اليوم الثالث

تذكار القديس توما اللاهوتي

ولد توما سنة 1224 في قصر روكّاسيكّا في اكوين بايطاليا. ابوه الكونت كندلفو، يمتّ بالنسب الى فريدريك الثاني امبراطور المانيا، ووالدته تاودورا، فرنسية تقية. ولما بلغ الخامسة ارسله ابوه الى مدرسة دير جبل كاسِّين، حيث كان الرهبان البنديكتيون له خير مثال. وممّا يروى انه رغم حداثته كان يطرح هذا السؤال:

" ما هو الله؟".

اكمل دروسه في كلية نابولي. وعام 1244، دخل الرهبانية الدومينيكية على الرغم من مقاومة امه الشديدة التي قبضت عليه وحجزته في قصرها مدة سنة، فكان معتصماً بالصبر يزداد ثباتاً وزهداً في دنياه. أرسله رؤساؤه الى مدينة كولونيا ليتمَّ دروسه على يد العلاّمة الدومينيكاني القديس البرتوس الكبير، فانكبّ على الدرس حتى تفوق على جميع اقرانه. وكان توما، بجسمه الضخم، قليل الكلام، كثير التفكير فيخيّل الى رفقائه أنّه غليظ العقل، فدعوه الثور الابكم. فقال لهم استاذهم البرتوس" انَّ هذا الذي تدعونه ثوراً، سوف تسمع خواره الدنيا". رُقّي الى الدرجة الكهنوتية سنة 1249 وله من العمر خمس وعشرون سنة، فازداد قداسة واتحاداً بالله.

وسار بخطى واسعة في طريق العلم وتولّى منبر التعليم في جامعة باريس، وهو في غضِّ الشباب، فبهر تلاميذه بمعارفه وشروحه وخطته الجديدة في التعليم. وآثر فلسفة ارسطو على فلسفة افلاطون.

فطارت شهرته وكانت له المنزلة الرفيعة عند الاحبار الاعظمين، وكان الملك لويس التاسع يسترشده ويأخذ بآرائه. لكنه، مع كل ما كان عليه من عبقرية علمية، وما له من منزلة رفيعة لدى عظماء الدنيا، ظلَّ ذلك الراهب الوديع المتواضع، يكثر من الصلاة والتأمل وتلاوة الفروض الرهبانية. وكان يقول:" انني احرزت بالصلاة من العلم أكثر ممّا بالدرس".

دعاه البابا غريغوريوس العاشر الى مجمع ليون فلَّبى الدعوة على رغم توعّك صحته ومشقة السفر، فاشتدّ المرض عليه في الطريق معَّرج على دير سيتو لرهبان القديس مبارك، فشعر بدنو اجله وقال:" ههنا مقام راحتي الابدية". فلزم الفراش، ورقد بالرب في اليوم السابع من شهر آذار سنة 1274 وله من العمر خمسون سنة.

وقد أجرى الله على يده معجزات عديدة باهرة في حياته وبعد مماته. أما ما وضعه من التآليف الثمينة بمدة عشرين سنة اغنى بها الكنيسة فيعجز القلم عن وصفها. وقد قال فيه البابا يوحنا الثاني والعشرون ببراءة تثبيت قداسته في 18 تموز سنة 1323:" ان كل فصل من كتبه ينم عن آية عجيبة". وكفى بخلاصته اللاهوتية الشهيرة ان تبقى، مدى الاجيال، دستوراً للمدارس الاكليركية شرقاً وغرباً. وقد اعلنه البابا لاون الثالث عشر شفيعاً لجميع المدارس الكاثولكية. ودعي المعلم الملائكي وشمس المدارس. صلاته معنا. آمين.

             

اليوم الرابع

تذكار الشهيدين بولس وأخته يولياني

كان بولس ويولياني شقيقته مسيحيين من مدينة عكا بفلسطين في زمان الملك اورليانوس قيصر الذي أصدر أمراً بأن يضحّي المسيحيون للاوثان. وقد مرّ بعكا، فرأى بولس وعلى جبهته صليب فاستحضره وقال له أمام الجميع:" أما علمت بأمري للمسيحيين؟" فأجاب القديس:" نعم سمعت الناس يلهجون به، ولكن أي عاقل من المسيحيين يترك الاله الحيّ، ليكرّم اصنامكم البكم؟" فغضب الملك وقال لجنوده:

" علّقوا هذا الشقي وغذّبوه". فأذاقوه مرَّ العذاب حتى تهشم جسده وانتثرت لحمانه. فاسرعت اخته يولياني وصاحت بالملك:" لِمَ تعذب أخي وهو لم يقترف ذنباً؟" فقال الملك خذوها واجلدوها. فسخرت به وقالت:" سترون أنّ الهنا سيقوِّينا على احتمال عذاباتكم مهما كانت". فاخذوا يجلدونها، فقال لها اخوها:" لا تجزعي يا اختاه، هذا العذاب يعدّ لنا سعادة ابدية".

فطرحوهما في مرجل، فلم ينلهما أذى. ثم وضعوهما على كرسيَّين من حديد وأضرموا تحتهما ناراً فحفظهما الله سالمين. واسلموا يولياني الى قوم فساق ليفسدوا بكارتها فضربهم الله بالعمى ونجت البتول من شرهم. وبعد ان اجروا عليهما أعذبة متنوعة ولم ينالوا منهما مأرباً، أمر الملك بضرب عنقهما، ففازا بأكليل الشهادة سنة 273. صلاتهما معنا. آمين.

 

   

وفي هذا اليوم ايضاً

 

تذكار جراسيموس السائح

نسك مدة في ليكيا وطنه ثم مضى الى براري فلسطين فسكن قفراً مجاوراً للاردن، وانعكف على ممارسة الفضائل.

ولمّا اشتهرت قداسته، تتلمذ له كثيرون ساروا على طريقته. فبنى لهم المناسك العديدة ليعيشوا العيشة المشتركة، تحت قانون ونظام واحد. وكان لا يتناول في الصوم الاربعيني طعاماً غير القربان المقدس. وبمثل هذه الاعمال الصالحة، كلّل جهاده ورقد بالرب سنة 475.

وقد روى المؤرخ مخستس في مجموعته "البستان الروحي" هذا الحديث المستغرب وهو ان اسداً يعرج جاء مستغيثاً به ليقلع من رجله شوكة تؤلمه، فرق له القديس جراسيموس واخرج له الشوكة من رجله وضمّد جرحه. فمَا كان من الاسد الا ان لحق به الى الدير، حيث كان فيه كحيوان داجن، لا يؤذي أحداً. وكان الرهبان يستخدمونه لاستقاء الماء. ولما مات القديس، حزن عليه الاسد حزناً شديداً وربض قرب ضريحه، لا يذوق قوتاً الى ان مات. صلاة القديس جراسيموس تكون معنا. آمين.

 

                    

اليوم الخامس

تذكار القديس ألبرتوس الكبير

هو من مشاهير الفلاسفة واللاهوتيين والعلماء في القرون الوسطى. ولد سنة 1193 في مدينة لونيجان من أسرة شريفة وتخرَّج بالعلوم في باريس وفي بادوا احدى مدن ايطاليا. رغب في خدمة الله، فدخل رهبانية القديس عبد الاحد تاركاً الدروس الفلسفية والرياضية والطبيعية، لينصرف الى درس اللاهوت في مدينة بولونيا، فأتقنه ونبغ فيه. ودرّس الفلسفة في واستراسبورج وفريبورغ، ولا سيما في بولونيا حيث عظمت شهرته بالعلوم وسعة المدراك حتى لقّب "بالكبير". وتخرَّج عليه تلاميذ عديدون أخصهم القديس توما اللاهوتي والقديس بون افنتورا.

ولقد اغنى الكنيسة بمؤلفاته النفيسة ونفخ روحاً جديدة في الدروس المدرسية الفلسفية. وفي الخامس عشر من تشرين الثاني سنة 1280، نقله الله اليه لينيله ثوابه في الاخدار العلوية.

وقد اعلنه البابا بيوس الحادي عشر "معلمَ الكنيسة الجامعة"، والبابا بيوس الثاني عشر اقامه شفيع الدارسين. صلاته معنا. آمين.

 

اليوم السادس

تذكار البار قونن الايسوري

ولد هذا البار في بيرانا احدى مدن ايسوريا بآسيا الصغرى، اسم ابيه نستر وأمه تدعى ثادا. اعتنق قونن الايمان المسيحي في أيام الرسل. فزوجه والده وانما أقنع عروسه بحفظ البتولية وعاشا على هذه الحالة، مثابرين على الصلوات والزهد في الدنيا. وقد تمكنا من اقناع والديهما بترك الوثنية واعتناق الدين المسيحي، حتى اشتهر نستر والد قونن، بثباته على الايمان بالمسيح. وبشر هذا القديس بالانجيل فآمن على يده كثيرون من الوثنيين. ومنحه الله موهبة المعجزات ولا سيما طرد الشياطين حتى اجبر الشيطان، مرة، أن يعترف علانية بفم احد المعترين أنه ليس الهاً، فصاح جمهور السامعين:" اله قونن هو الاله الحق" ولم يزل اهل ايسوريا، الى يومنا هذا، يرددون هذه الكلمات وهذا النداء عند احتفالهم بعيد القديس قونن.

ثم ان والي ايسوريا سمع بأن هذا القديس يعظ بايمان المسيح ويحتقر آلهة الوثنيين، فاستنطقه، فجاهر بايمانه، مزدرياً بالاوثان. فأمر الوالي، فجلدوه جلداً عنيفاً، فوثب الشعب الحاضر على الجند وخلَّصوه من ايديهم وأتوا به الى بيته، وضمدوا جراحه حتى شفي وعاش نحو سنتين، ثم رقد بالرب في القرن الاول للميلاد. صلاته معنا. آمين.

 

اليوم السابع

تذكار البار نرسيس اسقف اورشليم

كان هذا اسقفاً على اورشليم، مشهوراً بالغيرة الرسولية وبالقداسة والخطابة. وقد ساس رعيته أحسن سياسة الى نحو سنة 205، فافترى عليه بعض الحساد المبغضين والصقوا به أشنع التهم واسندوا الى ثلاثة شهود زور وأخذ كل منهم يؤيد شهادته بنوع من القسم. فقال الاول: ليُحرق جسدي بالنار ان كنت كاذباً، وقال الثاني: ليبتلَ جسدي بالاسقام ان كنت كاذباً. وقال الثالث: لتطفأ عيناي ان كنت كاذباً.

ولما رأى الاسقف ما حيك حوله، زهد في الدنيا وترك اسقفيته واعتزل في البرّية، مستسلماً لارادة الله، دون أن يعرف أحد مكانه. أما الذين شهدوا زوراً، فعاقبهم الله بمثل ما أقسموا به، فاحترق الاول في منزله وابتُلي الثاني بقروح أيوبيّة من رأسه الى قدميه. وفقد الثالث بصره بعد ان تاب توبة صادقة واستمر يبكي خطيئته الى أن انطفأت عيناه. فتحقق المؤمنون براءة اسقفهم نرسيس القديس، فخرجوا في طلبه. ولما وجدوه، سألوه ملحين، ان يرجع الى كرسيه، فأبى، معتذراً لتقدمه في السن، فمَا زالوا حتى ارغموه. فعاد معهم بعد ان تخلى عن كرسيه اثنتي عشرة سنة. وأخذ يواصل جهاده وتفانيه في سبيل النفوس. وقد رد بوعظه وخطبه البليغة كثيرين الى الايمان بالمسيح. وقد اجرى الله على يده آيات عديدة. ثم رقد بالرب سنة 212. صلاته معنا. آمين.

 

اليوم الثامن

تذكار القديسة فرنسيسكا الرومانية

ولدت هذه القديسة في روما من اسرة شريفة. هامت، منذ حداثتها، بحب الفضيلة. رغبت في الدخول الى احد الاديرة لتكّرس بتوليتها للرب. لكنَّ والديها ارغماها على الزواج من شاب روماني شريف اسمه لوران بونسياني، كانت له خير رفيقة في الحياة ولم تكن مهامها البيتية لتمنعها من التفرغ للصلاة والتأمل. وكان زوجها يوفر لها المال لتوزعه على الفقراء والمحتاجين، ويسهل لها الطرق لممارسة افعال التقوى.

وقد رزقت منه اولاداً ربتهم بخوف الله. وكانت تعامل خدامها معاملة رفيقات واخوات لها بالمسيح. تمارس اقسى التقشفات، حتى لبس المسح. وقد منحها الله نعمة خاصة بان ترى ملاكها الحارس ينبهها على كل زلة ويعزيها في المحن والمصائب وكانت تنتصر على تجارب الشياطين بالصلاة وقوة الصليب المقدس.

وفي السنة 1425 انشأت، برضى زوجها، جمعية الارامل والبتولات اثبت قانونها البابا اوجانوس الرابع سنة 1433. وقد انعم الله عليها بصنع المعجزات الكثيرة.

وبعد ان توفي زوجها، انضوت الى الدير الذي كانت قد انشأته، فأقامها راهباتها رئيسة عليهن، بالرغم من ممانعتها، فكانت تساوي نفسها بهنّ وتؤثر ان تخدمهن بكل غيرة ونشاط. واستمرت في الرئاسة اربع سنوات كانت فيها خير مثال للقداسة والكمال. ثم رقدت بالرب سنة 1440 ولها من العمر ست وخمسون سنة. وقد اجرى الله حول ضريحها آيات عديدة.

 وفي سنة 1608 احصاها البابا بيوس الخامس في مصاف القديسات وهي شفيعة النساء المتزوجات والارامل. صلاتها معنا. آمين.


 

اليوم التاسع

تذكار الشهداء الاربعين

كان هؤلاء الابطال من الكبدوك قواداً في فرقة رومانية، تحت قيادة ليسياس الوثني. ولما اجتمع الجيش في سيبسطية بارمينيا لتقدمة الذبائح للاوثان، امتنع هؤلاء الاربعون عن الاشتراك في تلك الذبائح. فاستدعاهم الوالي اغركولا وأخذ يحقق معهم فاعترفوا بانهم مسيحيون. فأمرهم بان يضحوا للآلهة. فأبوا. فقال لهم:" ضحوا للآلهة فيعظم شأنكم، والا تجردون من مناطق جنديتكم". فأجابوا:" خير لنا ان نخسر مناطق جنديتنا ولا نخسر يسوع المسيح الهنا".

فارسلهم الى السجن، حيث قضوا الليل بالصلاة. فظهر لهم الرب بغتة يشجعهم ويقويهم على الثبات حتى النهاية لنيل اكليل الشهادة.

وفي اليوم الثاني، اخذ الوالي يتملقهم فلم ينل منهم مأرباً. فأمر باعادتهم الى سجنهم.

وجاء قائدهم ليسياس يسعى في إستمالتهم، فلم ينجح. فتهددهم بنزع مناطقهم. فأجابه احدهم كتديوس:" انتزع مناطقنا فانك لا تقدر ان تزحزحنا عن محبة المسيح". فحنق وأمر فضربوهم بالحجارة على وجوههم، فكانت الحجارة تعود الى الضاربين.

فأمر الوالي بان يطرحوهم في بحيرة قد تجلد ماؤها. فكان يشجع بعضهم بعضاً قائلين:" نزلنا اربعين الى الماء، سنذهب اربعين الى السماء". غير انه، لشدة البرد فرغ صبر احدهم، فخرج من الماء ودخل حماماً، فخارت قواه ومات. فحزن الشهداء لكنهم تشددوا بالصلاة والعون الالهي. وبغتة رأى أحد الحراس نوراً ساطعاً واذا بملائكة يحملون اكاليل لرؤوس التسعة والثلاثين شهيداً. فدهش من هذا المشهد العجيب وحركت النعمة قلبه، فصرخ برفاقه: انا مسيحي! ورمى ذاته في الماء. فنال الاكليل الذي خسره ذلك الجبان المسكين. فاصبح الشهداء، كما تمنَّوا، اربعين شهيداً. وكان ذلك في التاسع من شهر آذار سنة 320.

فالكنيسة الشرقية تفاخر بهؤلاء الشهداء وتقدمهم خير مثال لابنائها، ولا سيما للشبان اقتفاء لآثارهم في بطولة الايمان والمحبة والتضحية بكل شيء في سبيل المحافظة على المبادئ القويمة والآداب السليمة. صلاتهم تكون معنا. آمين.

             

اليوم العاشر

تذكار القديس اوكسنسيوس

كان هذا القديس جندياً للملك ليكينيوس. فدخل الملك ذات يوم بستاناً، فرأى عنقود عنب شهياً فأمر جنديّه اوكسنسيوس ان يقطفه، وأمر ان يقدمه للاله باخوس الذي كان منصوباً في البستان. فقال له القديس، حاشا ان افعل هذا وانا مسيحي. فغضب الملك عليه وطرده من خدمته. فحلّ اكسنسيوس في الحال منطقة جنديته وترك سلاحه مسروراً، وزهد في العالم، منفرداً في البرية عاكفاً على الصلاة، حتى اشتهر فضله وعظمت قداسته. وارتسم كاهناً، ثم انتخب اسقفاً لمدينة المصيصه بكيليكيا. فساس رعيته متفانياً، الى أن رقد بالرب نحو سنة 350. صلاته معنا. آمين.

 

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار الأنبا اغاتون

كان هذا البار ناسكاً في برية الاسقيط. وقد تسامى بالفضائل الرهبانية حتى أصبح من اعاظم النساك باماتة حواسه وشدة تقسفاته. فانتخبه النساك رئيساً عليهم. فاشتهر بفضله وسمو قداسته. ولما دنت ساعة وفاته استمرّ ثلاثة أيام شاخصاً بنظره الى السماء، بدون حراك. فسأله رهبانه: أين أنت يا أبانا؟ فأجابهم:" لقد حرصت على حفظ وصايا الله وقوانين الرهبانية، جهدي. ولم اخالفها ابداً عن معرفة وقصد. وبمَا انني انسان، لا أعلم ان كنت قد أرضيت ربي". فقالوا له: ألا تثق ان اعمال نسكك وجهادك قد ارضت الله؟ فقال:" لا أثق حتى اعاين وجه الهي، لان حكم الله غير حكم البشر".

ثم رقد بسلام ووجهه يطفح بهجة وسروراً. وقد رآه رهبانه في ساعة وفاته، يعانق ويسلِّم على محبيه. وكان ذلك في القرن الخامس. صلاته معنا. آمين.


 

اليوم الحادي عشر

تذكار القديس صفرونيوس بطريرك اورشليم

ولد صفرونيوس في مدينة دمشق حوالي سنة 558، وتربّى، بحسب تقليد قديم، في مدينة بشرّي – لبنان. تثقف بالعلوم ولا سيما الدينية فنال منها قسطاً وافراً حتى لقب "بالحكيم" وبدأ يعلم الفصاحة ليزرع في قلوب تلاميذه بذور الفضائل المسيحية. زهد في الدنيا ومضى الى فلسطين حيث كانت الديورة زاهرة بالرهبان والنساك. وبعد زيارته الاماكن المقدسة، دخل دير القديس تاودوسيوس، بقرب اورشليم. فقضى فيه مدة طويلة، متمرساً بالصلاة العقلية والحياة النسكية.

وفي ذلك الدير الآهل بالرهبان الكثيرين، تعرّف بالراهب والكاهن يوحنا موسخس الشهير بفضيلته وعلمه فاتخذه معلماً ومرشداً. وبقي ملازماً له، وقد ساعده في تأليف الكتاب المعروف "ببستان الرهبان او الحديقة الروحية". وقاما معاً بزيارة دير القديس سابا الشهير وسائر الاديار في البلاد الفلسطينية. وكان يوحنا موسخس يدّون كل ما يراه من اعمال الرهبان وفضائلهم وما يسمعه عن الذين عاشوا بالقداسة والكمال الرهباني.

ثم سافرا الى الاسكندرية، فرحّب بهما بطريركها القديس يوحنا الرحوم وابقاهما عنده وهناك ابرز صفرونيوس نذوره الرهبانية وعقد القلب على ان يقف حياته لخدمة الله. وكانت بدعة القائلين بالطبيعة الواحدة قد انتشرت في البلاد. وقام البطريرك يجاهد في مكافحتها ليصون شعبه من شرها، فدعا صفرونيوس وكان قد اتقن علم الفلسفة واللاهوت ونبغ فيهما. فرسمه كاهناً وفوَّض اليه والى صديقه يوحنا موسخس الوعظ والارشاد. فقاما بمهمتهما احسن قيام. فسرّ بهما البطريرك القديس وشكر لهما غيرتهما واسكنهما الدار البطريركية.

وقد افتقد الله صفرونيوس بوجع في عينيه، اقعده عن العمل ولم يشف الاّ باعجوبة كانت نتيجة صلواته الى الله والى شفاعة سيدتنا مريم العذراء. وقصدا ايطاليا فوصلا الى روما حيث انجز موسخس كتاب بستان الرهبان. واهداه الى تلميذه صفرونيوس. ثم عادا الى فلسطين حيث انتخب بطريركاً عام 634. وعقد مجمعاً حرم فيه القائلين بالطبيعة الواحدة. وفي أيامه افتتح عمر بن العاص اورشليم الذي أكرم البطريرك.

وكانت السنون والمحن قد اثقلت كاهل البطريرك القديس والشيخ الوقور، فمَا لبث بعد تلك الشدائد، ان رقد بالرب سنة 638. صلاته معنا. آمين.

 

       

اليوم الثاني عشر

تذكار البابا غريغوريوس الاول الكبير

ولد في روما نحو سنة 540. ابوه غرديانوس من اعضاء مجلس الشيوخ كان ذا نفس ولوعة بالفضيلة وعمل الصلاح. أما امه سيلفيا فقد كرست ايامها الاخيرة لعبادة الله في احد الاديار.

ترعرع غريغوريوس في حضن البرارة والقداسة، وتثقف بالعلوم فاقامه الملك يوستينوس الثاني والياً على مدينته روما وهو في الثلاثين من عمره. ولما توفي والده، عاف الدنيا وما فيها، وأخذ ينفق أمواله الطائلة على الفقراء وتشييد الاديار، فأنشأ في صقليه ستة اديرة، وديراً في بلاطه بروما. ثم انضم الى رهبان القديس مبارك. رسمه البابا بنديكتوس الاول كاهناً فذهب الى انكلترا ليبشر اهلها. ثم عاد بأمر البابا الى مقام الكردينالية وارسل سفيراً رسولياً لدى البلاط البيزنطي. فلبث سبع سنين في تلك العاصمة. رجع الى روما، ونفسه تتوق الى حياته الرهبانية. فآب الى ديره، فاختاره الرهبان رئيساً. فأخذ يشدد بحفظ القوانين. وفي سنة 590، اجمع الاساقفة والاكليروس والشعب على انتخابه خلفاً للبابا بيلاجيوس رغماً عنه.

وقد عني هذا البابا القديس باصلاح الليتورجيّا وتنظيمها. ورتَّب طقوس الكنيسة بكتابه المسمّى "الطقس الغريغوري" كما اهتم الاهتمام الخاص بالموسيقى الكنسية التي كان مولعاً بها، وهي تعرف باسمه. وقد عمّم البابا غريغوريوس تلاوة المزامير في الخورس، بين جوقين، كما رأى ذلك في القسطنطنية.

وبعد هذه الاعمال الرسولية والامجاد الباهرة، حق لهذا البابا غريغوريوس الاول ان يلقّب بالكبير، لأنَّه كان كبيراً في جميع مراحل حياته. ورقد بالرب في الثاني عشر من آذار سنة 604 بعد أن أغنى الكنيسة بتآليفه العديدة، وهو من معلّميها الأعلام. صلاته معنا. آمين.

                   

اليوم الثالث عشر

تذكار القديس تاوافانوس المعترف السفرياني

 ولد تاوافانوس في مدينة القسطنطينية. وكان ابوه اسحق والياً على جزائر اليونان. وتثقف بالعلوم، ونبغ فيها، لكن نفسه كانت راغبة في حياة الصلاة ومطالعة الكتب المقدسة. وعزم أن يكّرس نفسه لله في الحياة الرهبانية. لكن امَّه حملته على التزوج بابنة احد أشراف المدينة. فأقنع عروسه بحفظ الطهارة الملائكية فأذعنت له وعاشا كأخوين. ولمّا درى حموه بالامر، ارسله الى مدينة سيزيك في آسيا الصغرى ظنّاً منه ان الغربة تؤثر على طباعه وسلوكه. وبقي هناك ثلاث سنين. فتعرَّف الى رئيس دير اشتهر بالفضل والقداسة، اسمه غريغوريوس. فأخذ يتردد اليه. مرتشداً بنصائحه المفيدة. يشاركه في الصلاة والتأمل.

ثم عاد الى القسطنطينية. وبعد وفاة والدته، أتفق وعروسه على اتخاذ السيرة الرهبانية. فأعتقا عبيدهما، ووزّعا الاموال الكثيرة على الفقراء. ودخلت هي دير الراهبات وعاشت بالقداسة حتى رقدت بالرب.

وذهب تاوافانوس الى دير سفريانة وامتاز بفضائله بين الرهبان. فانتخبوه رئيساً عليهم. وشيَّد هناك ديراً جديداً.

ودُعي تاوافانوس الى المجمع المسكوني السابع النيقاوي ضد محاربي الايقونات. فكان من البارزين في النضال عن وجوب تكريم الايقونات فسجنه الملك لاون الارمني ثم نفاه الى جزيرة ساموفراط، فثبت مناضلاً عن حقيقة المعتقد الكاثوليكي القويم. ووضع في سجنه تاريخ الكنيسة وقد رقد بالرب سنة 818، صلاته معنا. آمين.

        

اليوم الرابع عشر

تذكار القديسة فروسيا ( + 412 )

ولدت في القسطنطينية من اسرة شريفة. أبوها انكيتون من أعوان الملك تاودوسيوس الصغير. كان رجلاً تقياً، فاتفق مع امرأته وتفّرغا لعبادة الله. ولما مات انكيتون، وضعت امرأته ابنتها تحت حماية الملك تاوادوسيوس وعنايته. فعقد الملك خطبتها، وهي في الخامسة من عمرها على أحد أخصائه كعادة تلك الايام. ثم مضت فروسيا مع والدتها الى زيارة النساك في بريَّة تيبايس، وأقامتا بقرب دير للرهبات، تكثران من التردّد اليه. فاعجبت فروسيا بسيرة الراهبات الملائكية. وشغفت بها. وطلبت برضى والدتها، أن تترهّب فلم تقبلها الرئيسة إِلاّ بعد إلحاحها الكثير. وبعد قليل توفّيت والدتها، فكتب الملك اليها ان تأتي الى عقد الزواج مع خطيبها، فاجابته:

" أيجوز أن أترك عريسي السماوي الدائم الى الابد، لأكون لعريس آخر تنتهي حياته بالموت؟" وقالت انها عازمة أن تموت الف مرة، ولا تترك سيرتها الرهبانية، وسألته أن يوزّع أموالها على الفقراء، ويعتق عبيدها. فاندهش الملك من بسالتها ورسوخ ايمانها وسموّ فضيلتها. فاستصوب طلبها، وقرأ جوابها على ديوانه، معجباً به، وتركها تفعل ما تشاء.

فأخذت تسير بقدم راسخة في طريق الكمال الرهباني، عاكفة على الصلاة والتقشف. لذلك حسدها الشيطان، وأثار عليها التجارب، فانتصرت عليه بالصوم والصلاة. وما كانت تلك التجارب الا لتزيدها ثباتاً في جيهادها وقد وهبها الله صنع الآيات: منها انّها أبرأت غلاماً كان أخرس أصمّ، وطردت الشيطان من امرأة ممسوسة ورقدت بالرب سنة 412. صلاتها معنا. آمين.

 

          

اليوم الخامس عشر

تذكار القديس بنديكتوس مؤسّس الرهبانيةفي الغرب (480 -547)

ولد هذا القديس العظيم في ايطاليا سنة 480 وهو سليل أسرة شريفة غنية وتقية. فأرسله والده الى روما لاقتباس العلوم فبرع فيها. لكن ما كان يراه من سوء السلوك في رفقائه ومن المفاسد والشرور في تلك العاصمة، دفعه الى تركها والرجوع الى بيت أبيه. وما لبث ان عقد النيَّة على الزهد في الدنيا، وهو في الرابعة عشرة من العمر. فانسل ذات يوم من بيت أبيه، سراً. تاركاً ما فيه من ثروة ونعيم ليكون بكليته لله في العزلة والانفراد. فسار في الجبل حيث التقى براهب قديس اسمه رومانوس، سأله قصده، فابدى له عن رغبته في التنسك فالبسه الاسكيم الرهباني. فقام بنديكتوس يناجي الله في خلوته السعيدة، ممارساً الصلوات والاصوام مدة ثلاث سنوات، حتى تسامى بالكمال. فاشتهرت قداسته عند المجاورين لمنسكه. واذ كان ابليس يجربه كان يطرح ذاته على الاشواك، الى ان تفارقه التجربة. وقد خاض هذه المعركة مراراً، حتى انتصر اخيراً انتصاراً باهراً فمنحه الله عفَّة ملائكية مدى الحياة. فقصده الكثيرون يرغبون في الاقتداء بسيرته، منهم الشابّان تلميذاه موريس وبلاسيد. ولمّا كثر عدد تلاميذه، أنشأ لهم اثني عشر ديراً. وكان هو يرشدهم ويهتمّ بأمورهم. وفي سنة 530 أوحى الله اليه أن يذهب الى جبل عال منفرد يدعى جبل كاسينّو، حيث بنى الدير الرئيسي للرهبانية البندكتية.

وقد وضع قانوناً مشهوراً لرهبانه، يشفّ عمّا في تلك النفس الابيّة المتحدة بالله. ثم انتقل الى رحمته تعالى في 12 اذار سنة 547 بعد ان قضى في ديره في جبل كاسينّو نحو ثلاث عشرة سنة. وبعد موته، انتشرت رهبانيته واديرتها في جميع الاقطار. وقدَّمت للكنيسة وللانسانية وما زالت، خدماً جليلة كبيرة. وكان من رهبانه باباوات عظام، وقديسون، واساقفة كثيرون، وعلماء قد افادوا الكنيسة وشرّفوها بسامي فضائهم، وغزير علومهم. صلاته معنا. آمين.


 

اليوم السادس عشر

تذكار القديس باباس الشهيد

كان من مدينة لارند في آسيا الصغرى. لا يُعرَف نسبه. ولمّا ثار الاضطهاد على المسيحيين، استحضره انيوس والي ليكوانيه واستنطقه. فجاهر بأنّه مسيحي. فأمر به فجلدوه جلداً عنيفاً. ثم مزقوا جسده باظفار من حديد.والبسوه خفاً بمسامير مسنّنة. واستاقوه الى اماكن بعيدة ودماؤه تسيل على الارض. وهو يشكر الله على نعمة الاستشهاد في سبيل محبَّته. ثمّ علقوه على شجرة حيث فاضت روحه الطاهرة. وكانت تلك الشجرة غير مثمرة، فصارت تثمر بعد أن عُلِقَ عليها القديس. وكان استشهاده في أوائل القرن الرابع. صلاته معنا. آمين.

وفي هذا اليوم ايضاً:نذكار المجمع الثاني المسكوني

عقد هذا المجمع في القسطنطينية سنة 381، باهتمام الملك تاودوسيوس الأوّل الكبير وعناية البابا داماسيوس الاول، ضدّ مكدونيوس الاريوسي الذي طلع ببدعة جديدة. أنكر فيها الوهة الروح القدس. وحضره مئة وخمسون اسقفاً من الشرقيين. أما الاساقفة اتباع مكدونيوس، وهم ستة وثلاثون فخرجوا من المجمع، منذ الجلسة الاولى. فحرم آباء هذا المجمع ضلال مكدونيوس واتباعه، وأثبتوا أن الروح القدس إله كالآب والابن. واضافوا الى دستور الايمان النيقاوي القائل:" ونؤمن بالروح القدس" هذه العبارة:" الرب المحيي المنبثق من الآب المسجود له والممجد مع الآب والابن. الناطق بالانبياء". وارسلوا اعمال المجمع الى البابا داماسيوس. فعقد البابا مجمعاً في روما سنة 382، دعا اليه الاساقفة الغربيين، وكانوا مئة وخمسين اسقفاً فأثبتوا ما رسمه المجمع القسطنطيني، ورذلوا بدعة مكدونيوس. وأيد البابا هذا القرار بسلطانه الرسولي. لذلك عدّ هذا المجمع مسكونياً.


 

اليوم السابع عشر

تذكار القديس أليكسيوس ( + 412)

ولد أليكسيوس في روما. كان ابوه أوفيميانوس عضواً في مجلس الشيوخ، وأمّه اغلائيس نسيبة الملك. وكانا كثيرَي التعّبد لله، والتصدّق على الفقراء. فرزقهما الله ولداً أسمياه أليكسيوس. فربيّاه على حُبّ الفضيلة وتقوى الله. ولما شبّ، آثر العزلة وترك العالم ليكرّس ذاته لخدمة الله. فانسلّ خفيةً من دار أبيه، يوم زفافه، وسافر الى اللاذقيّة في سوريا، ومنها الى الرها. وهناك اندمج بين الفقراء يعيش مثلهم من صدقات المحسنين. ويواظب التردد الى الكنائس للصلاة والعبادة، مسروراً بما يلحقه من اهانة واحتقار.

فارسل والداه من يبحث عنه في كلّ مكان، فلم يجداه. ووصل رسلُهما الى الرها والتقوا بأليكسيوس واعطوه صدقة ولم يعرفوه، لأنّ هيئته كانت قد تغيّرت لما مارس من أفعال الاماتة والتنسّك. واستمرّ على هذه الحال في الرها نحو سبع عشرة سنة. حتّى اشتهرت قداسته، ولُقِبّ برجل الله. وكافأه الله بصنع العجائب.

ولمّا استهرت قداسته، خاف المجدَ العالمي وغادر الرها. وركب البحر في اللاذقية، فقاده الله الى مدينته روما، حيث عاش نَسياً منسيّا على بابا قصر والدَيه، دون أن يعرفوه، مدّة 17 سنة. ثمّ توفّي وبيده رقّ مكتوب فيه سيرة حياته، قرأها البابا أنوشنسيوس الاول، بحضور الملك هنوريوس. وأجرى الله على قبره عجائب كثيرة. صلاته معنا. آمين.

  

 

وفي هذا اليوم: تذكار القديس لعازر الذي اقامه السيد المسيح من القبر.

كان لعازر من بيت عنيا في ضواحي اورشليم. وكان رجلاً فاضلاً وغنياً صديقاً للسيد المسيح الذي كان يتردَّد الى بيته، وقد اقامه من القبر بعد ان مكث فيه اربعة ايام كما قال يوحنا الحبيب ( يو 11: 41-44).

وبعد صعود المخلص الى السماء، قبض اليهود على لعازر وعلى اختيه مرتا ومريم والقوهم في البحر، فقادتهم العناية الالهية الى مدينة مرسيليا في فرنسا حيث بشروا بالانجيل، وآمن على يدهم كثيرون. وبحسب تقليد قديم صار لعازار اسقفاً على مرسيليا. وبعد أن ساس كنيسته احسن سياسة قبض عليه الوثنيون، فاستحضره حاكم المدينة امامه وأمره بأن يضحّي الاصنام، فأبى مجاهراً بايمانه بالمسيح فأمر الوالي بتمزيق جسده باظفار من حديد ورشقوه بالنبال. فنال اكليل الشهادة في القرن الاول للميلاد نحو سنة 60. صلاته معنا. آمين.

                  

اليوم الثامن عشر

تذكار القديس كيرللس اسقف اورشليم

ولد كيرللس في اورشليم سنة 315 وقد أتقن الآداب اليونانية، وقرأ كتب الفلاسفة الوثنيين. وعرف ما فيها من ضعف ونقص، اذ تعمّق في العلوم الدينية، ودرس الكتب المقدسة، وتآليف الآباء القديسين، واكنته معانيها.

فرسمه القديس مكسيموس اسقف اورشليم شماساً سنة 334، ثم كاهناً. ووكل اليه ارشاد الموعوظين من اليهود والوثنيين في كنيسة القيامة. فأقام على ذلك ستة عشر عاماً، يعلّم عقائد الديانة المسيحية ويلقي مواعظ الآحاد على المؤمنين. وكان الناس يتزاحمون حول منبره لسماع كلامه. وقد ترك لنا ثلاثاً وعشرين خطبة يشرح في بعضها قانون الايمان وفي غيرها الاسرار المقدسة. وفي السنة 351 رقد بالرب مكسيموس اسقف اورشليم، فأجمع الاساقفة والشعب على انتخاب كيرللس خلفاً له. فاتسع له مجال العمل فقام يرعى شعبه بنشاط متشدد. وكانت الهرطقة الاريوسية انتشرت انتشاراً هائلاً لانضمام ملوك القسطنطينية اليها. وكان القديس كيرللس اشد المكافحين لها. لذلك كان هدفاً لسهام الاريوسيين. فقاموا يسعون به لدى الملوك مناصريهم حتى نفي ثلاث مرات. وهو حامل صليبه بجميل الصبر والاستسلام لمشيئة الله، ولم يرجع الى كرسيه الا بعد موت الملك فالنس الاريوسي عام 370.

وقد حضر المجمع المسكوني الثاني المنعقّد في القسطنطينية سنة 381 ضد مكدونيوس الناكر الوهيّة الروح القدس. وكان كيرللس من أبرز الآباء الذين لمعوا في المجمع. وقد الَّف كتباً كثيرة جزيلة الفائدة، للكنيسة وللمؤمنين. ورقد بالرب سنة 386. صلاته معنا. آمين.

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار البار يوسف الرامي

هذا كان رجلاً غنياً من الرامة في اليهودية مستشاراً لمجمع اليهود في اورشليم. وقد آمن بالمسيح، ولم يوافق اليهود على قتله. وبعد صلب المسيح وموته جاء يوسف الى بيلاطس يسأله أن ينزل جسد المسيح عن الصليب، ويدفنه، فأذن له. فمضى مع نيقوديموس، وأمّ يسوع. فأنزاوه عن الصليب ودفنوه في قبر جديد كان ليوسف الرامي في بستانه. ووضع اليهود فوقه حجراً عظيماً. وبعد موت المخلّص كان يوسف الرامي يجتمع بالعذراء والرسل والتلاميذ، ويلازمهم حتى بعد صعود الرب الى السماء وحلول الروح القدس عليهم. ثم باع املاكه ووضع ثمنها بين ايدي الرسل وقام يبشر بالمسيح. فحنق اليهود عليه. وبحسب تقليد قديم، أنهم وضعوه مع لعازر واختيه مرتا ومريم، في سفينة دون شراع ومقذاف، فساقتهم عناية الله الى مرسيليا، فأقام يوسف مدّة في فرنسا. ومنها سار الى انكلترا. فبشر فها بالمسيح، كما يفيد تقليدها الآن. وهناك رقد بالرب في القرن الاول للميلاد. صلاته معنا. آمين.

 


اليوم التاسع عشر

تذكار القديس يوسف خطيب سيدتنا مريم العذراء

انه ابن يعقوب بن ماتان، من نسل داود الملك وابراهيم أب الآباء (متى 1: 1 -16).

 فيوسف اعظم القديسين شرفاً واجلالاً، لانّ ما ناله من الشرف لدى الله لم ينله احد. فإِنّ الله الآب قد أقامه أباً ومربياً لابنه الوحيد الكلمة المتجسد، واتَّخذه الله الابن أباً له بالجسد، واصطفاه الله الروح القدس خطيباً لعروسه مريم العذراء الكلية القداسة. من هنا يستدل أن سيرته كانت منطبقة على انتخاب الثالوث الاقدس له. وقد صرَّح الانجيلي بذلك بقوله:" وكان يوسف رجلها صديقاً" (متى 1: 19). غير أن الكلمة المتجسد قد آثر في حياته التواضع والفقر، فاراد أن يكون مربيه والحارس له، رجلاً فقيراً مسكيناً، على ان فضائله كانت فوق كل ثروة وجاه. فايمانه الراسخ، وثقته العظيمة بالله كانا له عوناً في المصاعب. واول ما اصطدم به أن العذراء التي اتخذها خطيبة له هي حبلى، فاحتار في امره، ولكنّ شهامته منعته من ان يشهرها فهمَّ بتخليتها سراً. وفيما هو مفكّر في ذلك ظهر له ملاك وكشف له عن الحقيقة.

ومنذ تلك الساعة جعل يوسف حياته وقفاً على خدمة العذراء وابنها يسوع. فكان المربي الامين ليسوع من مغارة بيت لحم الى تقدمته الى الهيكل، الى الهرب والعودة من مصر، الى الحياة الخفية في الناصرة، الى فقد يسوع ووجوده في الهيكل.

وكان يوسف يواصل رسالته وعنايته بيسوع ومريم بايمان حي ومحبة وحنان وكد وصمت فاستحق يوسف ان يموت بين يدي يسوع ومريم. وكان بذلك شفيع الميتة الصالحة. كما اقامته الكنيسة شفيع العيلة المسيحية وشفيع العمال الكادحين.

وقد انتشرت عبادة هذا القديس العظيم في جميع الأقطار شرقاً وغرباً، وشيِّدت على اسمه الكنائس وتألفت على اسمه الاخويات للميتة الصالحة. وقد أدخل في الطائفة اعطاء البركة بايقونة القديس يوسف البطريرك بولس مسعد. وله صلاة طقسية سريانية تتلى نهار عيده ( في الطائفة المارونية) في المساء والستار والصبح، ترقى الى عام 1484. صلاته معنا. آمين.

 

          

اليوم العشرون

تذكار الشهيدة فوتينا السامرية

هي تلك المرأة السامرية التي ذكرها القديس يوحنا الانجيلي(4: 5 -42). "فقال لها يسوع: أعطيني لأشرب"... وبعد ان يروي الانجيلي الحديث الذي جرى بين السيد المسيح وتلك المرأة يقول:" فتركت المرأة جرتها، وانطلقت الى المدينة، وقالت للناس: هلمُّوا، انظروا رجلا قال لي كل ما صنعته، أليس هو المسيح؟... فخرجوا من المدينة وأقبلوا نحوه... فآمن به في تلك المدينة سامريون كثيرون".

ولمّا سار اليه السامريّون وسمعوا كلامه، آمنوا به وقالوا للمرأة:" لسنا من أجل كلامك نؤمن الآن، بل لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو في الحقيقة مخلّص العالم" (يوحنا 4: 42). فتكون المرأة السامرية فوتينا هي التي بشرت السامريين بالمسيح، كما يرويه لنا يوحنا الانجيلي. ويروي التقليد أنّ هذه البارّة بعد أن تفرّق الرسل في الافاق، ذهبت هي أيضاً الى مدينة قرطجنة فبشرت فيها بالانجيل.

وقد طرحت فوتينا في السجن، ايام نيرون. واستمرت فيه أشهراً تصلّي وتشكر الله الى أن فاضت روحها، وذهبت ترتع بالمجد السماوي، سنة 70 للميلاد. صلاتها معنا. آمين.


 


فيه ايضاً: تذكار البار سلوانس

هذا كان قساً من رهبان طورسينا، قائماً بخدمة الرهبان المتوحّدين في البرية. وكان أباً مشهوراً بالفضيلة والحكمة. فجاءه يوماً أخ يقول له: صلّ عليّ يا أبي. فاشكو أحد أخصامي الى القاضي ليقتص لي منه، لانه اساء الي كثيراً. فطفق القديس يناشده بالمحبة المسيحية أن يعدل عن عزمه، فلم يذعن له الأخ. عندئذ رفع القديس يديه وبدأ يتلو الصلاة الربّية. ولما بلغ الى القول:" اغفر لنا، كما غفرنا لمن خطئ الينا" قال: لا تغفر لنا، كما أننا لا نغفر لمن خطئ الينا. فتأثّر الأخ من كلام القديس وندم ورجع عن قصده، غافراً لخصمه وتاركاً الدعوى التي اقامها عليه. وكمَّل هذا القديس حياته باعمال البرّ والقداسة. ورقد بالرب في القرن الخامس للمسيح. صلاته معنا. آمين.

     

اليوم الحادي والعشرون

تذكار البار سيناسيوس اسقف بتوليمايس

ولد هذا البار في مدينة سيرانا في افريقيا، نحو سنة 370، ودرس العلوم الفلسفية في الاسكندرية. وكان رجلاً وثنياً محبوباً، حتى من المسيحيين، لحميد سيرته، فطلبوا منه ان يعتنق الدين المسيحي، فاعتنقه عن يد تاوفيلوس بطريرك الاسكندرية. ولعظم فصاحته أرسله مواطنوه الاسكندريّون بمهمّة الى الملك اركاديوس فقدم للملك كتابه المعروف "بدستور الملك" فسرّ به الملك جداً واناله مطلوبه الذي جاء لاجله.

وفي سنة 409 طلبه مسيحيو بتوليمايس ليكون اسقفاً عليهم، وأمره البطريرك بالقبول. فرسمه البطريرك تاوفيلوس كاهناً ثم اسقفاً. فقام يتفانى غيرة على نفوس رعيته. وقد امتاز بمحبته للفقراء وبالاحسان اليهم. وممّا يروى عنه أنه احتاج يوماً الى المال ليوزعه على المساكين ولم يكن بيده شيء فقصد صديقاً له كان قد أهتدى الى الايمان عن يده. فقال له: اقرضني ثلاثماية دينار لانفقها على المحتاجين، وانا اكتب لك وثيقة بها للسيد المسيح ليفيكها. فأعطاه الصديق المال واستوفاه كما قال له القديس. وبعد أن أتم هذا القديس جهاده الحسن رقد بالرب سنة 430 م. ولهذا القديس الفيلسوف تآليف وخطب عديدة. وفق فيها بين الفلسفة الافلاطونية والدين المسيحي، وله مواعظ قيمة، ومئة وخمسون رسالة. صلاته معنا. آمين.

                 

اليوم الثاني والعشرون

تذكار القديس سرجيوس بولس

كان سرجيوس من اشراف روما، ونائباً للقيصر الروماني في قبرص. وقد ذكره القديس لوقا في اعمال الرسل (13: 7)، أنه آمن بالمسيح على يد بولس الرسول، واتخذ اسم بولس اكراماً له، كما يفيد التقليد القديم. وقد تتلمذ للقديس بولس ولحق به الى روما. وأخذه الرسول معه الى اسبانيا ورسمه اسقفاً. فأخذ يبشر بالانجيل، ويرد الكثيرين الى الايمان بالمسيح، ويهدم معابد الاصنام ويقيم مكانها الكنائس، الى ان رقد بالرب في اواخر القرن الاول للميلاد. صلاته معنا. آمين


 

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار البابا لاون التاسع

ولد هذا القديس في مقاطعة الالزاس سنة 1002 مسيحية من أسرة شريفة. ومنذ حداثته عشق الفضيلة وتهذب بالعلوم، فنبغ فيها. ثم كرس ذاته لخدمة الله، واندمج في سلك الاكليريكيين وانتخب اسقفاً لمدينة تول، فدبر رعيته بالغيرة على مجد الله، وخلاص النفوس. وقد أنشأ المدارس والكنائس والمياتم العديدة. فأحبه الشعب وأجمع على احترامه والانقياد الى ارشاداته ونصائحه الابوية.

ولما توفي البابا داماسوس الثاني في 8 آب سنة 1048. نادى به الملك هنريكوس الثالث حبراً أعظم. أما القديس فجاهر بأنه لا يقبل البابوية الا برضى الاكليروس والشعب الروماني. فسار الى روما سائحاً بسيطاً لتجديد انتخابه. فدخل المدينة ماشياً حافياً. فانتخبه الاكليروس والشعب في 12 شباط سنة 1049. فأخذ يدير الكرسي الرسولي بكل قداسة وحكمة، مستلهماً الروح القدس في جميع أعماله.

وعقد عدة مجامع في روما وغيرها. وجميعها ترمي الى تهذيب الاكليروس والطقوس البيعية، وضرب على الايدي التي تمتد الى السيمونية، وأبطل الرسامات التي تكون على هذه الطريقة، وشدد كل التشديد على الرهبان والاكليريكيين بحفظ القوانين والواجبات. ورقد بالرب بعد حياة مليئة بالفضائل. صلاته معنا. آمين.

       

اليوم الثالث والعشرون

تذكار القديس نيكون الاسقف ورفاقه الشهداء

ولد نيكون في نابولي بايطاليا. وكان أبوه وثنياً، وأمه مسيحية. وكان مترقياً في الجندية في ايام داكيوس قيصر. وكان يوماً في حرب وقد هاجمه الاعداء، فكاد ينهزم أمامهم. فرسم اشارة الصليب على وجهه، وهتف من أعماق قلبه:" يا سيدي يسوع المسيح، اله أمي أعِنّي!" ووثب على الاعداء وأعمل فيهم السيف. فانتصر عليهم وبدد شملهم، فتعجب الناظرون من شجاعته وفوزه بالنصر.

وجاء يخبر أمه بمَا جرى. ففرحت به وعانقته وشدّدته في ايمانه. ثم ترك العالم وسار الى القسطنطينية. وأتى جزيرة سامس حيث اعتزل في جبل هناك، منعكفاً على الصوم والصلاة سبعة أيام واعتمد وبقي متنسكاً. ولما اشتهرت قداسته انضم اليه مئة وتسعون ناسكاً. فرقّاه الاسقف الى درجة الكهنوت ثم الى الاسقفية، وأقامه رئيساً ومدبراً لألئك النساك.

فأعلمه الله أن الوثنيين سوف يجتاحون غانة، فخاف وانتقل بجماعته الى ايطاليا حيث زار والدته التي ماتت بين يديه.

ولما أثار داكيوس الاضطهاد الشديد على المسيحيين، وشي بالقديس نيكون وجماعته الى كونتيسيانوس والي جزيرة صقلية. فارسل جنوداً قبضوا عليهم فجاهروا بايمانهم بكل شجاعة. فجلدوهم بالعصي، ثم قطعوا رؤوسهم، وعددهم مئة وتسعة وتسعون راهباً. أما القديس نيكون فربطوه واحراقوه بالمشاعل. ثم شدوه الى خيل غير مروضة، وجروه على الارض حتى تحطمت عظامه. ثم قطعوا رأسه، ففاز باكليل الشهادة سنة 250. صلاته معنا. آمين.

 

 

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار القدّيسة رفقا الراهبة اللبنانيّة

 

(1832- 1914)

أبصرت رفقا النورَ في حملايا، إِحدى قرى المتن الشمالي في لبنان، سنة 1832، وكانت وحيدة لواليدَيها التقيين: مراد صابر الشُّبُق (الريس)، ورفقا الجميّل. ودعيت "بطرسيّة". توفيت والدتها وهي بعمر سبع سنوات.

في سنّ المراهقة، بدت بطرسيّة فتاةً جميلةَ الطلعة، حلوة المعشر، خفيفة الروح، رخيمة الصوت، تقيّة وديعة، فأمالت اليها الانظار. ثمّ حزمت أمرها على قرارِ أن تعتنق الحالة الرهبانية.

وذهبت الى دير سيدة النجاة في بكفيا لجمعية المريمات، حيث دخلت دير الابتداء في اول كانون الثاني 1853، وهي في ربيع العمر، ثمّ لبست ثوب الابتداء يوم عيد مار مارون 1855. فبدت مبتدئة رصينة وناضجة، فوثق بها معلّموها، وأَرسلوها تسهر على فتيات موظّفات في معمل حياكة في الشبانية، وتُؤمّن لهنّ، في الوقت عينه، التعليمَ الديني. فقامت بمَهمّتها خير قيام. ثم نقلتها السلطة إلى دير غزير حيث نذرت النذور الرهبانية المؤقتة في 10 شباط 1856. ومكثت الاخت بطرسية في دير غزير سبع سنوات حيث عُهدت اليها خدمةُ المطبخ وقد تعبت فيها كثيراً.

حوالي سنة 1860، قام بعض آباء الرهبانية اليسوعية بأعمال رسالة روحيّة في دير القمر، وكانت الاخت بطرسيّة، مع راهبة أخرى، تَصحبانِهم وتقزمان بتعليم الأَحداث التعليم الديني. وفي تلك الاثناء، حدثت مَذابح دير القمر الشهيرة. وفي احد الايام، بينما كانت الاخت بطرسيّة مارّة في البلدة، شاهدت بعض الجنود البرابرة يطاردون بخناجرهم المُسنّنة ولداً صغيراً ليذبحوه. فلما رآها هرع إِليها مُلتجئاً، فخبّأَته على الفور بردائها الرهباني، وخلصته من وحشيتهم البربرية. وبسبب ذلك الاضطهاد، لم تَطُل إِقامة الأخت بطرسيّة في دير القمر، فأَرسلها رؤساؤها الى مدرسة جبيل فأقامت فيها سنة؛ فاكتشف أَهل جبيل مواهبها وانتشرت شهرتها في المدينة، فعلم بها السيّد انطوان عيسى فطلبها من رؤساؤها مع راهبة معاونة لتعلّما الاحداث في قريته معاد. أِجابت الجمعية طلبَه وأرسلت اليه الاخت بطرسية مع رفقية لها، ففتحتا مدرسة في القرية المذكورة ضمّت ستّين بنتاً. ومكثت الراهبتان تُمارسان التعليم سبع سنوات، وكانت رسالتهما ناجحة جداً.

وَحَدَثَ أَن حُلّت جمعية المريمات، فأَلهمها تعالى أَن تدخل في الرهبانية البنانية المارونية، في دير مار سمعان القرن، قرب أيطو، وهو دير مخصّص للرهبات اللبنانيات المحصنات. فقُبلت الاخت بطرسيّة على الفور في الدير ولبست ثوب الابتداء في 12 تموز 1871؛ ثم نذرت نذورها المؤبدة في 25 آب 1872، وأخذت لها اسم الاخت رفقا في الرهبانية الجديدة تيمّناً باسم والدتها المتوفاة.

وبعد أن عاشت الاخت رفقا أربع عشرة سنة في دير مار سمعان القرن، وهي تتمتّع بصحّة جيّدة، وكانت مثالاً حيّاً لأَخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلاة المتواترة والعمل الصامت، شعرت في قرارة نفسها وبإِلهام من الروح القدس أَن العناية الالهية تدعوها الى المزيد من التضحية وبذل الذات، فدخلت كنيسة الدير في يوم أحد الوردية الكبير، وهو الاحد الاول من تشرين الاول 1885، وجثت أمام القربان الاقدس وأَخذت تصلّي وتقول:" إلهي، لماذا تركتني؟ إلهي، لماذا أنت بعيد عني؟ لماذ لا تزورني وتفتقدني بمرض أُظهر لك به كامل محبتي، وبه أكفر ذنوبي وخطاياي وخطايا الآخرين؟" والله الغنّي بكلّ رحمة (أفسس 2/4) استجاب سؤالها للحال. فمنذ ليل الاحد الاول من تشرين الاول 1885، شعرت الاخت رفقا بوجع أليم في رأسها أَخذ يمتدّ فوق عينيها كشهب نار ويستقرّ في مُحجَريهِمَا، ورافقها وجع العينين أكثر من اثنتي عشرة سنة، وانتهى بها إلى عمى لازمها ست عشرة سنة اخرى. ولمّا أرسلتها رئيستُها الى بيروت للمعالجة برُفقة المرحوم صالح ضومط من معاد، عرّجت على انطوش الرهبانية في جبيل، فالتقت هناك طبيباً أميركياً، عرضت عليه عينها اليمنى. فحكم باجراء عملية جراحيّة لها. وفي أثناء العملية، كان حاضراً الاب اسطفان من بنتاعل، فطلب ان يُبنّج لها الطبيبُ عينَها تخفيفاً للالم، أَما هي فلم تَرضَ، وحدث انه خلال العملية، اقتلعَ عينها برمّتها، ووقعت أمامها على الارض وهي تختلج. فقالت الاخت رفقا:" مع آلام المسيح. سَلُمَت يداك أيها الطبيب. آجرك الله". ولمّا انتهت العملية، سألت الاب اسطفان: هل أعطيتَ الطبيب أُجرتَه؟ فأجابها:" أَتريدين أَن تدفعي له أُجرته لقاء قلع عينكِ؟".

ومكثت الاخت رفقا في دير مار سمعان القرن ستا وعشرين سنة متواصلة. وعندما قررت السلطة العليا في الرهبانية تأسيس دير مار يوسف جربتا – البترون، سنة 1897، فَصَلت ستَّ راهبات من جمهور دير مار سمعان، وأرسلَتهن الى الدير الجديد، وكانت الاخت رفقا إِحدهنّ، وكانت عينها اليسرى في آخر عهدها بالنور. وبعد سنتين من وصولها، انطفأ هذا النور نهائياً، فأمست الاخت رفقا عمياء، وبدأت، على عماها، مرحلة اخرى جديدة من مراحل جلجلة آلامها الفادحة.

وفي ذات يوم، قالت الاخت رفقا لرئيستها الام ارسلا ضومط:" اني اشعر بوجع مؤلم في جنبيّ، كأَنَّ رؤوسَ حراب تُغرز فيهما، وبوجع أيضاً في أصابع رجلي أُحسّ كأنها تتقطع". وبدأ جسمُها، من جّراء هذا الالم، يضعف ويهزل رويداً رويداً ما عدا لون وجهها، فقد بقي مشرقاً وضّاحاً. ومنذ ذلك الحين، عجزت عن الوقوف ولازمت الفراش. وانفكّ وركها الأيمن وحاد عن مركزه، فأمست لا تستطيع تحريك رجلها اليمنى، ولا طيّها. وانفكّ عظم رجلها الأخرى. وشهدت احدى الراهبات، قالت:" لم تكن تتحرّك في فراشها دون ان تحرّكها الرهبات. وأَذكر اني ساعدت يوماً رفيقاتي في إنهاضها لتفيير ثيابها، فانفكّ جنبها. فقالت بلطف ودون تذمر: يا أُختي، وجعني جنبي. فنظرنا فإِذا بجنبها مخلوع عند زرّ الورك، وقد نفر من محّله، وعظم كتفها شكّ في رقبتها وخرج من موضعه. وكانت تشعر من هذا الكتفكّك بألم شديد. وكانت خرزات ظهرها منظورة، ويمكن عدّها واحدة فواحدة. ولم يَبقَ عضو صحيح في جسمها غير مخلَعي يديها اللتين كانت تحوك بهما جوارب وملبوسات بالصنارة، وهي تشكر الله لإِبقائه يديها سليمتين لتشتغل بهما هرباً من البطالة".

وسألتها يوماً الرئيسة:" ماذا يوجعك؟ فأجابت: وجعي في كلّ جسمي، وهو داخل عظامي وفي نخاعها. وقد صارت عظامي نخرة كاسفنجة؛ وبعد موتي ترون صدق ما اقول".

رقدَتْ رفقا برائحة القداسة في 23 آذار 1914، ودُفنت ببساطة في مقبرة الراهبات بين أشجار السنديان؛ وعلى عكس ما حدث لجثمان القدّيس شربل الذي حُفِظ سليماً، فإِنّ جثمانَها ذابَ وهي لا تزال حيّة. لذا وُجِدَ حين كُشِفَ عليه عظاماً نخرةً كالإشفنجة. فقوّة الله التي حفظَتْ جثمانَ شربل بعد وفاته خِلافاً لسُنّة الطبيعة، هي نفسُها سمحَتْ بأن يَتَلفَ جسمُ رفقا في حياتها، فيما أبقَتهُ صالحاً لاّتحاد النفس به. وكانت حياتُهُ فيه على خلاف نظام الطبيعة.

إِنّ صيتً القداسة الساطع، الذائع، الذي شُرِّفَت به رفقا في حياتها، زاد انتشاراً بعد وفاتها، أَثبتتهُ مع الأيام، الآياتُ العٌلويّةُ المتعدّدة والمتنوّعة. لذلك، فُتحت دعوى تطويبها، وبوشرت التحقيقات بإشراف السلطة الكنسية، سنة 1926، ووقّع البابا بولس السادس بيده افتتاح الدعوى، في 1 حزيران سنة 1968.

ولّما انتهت مراسيم المرحلة الثانية من الدعوى، أمرَ البابا يوحنا بولس الثاني بإصدار قرار حول بطولية فضائلها، في 11 شباط سنة 1982.وفي نهاية المرحلة الثالثة، أصدر قداستُه، قراراً بتعيين يوم 17 تشرين الثاني سنة 1985 لإعلانها طوباوية، وفي 10 حزيران سنة 2001 أعلنها قدّيسةً للكنيسة الجامعة.

      صلاتها معنا. آمين.

      

اليوم الرابع والعشرون

تذكار القديس ارتامون اسقف سلوقيه

كان ارتامون من مدينة سلوقيه. وقد آمن بالمسيح بانذار القديس بولس الرسول الذي رقاه اسقفاً على هذه المدينة، عندما مر بها وهو ذاهب من انطاكيه الى قبرص كما جاء من كتاب اعمال الرسل (13: 4). فكان راعياً صالحاً وأباً للايتام والارامل، وملجأ للمعوزين، وطبيباً للنفوس والاجساد، لأنه كان ماهراً أيضاً بالطب الجسدي. وبعد ان أتم جهاده، رقد بشيخوخة صالحة استحق بها الثواب الابدي. وكان ذلك في اواخر القرن الاول للميلاد. صلاته معنا. آمين.

                       

اليوم الخامس والعشرون

تذكار بشارة سيّدتنا مريم العذراء

قال لوقا الانجيلي: ي الشهر السادس ( من الحبل بيوحنا)، أرسل الملاك جبرائيل من قبل الله، الى مدينة في الجليل تسمى الناصرة، الى عذراء مخطوبةٍ لرجل اسمه يوسف من بيت داود، واسم العذراء مريم. فلمّا دخل الملاك اليها، قال لها:

" السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فاضطربت مريم وجعلت تفكّر ما عسى أن يكون هذا السلام. طمأنها الملاك على حفظ بتوليتها، مؤكداً لها أن هذا السر يتم في حشاها بقوة الروح القدس. فوثقت بكلامه، وقالت متضعة:" ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك، وانصرف من عندها الملاك" ( لوقا 1: 26- 38). فبذلك أوضح لنا الانجيلي، بأجلى بيان، عن حقيقة سر التجسد الالهي التي عليها يرتكز الدين المسيحي. انها لأسعد بشرى تزفُّها السماء الى الارض. وبها أتمَّ الله وعده بخلاص الجنس البشري بعد السقطة الآدمية، اذ قال للحية اي ابليس:" وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك..." ( تك 3: 15)، "ولما بلغ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً تحت الناموس" ( غلاطيه 4:4).

وقد وعد الله ابراهيم بأن المخلص يأتي من نسله. وقال بلسان موسى:" ان الرب يقيم لكم مخلِّصاً من اخوانكم". " فالكلمة صار جسداً وحل بيننا" (يو 1: 14). وقد اعطى الملاك للعذراء علامة وهي حبل نسيبتها اليصابات العاقر. فقالت مريم:" ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38). وقد حفلت النبوءات بسر التجسد منذ القديم، وحسبنا آية اشعيا الشهيرة:" ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (اشعيا 7: 14). وقد تم هذا السر في احشاء سيدتنا مريم العذراء بقوة الروح القدس. فَأَتحَدَ الكلمةُ الازلي طبيعتَنا البشرية بأقنومه الآلهي القائم بطبيعته الالهية والبشرية، كاملتين متميزتين بفعليهما الإلهي والبشري.

فقد تجلت محبة الله الغير المتناهية لنا في سر التجسد كما يقول يوحنا الرسول "لقد أحب الله خاصته والى الغاية أحبهم!".

أقر الله سلامه ونعمته في قلوبنا وضمائرنا. آمين!...

           

اليوم السادس والعشرون

تذكار الملاك جبرائيل البشير

ان الملائكة ارواح سماوية موقوفة لخدمة العزة الالهية. وهم على قول مار توما اللاهوتي، رسل الله، يقومون بمَا يكلفون به من اعمال لدى المخلوقات. فألملاك جبرائيل هو احد رؤساء الملائكة الثلاثة الذين يذكر الكتاب المقدس اسماءهم وهم جبرائيل، وميخائيل، ورافائيل. وقد اختار الله كل واحد منهم لعمل خاص به.

فجبرائيل، ومعناه "جبروت الله" قد خصه الله بالبشارة. كما قال هو عن نفسه، لما ترءاى لزكريا في الهيكل:" أنا جبرائيل الواقف أمام الله، وقد أرسلت لاكلمك وأبشرك بهذا" (لو 1: 19). وهو الذي بشر سيدتنا مريم العذراء بتجسد الكلمة الازلي، وهو الذي خلص دانيال من جب الاسد ولقنه نبوءته الشهيرة عن مجيئ السيد المسيح الى العالم. وعلى رأي كثير من العلماء: ان جبرائيل رئيس الملائكة سوف يصرخ بالبوق يوم الدينونة العامة لقيامة الاموات، لانه كما قال البشير في مجيء المسيح الاول متجسد لاجل خلاص البشر وافتدائهم كذلك يكون منذر بمجيء المسيح الثاني دياناً بعد قيامة الاموات.

فعلينا ان نقدم له الاكرام اللائق. ونطلب شفاعته لدى الله آمين!


وفيه ايضاً: تذكار اللص الذي صلب عن يمين السيد المسيح

قال متى الانجيلي:" حينئذ صلبوا معه لصين، واحداً عن اليمين والآخر عن اليسار" (متى 27: 38). " وكان أحد المجرمين المصلوبين يجدف عليه قائلاً: ان كنت المسيح فخلص نفسك وايانا. فانتهره الآخر قائلا: أما تخشى الله، وانت في هذا العذاب؟... أما نحن فبعدل نلنا ما تستوجبه اعمالنا. وأما هذا فلم يصنع سواءً. ثم قال ليسوع، يا رب، اذكرني، متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع: الحق اقول لك، انك اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا 23: 39- 43). ومن هنا نعلم كم هو عظيم مفعول التوبة الصادقة وقبولها لدى الله.

ولنا بذلك برهان صريح على سعادة القديسين قبل يوم الدينونة، أي أن الانفس البارة بعد مفارقتها الاجساد، تنال سعادتها الابدية. وتلك عقيدة ايمانية. ان لفظة الفردوس هنا، تعني السماء بعينها. حيث السيد المسيح جالس في مجده، عن يمين الله الآب، مع جميع قديسيه. رزقنا الله شفاعتهم. آمين.

                  

اليوم السابع والعشرون

تذكار الشهيدة مترونه

كانت مترونه من مدينة تسالونيك. ابنة مسيحية، جارية لامرأة يهودية اسمها بلوتيلا. وكانت الجارية تقوم بخدمة مولاتها بكل نشاط وأمانة، دون ان تغفل واجباتها المسيحية خفية عن سيدتها. واخيراً انكشف سرها لمولاتها فضربتها ضرباً مؤلماً حتى الموت. ثم قيدتها. وحبستها في القبو. وأقفلت عليها الابواب. فكانت مترونه صابرة تشكر الله. ولما كان الغد وجدتها سيدتها تصلّي وهي منحلة من قيدها فضربوها بعصي جافة حتى أغمي عليها وتركوها مقيدة مجرحة. فشفاها الله، وحلها من قيودها. عندئذ، يئست منها مولاتها. وامرت أن ينهالوا عليها بالضرب. وفي اليوم الثالث، وجدت سالمة حرة من كل قيد، عندئذ استشاطت مولاتها غيظاً وأمرت بأن ينهالوا عليها بالضرب بلا شفقة، حتى فاضت روحها الطاهرة، وهي تجاهر بايمانها بالمسيح. وكان استشهادها في القرن الاول. صلاتها معنا. آمين.

 

 

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار القديس بمبو

كان هذا القديس ناسكاً في برية مصر. قد ذهب الى البرية وهو حديث السن، وتتلمذ للقديس انطونيوس ابي الرهبان. فسار على ضوء ارشاداته الابوية مقتدياً بمثله الصالح فتسامى بالكمال حتى صار من أعظم طلابه بمَا تحلى به من الحكمة وفضيلة راسخة، وقد اشتهر بحبه للصمت وبقمع امياله وتجرده عن ارادته الذاتية وعن خيور الدنيا وأباطيلها.

وانحدر مع معلمه انطونيوس الى الاسكندرية لكي يحاربا بدعة آريوس الذي انكر الوهية السيد المسيح.

ومّما يروى عن القديس بمبو انه عند احتضاره قال لبعض الرهبان: منذ ترهبت ما اكلت خبزاً من غير تعب يدي، ولا ندمت على كلمة قلتها. وها أنا ماض الى ربي كأني ما ابتدأت في عبادته. ورقد بالرب سنة 387. صلاته معنا. آمين.

 

 

اليوم الثامن والعشرون

تذكار الشهداء فيلانوس وامرأته ليديا وابنيه

كان فيلانوس من ايليريا – البلقان. وكان مسيحياً من رجال الندوة في الحكومة. وفي زمان الاضطهاد الذي أثاره الملك ادريانوس، قبضوا على فيلانوس وعائلته المسيحية وأسلموهم الى امفيلوكيوس القائد. فجاهروا بانهم مسيحيون. فجلدوهم جلداً عنيفاً وهم صابرون ثابتون على ايمانهم. فطرحوهم في السجن تحت حراسة رجل يدعى كرونيداس. فازدادوا شجاعة وصبراً وثباتاً. وفي الغد أمر الوالي فالقوهم في قدر مملوء زيتاً وزفتاً يغلي. فصانهم الله من كل أذى ولدى هذا المشهد العجيب، آمن امفيلوكوس القائد وكرونيداس الحارس الكاتب.

وأتى الملك الى ايليريا، فعرف بحادث هؤلاء الشهداء وبمَا جرى عليهم من الاعذبة، على غير طائل. ولما علم باهتداء القائد امفيلوكوس والحارس كرونيداس الى الايمان المسيحي استشاط غيظاً وأمر أن يُغلى القدر اضعافاً. وان يطرحوهم جميعاً. فلم ينلهم أذى. لان قوة الهية قد حفظتهم سالمين. عندئذ أمر الملك بقطع رؤوسهم. ففازوا بالشهادة سنة 130. صلاتهم معنا. آمين.

 

            

اليوم التاسع والعشرون

تذكار القديس مرقس اسقف ارثيوسا

هذا القديس كان اسقفاً على مدينة ارثيوسا في سوريا في أيام الملك قسطنطين الكبير. ولما أمر الملك بهدم هياكل الاصنام، هدم الاسقف مرقس هيكل الصنم في ارثيوسا وشيد مكانه كنيسة. فحنق عليه الوثنيون. ولما توفي قسطنطين الكبير واولاده استولى على العرش يوليانوس الجاحد، فبعث عبادة الاصنام من رمسها واثار الاضطهادَ الهائل على المسيحيين. فقام وثنيوا ارثيوسا على المسيحّيين فيها. مصوبين سهامهم الى الاسقف القديس فوثبوا عليه واثخنوه جراحاً وطرحوه في الاوحال ثم دهنوا جراحه بالخل والملح والعسل وعلقوه بشجرة، معرضاً للشمس. فحامت حوله النحل والزنابير تلذعه.وهو صابر لا يئن. ولا يتذمر. بل يشكر الله الذي أهله للاستشهاد. وكانت شهادته في اواخر القرن الرابع. صلاته معنا. آمين.

 

وفي هذا اليوم ايضاً: تذكار الشهيد كيرللس البعلبكي (+ 362)

كان كيرللس شماساً على كنيسة هيليوبوليس في لبنان بناء على أمر الملك قسطنطين الكبير. ولمزيد غيرته على الايمان المسيحي، حطمى بعض أصنام الوثنيين في مدينته. فحنق عليه الوثنيون وأضمروا له الحقد وصاروا يتحينون فرصة الانتقام منه ومن المسيحيين. فكان لهم ما ارادوا لما قام الملك يوليانوس الجاحد وأخذ ينكل بالمسيحيين ولا سيما في فينيقيا وفلسطين. فوثب الوثنيون على الشماس كيرللس وقتلوه غيلة. ولشدة انتقامهم قطعوا جسده ارباً ارباً وانتزعوا كبده. لكن الله أنتقم منهم على ماقاله تاودوريطوس في تاريخه (ك 3 ق 3) عن استشهاد هذا القديس:

" من يمكنه أن يقص ما جرى من الجور على كيرللس البعلبكي ولا تهطل دموعه... ان كل الذين أقدموا على ذلك الاثم الفظيع، تكسرت اسنانهم وأكل الدود ألسنتهم وفقدوا ابصارهم". وكانت شهادته سنة 362 م. صلاته معنا. آمين.

 

       

اليوم الثلاثون

تذكار القديس يوحنا كليماكوس واضع سلّم الفضائل

ولد يوحنا كليماكوس في فلسطين عام 525. تخّرج في العلوم، ونبغ فيها، ولا سيما بالفصاحة، حتى لقب "بالمعلم" وهو أحد آباء الكنيسة. ويلقب "بالسلَّمي" أو كليماكوس نسبة الى كتابه الذي أسماه باليونانية "كليماك"، أي السلّم. وهو يعلم الارتقاء بالفضائل حتى الكمال.

وما بلغ السادسة عشرة حتى صغرت الدنيا في عينيه. فعاف العالم واباطيله، وذهب الى دير جبل سينا الشهير حيث تتلمذ لراهب شيخ جليل يدعى مرتيريوس، سلم اليه قيادة أمره. ولم تمض عليه اربع سنوات في الدير حتى ارتقى الى أسمى الفضائل، ولا سيما الطاعة لمرشده.

ولما بلغ العشرين من عمره. لبس الثوب الرهباني، وأبرز نذوره وأصبح مثال الجميع بالسير في طريق الكمال، حتى قال عنه ستراتيفوس رئيس الدير:" ان يوحنا سوف يكون أحد الانوار العظيمة في المسكونة".

ثم انفرد في البرية عند سفح جبل سينا، واقام في كوخ قريب من الكنيسة التي بناها الملك يوستينيانوس للنساك في ذلك القفر. ولم ينفك عن مطالعة الكتاب المقدس واكتناه معانيه السامية. وقد وضع ذلك الكتاب البدجيع "سلّم الفضائل" ليكون دستور عمل ليس للرهبان فحسب، بل لجميع النفوس الراغبة في الفضيلة. وهو نتيجة تأملاته وتعمقه في فلسفة الانجيل وعلم النفس.

وقسم كتابه الى ثلاثين درجة، اولها الزهد في الدنيا، وآخرها الفضائل الالهية الثلاث الايمان والرجاء والمحبة.

وصار رئيساً على دير سيناء وكان مثالاً أعلى في القيام بجميع الواجبات الرهبانية ومناراً بفضيلتي التواضع والمحبة. وله رسالة مسهبة في واجبات الرؤساء والمسلطين، فيها من الحكم والنصائح الرشيدة، ما يضمن الخير والنجاح للرؤساء وللمرؤوسين.

وكانت نفسه تصبو دائماً الى العزلة والانفراد. فتنازل عن الرئاسة وعاد الى خلوته في منسكه، منعكفاً على مناجاة الله بالصلاة وانواع التقشف، الى ان رقد بالرب سنة 605 وله من العمر ثمانون سنة. وقد أجرى الله على يده آيات عديدة. صلاته معنا. آمين.

 

               

اليوم الحادي والثلاثون

تذكار البابا لوشيوس الأول

هذا كان من روما شماساً للبابا كرنيليوس. وقد رافقه الى منفاه. وبعد وفاته، رقي هو الى الحبرية العظمى خلفاً له في 25 حزيران سنة 253. وكان واليريانوس الملك قد أثار الاضطهاد على المسيحيين، فنفاه كسالفه. ولما نزل بروما وبالمملكة وباء شديد الوطأة، دفعت الغيرة والشفقة هذا البابا، فعاد بعناية الهية الى روما، وأخذ يتفانى في سبيل المرضى والمعوزين من مسيحيين ووثنيين. فعَرف به الملك واليريانوس وهاج عليه الوثنيون وكّلفوه ان يضحي للأوثان فأبى. لذلك أسلموه لرعاع القوم. فأوسعوه اهانات وهشموا جسده، وهو صابر يشكر الله الذي أهله لنعمة الاستشهاد ثم قطعوا رأسه. وتمت شهادته سنة 254. فدفنه المسيحيون في مقبرة القديس سيكستوس. صلاته معنا. آمين.

 

                                                                               

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +