Skip to Content

كلمة الحياة ايار 2008: "وحيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة"

 

كلمة الحياة 

Click to view full size image

 

                                                       أيار 2008

"وحيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة"

(2 قورنتس 3، 17)

 يتوجّه بولس الرسول في هذه الرسالة إلى مسيحيّي قورنتس الذين كان يحمل لهم عاطفة مُمَيّزة. فهو عاش بينهم من سنة 50 إلى سنة 52 ممضيّاً بذلك سنتَيْن يزرع فيهم كلمة الله ويضع أسُس جماعة مسيحيّة متينة مولداً إيّاهم للمسيح يسوع كما يلِد الأب الأبناء (أنظر 1 قور 3، 6-10؛ 4، 15).

 وبعد سنوات، حين عاد لزيارتهم، قام البعض بتشويه سمعته كرسول. وكان ذلك فرصةً له ليؤكّد لهم من جديد عظمة رسالته. فهو يعلن الإنجيل لا بمبادرة شخصيّة منه، بل لأنّ الله يطلب منه ذلك. لقد كشف له الروح القدس أسرار كلمة الله على ضوء "أحداث حياة يسوع" أي على ضوء حياته وموته وقيامته. لهذا يستطيع بولس أن يعيشها ويُعلنها بحرّيّة كاملة. إنّها تسمح له بأن يدخل بشَرِكة مع الربّ ويكون على مثاله، حتّى بات روح يسوع، روح الحريّة، هو الذي يُرشده ويقوده.

"وحيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة"

 إنّ يسوع القائم من الموت، الذي هو الربّ، مستمرّ اليوم، كما في زمن بولس، يعمل في التاريخ وفي الجماعة المسيحيّة من خلال روحه القدّوس. وهو يعطينا أن نفهم جديد الإنجيل ويحفره في قلوبنا حتّى يصبح شرعة حياتنا.

  نحن لا تسيّرنا قوانين تُفرض علينا من الخارج، نحن لسنا عبيداً، خاضعين لنظام لا نقتنع به ولا نوافق عليه. ما يُسيّر حياتنا كمسيحيّين هو مبدأ حياة داخليّة زرعه الروح القدس في قلبنا حين نلنا سرّ المعموديّة؛ إنّ صوت الروح هو الذي يُحيينا إذ يُردّد كلمات يسوع ويساعدنا على فهمها بكلّ روعتها وتعبيرها عن الحياة والفرح. هو الذي يجعل تلك الكلمات آنيّة، ويُعلّمنا كيف نعيشها، وينفح فينا قوّته حتّى نُجسّدها.

 إنّه الربّ بذاته، يأتي ليعيش ويعمل فينا بنعمة الروح القدس، فيجعل منّا إنجيلاً حيّاً. أن يُرشدنا الربّ وروحُه وكلمتُه: هذه هي الحرّيّة الحقيقيّة! وهذا هو التحقيق الكامل لذواتنا.

"وحيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة"

  ولكنّ الروح القدس لا يستطيع أن يعمل إلاّ إذا كنّا جاهزين كلياً للإصغاء إليه،  ومستعدّين لتغيير عقليتنا كلّ ما تطلّب الأمر ذلك، وهو لا يعمل إلاّ إذا أذعنّّا لصوته بشكل كامل.

 فإنّه من السهل جدّاً أن نصبح عبيداً لضغوطات تمارسها علينا العادات والتقاليد الاجتماعيّة، فتقودنا إلى اتّخاذ خيارات خاطئة.

 لكي نعيش كلمة حياة هذا الشهر من الضروريّ أن نتعلّم كيف نقول "لا" بكلّ تصميم لكلّ ما هو سلبيّ ولكلّ تجربة تقودنا إلى تصرّفات لا توافق تعاليم الإنجيل. وإنّه لمن الضروريّ أن نتعلّم كيف نقول "نعم" لله بكلّ قناعة في كلّ مرّة نسمعه يدعونا لنعيش في الحقيقة والمحبّة.

 وبهذا سنكتشف يوماً بعد يوم الصلة الجامعة بين الصليب والروح القدس، كتلك التي بين السبب والنتيجة. فكلّ تشذيب وكلّ تخلٍّ وكلّ رفض لأنانيّتنا هي ينبوع نور جديد، وسلام، ومحبّة، وحرّيّة داخليّة، وتحقيق للذات؛ إنّها باب مفتوح أمام الروح القدس.

 في زمن العنصرة هذا يستطيع الروح أن يمنحنا مواهبه بوفرة، وأن يُرشدنا؛ فيعرف الناس أنّنا أبناء الله الحقيقيّين. وسوف نتحرّر من كلّ شرّ، ونكون أكثر حرّية لنحبّ.

"وحيث يكون روح الربّ تكون الحرّيّة"

 إنّها الحرّيّة التي وجدها موظّّف في الأمم المتّحدة، خلال مهمّته الأخيرة في أحد بلاد البلقان. لقد كان عمله مرضياً وإن كان متطلّباً وبغاية الجدّيّة. أمّا إحدى أكبر الصعوبات التي كان يعاني منها فهي اضطراره للبقاء بعيداً عن عائلته لفترة طويلة، وحين عودته إلى البيت كان من المتعب جدّاً أن يترك حِمْل عمله المجهد على الباب، ليهتمّ بأولاده وزوجته بروح حرّة.

 وفجأة صدر قرار بنقله إلى مدينة أخرى ما زالت تسودها أعمال العنف بالرّغم من اتّفاق السلام الذي وقِّع لتوّه. ما العمل؟ من المستحيل التفكير بنقل عائلته معه؟ ما هو الأهمّ الوظيفة أم العائلة؟ تحدّث مطوّلاً عن هذا الأمر مع زوجته، التي يشاركها حياة مسيحيّة صادقة وعميقة. وطلبا النور من الروح  القدس وبحثا معاً عن إرادة الله على عائلتهما. وأخيراً اتّخذا القرار بأن يترك عمله الطموح هذا، وهو قرار غير مألوف في ذلك المجال المهنيّ. ويخبر قائلاً: "إنّ القوّة للقيام بهذا الخيار كان ثمرة المحبّة المتبادلة مع زوجتي، التي لم تجعلني قط أشعر بعبء الصعوبات التي كنت أُسبّبها لها بحكم عملي. ومن جهتي، بحثتُ عن خير العائلة، متخطّياً الضمانات الاقتصادية والوظيفة بحدّ ذاتها، فوجدت الحرّيّة الداخليّة".

                                                                    كيارا لوبيك



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +