Skip to Content

كلمة حياة آذار 2007: "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالتهليل"

 

كلمة حياة

 Click to view full size image

      آذار 2007

 "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالتهليل" (مزامير126، 5)

  إنّ كلمة الحياة لهذا الشهر وردت في مزمور يُنشد تدخّل الله في حياة شعبه عندما حرره من "سبي بابل"، وهو كان يتدخّل دائماً كلما رأى شعبه محبطاً يائساً ومنجرفاً وراء الشر.

 إنّها قصّة كلّ منّا، تختصرها بوضوح هذه الآية مع ما تحمله من تناقض في الصورة: فهناك من جهة شكّ المزارع وقلقه عندما يعهد الى الأرض بالبذار، فيتساءل: هل سيكون الموسم جيداً؟ هل سينبت القمح؟ وهناك من جهة أخرى فرح الحصاد المنتظر.

  "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالتهليل"

 كتبت كيارا لوبيك تقول: عندما نخطط لمشروع حياتنا، غالباً ما نتخيّلها سلسلة أيام متناغمة، تنساب في سلام ونظام، تملؤها أعمال متقنة ودروس واستراحة وأوقات عائلية ولقاءات ورياضة وتسلية.. فقلب الإنسان يرجو دائماً أن يتم الأمر على هذا النحو وحسب.

  ولكنّ "مسيرتنا المقدّسة" قد تتخذ في الواقع، اتجاهاً مختلفاً، لأنّ الله أراد ذلك الاتجاه. فهو يطعّم مشاريعنا بعناصر أخرى، يريدها أو يسمح بها، ليضفي على وجودنا معناه الحقيقي ويقود حياتنا نحو الهدف الذي من أجله خُلقنا. فتعترض مسيرتنا آلام جسديّة وروحيّة مختلفة تُعبّر عن الموت أكثر من تعبيرها عن الحياة.

 لماذا ذلك كلّه؟ أيريد الله الموت؟ طبعاً لا، إنّه يحبّ الحياة، يحبها وافرة خصبة، حياة، على الرغم من توقنا اللامحدود  إلى الكمال والتناغم والسلام، ما زالت تفوق تصوّراتنا كلّها.

فالصورة الموحاة في كلمة الحياة هذه تعبّر عن هذا الواقع أفضل تعبير. يرمي الزارع بذاراً مُعدّة للموت، ترمز الى معاناتنا وآلامنا، والحاصد يجني ثمار السنابل التي ولدت من أعماق ذلك الموت: "إن حبّة الحنطة التي تقع في الأرض إن لم تمت تبقَ وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمراً كثيراً". (يوحنا 24،12)

"إنّ الله يريدنا أن نختبر نوعاً من الموت، أو أحياناً أنواعاً منه، وذلك من أجل أن نحمل ثمراً، بأعمال تليق به لا بنا كبشر. فالمعنى الحقيقيّ لوجودنا هو أن نعيش حياة غنيّة، وافرة، تكون إنعكاساً لحياته".

 "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالتهليل"

  كيف نعيش كلمة الحياة هذه؟

 ترشدنا كيارا قائلة: "فلنعطِ ألمنا قيمة، صغيراً كان أم كبيراً، ولنضعه في مكانه الحقيقيّ. إن محبّة القريب تتطلب جهوداً وتضحيات ذات قيمة، فهذه المحبّة مطلب ملحّ"، ومن هذه الجهود والتضحيات تولد الحياة. ولا نستسلمنَّ أبداً حتى ولو لم تكن النتائج سريعة، واثقين أنّه في بعض الأحيان "إنسان يزرع والآخر يحصد". (يوحنا 37،4). وقد نتساءل مثلاً، ماذا سيكون مستقبل هؤلاء الأولاد الذين نسعى لنقدم لهم أفضل تربية؟ مَن سيرى ثمار إلتزامنا الروحي والاجتماعي؟ لكن لا نتعبنّ من عمل الخير (أنظر غلاطية 9،6) فالثمار ستنضج في كلّ الأحوال، وإن متأخرة أو مخالفة  لانتظاراتنا، لكنّها آتية لا محالة.

  فكلّنا رجاء وثقة أنّ هدف مسيرتنا واضح وأكيد ولا بد أن نبلغه في آخر حياتنا، وما الصعوبات والتجارب والشدائد التي تُضيّق علينا أحياناً إلاّ ممرٌّ لا بدّ منه، يفتح أمامنا باب السعادة والفرح. "فلنسر إلى الأمام! ولنتخطّىَ كلَّ ألم. لا نتوقّفن أمام هذه التجربة أو تلك الحيرة، ولنثق أنّ الحصاد لا بدّ آتٍ".

  "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالتهليل"

 "باتريسيا" طالبة حقوق في الثانية والعشرين من عمرها تشغل منصب مساعدة مدير. أسرّت إلينا قائلة: "سعيت دوماً إلى تحسين إدائي في العمل والى الإهتمام بنوعية العلاقة التي تربطني بزملائي كي يشعر كلّ منهم أنه محطّ تقدير واحترام".

 وغالباً ما كان الأمر يتطلّب منها السير بعكس التيار لتبقى أمينة لمبادئها الشخصيّة، حتّى لو أدّى الأمر إلى نتائج سلبيّة. تخبرنا: "في دائرة العمل شخص يشغل منصباً مهماً ويتمتع ببعض الامتيازات، لكن مسلكه كان مشبوهاً وعليّ أن أواجهه بذلك".

  وهذا ما فعلت، فخسرت عملها لأنّها تصرّفت حسب قناعاتها. تقول: "تألمتُ بشكل رهيب، ولكنّني في الوقت عينه كنت بسلام، لأنّني أعلم أنّي تصرّفت بطريقة سليمة". ولم تترك اليأس يتسرب إلى قلبها فهي تثق أن لها أباً في السماء يحبّها من دون حدود، وليس عنده أمر مستحيل. في حينه كان بلدها "الباراغوي" يجتاز وضعاً اقتصادياً صعباً، بدا معه أن إيجاد عمل في هذه الظروف أمر شبه مستحيل. ولكن في اليوم عينه الذي صُرِفت فيه تبلغت باتريسيا عرضين للعمل آخرين. وهي تجد اليوم أنّ عملها الحاليّ والمركز الذي تشغله أفضل بكثير من عملها السابق بخاصة وأنّه يوافق نوعيّة تخصصها.

غبريّلا فالاكارا - الأب فابيو شاردي




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +