Skip to Content

كلمة الحياة شباط 2008: "مَن يعمل بها (الوصايا الصغرى أو التطويبات) ويُعلّمها فهو يُدعى كبيراً في ملكوت السماوات"

 

  كلمة الحياة 

 545448_2905063565023_523311475_n.jpg

                                                       شباط 2008

"مَن يعمل بها (الوصايا الصغرى أو التطويبات) ويُعلّمها فهو يُدعى كبيراً في ملكوت السماوات"(متّى 5، 19)

  فيما كانت الجموع تحيط به، صعد يسوع إلى الجبل وألقى عظته الشهيرة. وما أولى وصاياه فيها: "طوبى للفقراء بالروح، طوبى للودعاء.." إلا إشارة إلى جديد الرسالة التي أتى بها.

 إنّها كلمات حياة، كلمات نور ورجاء، سلّمها يسوع إلى تلاميذه، تنيرهم وتكسب حياتهم طعماً ومعنىً.

 وإذ غيّرت هذه الرسالة العظيمة قلوبهم وجسدّوها في حياتهم، باتوا مدعوّين إلى نقل هذه التعاليم إلى الآخرين.

"مَن يعمل بها (الوصايا الصغرى أو التطويبات) ويُعلّمها فهو يُدعى كبيراً في ملكوت السماوات"

 إنّ مجتمعنا بحاجة اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى التعرّف إلى كلمات الإنجيل والسماح لها بتغييره تغييراً جذريّاً. فلنسمح ليسوع بأن يُردّد من جديد:                 

"لا تغضبوا، أغفروا فيُغفر لكم، كونوا صادقين فلا تحتاجوا إلى القَسَم؛ أحبّوا أعداءكم، اعترفوا بأنّ لديكم أباً واحداً وأنّكم جميعاً إخوة وأخوات؛ كلّ ما تريدون أن يفعله الناس لكم أفعلوه لهم..."

 هذا هو جوهر ما جاء في "عظة الجبل" التي، إذا عرفنا أن نعيشها تستطيع وحدها أن تُغيّر العالم.

  إنّ يسوع يدعونا لأن نعلن إنجيله. ولكن، قبل أن "نُعلّم" كلماته، يطلب منّا أن "نعيشها" حتى يُصدّقنا الآخرون. علينا أن نصبح "خبراء" الإنجيل، أن نكون "إنجيلاً حيّاً"، فنستطيع في حينه أن نشهد له بحياتنا ونعلّمه بكلماتنا.

"مَن يعمل بها (الوصايا الصغرى أو التطويبات) ويُعلّمها فهو يُدعى كبيراً في ملكوت السماوات"

 ما هي أفضل طريقة لنعيش "كلمة الحياة" هذه؟

 هي أن نجعل من يسوع نفسه معلماً لنا إيّاها، فندعوه إلينا ونجسدّ حضوره بيننا من خلال محبّتنا المتبادلة لبعضنا البعض. فهو الذي سيضع في فمنا الكلمات المناسبة لنتقرّب من الآخرين، وهو الذي سيرشدنا إلى الطرق التي علينا أتباعها، وسيفتح أمامنا الممرّات لنعبر إلى قلوب إخوتنا، لنشهد عنه أينما كنّا، حتّى في أصعب الأجواء وفي الظروف الأكثر تعقيداً.

 وسوف نرى عالمنا الشخصيّ، ذاك الجزء الصغير من العالم حيث نعيش، يتغيّر ويتحوّل ليصير عالم ألفة وتفاهم وسلام.

 المهمّ أن نحافظ على حضور يسوع حيّاً بيننا من خلال محبّتنا المتبادلة ونكون أداة طيعة بين يديه، نصغي إلى صوته فينا، أي إلى صوت الضمير الذي يُحدّثنا دائماً إذا ما عرفنا أن نُسكت الأصوات الأخرى.

 وسوف يعلّمنا يسوع كيف "نحفظ" هذه "الوصايا الصغرى" بفرح ونكون خلاّقين، لنعيش ملء الوحدة بيننا. فيردد مَن يرانا، ما كان يردّده الناس عن المسيحيّين الأوائل: "أنظروا كيف يُحبّون بعضهم بعضاً وكيف أن كل واحد منهم مستعدٌّ لأن يموت من أجل الآخر" (ترتليانوس 39، 7).

  باستطاعة الإنجيل أن يولّد مجتمعاً جديداً، وهذا ما سيعاينه الآخرون إذا ما جدّدت المحبة علاقاتنا.

 ولكن نحن لا نستطيع أن نحتفظ لأنفسنا بالهبة التي تلقّيناها."الويل لي إن لم أبشّر بالإنجيل" (أنظر قورنتس 9، 16)، هذا ما نحن مدعوّون لأن نردّده مع القدّيس بولس دائماً.

 إذا تركنا الصوت الداخليّ يُرشدنا سوف نكتشف في داخلنا إمكانيّات جديدة نشارك بها الآخرين، إن في أحاديثنا أو كتاباتنا أو حواراتنا. فلندع الإنجيل يشعّ من جديد في بيوتنا، ومدننا، وبلداننا، وسيُزهر فينا حياة جديدة ويكبر الفرح في قلوبنا. كما سيشعّ يسوع القائم من الموت من خلالنا وسيعتبرنا "كباراً في ملكوته".

 وخير شاهد على هذه الحقيقة، حياة "جينيتا كالياري"، التي وصلت إلى البرازيل سنة 1959 مع المجموعة الأولى من الفوكولاري. صدمها الظلم وعدم المساواة الخطير السائدين في ذلك البلد. فالتزمت بالمحبّة المتبادلة من خلال عيشها كلمات يسوع وكانت تردّد دائماً: "هو الذي سيفتح لنا الطريق". ومع مرور الوقت، نمت حولها جماعة تضمّ اليوم مئات الآلاف من الأشخاص ينتمون إلى كلّ الفئات الاجتماعية وكلّ الأعمار. تضم أشخاصاً يسكنون بيوت التنك وآخرون ينتمون إلى عائلات ميسورة، ولكنّهم كلّهم في خدمة الأفقر بينهم. وبذلك استطاعوا أن يُحقّقوا إنجازات اجتماعيّة غيّرت وجه بيوت التنك في مدن عديدة من البرازيل. إنّه "شعب" صغير متّحد يستمرّ في الشهادة على أنّ الإنجيل حقيقة. وهو المهر الذي حملته "جينيتا" معها حين رحلت إلى السماء.      

                                                                   كيارا لوبيك             



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +