Skip to Content

كلمة حياة تشرين الثاني 2005: "طوبى للودعاء لإنّهم سيرثون الأرض.."

  

 

كلمة حياة

Click to view full size image

 تشرين الثاني 2005

 

  "طوبى للودعاء لإنّهم سيرثون الأرض.."(متّى 5،5)

 

 بدأ يسوع رسالته العلنيّة بعظة الجبل وافتتحها بالتطويبات. و"كلمة الحياة" لهذا الشهر تقترح علينا إحداها.

  "طوبى للودعاء لإنّهم سيرثون الأرض.."

 

 مَن هم الودعاء يا تُرى؟ هم مَن لا ينجرفون وراء عنف عواطفهم. هم مَن أمام الشرّ، يعرفون كيف يُسيطرون على ردّات فعلهم وبخاصّة على غضبهم. ووداعتهم لا تمتّ إلى الضعف أو الخوف بصلة، وليست شريكة للشرّ أو متواطئة مع شريعة الصمت. إنّها، على العكس، تتطلّب قوّة داخليّة كبيرة حيث لا مكان للحقد أو الانتقام بل موقف شجاع وهادىء يحترم الآخرين. مع هذه الطوبى يطلب منّا يسوع أن نستفزّ الآخرين بطريقة جديدة أي أن ندير خدّنا الآخر ونواجه الإساءة بالخير ونعطي رداءنا لمَن يطلب ثوبنا.. هذه الطوبى تُعلّمنا أن نغلب الشرّ بالخير. ومَن يعش هذه الطوبى ينَل من يسوع هذا الوعد المدهش:

   " إنّهم سيرثون الأرض.."

 

 الوعد بالأرض يذكّر بوطن آخر هو وطن يسوع. وفي الطوبى الأولى والطوبى الأخيرة يُسَمّي يسوع هذا الوطن " ملكوت الله" ، وقوامه العيش بشراكة تامّة ودائمة مع الله في ملء حياةٍ لا تعرف نهاية.

ومَن يعِشْ هذه الوداعة يذُقْ طعم الفرح الحقيقيّ، لأنّه سيلمس منذ الآن إمكانيّة تغيير العالم من حوله إنطلاقاً من تغيير علاقته بالآخرين، وسيصير "آية للرفض"، "ها إنه جعل لسقوط كثير من الناس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية معرّضة للرّفض"(لوقا2،34) في عالم غالباً ما يسوده العنف والكبرياء وعلاقات القوة، وسينشر العدالة والتفاهم والتسامح والوداعة واحترام الآخر.

إنّ الودعاء يعملون على بناء مجتمع أكثر عدالة وأكثر صدقاً وعلى بناء مجتمعٍ إنجيليّ ، وهم يعرفون أنّهم سيرثون ملكوت الله وسيعيشون في "سماوات جديدة وأرض جديدة".

  "طوبى للودعاء لإنّهم سيرثون الأرض.."

 

 كيف لنا أن نعيش هذه الطوبى؟ يكفي أن نتأمّل حياة يسوع هو الذي قال: "وكونوا لي تلاميذاً لأنّي وديع ومتواضع القلب"(متّى 11، 29). في مدرسته تبدو الوداعة صفة مهمّة من صفات المحبّة الحقيقيّة التي يبثّها الروح القدس في قلوبنا وثمارها" الفرح والسلام والأناة واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعفاف"(غلاطية، 5-22).

نعم، مَن يعش من هذه المحبّة لا يعرف الاضطراب ولا العجلة وهو لا يؤذي أحداً ولا يلعن أحداً. مَن يحبّ يسيطر على ذاته وهو وديع وصبور.

هل يوجد فنّ للمحبّة نابع من الإنجيل؟ طبعاً، لا بل هو يفوح من الإنجيل كلّه. أعرف أنّ الكثيرين من الأطفال ينشئون على هذا الفنّ. إنّهم يلجأون إلى لعبة طريفة يسمّونها "زهر المحبّة". وهو "زهر" يحمل على كلّ جهة منه جملة تقول لنا كيف يجب أن نحبّ حتى نتبع تعاليم يسوع.. يعني : أن نحبّ الكلّ، وأن نعيش المحبّة المتبادلة، وأن نبادر بالمحبّة، وأن نكون واحداً مع الآخر، وأن نحبّ يسوع الحاضر فيه، وأن نحبّ أعداءنا. إنّهم يرمون الزهر مع بداية كلّ نهار ويجتهدون في عيش الجملة التي يسحبونها.. وهذا "الزهر" ليس حكراً على الأطفال فباستطاعته أن يعلّم الكبار أيضاً كيف يعيشون الوداعة.

في مدينة كراكاس، دخل يوماً والد فرنسوا إلى البيت غاضباً لأنّه تشاجر مع زميل له في العمل وأخبر زوجته بالأمر فانفعلت بدورها. فما كان من فرنسوا، ابن الثلاث سنوات، إلاّ أن دخل إلى غرفته وأحضر "الزهر" وقال: أرميا "زهر المحبّة". ورمَوه معاَ. "أحبب عدوّك" قال الزهر. وفهم الوالدان الرسالة.

وإذا فكّرنا مليّاً في هذا الموضوع نلاحظ انّ هناك أشخاصاً يعيشون في الحياة اليوميّة وداعة رائعة. رأينا ذلك في شخصيّات كبيرة رحلوا عن هذه الأرض، ومن بينهم يوحنّا بولس الثاني، وتيريزا من كلكوتا وروجيه شوتز إذ شعّت الوداعة فيهم بشكل أثّر في المجتمع وفي التاريخ وكانت حافزاً لنا في مسيرتنا.

                                                                                                 كيارا لوبيك     

  



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +