Skip to Content

كلمة حياة ايار 2005: " كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً.. "

 

 كلمة حياة

 

Click to view full size image

أيار 2005

  " كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً.. "  (يوحنّا20/21)

 نحن في عشيّة عيد الفصح. كان يسوع القائم من الموت قد ظهر لمريم المجدليّة، أمّا بطرس ويوحنّا فوجدا القبر فارغاً، وعلى الرغم من ذلك، بقي التلاميذ داخل العلّيّة والأبواب مغلقة والخوف يملأ قلوبهم. وها هو القائم من الموت يحضر في وسطهم. من اليوم فصاعداً لن تكون هناك حواجز تفصل بينه وبينهم.

كان يسوع قد تركهم وها هو يعود كما وعد. إنّه الآن هنا وسيبقى إلى الأبد "حاضراً بينهم". لا يعني هذا ظهوراً مؤقتاً بل هو حضور دائم. لم يعد التلاميذ بعد الآن وحدهم، بل حلّ الفرح في قلوبهم محلّ الخوف: "ففرح التلاميذ حين رأوا الرّب" (يوحنّا 20/20)

وفتح يسوع القائم من الموت قلوبهم وأبواب بيوتهم على العالم أجمع قائلاً :

  " كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً.. "

أرسل الآب يسوع إلى الناس ليصالحهم مع الله ويعيد الوحدة إلى الجنس البشريّ. وعلى التلاميذ اليوم أن يتابعوا بناء الكنيسة. فباتحاد يسوع مع الآب استطاع أن يتمّم مشيئة الله. أمّا الآن فبحضور القائم من الموت بينهم وفيهم سيستطيعون هم أيضاً أن يتمِّموا رسالته على أكمل وجه. "ليكونوا كلّهم واحداً كما أنك أنت فيَّ، يا أبتِ، وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا".. ولأكُن "أنا فيهم".(يوحنّا 17/23) هكذا صلّى يسوع وطلب من الآب.

الرسالة الموكلة من الآب إلى الابن ومن الابن إلى الرسل ومن هؤلاْء إلى خلفائهم ما زالت هي ذاتها حتى اليوم. وعلى كلّ مسيحيّ أن يسمع صدى كلمات يسوع هذه تتردّد في قلبه. فالوظائف في الكنيسة مختلفة أمّا الرسالة فواحدة.

  " كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً.. "

كيف نستجيب لنداء الرّب هذا؟ لندعه يحيا فينا ولنبدأ بتبشير ذواتنا فنصير "كلمة الله" وأعضاءَ حيّةً في الكنيسة.

والبابا يوحنّا بولس الثاني سمّى هذه الدعوة "التبشير الجديد بالإنجيل فقال:"من أولويّات الكنيسة مع بداية هذه الألفيّة الجديدة هو بالتأكيد أن نتغذّى من الكلمة حتى نصير "خدّام الكلمة" في رسالتنا التبشيريّة".

وأضاف قائلاً:" وحده الإنسان الذي يعرف أن يترك ذاته تتحوّل بشريعة محبّة المسيح ونور الروح القدس، قادر على تحقيق اهتداء القلوب والنفوس، في بيئته ووطنه والعالم".

لم يعد يكفي اليوم مجرّد الكلام. يؤكّد البابا بولس السادس قائلاً: "إنسان اليوم بحاجة إلى شهود أكثر منه إلى معلّمين. وإذا أصغى إلى المعلّمين فلأنّهم أيضاً شهود".

وتكون بشارة الأنجيل أكثر فعاليّة إن هي بُنيت على شهادة المحبّة المعاشة كما كان الواقع مع المسيحيّين الأُول. فإذا أردنا أن نبشّر مردّدين:" فالذي رأيناه وسمعناه، به نبّشركم أنتم أيضاً" (1 يوحنا 1/1)، من الضروري أن يُقال عنّا أيضاً: "أنظروا كم يحبّون بعضهم البعض وهم مستعدّون دائماً ليبذلوا أنفسهم في سبيل بعضهم البعض" (ترتليانوس). سيكون تبشيرنا فعّالاً إذا أحببنا بعضنا حقّاً في عطاء كامل مستجيبين لنداء من هم بحاجة إلى محبّتنا، فنعرف عندها أن نُطعم ونكسو ونقدّم مسكناً لمن ليس له، ونعطي صداقة لليائس ونسند من هو في محنة. لو عشنا هكذا لصرنا مسيحاً آخر واجتذبنا العالم إلى يسوع وأكملنا عمله.

  " كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً.. "

نورد هنا اختباراً مميّزاً عاشه أطّباء وممرضات مع شعب "البَنْغُوا" في الكامرون سنة 1966. هناك اكتشفوا وضعاً مأساويّاً، إذ أنّ نسبة الوفيّات عند الأطفال في تلك الحقبة كانت قد بلغت 90% وراحت تهدّد الشعب بالانقراض. فقرّروا أن يُقيموا بين الناس معتبرين أنّ الاستمرار في عيش المحبّة المتبادلة معهم هو أولويّة، من أجل الشهادة للإنجيل.

امتلأوا حبّاً لكلّ فرد التقوه ولم يفرّقوا بين شخص وأخر. افتتحوا مستوصفاً ما لبث أن تحّول إلى مستشفى. فانخفضت نسبة الوفيّات إلى 2%. ولقد أُنشئت اليوم، في وسط الغابة، محطّة لتوليد الكهرباء وتبعتها مدرسة في قسميها الإبتدائي والثانويّ. وعلى مرّ السنوات وبمساعدة الشعب كلّه ومشاركته، شُقّت اثنتا عشرة طريقاً وصلت القرى المختلفة ببعضها البعض.

إن المحبّة المعاشة بطريقة حسيّة تعدي. واليوم، يعيش القسم الأكبر من هذا الشعب مثال هذه الحياة الجديدة ويشارك فيه. خصوم الأمس صاروا أصدقاء والنزاعات على حدود القرى زالت وأقام ملوكها عهد المحبّة المتبادلة في ما بينهم، وهم اليوم يقدّمون بحياتهم شهادة مميّزة وصادقة عن معنى الأخوّة الحقيقيّة.

 كيارا لوبيك

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +