Skip to Content

محبة الأعداء - للقمص ميخائيل جرجس


محبة الأعداء
 
Click to view full size image


مقدمة

يذكر لنا القديس لوقا الإنجيلى وصية من وصايا المسيح له المجد قائلاً : "ولكنى أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. من ضربك على خدك فاعرض له الآخر أيضاً. ومن أخذ الذى لك فلا تطالبه
   وكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوا أنتم أيضاً بهم هكذا.

 وإن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يحبون الذين يحبونهم. وإن أحسنتم إلى الذين يحسنون إليكم فأى فضل لكم.

فإن الخطاة أيضاً يفعلون هكذا. وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يقرضون الخطاه لكى يستردوا منهم المثل

بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونون بنى العلى"(1)

    مـن هـم الأعـداء ؟
لا يوجد لنا أعداء حقيقيين إلا عدو واحد هو إبليس أى الشيطان، كما ذكر لنا المسيح له المجد فى مثل الزوان حيث قال

" الزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان.والحقل هـو العالم. والزرع الجـيد هو بنو الملكوت. والزوان هو بنو                  
(لو9: 27- 37)         
الشرير. والعدو الذى زرعه هو إبليس )
  

ولكن بعض الناس تعتبر من يضايقهم أو يزعجهم أو من لا يسمع كلامهم ولا يطيعهم هم أعداء لهم 
   لذلك قال السيد المسيح " أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ".. موضحاً بعض فئات الناس الذين نكرههم أو نحسبهم أعداء لنا 

    كيـف نحـب الأعـداء ؟
سـؤال صعب ليـس من السـهل الإجابة عليه أو تنفيذه إلا بعد عدة تدريبات روحية 
القديس يوحنا ذهبى الفم(2) أعطانا تدريبات روحية لكى نصل إلى محبة الأعداء نستطيع أن نلخصها فى الآتى 
   من يسئ لا أرد له الإساءة، ولا أفكر فى الانتقام .. لأن الرب يقول "لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب    

أصلى من أجل المسئ إلىّ .. وعندما أصلى من أجل المسئ لكى يهديه الرب، ولكى أهدأ أنا أيضاً، ويقل غضبى عليه .. فالصلاة هنا لها منفعة مزدوجة من أجلى ومن أجل المسئ إلىّ
يمكننى أن أعاتب المسئ إلىّ على إساءته بلطف فتنتهى المشكلة، وإن لم يقبل العتاب أتركه بدون أثر للزعل 
   والمسيح له المجد عاتب من ضربه كما يقول إنجيل يوحنا " ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفاً قائلاً أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. أجابه يسوع إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردى وإن حسناً فلماذا تضربنى"
 (مت13: 37- 39)         
  فى تأملاته فى العظة على الجبل (راجع The Nicene and post Nicene fathers)
 (رو12: 19)، (تث32: 35).     (4)- (يو8: 22) 

أسامح المسئ إلىّ من داخل القلب وأترك الموضوع كله للرب ولا ألتفت إلى محاولات الشيطان الذى يريد أن يكبر الموضوع ويقول لى عن طريق الأفكار الشريرة كيف تسكت عن هذه الإساءة ؟
وكيف تتخلى عن كرامتك ؟ وكيف تسمح لهذا الشخص أن يهزأ بك أمام الجميع .. إلخ
بل أقول [ أنا مسامحك يا فلان ... ] لأن الله يطلب منا ذلك فى الصلاة الربانية [ واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً لمن أساء إلينا])  

أنسى الإساءة تماماً، وعندما يريد الشيطان عن طريق الأفكار- أن يذكرنى بها، أقول [ لينتهرك الرب أيها الشـيطان ] كما قال رئيس الملائكة ميخائيل للشيطان " وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم إفتراء بل قال لينتهرك الرب ")
  ألتمس العذر للمسيئين إلىّ، كما فعل السيد المسيح مع صالبيه وقال " يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ")
   

أحاول أن أقدم خدمة لهؤلاء المبغضين وأحسن إليهم لكى يتغير مفهومهم نحوى، وأشـعرهم بالمحـبة، وأنـه لا توجد أى بغضة نحـوى كقول الكتاب "احسنوا إلى مبغضيكم "
عندما أقابلهم أظهر محبة وأتبادل السلام معهم، وإن كانوا قد أخذوا أى شئ لا أفكر فى استرداده، واعتبره تبرع منى
   
أذهب إليهم إن لم أقابلهم أو إن لم يأتوا إلىّ، ولا انتظر الاعتذار منهم وحتى ولو كانوا هم المخطئين بل أفتح أحضانى لهم كما فعل الأب لابنه فى مثل " الابن الضال ) 
(لو11: 4).     (2)- (يهوذا 9) 
  (لو23: 24).   (4)- (لو15: 11- 21)

المسيح يذهب إلى الإنسان الخاطئ ويقرع على باب بيته

إمتلاء القلب بالمحبة لجميع الناس .. لا أفرق بينهم، بل أحب الكل، وأتذكر وصية المسيح لتلاميذه " هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه 
  
وكلنا نعرف أن السيد المسيح سما بوصية المحبة إلى أقصى درجة لها وهى البذل .. كما بذل المسيح نفسه عنا، ومات على الصليب لكى يفدينا، ويعطينا حياة أبدية 
يقول الكتاب : " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بـذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل يكون له الحياة الأبدية )
  
ويقول أيضاً : " الذى بـذل نفسه لأجـل خطايانا لينقذنا من العالـم الحاضر الشرير )
ويقول بولس الرسول إلى تيطس " منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح، الذى بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً فى أعمال حسنة 
 
     إتسـاع المحـبة          
يتكلم القديس بولس الرسول عن اتساع المحبة فى أربعة عشر نقطة من ينفذها يحصل على فضائل المسيحية، ويعتبر أن المحبة هى أساس كل شئ فيقول :

" إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لى محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن وإن كانت لى نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئاً. وإن أطعمت كل أموالى وإن سلمت جسدى حتى أحترق ولكن ليس لى محبة فلا انتفع شيئاً "(5)
  (يو15: 12).   (2)- (يو3: 16).   (3)- (غلا1: 4)
  (تى2: 13).   (5)- (1كو13: 1- 8) 

ثم يتكلم بعد ذلك عن اتساع المحبة فيقول 
    المحبة تتأنى وترفق
   أى أن الإنسان المحب لا يسرع فى الغضب على الآخرين بل يتصرف معهم بحنو وطيبة قلب
      المحبة لا تحسد
الله أعطى كل واحد مواهب ووزنات ليتاجر بها ويربح، وفى مثل الوزنات قال " كأنما إنسان مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله فأعطى واحداً خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنة. كل واحد قدر طاقته .. وبعد زمان طويل أتى سيد أولئك العبيد وحاسبهم فجاء الذى أخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات أخر قائلاً يا سيد خمس وزنات سلمتنى هوذا خمس وزنات أخرى ربحتها فوقها. فقال له سيده نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً فى القليل أقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيدك   

وهكذا صاحب الوزنتين ربح .. أما صاحب الوزنة الواحدة قال " يا سيد عرفـت أنـك انسان قاس تحصد حيث لم تزرع وتجمع حيث لم تبذر. فخـفت ومضيت وأخفيت وزنتك فى الارض هوذا الذى لك.

فأجاب سـيده وقال له أيها العبد الشرير والكسلان عرفت انى أحصد حيث لم أزرع وأجمع من حيث لم أبذر. فكان ينبغى أن تضع فضتى عند الصيارفة فعند مجيئى كنت أخذ الذى لى مع ربا. فخذوا منه الوزنة واعطوها للذى له العشـر وزنات. لأن كل من له يعطى فيزداد ومـن ليـس لـه فالـذى عنده يؤخـذ منه . والعـبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان
  
من هذا المثل نتعلم أن نتاجر بالوزنات التى لنا ولا نحسد الآخرين على وزناتهم لأن الله يعطى كل واحد " قدر طاقته   
(مت25: 14).              (2)- (مت25: 24)
    المحبة لا تتفاخر
   لابد أن نعرف أننا من تراب ولولا نسمة الله فينا لكنا بلا حركة لذلك بماذا نفتخر ونحن ملك لله .. لذلك بولس الرسول يقول " إنه لا يوافقنى أن أفتخر"(وإن كان يجب الافتخار فسأفتخر " بأمور ضعفى"(2).. ويقول أيضاً "حاشـا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسـوع المسـيح، الذى به قد صُلب العالم لى وأنا للعالم )

       المحبة لا تنتفخ (تتكبر
   الكبرياء من صفات الشيطان وبها سقط من السماء وأسقط أبوينا الأولين بها لذلك جاء المسيح متضعاً وقائلاً " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب تجدوا راحة لنفوسكم 

      المحبة لا تقبح (تشتم)
   من أنا حتى أقبح خليقة الله التى خلقها .. " ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً 
   لذلك فى العظة على الجبل قال السيد المسـيح " من قال لأخيه رقا مستوجب المجمع .. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم "(6)
   لأن الفم الذى خلقه الله للصلاة وللتسبيح لا يصح أن ينطق بالشتائم

    المحبة لا تطلب ما لنفسها
   أن لا يكون الإنسان أنانى أى يحب نفسه فقط، فقد شـبه المسيح الكنيسة بجسده أى أننا أعضاء فى جسده كما يقول بولس الرسول

" وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفراداً.. تهتم الأعضاء اهتماماً واحداً بعضها لبعض. فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه )      
 (2كو12: 1).        (2)- (2كو11: 30).        (3)- (غلا6: 14)
 (مت11: 21).       (5)- (تك1: 31).           (6)- (مت5: 22)
  (1كو12: 25- 27)
      المحبة لا تظن السوء
   بولس الرسول ينصح أهل كورنثوس أن يبعدوا عن الظنون الشريرة " ولكن أطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر بالثقة التى بها أرى إنى سـاجترئ على قـوم يحسبوننا كأننا نسلك حسب الجسد. لأننا وإن كنا نسلك فى الجسـد لسنا حسـب الجسد نحارب.

إذ أسـلحة محاربتنا ليسـت جسـدية بل قادرة بالله على هـدم حصون. هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح
   فالظن السئ يفرق الأصدقاء وقد يخرب البيوت .. فليكن أفكارنا نيرة وبسيطة فى المسيح يسوع

    المحبة لا تفرح بالاثم
   سفر الأمثال ينصحنا بألا نفرح بسقوط الناس فيقول " لا تفرح بسقوط عدوك. ولا يبتهج قلبك إذا عثر. لئلا يرى الرب ويسوء ذلك فى عينيه "(2)
   فأنا مُعرض للسقوط فى أى لحظة، وفى نفس الخطية التى شَمتَّ فيها من أجل إنسان خاصمته أو اختلفت معه .. بل يجب أن أقف بجوار الساقط وأعطيه الرجاء حتى يقوم من سقطته

       المحبة تفرح بالحق
   والحق هو الله العادل .. وكلام الله هو كلام الحق، لذلك يقول سـفر الأمثال " اقتن الحق ولا تبعه والحكمة والأدب والفهم )
   ويقول سفر اشعياء " أطلبوا الحق وانصفوا المظلوم. اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة )
   والمسيح قال لتلاميذه " جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه . كما أرسـلنى الآب الحى وأنا حى بالآب فمن
  (2كو10: 2- 5).   (2)- (أم24: 17).     (3)- (أم23:23)
 (أش1: 17)
يأكلنى فهو يحيا بى)

     المحبة تحتمل كل شئ
   يقول يعقوب الرسول " طوبى للرجل الذى يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذى وعد به الرب للذين يحبونه )
   والإنسان الذى لا يحتمل يغضب بسرعة والغضب يقوده إلى الخطأ والسقوط.
   لذلك سفر الجامعة يقول " لا تسرع بروحك إلى الغضب "(3). وسفر الأمثال يقول " الغضب قساوة والسخط جراف 
   فالإنسان المحب يحتمل كل شئ ويكون جوابه لين للآخرين         
   وسفر الأمثال يقول " الجواب اللين يصرف الغضب

    المحبة تصدق كل شئ
   الإنسان البسـيط يصدق كل شئ، أما الإنسان الملتوى فتدخله الشكوك .. والشك خطير إذا دخل حياة إنسان يتعبها لذلك فالشك ضد الإيمان .. والسيد المسيح له المجد كان يهتم بالإيمان، ونحن نعلم كلنا قصة مشى بطرس على الماء عندما طلب ذلك من المسيح، " ولكن لما رأى الريح شديدة خاف وإذ ابتدأ يغرق صرخ قائلاً يارب نجنى. ففى الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له يا قليل الإيمان لماذا شككت
  

وقد قال المسيح للتلاميذ وهو يعلمهم "من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح فى البحر ولا يشك فى قلبه بل يؤمن أن كا يقوله يكون، فمهما قال يكون له 
  (يو6: 55).             (2)- (يع1: 12).     (3)- (جا7: 9)
 (أم27: 4).             (5)- (أم15: 1).     (6)- (مت14: 30)
 (مر11: 23)

      المحبة ترجو كل شئ
الرجاء هو عماد حياتنا الروحية، فالإنسان المحب يرجو الخير لكل الناس كما يرجو الحياة الأبدية 
يقول بولس الرسول " أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة )
ويقول أيضاً " منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم

      المحبة تصبر على كل شئ
بولس الرسول يقول لأهل تسالونيكى " نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين أيامكم فى صلواتنا. متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح 
ويقول أيضاً لهم " الرب يهدى قلوبكم إلى محبة الله وإلى صبر المسيح
ويقول يعقوب الرسول " هانحن نطوب الصابرين. وقد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف

    المحبة لا تسقط أبداً
يقول القديس يوحنا الرسول "أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هى من الله. وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة بهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به ..إن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملت فينا                    
  (1كو13:13).         (2)- (تى2: 13).       (3)- (1تس1: 2)
 (2تى3: 5).           (5)- (يع5: 11).       (6)- (1يو4: 7- 12)

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +