Skip to Content

كلمة حياة اب 2005: " يا قليل الإيمان، لماذا شَكَكت؟ "

 

 كلمة حياة

Click to view full size image

آب 2005

 " يا قليل الإيمان، لماذا شَكَكت؟ " (متى 14،31)

  حلّ الظلام، والرياح المخالفة جعلت عبور بحيرة طبريّا صعباً، وراحت الأمواج تتقاذف السفينة من كلّ ميل.

  إنّه وضع سبق أن اختبره التلاميذ، إنّما في حينه كان المعلّم معهم في السفينة (متى 8، 23-27). أمّا اليوم فإنّه بَقيَ يُصلّي في الجبل.

 لكنّ يسوع لم يدعهم وحدهم في خضمّ العاصفة. بل نزل وجاء إليهم ماشياً على المياه وراح يشجّعهم: "ثقوا أنا هو، لا تخافوا..." (متى 27،14)

 هل هذا "هو" حقّاً أم إنّه خيال؟‍!

 شكّ بطرس وطلب برهاناً؛ أن يمشي هو أيضاً على الماء. دعاه يسوع، فخرج بطرس من السفينة لكنّه خاف عندما رأى شدّة الريح وأخذ يغرق. لوقته مدّ يسوع يده وأمسكه قائلاً:

 " يا قليل الإيمان، لماذا شَكَكت؟ "

  كلمات، ما زال يسوع يتوجّه بها إلينا كلّما شعرنا أنّنا وحيدون خائفون، وسط العواصف التي تهبّ على حياتنا. قد نكون في حالة مرض، أو قد نمرّ في أوضاع عائليّة مؤلمة، أو نعيش حالات عنف أو ظلم، فيتسرّب الخوف الى قلبنا وربّما التمرّد أيضاً.

  لماذا لا يرى الله ما يحدث؟ لماذا لا يسمع؟ لماذا لا يتدخّل؟ أين إله المحبّة الذي به آمنّا؟ هل هو وهمٌ؟

  كما للتلاميذ الخائفين وغير المؤمنين لا يزال يسوع يردّد لنا اليوم: "ثقوا، أنا هو، لا تخافوا..."

 في ذلك الوقت، نزل يسوع من الجبل حتّى يكون إلى جانب التلاميذ ويسندهم في الخطر.

 واليوم يسوع القائم من الموت ما زال يتدخّل في حياتنا، يسير إلى جنبنا ويكون رفيق دربنا.

 إنّه لا يتركنا وحدنا في التجارب. هو هنا ليعيشها معنا. هل نؤمن بذلك بشكل كاف؟ لذلك ما زال يردّد.

 " يا قليل الإيمان، لماذا شَكَكت؟ "

 هل هذا عتب يتوجّه به إلينا؟

 لا. بل هي دعوة لنجدّد إيماننا.

  والإنجيل يذكّرنا بالعديد من وعود يسوع عندما يقول مثلاً: "أسألوا تُعطوا..." (يو 24،16)، "أطلبوا ملكوت الله أولاً وبرّه وكل شيء يُزاد لكم" (متى 33،6)، أو "من ترك أيّ شيء من أجل إسم يسوع نال المائة ضعف في هذه الحياة وورث الحياة الأبديّة..." (متى 29،19)

 نستطيع أن نحصل على كلّ شيء إن نحن آمنا بمحبّة الله لنا وكي يهبنا كلّ شيء، يريد منّا يسوع أن نؤمن بمحبّته لنا. وإذا فتحنا قلبنا على تلك المحبة التي يخصّ بها يسوع كلّ واحد منّا، لاستطاع أن يمنحنا ما يريد.

  إلاّ أنّنا غالباً ما نضطرب وكأنّ كلّ شيء في حياتنا متعلّق بنا وحدنا. كما لو كنّا أيتاماً بلا أب. وكما بطرس ننظر إلى خطر الأمواج العاتية المحيطة بنا ولا نرى حضور الله الذي يأخذ بيدنا.

  لو توقّفنا قليلاً وحلّلنا كلّ ما يقلقنا، لغرقنا بكلّ تأكيد في الخوف والإحباط.. ولكن، فلندرك أنّنا لسنا وحدنا ولنؤمن بذلك. إنَّ هناك من يعتني بنا، وإليه يجب أن نرفع أنظارنا. إنّه هنا، حتّى ولو خُيّل إلينا عكس ذلك، فلنؤمن به، فلنثق به ولنُسلّم له ذواتنا.

 وإذا تعرّض إيماننا لتجربة فلنقاوم ونصرخ كما صرخ بطرس: "يا ربُّ نجّني" (متى 30،14)، أو لنُصَلّ كما صلّى الرسل عندما كانوا في وضع مماثل فقالوا: "يا سيّد، ألا يهمّك أنّنا سنهلك؟" (مر 4،38)، حبّ الله اللامتناهي حاضر أبداً، فلنسلّمه ما يثقل كاهلنا وهو سيتكفّل به.

 " يا قليل الإيمان، لماذا شَكَكت؟ "

 "جان لوي" شابٌ "قليل الإيمان"، هو يشكّ بوجود الله، على عكس كلّ أفراد عائلته المؤمنين. يعيش في مدينة "مان" في شاطئ العاج مع إخوته وأخواته الصغار بعيداً عن أهلهم. عندما اجتاح الثوّار المدينة، دخل أربعة الى بيته ينهبوه. ولمّا رأوا "جان لوي" أرادوا أن يُلحقوه مُرغماً بصفوفهم نظراً لقوّة بُنيته. عبثاً حاول الإخوة أن يتوسّلوا إليهم فلم يُقنعوهم.

 ولكن ما إن هَمَّ الثوّار بالرحيل برفقة "جان لوي" حتّى قرّر المسؤول فجأة أن يتركه وشأنه. وهمس في أذن الأخت الكبرى قائلاً: "أرحلوا في أسرع ما يمكن، سنعود غداً" ودلّهم على الدرب التي يجب أن يسلكوها ليهربوا.

 تردّد الإخوة وتساءلوا: هل هذا هو فخّ؟ في الصباح الباكر غادروا صفر اليدين، لا مال معهم ولكن مع ذرّة إيمان. إجتازوا 45 كلم سيراً على الأقدام إلى أن تبرّع أحدهم بإجرة السفر في شاحنة متوجهة نحو منزل والديهم. وفي الطريق إستقبلهم مجهولون في بيتهم وقدّموا لهم المأوى والطعام. وعلى الحدود لم يُدقّق أحد بأوراقهم ووصلوا أخيراً إلى بيتهم آمنين.

 "لم يكونوا في حالة صحيّة جيّدة، إنّما مدهوشون بمحبّة الله لهم"، كما أخبرت أمّهم. وأوّل أمر طلبه "جان لوي" كان سؤالاً عن مكان أقرب كنيسة ليزوروها وقال لوالده: "يا أبي، إنّ إلهك لمدهش وقويّ حقاً".

                                                                     كيارا لوبيك

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +