Skip to Content

كلمة حياة حزيران 2006: "أُسلكوا بالروح (...). إن كنتم تَنْقادون بالروح فلا تكونون في حكم الشريعة"

 

كلمة حياة

 Click to view full size image

 حزيران 2006

  "أُسلكوا بالروح (...). إن كنتم تَنْقادون بالروح فلا تكونون في حكم الشريعة"

  (غل 5، 16. 18)

  "إنّما دُعيتم إلى الحرّيّة" (غل 5، 13). إنّه الإعلان الذي وجّهه بولس من ترسس إلى المسيحيّين من مختلف الجماعات في غلاطية. وهو إعلان يردّد صدى كلمات يسوع حين قال أنّه سيجعلنا "أحراراً حقّاً" (يوحنّا 8، 36). ولكن، أحراراً من أيّ شيء؟ لقد تحرّر أهل غلاطية من التوجيهات القانونيّة في شريعة موسى، وهذه الحرّية شملت في ما بعد المسيحيّين أجمعين. لا بل حُرّرنا من الخطيئة ومن نتائجها، أي من خوفنا، ومن التفتيش المستمرّ عن مصالحنا، ومن القيود الثقافيّة، والتقاليد الإجتماعيّة المتّبعة. لذا نحن أحرار حين نحترم قواعد التصرّف الإجتماعيّة والدينيّة في المسيحيّة، ولا نشعر بأنّها مفروضة علينا من الخارج.

 بالنسبة إلينا هناك شريعة جديدة، "شريعة المسيح" (غل 6، 2) كما يدعوها بولس، وهي مطبوعة في صميم قلوبنا، وتزهر من الداخل، من الإنسان الذي أصبح إنساناً جديداً بفضل محبّة المسيح. إنّها "شريعة الحرّيّة" (يع 2، 12). إنّها شريعة تعطينا في الوقت عينه القوّة اللازمة لكي نُطبّقها. فنحن أحرارٌ لأنّ روح المسيح الحيّ فينا هو الذي يقودنا. من هنا تأتي هذه الدعوة:

   "أُسلكوا بالروح (...). إن كنتم تَنْقادون بالروح فلا تكونون في حكم الشريعة"

 في فترة العنصرة هذه نعيش من جديد حدث حلول الروح القدس على مريم والتلاميذ المجتمعين في العلّيّة. ويُفيض هذا الروح، بألسنة من نار، محبّة الله في قلوبنا (أنظر روم 5، 5). فالشريعة الجديدة هي المحبّة.

 الروح القدس هو محبّة الله التي تملأنا فتحوّل قلبنا، وتُفيض فيه محبّة الله نفسها وتُعلّمنا أن نتصرّف محبّةً بالآخر.

المحبّة هي التي تحرّكنا، وتقترح علينا كيف يجب أن نتصرّف أمام الأحداث والخيارات التي نحن مدعوّون إلى القيام بها. المحبّة هي التي تُعلّمنا كيف نميّز ما هو خير فنتمّمه، وما هو شرّ فنتجنبّه. المحبّة هي التي تدفعنا إلى التحرّك بهدف تحقيق خير الآخر.

 لسنا مُسَيَّرين من الخارج، بل من خلال الحياة الجديدة التي وضعها الروح القدس في داخلنا. فقَوَانا، وقَلبنا وعقلنا وكلّ قدراتنا باستطاعتها أن "تسلك بالروح" لأنّ المحبّة قد وحّدتها ووضعتها في تصرّف مخطّط الله علينا وعلى المجتمع.

  نحن أحرار في أن نحبّ.

  "أُسلكوا بالروح (...). إن كنتم تَنْقادون بالروح فلا تكونون في حكم الشريعة"

 "إن كنتم تنقادون بالروح..". هناك دوماً خطر بأن يُعيق أمرٌ ما الروح القدس فيمنعه من أن يملك كلّيّاً على عقلنا وعلى قلبنا. باستطاعتنا أن نقاوم صوته وإرشاده إلى درجة أنّنا قد "نُحزِنه" (أف 4، 30) وقد "نُطفِىء" حضوره فينا (1 تس 5، 19). فغالباً ما نُفضّل اتّباع رغباتنا بدل رغباته هو، ونتمّم إرادتنا عوضاً عن إرادته.

 كيف نسمح إذاً لذلك الصوت الذي يُحدّثنا في داخلنا بأن يقودنا؟ وإلى أين سوف يحملنا؟ يذكّرنا بولس نفسه بذلك في آيات ذكرها قبل تلك الآية: الشريعة الجديدة كلّها، شريعة الحرّيّة تتلخّص في مبدأ واحد وهو محبّة القريب. عمليّاً ينصح بولس من يريد أن يكون حرّاً بأن يصبح عبداً للآخر، أن يضع نفسه في خدمة الآخر (أنظر غل 5، 13- 14). ذلك الصوت في داخلنا "وهو المحبّة" يدفعنا إلى أن نكون منتبهين لمَن هو بقربنا وأن نصغي إليه ونعطيه حاجاته.

  قد يبدو الأمر غريباً، ولكنّ كلّ كلمة حياة تحملنا في النهاية إلى المحبّة. وهذا ليس بأمر قسري بل إنّه منطق الإنجيل!

  فنحن نكون مسيحيّين حقيقيّين فقط إن كنّا في المحبّة!

   "أُسلكوا بالروح (...). إن كنتم تَنْقادون بالروح فلا تكونون في حكم الشريعة"

  لنترك الروح يقودنا إلى درب المحبّة. فنستطيع أن نصلّي له هكذا:

 أنت هو النور والفرح والجمال.

 أنت تجذب النفوس، أنت تُشعل القلوب وتوَلّد فينا أفكاراً عميقة ملؤها التصميم على بلوغ القداسة، من خلال التزامات فرديّة غير متوقّعة.

 أنت تُقَدّسنا. وبخاصّة أنت، أيّها الروح القدس، أنظر إلى خشونة وغلاظة قلوبنا واجعلنا متديّنين لك، أنت الرزين حتّى وإن كنتَ عنيفاً ومندفعاً لكنّك تهبّ كنسيم عليل فقليلون يعرفون الإصغاء إليك وسماعك. فلا يمرّ يومٌ من دون أن نتضرّع إليك وأن نشكرك وأن نعبدك، ومن دون أن نحبّك وأن نعيش دوماً كتلاميذ لك مثابرين.

  إنّها النعمة التي نطلبها منك!

                                                                       كيارا لوبيك

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +