Skip to Content

كلمة حياة نيسان 2005: "أنا أتيتُ لتكون للناس حياة، وتكون لهم وافرة"

 

كلمة حياة 

Click to view full size image

نيسان 2005

  "أنا أتيتُ لتكون للناس حياة، وتكون لهم وافرة" (يو 10، 10)

 غالباً ما لجأ يسوع إلى استعمال التشابيه والأمثال ليعلّمنا بطريقة بسيطة وفعّالة حقيقة رسالته الجوهريّة. وكلمة الحياة هذه مأخوذة من مثل استمدّه يسوع من مشاهد الحياة اليوميّة، ويتحدّث عن مدى عناية الراعي بقطيعه.

فقطّاع الطرق واللصوص يهدّدون، كما الذئاب الكاسرة، سلامة القطيع؛ أمّا يسوع فيُشبّه ذاته بالراعي الصالح الذي يهتمّ حقّاً بنعاجه يقودها ويحميها ويدافع عنها حتّى مواجهة الموت والاستشهاد.

وهذه المقارنة بين الراعي ويسوع تصبح حقيقة معه هو الذي مات معلّقاً فوق الصليب حتّى "نحيا به". ( 1 يو، 4- 9)

  "أنا أتيتُ لتكون للناس حياة..."

 جاء يسوع لأنّ الآب أرسله كي يحمل لنا حياته الإلهيّة. "هكذا أحبّ الله العالم، حتّى أنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك أي مؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة" (يو 3، 16).

كيف نفهم ذلك؟ لقد ورثنا الحياة البشريّة من والدينا، بينما ما يحمله لنا يسوع هو الحياة الأبديّة، أي المشاركة في حياة ابن الله والدخول في شركة حميمة مع الله.

إنّها حياة الله بالذات تلك التي يستطيع يسوع أن يُشركنا بها لأنّه هو الحياة. هو الذي قال "أنا الحياة" (يو، 14-6)، "ومن ملئه نحن كلّنا أخذنا نعمة تلو نعمة" (يو، 1-16).

وما هي حياة الله يا تُرى؟  إنّها المحبّة.

تجسّد يسوع وعاش على هذه الأرض محبّةً بنا، حاملاً لنا تلك المحبّة التي تلتهب في قلبه وقد نقل إلينا شعلة هذا اللهيب اللامتناهي الذي يريدنا أن نحيا منه.

 "...وتكون لهم وافرة"

 لا يكتفي يسوع بامتلاك الحياة، فهو نفسه الحياة ويستطيع أن يَهِبَها بوفرة كما يَهِب معها ملء الفرح (يو، 17-13).

هبة الله لنا هي دائماً لا متناهية وسخيّة كما الله بالذات. هو يُشبع تَوق قلبنا أي رغبتنا في حياة وافرة لا تنتهي.

وحده الله يستطيع أن يروي عطشنا إلى "اللامتناهي". إنّه يعطينا حياته الأبديّة، لا في المستقبل وحسب بل في الحاضر أيضاً. حياة الله تبدأ الآن ولا تنتهي أبداً.

فلنتأمّل بحياة القدّيسين. يبدون مغمورين بملء الحياة حتّى انّها تفيض من حولهم. من أين للقدّيس فرنسيس الأسّيزي مثلاً هذه المحبّة الشاملة القادرة في آنٍ معاً على استقبال الفقراء، وعلى التوجّه للقاء سلطان مصر سعياً وراء السلام وعلى الاعتراف بكلّ خليقة أخاً وأختاً له؟

ومن أين هذه المحبّة الفعّالة للأخت تريزا التي جعلت نفسها أمّاً لكلّ طفل متروك وأختاً لكلّ إنسان وحيد؟

في الواقع، لقد كان للقدّيسين حياة رائعة مميّزة هي الحياة التي وهبهم إيّاها يسوع.

  "أنا أتيتُ لتكون للناس حياة، وتكون لهم وافرة"

 كيف نستطيع نحن أن نعيش كلمة الحياة هذه؟

لنَسْتقبل الحياة التي يهِبَنا إيّاها يسوع.

إنّها أصلاً مزروعة فينا بفعل عمادنا وبفعل إيماننا، وبإمكانها أن تنمو وتكبر على قدر ما نعيش الحبّ. فالحبّ هو المُحيي والإنسان الذي يحبّ "يثبت في الله ويثبت الله فيه" (1 يو، 4-16). هكذا يقول القدّيس يوحنّا في رسالته الأولى.

نعم، فإذا كانت المحبّة حياة الله وجوهره، فهي أيضاً حياة الإنسان وجوهره.

وبالمقابل، كلّ مرّة يغيب الحبّ عنّا، تغيب الحياة معه.

وما رحيل "ريناتا بورلونِه" إلى السماء إلاّ خير شهادة على ذلك، وقد ابتدأت دعوة تطويبها مؤخراً.إنها قَبِلَت نبأ موتها المحتوم كإرادة الله عليها. قالت انّها تريد أن تشهد بأنّ الموت حياة وبأنّه قيامة وقدّمت نفسها، بمعونة الله، شاهدة على هذه الحقيقة حتّى النهاية. ولقد حقّقَتْ رغبتها وحوّلت موتها إلى قيامة.

                                                       كيارا لوبيك.

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +