Skip to Content

كلمة حياة نيسان 2006: "إنّ حبّة الحنطة، التي تقع في الأرض إن لم تمت تبق وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمراً كثيراً"

 

كلمة حياة

 

نيسان 2006

 "إنّ حبّة الحنطة، التي تقع في الأرض إن لم تمت تبق وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمراً كثيراً" (يو 12، 24)

 

 إن كلمات يسوع البليغة هذه تُدخلنا في عمق سرّ الحياة أكثر من أيّ دراسة حول هذا الموضوع. لا فرح مع يسوع إن لم نحبّ الألم، ولا قيامة من دون موت. يتحدّث يسوع هنا عن ذاته ويكشف سرّ وجوده. قال هذا الكلام أيّاماً قليلة قبل موته المؤلم والمهين. وكيف يموت ولماذا، هو مَن أعلن قائلاً:"أنا هو الحياة"؟ ولماذا يتالّم هو البريء من كلّ خطيئة؟ لماذا يُشتم ويُصفع ويُهزأ به ويُسمّر على الصليب وتكون نهايته معيبة إلى أقصى حدّ؟ ولماذا هو الذي عاش وحدة ثابتة ومتواصلة مع الله يشعر الآن من فوق الصليب بأنّ الآب قد تخلّى عنه وتركه؟

 إنّ الموت يُرهب يسوع ولكنّه سيختبره من أجل غاية محدّدة ألا وهي القيامة.

 لقد أتى يسوع ليجمع "في واحد" أبناء الله المشتّتين (يو 11، 52) وليهدم كلّ حاجز يفصل بين الشعوب والأفراد، وليُحقّق الأخوّة بين البشر المنقسمين، وليحمل لهم السلام ويبني الوحدة في ما بينهم.

لكن ثمّة ثمن عليه أن يُسدّده. فلكي يجذب إليه الجميع يجب أن يُرفع على الصليب (أنظر يو 12، 32). ها هو يُعطي مثلاً من أجمل الأمثال التي وردت في الإنجيل:

  "إنّ حبّة الحنطة، التي تقع في الأرض إن لم تمت تبق وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمراً كثيراً"

 

  يسوع هو حبّة الحنطة.

  نحن في زمن الفصح ويسوع من فوق الصليب، من حيث شهد هو للآب والآب مجّده، يُظهر أقصى درجات حبّه العظيم لنا. لقد أعطى كلّ شيء؛ سامح قاتليه، ومنح الجنّة للصّ اليمين، أعطانا أمّه وجسده ودمه وحياته. ولقد صرخ: "إلهي، إلهي لماذا تركتني؟"

 كتبتُ سنة 1944: "أَتَعْلَم أنّه أعطانا كل شيء؟ ماذا كان بإمكانه أن يُعطينا أكثر من ذلك، هذا الإله الذي، محبّة بنا بدا وكأنّه نسي أنّه الله؟" وأعطانا الإمكانيّة أن نصير أبناء لله، فولّد شعباً جديداً، وخليقة جديدة.

 وفي يوم العنصرة، زهّرت حبّة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت، وتحوّلت إلى سنبلة خصبة، إلى ثلاثة آلاف شخص من الشعوب والبلدان كلّها.            

 أصبحوا قلباً واحداً وروحاً واحدة ومن ثمّ صاروا خمسة آلاف، وبعدها أكثر فأكثر.

  "إنّ حبّة الحنطة، التي تقع في الأرض إن لم تمت تبق وحدها. وإذا ماتت، أخرجت ثمراً كثيراً"

 

 هذه الآية تعطي معنىً لحياتنا ايضاً، ولألمنا، ولموتنا.

 إنّ الأخوّة العالميّة التي نودّ أن نعيش من أجلها، وكذلك الوحدة التي نريد أن نبنيها من حولنا، تبقى حلماً مبهماً ووهماً إذا لم نكن مستعدّين لأن نسير في الطريق التي رسمها لنا المعلّم.

  كيف استطاع هو أن يحمل ثمراً كثيراً؟

  لقد شارَكَنا بكلّ شيء، ولبس آلامنا، فأصبح معنا ظلمة وحزناً وتعباً وتناقضاً.. لقد اختبر الخيانة، والانعزال، واليتم.. باختصار صار واحداً معنا إذ حمل على عاتقه كلّ ما هو ثقيل بالنسبة إلينا.

 علينا أن نعيش مثله. فحين نُغرم بذاك الإله الذي أصبح "قريبنا" نستطيع أن نشكره شكراً عظيماً على محبّته اللامتناهية. حين نعيش كما عاش هو، نصير بدورنا "قريبين" ممّن يمرّون بقربنا في الحياة اليوميّة، ونرغب أن "نكون واحداً" معهم، ونأخذ على عاتقنا كلّ انقسام، ونشارك في كلّ ألم، ونحلّ كلّ مشكلة بمحبّة ملموسة تستند على الخدمة.

  إختبر يسوع ترك الآب له على الصليب ووهب ذاته بكلّيتها "بين يديك استودع روحي". ومن خلال روحانيّتنا القائمة على محبّة يسوع المتروك، يجب أن يشعّ القائم من الموت في حياتنا ويكون فرحنا شاهداً على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                                    كيارا لوبيك 

  



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +