Skip to Content

كلمة حياة تشرين الاول 2006: "ومن سقاكم كأس ماء باسمي(...)، فالحقّ أقول لكم: إنّه لن يفقد أجره"

 

 كلمة حياة

 

 Click to view full size image

تشرين الأوّل 2006

 "ومن سقاكم كأس ماء باسمي(...)، فالحقّ أقول لكم: إنّه لن يفقد أجره"(مرقس 9 ،41)

 إنّ يسوع يدعونا من خلال الإنجيل كلّه إلى أن نعطي، أن نعطي الفقراء( مرقس 10 ،21)، أن نعطي من يسألنا، ومن يرغب أن يقترض منّا مالاً(متّى 5 ، 42)، أن نعطي الطعام للجائع(مرقس 6 ،37) والرداء لمن يطلب القميص(متّى 5 ،40).. هو يطلب منّا أن نعطي مجّاناً ومن دون حساب(متّى 10،8)..

وهو نفسه قد بادر بالعطاء؛ اعطى الصحّة للمرضى، والغفران للخطأة، والحياة لنا جميعاً.

 وهو يجابه بالسخاء، غريزة الأنانيّة التي فينا والتي تجعلنا نستأثر بالأشياء، ويواجه التركيز المبالغ على حاجاتنا الخاصّة بالدعوة إلى الإنتباه للآخر ولحاجاته، ويقابل ثقافة التملّك بثقافة العطاء.

 ولا يهمّه إن كنّا نستطيع أن نعطي الكثير أم القليل. المهمّ "كيف" نعطي، وكم من المحبّة نضع حتّى في بادرة انتباه صغيرة تجاه الآخر. يكفي أحياناً أن نقدّم له كاس ماء، كأس ماء "باردة"(متّى 10،42) كما جاء في إنجيل متّى، وهي في ذلك الزمن كانت تُعتَبَر تقدمة مشكورة وضروريّة بخاصّة في بلد حارّ مثل فلسطين.

  "ومن سقاكم كأس ماء باسمي(...)، فالحقّ أقول لكم: إنّه لن يفقد أجره"(مرقس 9 ،41)

 كأس ماء إذاً، أي بادرة بسيطة ولكنّها كبيرة في عيني الله إذا ما نحن أتممناها باسمه، أي بمحبّة.

وإنّ المحبّة لمتنوّعة التعابير وتعرف كيف تجد أفضل السبل كي تتجلّى. المحبّة تنتبه لأنّها تنسى ذاتها. المحبّة تهتمّ لأنّها حين تلحظ حاجة لدى الآخر تعمل ما في وسعها لسدّ هذه الحاجة.

ألمحبة بسيطة، لأنّها تعرف كيف تتقرّب من الآخر حتّى من خلال الإستعداد للإصغاء والخدمة والجهوزيّة.

كم من المرّات نجد أنفسنا إلى جانب أحد المرضى أوالمتألّمين، فنعتقد أنّنا نسدي له خدمة كبيرة من خلال نصائحنا، التي قد لا تكون دائماً في محلّها، أو نبالغ بالثرثرة التي قد تجعله يملّ ويتعب بدلاً أن نريحه.

كم هو مهمّ إذاً، عكس ذلك، ان نحاول أن "نكون" المحبّة أمام كلّ شخص! فنجد هكذا الطريق المباشر للدخول إلى قلبه فيرتاح.

 "ومن سقاكم كأس ماء باسمي(...)، فالحقّ أقول لكم: إنّه لن يفقد أجره"(مرقس 9 ،41)

 تستطيع كلمة حياة هذا الشهر ان تساعدنا على أن نكتشف من جديد قيمة كلّ عمل نقوم به؛ من الأعمال المنزليّة، او الأعمال في الحقل أو في المصنع، إلى تسيير المعاملات في المكاتب، و الوظائف في المدرسة، وإلى تحمّل المسؤوليّة في المجالات كافّة المدنيّة منها والسياسيّة والدينيّة. يمكن لكلّ ذلك أن يتحوّل إلى خدمة متيقّظة ومتفانية.

وستعطينا المحبّة أعيناً جديدة لنفهم ما يحتاج إليه الآخرون فنغطّي هذه الحاجات بسخاء وخيال خلاّق.

 وما هي ثمار ذلك؟ سوف تفيض العطايا المتبادلة بين الجميع، لأنّ المحبّة تنادي المحبّة فتصبح متبادلة. وسوف يتضاعف الفرح لأنّ " العطاء أعظم غبطة من الأخذ"(رسل 20 ، 35).

  "ومن سقاكم كأس ماء باسمي(...)، فالحقّ أقول لكم: إنّه لن يفقد أجره"(مرقس 9 ،41)

  أذكر أنّه، خلال الحرب العالميّة الثانية، كانت بعض العائلات الفقيرة جدّاً في مدينتنا ترنتو تقطن أحياء معيّنة. فقصدناها لنتقاسم معهم ما لدينا. وكنّا نرغب بتحسين أوضاع أفرادها المعيشيّة بشكل نتوصّل فيه جميعنا إلى عيش نوع من المساواة العادلة.

  كان هذا التفكير بسيطاً جدّاً لكنّه أثمر ثماراً لا توصف: فراحت المأكولات والثياب والأدوية تصل بوفرة ويتقاسمها الجميع.. ووُلدت فينا القناعة بأنّ الجواب على كلّ مشكلة فرديّة واجتماعيّة موجود في الإنجيل المعاش بطريقة أساسيّة.

 لم يكن ذلك بوهم مستحيل. هناك اليوم مئات الشركات التي تبنّت مشروع "اقتصاد المشاركة" فوجّهت أعمالها وفق ثقافة العطاء، وهي تشارك في أرباحها من أجل تحقيق أهداف اجتماعيّة، كمدّ يد المساعدة للأشخاص المعوزّين، فتخلق فرص عمل جديدة وتسدّ الحاجات الضروريّة الأوّليّة.

  لكنّ المحتاجين كثُر وأرباح تلك الشركات لا تكفي لسدّ الحاجات كلّها. لذلك يقوم العديد من بيننا منذ 1994 بتقديم مبلغ صغير شهريّاً لمعونة الفقراء. وها نحن اليوم نساعد حوالي 7000 شخص منتشرين في 55 بلد تقريباً.

 عديدة هي شهادات الحياة عن "كؤوس الماء" التي تلقّوها أو قدّموها في سباق عطاء سخيّ. أذكر واحدة منها وصلتنا من الفليبين:" إنّ محلّنا الصغير لبيع اللحوم قد أفلس بسبب داء تفشّى بين الحيوانات. فاضطررنا لأن نقترض المال ولم نعد نعرف كيف السبيل للمضيّ إلى الأمام. لكنّ مساعدتكم المنتظمة مكّنتنا من الحصول على قوتنا اليوميّ. وفهمت فوراً أنّه عليّ أن أساعد أنا أيضاً من هو بأكثر حاجة منّي.

 وكان لي في تلك الأثناء جارة مريضة وتتألّم جدّاً وبحاجة إلى مساعدة ماديّة ملحّة أيضاً.. فساعدتها إلى حين انتقلت إلى رحمته تعالى. وما زلت أساعد ماديّاً أيضاً ابنها الخامس لأنّ والده لايقدر على ذلك، كونه أفقر منّا".

                                                                                                كيارا لوبيك

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +