Skip to Content

من أقوال الأم سينكليتيكى

القديسة سينكليتيكى العذراء بالإسكندرية 


 إذا كانت الكنيسة المسيحية فى العالم تعتبر القديس أنطونيوس الكبير بحق أباً للرهبان فى كل الشرق والغرب، فإن القديسة سينكليتيكى تعتبر بدورها أماً للراهبات اللواتى بهرن العالم بقداستهن ونسكهن.

وقد عاشت القديسة السنوات الأولى من عمرها فى مقدونيا قبل القدوم إلى الإسكندرية مع أهلها الأثرياء المؤمنين، الذين جذبتهم سير آباء كنيسة الإسكندرية. كانت القديسة سينكليتيكى تتمتع ـ بالإضافة إلى الإيمان والتقوى ـ بثراء كبير وجمال باهر، جذب أنظار الخاطبين الأثرياء.. إ

لا أنها نبذت العالم وبعد فقدها لأخويها الوحيدين انفصلت عن كل ما يربطها بالعالم، ولم يعد لها أى اهتمام بالحياة المُترفة.  

  وقبل نياحتها بثلاثة أيام رأت رؤيا سماوية وإذ بملائكة نورانيين وعذارى حكيمات ينزلن من السماء، ويدعونها لأن تصعد معهن. وبعد هذه الرؤيا تبدلت هيئتها

وأصبح وجهها وجسدها محاطين بهالة من النور السماوى العجيب وفقدت إحساسها بمن حولها، وظلت فى حالة من الفرح الإلهى إلى أن دخلت بسلام إلى الفردوس.

  وقد كرمها القديس أثناسيوس الرسولى وأقام لها جنازة مهيبة. وهو الذى كتب سيرتها ممثلاً إياها بأيوب الصديق، لتحملها آلام المرض الذى لا يُحتمل، بصبر وإيمان.

  من أقوال الأم سينكليتيكى

 عن كتاب: أقوال الآباء الشيوخ إصدار منشورات النور 1983 وقد ترجم فى معهد القديس يوحنا الدمشقى ـ البلمند وهو الكتاب المعروف باسم Apophthegmata

v قالت الأم سينكليتيكى: يكثر فى البداية التعب والجهاد عند الذين يتقدمون نحو الله، لكن بعد ذلك يغمرهم فرح لا يوصف. وهم كالذين يريدون إشعال النار، يلفحهم الدخان فتدمع عيونهم لكنهم يبلغون إلى ما يرومون، لأنه يقول: "إن إلهنا نار آكلة" (عبرانيين 12: 29) هكذا يجب علينا أن نُضرم النار الإلهية بدموع وأتعاب.

v وقالت ايضاً: يجب علينا نحن الذين اخترنا هذه المهمة أن نقتنى التعقل الأسمى، لأن التعقل يبدو طريقاً صحيحاً لنا ولأهل العالم أيضاً.
لكن يرافقه جهل بسبب ارتكاب الخطية بكل الأحاسيس الكثيرة الأخرى. فى الحقيقة أمثال هؤلاء لا يرون كما يجب، ولا يضحكون كما يليق.

v وقالت أيضاً: كما تبعد الأدوية القوية الحادة الوحوش السامة، هكذا تبعد الصلاة مع الصوم الفكر الشرير.

v وقالت أيضاً: لا يغريك تنعم أهل العالم الأغنياء كما لو أن فيه شيئاً ثميناً بسبب اللذة الجوفاء. أولئك يوقّرون فن الطهى، أما أنت فبالصوم عن الأطعمة تسمو فوق لذائذ وطيبات أطعمتهم، لأنه يقول: "إن النفس التى تحيا بالتنعم، تهزأ بالشهد" (أمثال 27: 7). لذا لا تشبع من الخبز ولا ترغب الخمر.

v سُئلت المغبوطة سينكليتيكى: هل عدم القنية هو صلاح كامل؟ قالت: إنه الأكمل عند من يقدر، لأن من يحتمله يزرع فى جسده حزناً، إلا أنه يزرع فى نفسه سروراً وراحة. فكما أن الثياب الخشنة عندما تداس وتدلك بعنف تنغسل، هكذا النفس القوية، تتقوى أكثر بالجوع الطوعى.

v وقالت أيضاً: إذا كنت تعيش فى شركة، لا تُغير مكانك، لأنك بذلك تتأذى كثيراً. فى الحقيقة كما أن الدجاجة عندما تغادر البيضة، تهملها، هكذا حال الراهب أو العذراء، عندما ينتقل من موضع إلى آخر، يفتر وتنطفئ جذوة الإيمان فيه.

v وقالت أيضاً: كثيرة هى مكائد العدو. ألم يغلب النفس بالجوع فيقدم لها الغنى مأكلاً؟ ألم يحقق ذلك بالشتائم والتوبيخات؟ يلقى المدائح والمجد، لكن عندما ينغلب بالصحة والعافية، فإنه يُسقم الجسد. وبما أنه قد فشل فى خداع النفس باللذات، يحاول ان يجعلها تنحرف بالآلام غير الطوعية، فيسبب آلاماً لا تُحتمل، يُعكر بها محبة الله عند قليل الاهتمام فيضرب الجسد بالحمى، فيشقى بالعطش الشديد. وإذا أصابتك هذه وانت خاطئ، تذكر العذاب الآتى والنار الأبدية والعقوبات القضائية ولا تبالى بالحاضرات. وافرح لأن الله قد تفقدك. وليكن القول التالى على لسانك كل حين: "أدباً أدبنى الرب وإلى الموت لم يسلمنى". (مزمور 117: 18) كنت حديداً، لكنك بالنار تطرح الصدأ. وإذا كنت باراً وضربك المرض، فإنك تنتقل من الكبيرات إلى الأكبر. هل أنت من ذهب؟ إلا أنك بالنار تصبح أكثر حنكة وخبرة. هل علق فى جسدك روح شرير؟ ابتهج وافرح، وانظر من تماثل. لقد أُهلت لحظ الرسول (2كو 12: 7).

هل تُمحص بالنار؟ هل تؤدب بالعذابات؟ أنظر ماذا يقول الكتاب الطاهر: "لقد جزنا النار والماء لكنك أخرجتنا إلى منتجع الراحة" (مزمور 65: 12).

وإذا كنت قد اختبرت الأول، أنتظر الثانى.

وإذ تتمم الفضيلة ردد كلمات القديس: "أنا بائس ومتألم.." (مزمور 68: 3). إلا أنك ستصبح كاملاً بالضيقات الكثيرة والمختلفة،

لأنه يقول: "لأنك فى الحزن فرجت عنى.." (مزمور 4: 20). فلننسك فى نفوسنا وفقاً لهذه الرياضات، فالخصم أمام أعيننا على الدوام.

v وقالت أيضاً: إذا أزعجنا المرض، لا نحزن إذا لم نقدر أن نسبح الرب بصوتنا، لأن هذا يكون لتنقية الأهواء.

فى الحقيقة إن الصوم والإنطراح فى الفراش شُرعّا لنا من أجل الشهوات. هذا هو النسك الكبير: أن نحتمل الأمراض ونرفع التسابيح الشكرية لله.

v وقالت أيضاً: إذا كنت صائماً، لا تتخذ المرض ذريعة، لأن الذين لا يصومون قد سقطوا كثيراً فى هذه الأمراض. هل ابتدأت بالعمل الصالح؟ لا تتوقف لئلا يعترضك العدو، لأنك بصبرك تبطله.

فالذين يبحرون يواجهون الرياح الموافقة، لكن عندما ينصبون الأشرعة، تعترضهم رياح مضادة. إلا أن البحارة لا ينزلون حمولة السفينة بسبب الرياح لأنهم بعد أن يرتاحوا قليلاً يواجهون العاصفة ويكملون الإبحار.

هكذا نحن عندما يعاكسنا ريح ونرفع الصليب بدل الأشرعة، فلنكمل الإبحار بلا فزع وخوف.

v وقالت أيضاً: إن الذين يجمعون الغنى الحسّى بأتعاب البحر وأخطاره، لا يكتفون بما يجنون، إنما يطلبون المزيد. والحاضرات يعتبرونها كلا شئ متطلعين إلى المستقبلات. أما نحن، فبدون أن يكون لنا شئ من الأمور المرغوب فيها، لا نريد أن نقتنى شيئاً بسبب مخافة الله.

v وقالت أيضاً: ماثل العشار لئلا تدان مع الفريسى (لوقا18: 10). آثر وداعة موسى لكى تحول قلبك الصلد إلى ينابيع مياه(مزمور 113: 8)

v وقالت أيضاً: يخاطر من شرع يعلّم دون أن يرتقى إلى الساميات بسيرته العملية، لأن من كان عنده بيت قد تصدع، وأضاف الغرباء

فإنه سؤذيهم بسقوط البيت. كذلك هؤلاء إذا لم يبنوا أنفسهم أولاً، فإنه سرعان ما يهلكون زائريهم. إذ أنهم بالكلمات جمعوهم للخلاص، وبفساد الأسلوب أساؤوا إلى المجاهدين.

v وقالت أيضاً: حسن أن لا تغضب، ولكن إذا حصل وغضبت،

لا يسمح لك الرب بغضب يوم كامل قائلاً:

"لا تغرب الشمس على غضبكم" (أفسس 4: 26).

فهل تنتظر أنت إذن، حتى يغرب زمان حياتك كله؟ لماذا تقمقمت من أحزانك؟ ليس هو الذى ظلمك، بل الشيطان.

فأنت مدعو أن تمقت المرض لا المريض.

v وقالت أيضاً: كلما تقدم الرياضيون، فإنهم يبارون بمنافسة أشد.

v وقالت أيضاً: هناك نسك يحدده العدو، وتلاميذه يحققونه. كيف إذن نقدر أن نميز بين النسك الملوكى الإلهى والنسك الشيطانى الطاغى؟

من الواضح أن هذا يكون من التساوى. فليكن زمانك كله مرتباً للصوم.

لا تصم أربعة أيام أو خمسة أيام ثم بعد ذلك تحل صومك بالأطعمة الكثيرة المتنوعة، لأن التطرف مفسد على الدوام. وإذا كنت شاباً وصحيح الجسم، صُمْ، لأن الشيخوخة ستأتيك بالأمراض.

لذا، إكنز لك ما استطعت من الأطعمة، حتى إنك متى عجزت (شخت)، تجد راحة.

v وقالت أيضاً: عندما تكون فى دير ذى حياة مشتركة، يجب أن نؤثر الطاعة على النسك، لأن هذه تعلم التشامخ

أما الأولى (أى الطاعة)، فمن شأنها أن تعلم التواضع.

v وقالت أيضاً: بالتمييز الروحى ينبغى أن نسوس أنفسنا.

وعندما نكون فى شركة من الأخوة، لا ينبغى أن نطلب ما هـو لنا، ولا يليق أن نستعبد لرأينا، فالأحرى أن نكون مطيعين لأبينا فى الإذعان.

v وقالت أيضاً: كُتب كونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمام" (متى10: 16).

ففى قوله أن نكون كالحيات، يعنى أن لا تنطلى علينا ألاعيب الشيطان، لأن الشبيه يُعرف مما يماثله أما قوله فى أن نكون ودعاء كالحمام، فيشير إلى نقاوة السيرة.

الأقوال الآتية من هنا مأخوذة عن سيرة القديسة سينكلتيكى وقد وردت فى كتاب: كيف نحيا مع الله ـ مختارات افريتينوس نقله إلى العربية الراهب اسحق عطا الله الآثوسى

v قالت المغبوطة سينكلتيكى:

"على الواقف أن ينتبه من السقوط. فالساقط همه الوحيد أن ينهض، والواقف فلينتبه لئلا يسقط، لأن السقطات التى قد يسقطها متنوعة. فالساقط قد حُرم من النهوض وضرره ليس بجسيم.

أما الواقف فينبغى ألا يستهين بأحـد لئلا يسقط فينحدر إلى أعماق اللجة ويهلك بالكلية، لأن من يسقـط فى الأعماق يختفى صوته ولا يقدر أن يرفع لطلب النجدة

كما قال داود العظيم: "لا تدع الغور يبتلعنى ولا البئر تطبق فاها علىَّ." (مزمور68: 15) إن الذى سقط قبلك بقى على حالـه، أما أنت فانتبه لئلا تسقط فى العمق وتُمسى مأكلاً للحيتان. إن الساقط لا يقفل الباب، أما أنت فلا تدع النعاس يسيطر عليك، بل هذّ على الدوام بالقول المزمورى الشريف: "أنر عينىّ لئلا أنام إلى الموت." (مز12: 3)

v قالت القديسة سينكلتيكى للأخوات المجتمعات حولها: ينبغى أن نتسلح ضد الأعداء من كل جهة

لأنها تهاجمنا من الخارج ومن الداخل. فكما أن السفينة تغرق أحياناً بسبب الأمواج التى تلاطمها من الخارج، وأحياناً أخرى بسبب التصدعات الداخلية التى تتسرب منها المياه إلى الداخل، كذلك تُهدد النفس بالخطر أحياناً من الأرواح النجسة التى تهاجمنا من الخارج وأحياناً أخرى تقع فى أيدى الأعداء بسبب أفكارها الداخلية.

لهذا يجب أن نحترس من هجمات الأرواح النجسة من الخارج ونفتش عن الأفكار السيئة التى تنبع من الداخل، ونتيقظ لها، فإنها تقف لنا بالمرصاد بصورة دائمة منتهزة الفرصة لتقودنا إلى الهلاك.

v فمتى كان البحر هائجاً والأمواج تلاطم السفينة من الخارج، يُحتمل أحياناً نجاة السفينة بمناداة البحارين وطلبهم النجدة من السفن المجاورة. أما إذا تسربت المياه من الشقوق وكان البحارون نائمين

فعندئذ تمتلئ السفينة مياهاً وتغرق حتى ولو كان البحر هادئاً. لهذا السبب يجب أن نسهر على أفكارنا الداخلية بأشد انتباه، لأن العدو يهجم على النفس بغية تخريبها على غرار لص يبتغى غزو بيت مبتدئاً بهدمه إما من الأساسات وإما من السقف، أو أنـه يدخل من إحدى النوافذ منقضاً على صاحبه أولاً

وبعد أن يعتقلـه ينهب كل ما فيه.

فالأساسات إنما هى الأعمال الصالحة، والسقف هو الإيمان، والنوافذ هى الحواس. ومن خلال هذه كلها يحاربنا ذاك العدو.

v ومن يبتغى خلاص نفسه ينبغى أن يكون أعيناً ساهرة ولا مجال فى هذه الحياة للتهاون. يقول الكتاب: "من ظن أنه قائم فليحذر من السقوط." (1كو10: 12) إن حياتنا بحر. منه ما هو صخرى ومنه ماهو ملئ بالحيوانات المفترسة. ومنه ما هو هادئ وراسخ لا يتأثر كثيراً بهيجان أمواجه. فنحن الرهبان نبحر ـ حسب اعتقادنا ـ فى القسم الهادئ من هذا البحر.

أما أهل العالم فيبحرون فى القسم الخطر منه. نحن نبحر فيه فى النهار مهتدين بشمس العدل، أما هم فيبحرون فيه ليلاً منقادين بظلام الجهل، لكن كثيراً ما تمكن العلمانى ـ بسهره ومناداته الله ـ من إنقاذ سفينته رغم سفره فى ظلام وشتاء.

وقد نغرق ـ بسبب الإهمال وإن كنا فى الهدوء ـ لتركنا دفة سفينة العدل. لهذا ينبغى على القائم الحذر من السقوط، وعلى الساقط الاهتمام بإنهاض نفسه، وعلى من نهض ألا يسقط ثانية.

v قالت القديسة سينكلتيكى: أعرف راهباً يعيش حياة الفضيلة، يجلس فى قلايته يراقب هجمات الأفكار ويحتسب كلاً منها ليعرف الأول من اللاحق ومقدار ما استغرقه من الوقت

ومستوى حدة هجومه ويقابله باليوم السابق. وقد تمكن بهذه الطريقة أن يعرف معرفة دقيقة مدى مساعدة النعمة الإلهية ومدى صبره وثباته ونجاحه فى الانتصار على العدو.

v وينبغى علينا نحن أيضاً أن نتعلم هذه الأساليب ونطبقها فطالما أن الذين يهتمون بالأمور الدنيوية الزائلة يفرحون إذا حسبوا تجارتهم ورأوا أنها رابحة، ويحزنون إذا كانت خاسرة، فكم بالحرى ينبغى علينا نحن أن نسهر على الكنز الحقيقى وندأب على مضاعفة الخيرات الروحية.

وإذا غافلنا العدو وسلب منا شيئاً قليلاً علينا أن نحزن على السرقة ونبكى على ما سببه لنا وألا نيأس فنترك الكل من أجل زلة واحدة.

v فتش عن الخروف الضال، طالما أن التسعة والتسعين فى حوزتك. لا ترتعد من أجل زلة واحدة هارباً من السيد، لئلا يطوق الشيطان ـ شارب الدم ـ كل قطيع أعمالك ويهلكه، فتمسى عارياً من ستر يدك.

لا نفر من أجل زلة واحدة، فالسيد صالح يقبلك كلما رجعت إليه. جاهد فى إصلاح زلتك، مهما كانت، بتوبة صادقة.

v قالت المغبوطة سينكلتيكى للراهبات المجتمعات حولها: ثمة حزن مفيد وحزن آخر مهلك. فالحزن المفيد هـو أن يحزن الإنسان على خطاياه وعلى قريبه المصاب بداء الجهل، ويحزن لئلا يميل هـو عن هدفه ويفشل فى سيره نحو الفضيلة السامية.

v ولكن هناك حزناً آخر يسببه العدو ويكون كله حمقاً وجهالة ويدعوه البعض ضجراً.

هذا النوع من الحزن ينبغى أن نطرده بالصلاة والترتيل، متذكرات أنـه لا يوجد إنسان جاهل فى هذه الحياة يخلو من الحزن.

v يقول الكتاب المقدس: "الرأس كله أليم والقلب كله حزين." (اش 1: 5) بهذه العبارة القصيرة شمل الروح القدس الحياة الرهبانية والحياة العالمية كلها.

فبألم الرأس وصف الحياة الرهبانية، لأن الرأس رمز لرئاسة النفس، كما يقول الكتاب الشريف فى موع آخر: "عينا الحكيم فى أعلى رأسه." (جا2: 14) وفى الرأس ـ كما يقال ـ يوجد مركز البصيرة، والألم يشير إلى أنه من الأتعاب يأتى ثمر الفضيلة.

v فكما أن القلب بطبيعته دائم الحركة، ويدعى مركز الغضب والحزن، فإن ذوى الأخلاق المتقلبة لا يتحررون من الحزن مدى الحياة.

يحزنون إذا لم يمجدهم الناس، ويذوبون شهوة أمام خيرات الغير، ويتذمرون من عوزهم، وإذا اغتنوا جُنوا، ومتى كثر همهم وحفاظهم على ثروتهم حرموا أنفسهم من النوم.

v لا نجر عقولنا إلى أسفل قائلات، لا هّم عند أهل العالم. فإذا قارناهم بنا وجدنا أنهم يتعبون أكثر منا. وهذا الكلام إنما ينطبق فقـط على من يعيشون السيرة الرهبانية بكمالها وليس على الجميع.

لأنه كما يختلف الطعام بين الحيوانات، فإن هذا التعليم لا يلائم جميع الناس. يقول الكتاب: "لا توضع خمر جديدة فى زقاق عتيقة." (متى 9: 17)

فالطعام الروحى الذى يتناولـه من استأهلوا للمشاهدة والمعرفة الإلهية يختلف عن طعام الذين يمارسون السيرة العملية وعن طعام الذين يعيشون فى العالم.

v وكما تعيش بعض الحيوانات فى البر وبعضها فى الماء وبعضها يطير فى الهواء، كذلك تختلف حياة الناس، فمنهم من يعيش كالحيوانات البرية حياة متوسطة، ومنهم من يرفع نظره كالطيور إلى العلاء، ومنهم من يغطس كالأسماك فى مياه الخطايا

كما يذكر الكتاب المقدس: "هبطت إلى أعماق البحر والعاصفة غمرتنى." (مزمور 68: 3)

أما نحن، فكالنسور التى أفرع ريشها يجب أن نتوق دوماً إلى الأمور السامية.

v اصبر يا أخى، صبراً تاماً على العمل الذى دُعيت إليه حباً بالرب، ولا تكف ضجراً، كارهاً الأتعاب.

فطالما أننا مُرتهنون بإلهنا يسوع المخلص ينبغى ألا نستحى بسلسلة الضيقات التى نكابدها من أجلـه، بل أن نصبر منتظرين بفرح أن يهبنا سلسلته السماوية ويحصينا فى مصاف قديسيه.

v فالذين اشتركوا بآلامـه سيشتركون أيضاً بتعزيته. وإذا تأفف أحد من تعب العمل فليتذكر كم من أناس أغنياء وفقراء، يعانون من الألم فى أيديهم وأرجلهم، وبسبب ما يكابدونـه من الألم لا يجدون راحة ليل أو نهار، وقد باتوا مقيدين بسلسلة المرض مدى الحياة.

v أما نحن فينبغى أن نبتغى الألم والطاعة بإرادتنا لأجل ملكوت السموات، وأن نجعل قلبنا ثابتاً

حتى إذا افتقدنا الضجر قليلاً، لا نيأس، بل نرغم أنفسنا على السير ونكون كالمسافر المُجِد الشجاع الذى ـ أعياه المسير ـ لا ينثنى عن عزمه مهما كان سفره طويلاً، بل يعزى نفسه قائلاً:

"ها قد اقتربت من مقر الراحة، وما بقى إلا القليل، فسأصل وأرتاح. ومتى رأى الرب ثبات جهاده منحه قوة وراحة.

لأن الكسل والخمول إنما يجلبان للراهب بؤساً وفاقة فى المواهب الروحية والحاجات الجسدية على السواء.

v لنخدمن بعضنا البعض برغبة من أجل الرب.

كثيرون ممن عشقوا فتيات قبلوا أن يصيروا خداماً كالعبيد حباً بهن لا نسأمن الجلوس فى القلاية. تذكرن القديسين الشهداء الذين اعتقلوا بسلاسل وتحملوا عذابات كثيرة متنوعة وألقوا فى السجن.

v لا تهربن من ضيق القلاية، لأن الله ليس بظالم حتى ينسى أتعابك. إنـه يشرق نور الحق عليك كما كتب:

"أشرق فى الظلام نوراً للمستقيمين." (مز111: 4) عوضاً عما تقاسيه من الظلمة أثناء جلوسك فى القلاية.

ينبغى ألا تتأففن من العمل أيضاً متذكرات أن قديسين كثيرين أرسلوا إلى العمل فى المناجم لأجل الرب. فلو كنا نحن فى أيامهم وكابدنا ما كابدوه من العذابات والشدائد القاسية، ألا تعتقدن أننا كنا قد خنا العهد؟

v لنذكر يا أخوة، دائماً إحسانات إلهنا فإنه قد جبلنا جبلة تامة وأخرج الرياح من خزائنها وأصعد السحاب من أقصى الأرض وأكثر أنواع الحيوانات والطيور والأسماك لخدمتنا ووضع الشمس لإنارة النهار والقمر والنجوم لإضاءة الليل، وخلصنا بسر صليبه الكريم. فلنعبده بخوف ورعدة ورجاء قوى صالح، ولا ننسى أننا نزلاء وغرباء فى هذه الحياة كما كان آباؤنا. (مز 38: 13)

v أثبت يا أخى فى مكان واحد وحارب الإهمال حيث تقيم. لأنك لا تقدر بالتنقل من هنا إلى هناك بل بالانتباه الذهنى

أن تزيل شراسة أهواءك. فنحن بحاجة إلى الصبر لنستطيع أن نعمل إرادته ونحظى بمواعيده. ومن يعش متضجراً يبق بعيداً عن الصبر بُعد المريض عن الصحة، لأن الفضيلة تبرز بالصبر لا بالضجر، الصبر إنما يتجدد ويقوى إذا استمر الذهن عاملاً فى تأمل المرجوات ورؤيتها.

v ويستمد الذهن من هذا التأمل قوة، كما يستمد الجسد غذاءه من الطعام المادى. ولكنه يضعف ويمسى فقيراً إذا حُرم من النعمة الإلهية والقيم الروحية. إطرح عنك التعلق بالأمور المادية ولا تهتم بها

واشغل ذهنك بالعمل الإلهى فتستغنى عن التنقل من مكان إلى آخر وتستمر فى التأمل بلا انقطاع، فتتفادى بـه ما تقوم بـه من الأسفار دون سبب معقول ودون سماح المسئولين. "فملكوت السماوات، حسب كلام الرب، هو داخلكم." (لو17: 21)

v تأمل يا عزيزى، كم من الناس فى العالم يعانون من الفاقه بأشكالها المتنوعة. فمنهم من رهنوا متلكاتهم بسبب فقرهم ومنهم من سلب المغتصبون أولادهم وباعوهم كالعبيد الأرقاء فى أرض غريبة، ومنذ ذلك الحين يخدمون قوماً برابرة أو أناساً أدنى منهم، ملزمين على الأعمال الشاقة

ومنهم إذ لا يقدرون بسبب فقرهم أن يؤمنوا قوتهم اليومى، انطرحوا فى ساحات المدن وأزقتها بثيابهم الرثة الممزقة يتكبدون البرد أو الحر طلباً لقوتهم اليومى، فضلاً عن أن بعضهم يقاسون صنوف الأمراض الصعبة المؤلمة.

واختصاراً للشرح أترك أولئك الذين يقضون حياتهم بتعاسة فى السجون والمناجم، لأعود إلى تذكر ما حظينا بـه نحن فى هذه السيرة السعيدة التى وهبنا إياها الله، من ابتعاد عن الهم والاضطراب الدنيوى. فهل من مانع أن نعتبر ذلك عطية كبيرة من لدنـه تعالى.

v تذكر هذه كلها واشكر الله دائماً على إحسانـاته التى فعلها ويفعلها معنا باستمرار. فما الخير الذى يعطيه العالم، لمن يتوهمون أنهم يعيشون حياة ازدهار ورخاء، سوى المشقة والهم الذى لا يُقدَّر؟

فإن تزوج إنسان صارت امرأته همه الأول، وإن ولد ابناً تضاعف همه، وإن ولد ابناً ثانياً ازداد الهم أيضاً، وإن مات أحد أبنائه حلت بـه النكبة، وإن عاش الآخر وكان سئ الأخلاق سبب الحزن لوالديـه أكثر مما سببه موت أخيه لهما.

v أخيراً إذا دنت ساعة الموت تفاقم حزن الإنسان وبدأ المشرف على الرحيل بالقلق على أولاده حباً وشفقة عليهم

واضطرمت أحشاؤه اضطراماً من أجلهم بما يفوق الحزن الذى يقاسيه من ألم الموت. وذلك لتركـه امرأة أرملة وأولاداً يتامى. هذه الهموم كلها، إنما قد حررنا منها نير المسيح الخفيف والجزيل اللين.

إن ذكر الموت أفضل ما يكون لطرد الضجر. والذى يعانى من هذا الهوى ينبغى أن يلتمس من الله أولاً الصبر وطول الأناة، وأن يعزى نفسه قائلاً: "لماذا أنتِ حزينة جداً يا نفسى ولماذا تزعجينى؟ توكلى على الله فإنى أعترف لـه فهو خلاص وجهى وإلهى. (مز42: 5)

v أتظنين يا نفسى أننا سنعيش فى هذه الحياة إلى الأبد؟ اسمعى ما يقول النبى: "إنى نزيل فى الأرض وغريب كما كان جميع آبائى." (مز38: 12) فكر بمن عاشوا قبلك فى هذا الدير الذى أنت مقيم فيه فتدرك أن الله سينقلنا من هذا المكان كما نقل أسلافنا. فالحياة إنما هى بعد الموت. ولهذا تاق النبى إليها وصرخ إلى الله: "كما يشتاق الأيل إلى ينابيع المياه كذلك تشتاق نفسى إليك يا الله.. فمتى أجئ وأظهر أمام وجه الله." (مز41: 1ـ 2)

v لقد اعتبر القديسون هذه الحياة مثل سجن. فقد قال سمعان الشيخ: "الآن تطلق عبدك أيها السيد حسب قولك بسلام... " (لو2: 29).

وكذلك اشتاق بولس إلى الموت ليكون مع المسيح بسلام... (فيلبى1: 23)

فإذا مقت الإنسان هذا العالم وحُبه وتاق إلى السموات جعل نفسه عبداً للرب من كل قلبه ومن كل نفسه ودأب فى ما يحن إليه وتمكن بالتالى من السيطرة على اليأس والضجر المستحوذين عليه. أما إذا لبثت النفس تحلم بالأرضيات تسربت إلى أفكارها شهوات العالم وملذاتـه الباطلة بأنواعها واسترخت، وبالتالى سقطت فى اليأس.

v قالت القديسة سينكلتيكى: إذا عزمت على الصوم لا تتعلل بالمرض فتعطل صيامك. لأنه حتى الذين لا يصومون

قد أصيبوا بأمراض أصعب بكثير ممن يصومون. ابتدئ بعمل الخير ولا تتراجع عنه، فإن التراجع بحجة المرض، إنما هـو من العدو، وليكن صبرك إبادة تامة لـه.

v إذا نظرنا إلى البحارة وجدنا أنهم قبل بداية سفرهم ينصبون الأشرعة ليعرفوا إذا كانت الريح مواتية.

وإذا صادفتهم داخل البحر، ريح معاكسة لا يباشرون على الفور برمى البضاعة فى المياه لتخفيف السفينة، ولكنهم، ومتى عاد الهدوء قليلاً باجتياز العاصفة يتابعون سفرهم بسلام دونما ضرر.

v هكذا يجب علينا نحن أيضاً أن ننصب ـ بدل الأشرعة ـ الصليب ضد الروح المضاد ونتابع سيرنا دون خوف.

v قالت القديسة سينكلتيكى: إن فخاخ الشيطان كثيرة فإن عجز عن زحزحة النفس بداعى الفقر، أغواها بالغنى.

وإذا لم ينجح فى الشتم والتعيير استخدم التمجيد والمدح. إذا لم يتمكن من الإنسان وهو مُعافى ضرب جسده بالمرض. وإذا لم يستطع أن يخدعه بالملذات جعل نفسه تنحرف بخلقه لها آلاماً كرهية.

v ويضربنا، بسماح من الله على إهمالنا، بأمراض صعبة لكى يشوش حبنا لله. أما أنت، وإن قطع جسدك واستعرت حرارته بما لا يطاق، وجف من العطش تماماً، وتحملت هذا كله معتبراً نفسك خاطئاً،

فتذكر العذاب والنار الأبدية والعقابات التى لا تطاق فلا تجزع من تجارب هذه الحياة.

v وافرح لأن الله قد افتقدك، وضع على شفتيك كلام النبى الشهير، وردده قائلاً: "أدباً أدبنى الرب وإلى موت الخطية لم يسلمنى." (مز117: 18). أعلى غرار الحديد كنت؟

إفرح لأنك بنار التجارب أزيل الصدأ عنك. أباراً كنت؟ إفرح أيضاً لأنك ترتقى من علو إلى أعلى. أكالذهب أنت؟

لا تخشى لأنك بالنار غدوت أنقى وأصفى.

v أملاك شيطان أُعطيت؟ (2كو12: 7) إفرح فقد غدوت شبيهاً بكوكب المسكونة العظيم بولس. أتمتحن بالحمى والقشعريرة؟

ابتهج فإنك ستجد الراحة وتحظى بالملكوت السماوى، طالما قد جزت بالنار والماء واحتملت كل ما سبق ذكره.

v لا تحزن لعدم قدرتك على الوقوف فى الصلاة، أو الترتيل بصوت عال بسبب مرضك. فالآلام الجسدية وغيرها، كالصوم والنوم على الحضيض، قد وضعها الآباء للتنقية من الشهوات الجسدية السيئة، ويستغنى عنها كلها حينما يصاب الجسد بالمرض.

v ولماذا أقول: يستغنى عنها؟ ولا أقول إن المرض هو من أنجح ما يكون لإزالة التفكير الجسدى، والصبر فى الأمراض بشكر الله، إنما هو رياضة نسكية عظمى؟

v وإذا فقدنا إحدى أعيننا بسبب المرض، فلا نيأس إذ بفقدها أزلنا أداة الطمع والجشع وغدونا مشاهدين مجد الرب بأعيننا الداخلية.

v وإذا فقدنا سمعنا، فلنشكر الله لأننا انقطعنا عن سماع أباطيل العالم وغدونا سامعين كلام الرب بآذاننا الداخلية.

v وإذا آلمتنا أيدينا أو أرجلنا، فلنعلم أنه قد تعطلت الأدوات التى كنا نفعل بها الخطية باستمرار وبقيت أيدى النفس وأرجلها صحيحة لمحاربة العدو والسير فى الطريق المؤدى إلى السماء بضمانة.

v وإذا مرض الجسد كله، فإن الإنسان الداخلى يستمر فى النمو والكمال الروحى.

v فلا نسأمن إذا مرضنا، بل لنشكر الله الذى يدبر كل الأشياء من أجل منفعتنا الروحية.

فإنه تعالى كثيراً ما يفتقد الجسد الفانى بمرض وقتى ليهب النفس الحياة الأبدية.

v قالت القديسة سينكلتيكىللراهبات المجتمعات حولها: لو كابدنا فى تحصيل دينار الوصايا بمقدار ما يكابده من أتعاب باطلة أولئك الذين يدأبون فى تجارة العالم، لكنا أهلاً لخيرات عظيمة.

v أولئك يتعرضون للغرق وشتى المخاطر ويقعون بين أيدى اللصوص، وباختصار يتحملون آلاف البلايا.

وإذا ربحوا يخفون ربحهم ويتظاهرون بالفقر خشية الحاسدين.

v أما نحن فضلاً عن أننا لا نجرؤ على تحقيق أقل ما يكون سعياً للربح الحقيقى فإننا إذا تعبنا قليلاً فى سبيل خير زهيد وحصلنا عليه، نفتخر بأنفسنا ونبالغ فى التظاهر بما ربحناه أمام الناس، فنبدده ونمسى فارغي اليدين.

v وفضلاً عن ذلك، فإن أهل العالم مهما ربحوا ازداد طموحهم فى الربح.

بينما نحن نكتفى بالقليل كأنه كثير غير راغبات فى السعى للحصول على المزيد.

v فينبغى "أن نسعى إلى ماهو قدام"، ونتوق إلى ما هو أسمى ونجاهد بكل قوانا فى إخفاء الربح.

لأنه كما يُسلب الكنز عند كشفه، كذلك تتبدد الفضيلة إذا عُرفت وأذيع عنها.

v ينبغى على من يذيعون مآثرهم أن يكشفوا عيوبهم أيضاً. لأنهم إذا ستروها خوفاً من التعيير، فيجب على الأقل ألا يذيعوا تلك لئلا يعلم الناس بها فيخسروها.

v فالذين يعيشون حياة الفضيلة إنما يبالغون بذنوبهم الصغيرة

وينشرونها لإقصاء مجد الناس عنهم وإخفاء فضائلهم حفاظاً على أنفسهم كى لا يعرفها الناس ويمدحوهم، فترتخى عزائمهم وتفتر.

v فكما يذوب الشمع أمام النار، كذلك تنحل النفس إزاء المديح وتفقد حماسها.

v وإذا كنا نعيش فى دير شركة فينبغى أن نفضل الطاعة على النسك.

لأن الأخير يمكن أن يقودنا إلى الاستكبار. أما الطاعة فتسبب لنا التواضع.

v قالت المغبوطة سينكلتيكى للأخوات المحتفات بها: يداهم كلاً منا خطر مضاعف؛ خطر العودة للماضى لتوانينا خوفاً من مصارعتنا العدو

وخطر السباق خوفاً من الوقوع. لأن عدونا الشيطان، فإما أن يجرنا خلفه إذ شاهد نفوسنا متخلفة ومخبلة

وإما يقضى عليها إذا شاهدها جادة فى النسك بتستره إليها خفية ورميها بهوى الكبرياء.

v هذا الهوى إنما هو السلاح الأخير للعدو ومن أقوى أسلحته فى الحرب ضدنا، بـه دُحر وهو بـه يحاول القضاء على أقوى المجاهدين بين الناس. لأنه كما أن المحاربين المحتكين بعدما تنفذ نبالهم الصغيرة يستلون سيوفهم القوية

إذا لاحظوا انتصار العدو مستمراً، كذلك الشيطان فإنه متى نفذت نباله يستل سيف الكبرياء كسلاح ماضٍ ليقضى بـه على المجاهد.

v ما هى أسلحته الأولى؟

هى: الشراهة، حب اللذة، الزنى، وبها يحارب عادة الشباب.

ويأتى بعدها حب المال، الطمع وما يشابهها. وعندما يتغلب المجاهد بنعمة الله على هذه الأهواء ويرى المحارب أن أسلحته هذه لم تُجد نفعاً

يوسوس لـه وينفخ فى فمه تعظماً على الأخوة. كما أنه يبث فيه الظن أنه يفهم ما لا يفهمه بقية الأخوة وأنه يفوق الأكثرية فى الصوم والسهر وباقى أعمال النسك. ويذكره بعديد من المآثر الأخرى.

v وفوق هذا، فإنه يمحى من ذهنه ذكر الخطايا ويحمله على نسيان مآثمه بأقصى الحدود لكى يستحيل عليه أن يستنجد بالله، ويبعده عن تلك العبارة الشافية "لك وحدك أخطأت فارحمنى".

وكما فعل الشيطان وقال فى قلبه: "أصعد إلى العلاء وأثبت عرشى". (اش14: 14)

كذلك يحمل هذا الشقى على تخيل الرئاسات والمجالس الأولى وعلى التعليم وصنع الأشفية.

v وعندما تضل النفس بهذا الشكل تفسد وتهلك فى جرحها الصعب. ماذا ينبغى أن نعمل عندما تنتابنا أفكار كهذه؟ يجب علينا أن نهزّ بلا انقطاع بهذه الأقوال الإلهية:

"أنا دودة لا إنسان، أنا تراب ورماد. ونتذكر قول إشعياء النبى: "بر الإنسان كله كثوب الطامث.." (اش64: 6)

v وإذا غادَرتْ الشركَة وذهَبتْ إلى العزلة من ذاتها تلك الراهبة التى قبلت الأفكار المفسدة للنفس، فلتدخل إلى دير شركة وترغم ذاتها على الأكل مرتين فى اليوم، طالما أنها وقعت أسيرة الكبرياء بمبالغتها فى النسك. وليعيِّرنها الأخوات المساويات لها فى السن وليبكتنها على عدم فعلها الصلاح، ولتجبر نفسها على القيام بكل الأعمال.

v ليُتلى على مسامعها سير القديسين الكبار، والراهبات اللواتى فى الدير ليحاولن المزيد من النسك لترى نفسها أدنى منهن.

وليقلن لها باستمرار: لماذا تنتفخين وتترفعين ألأنك لا تشربين خمراً؟

هناك من لا يشبعون ماءً. ألأنك لا تأكلين زيتاً ولا طبيخاً؟ هناك من لا يأكل حتى الخبز. بل يغذين أجسادهن بالعشب البرى. ألأنك تصومين حتى المساء؟ هناك من يصمن يومين وثلاثة.

أم لأنك لا تستحمين ظانة أن ذلك أمر عظيم؟ كثيرون من عامة الناس بسبب ألم فى أجسادهم لم يستحموا البتة.

v لماذا التباهى فى النفس؟ ألأنك تنامين على حصيرة وفوقها المسحُ؟ هناك من ينامون على التراب باستمرار.

وإذا افترضنا أنك حققت ذلك فليس هذا بأمر عظيم. هناك من افترشوا الحصى حتى لا يستمتعوا بلذة النوم الطبيعية.

وآخرون علقوا ذواتهم طوال الليل. فلا تتعظمين بفكرك ولو حققت كل هذه وبلغت منتهى حدود النسك.

v فالشياطين إنما قد عملت وتعمل أكثر من الناس. فهى لا تأكل ولا تشرب ولا تتزين ولاتنام أبداً. أما أنتِ فلا تظنين أنك فعلتِ شيئاً عظيماً وإن كنت تسكنين البرية وتقيمين فى مغارة.

ولا يمكنك أن تبرئى من الكبرياء بهذه الأعمال والأفكار إلا بنعمة الله. لأنه كما تباد النار المستعرة بتشتتها هنا وهناك

كذلك تباد الفضيلة أمام التعاظم. وكما تـُكسر السكين بسهولة على السندان إذا ضربت بحجر، كذلك الكبرياء بسهولة على النسك المبالغ فيه.

v لذا ينبغى على النفس أن تتحصن من كل الجهات وتحرص من المبالغة فى النسك الذى توقده الكبرياء بلهيبها وتلجأ إلى أمكنة ظليلة وتشذب ما هو غير لازم لكى يُتاح النمو للأصل.

فإن الكبرياء أعظم الشرور كلها، وتظهر عظمتها إزاء التواضع الخير المعاكس لها. إنه الفضيلة الأسمى ولا يستطيع الشيطان أن يدركه ولا أن يفعل بـه ما يفعله بسائر الفضائل الأخرى.

v قالت القديسة سينكلتيكى: يجب على الناسك ألا يجاهد لكسب المال بغية عمل الإحسان.

إن هذا الضرب من الإحسان قد أوصى به العلمانيون. بيد أن الإحسان لا يتوقف على تأمين القوت للجياع بمقدار ما يرمى إلى تعلم الناس الود والمحبة.

v إن الله الذى يرعى الغنى بإمكانه أيضاً أن يقوت الفقير. وكما أن الختان الجسدى كان يرمى قديماً إلى إزالة قناع الخطيئة من القلب، كذلك الإحسان المادى فُرض لكى ينمى رباط المحبة بين الناس.

والذى نمت فيه هذه المحبة بنعمة الله، لا حاجة لهم للإحسان.

v ولا أقصد بهذا الكلام أن أذم الإحسان بمقدار ما أود إبراز سمو عدم القنية ونقاوته. أيمكن للأدنى أن يمنع الأسمى؟

إنك بقليل من الجهد تحرز الأدنى. وطالما أنك تكرست على غاية واحدة فاسمو إلى المعالى؛ إلى المحبة.

v إنك تحمل الصليب، وعليك أن تجاهر بحرية قائلاً "ها نحن قد تركنا كل شئ وتبعناك." (لو18: 28)

وأن تردد كلام الرسل بجرأة: "لست اقتنى فضة ولا ذهباً." (أع3: 6)

v وينبغى على العلمانيين أن يتمموا عمل الإحسان على غرار الآباء ابراهيم وليس كيفما اتفق، لأن إحسانهم إنما يظهر محبتهم للناس. فإبراهيم لم يكتف بما كان يقدمه للضيف من مأكل ومشرب وإنما كان يظهر لـه خالص حبه.

فقد كان يخدم الضيوف مع زوجته رغم جمهور الخدم الذى كان فى حوزته. فمثل هؤلاء المحسنين سينالون أجرهم من الله ويُرتـّبون فى الطغمة الثانية.

v إن الرب الى خلق المسكونة جعل فيها رتبتين من الناس، وأمر الأولى أن تعيش حياة زوجية محشمة لإنجاب البنين

والثانية أن تعيش حياة نقية طاهرة كالملائكة. وأعطى الأولى ناموساً وتعاليم أخلاقية ووعد الثانية بأنه هو سيكون: "المنتقم والمجازى" (رو12: 19).

أمر العلمانيين "بحراثة الأرض" (تك3: 23).

أما نحن الرهبان فقد أمرنا "ألا نهتم بالغد" (متى 6: 34)

v وكما أن رؤساء العالم يعينون الخدام المناسبين لكل وظيفة، منهم من يتزوجون لإكثار الجنس البشرى لكى يعتنوا بزراعة الأرض

ومنهم إذا كانوا ذوى خلق وجمال، يُعينوا لخدمة البلاط، كذلك فعل الرب، فإنه ترك الحرية لمن اختاروا أن يعيشوا فى العالم حياة زوجية محتشمة،

واتخذ لخدمته أولئك الذين اختاروا حياة أفضل واظهروا حباً للحياة الرهبانية وعشقاً لطهارة النفس والجسد.

v إن هؤلاء الآخرين، كونهم قد استحقوا الشركة فى مائدة السيد غدوا غرباء

وبعيدين عن الأمور الأرضية وغير مهتمين باللباس أو بأى شئ آخر أرضى. فقد لبسوا المسيح وهـو يعتنى بهم فى كل ما يحتاجون إليه، وهمهم الوحيد الزهد فى العالم والتأمل فى الموت.

v وكما أن الأموات عُدوا جثة هامدة، كذلك ينبغى علينا نحن أيضاً ألا نهتم بأجسادنا. وكل ما كان ينبغى علينا أن نقدمه للجسد فقد قدمناه لما كنا صغاراً. أما الآن

فإننا صُلبنا للعالم والعالم صُلب لنا كقول الرسول (غلا6: 14)

وعلينا أن نعتنى بخلاص أنفسنا، مظهرين فضائل النفس، لا بالعمل فقط، بل بالذهن والقلب

لأن المحسنين يطوَّبون إذا كانوا رحماء النفس بالحقيقة.

v وكما يقول الكتاب فى مكان آخر، يخطئ الإنسان ليس فقط إذا فعل الخطية

ولكن إذا اشتهى أيضاً فى قلبه جمال الآخر، كذلك هنا فإنه إذا تمنى من كل قلبه أن يعمل صدقة تكون صدقة مقبولة كل القبول

وإن لم تتوفر لـه وسائل التقدمة.

v قالت المغبوطة سينكلتيكى للراهبات المجتمعات حولها: إن فضيلة عدم القنية هى فائدة عظيمة للواتى يقدرن على التحمل.

فاللواتى يصبرن عليها تسبب لهن الضيق فىالجسد والراحة للنفس. لأنه كما أن الثياب المتينة تُغسل وتصبح نظيفة بالدعك والعصر، كذلك تزداد النفس القوية بالفقر الإرادى قوة.

v أما النفوس التى لا تملك رأياً ثابتاً فإنها تعانى عكس ذلك، لأنها إذا تضايقت قليلاً تُشبه الثياب الرثة التى لا تحتمل غسيل الفضيلة فطريقة الغسل هى واحدة بالنسبة لكل من الثياب المتينة والرثة

إلا أن النتيجة تختلف فيما بينها. فالثياب الرثة تتمزق وتبيد فى حين أن الثياب الجديدة تبيض وتتجدد. بالحقيقة ان عدم القنية شئ ثمين للعقل الشجاع لأنه يلجمه ويمنعه عن فعل الخطايا.

v ولكى نتمكن من بلوغ هذه الفضيلة ينبغى أن نتمرس أولاً على الفضائل الأولى، أى على الصوم والنوم على الأرض وغيرها

لأن الذين لم يتبعوا هذه الطريقة متخلين عن أموالهم بسرعة، استحوذ عليهم الندم.

v أزل عنك التنعم أولاً أى شراهة البطن وحياة الرغد والتنعم، فعندئذ تستطيع أن تقطع عنك مادة الأموال بسهولة.

أعتقد أنه من الصعب جداً أن يتعاطى أحد مهنة ما دون استعمال ادواتها، لأن الذى لم يطرح عنه الأمور الأولى فكيف يقدر أن يتحرر من الثانية أى من محبة المال؟

v لهذا السبب، عندما كان المخلص يتكلم مع الغنى، لم يأمره حالاً بترك أمواله، بل سأله أولاً، كمعلم صادق، إذا كان قد حفظ الوصايا وكأنه يفحص تلميذاً

ويسأله إذا كان قد تعلم الحروف الأبجدية وأصبح قادراً على تهجئة الكلمات وتمييزها عن بعضها البعض، حتى يقوده بالتالى إلى قراءة النصوص الكاملة.

أى بمعنى إذا كنت قد حفظت الوصايا فاذهب وبع مقتنياتك واعطها للفقراء ثم تعال فاتبعنى. لأن ذلك الشاب الغنى لو لم يقل للمخلص إنه قد تمم الوصايا لما أمره الرب بترك مقتنياته.

v إن عدم القنية شئ حسن لأولئك الذين انطبعوا فى الفضائل، إذ بعدما يطرحون عنهم كل الأشياء غير الضرورية،

ينظرون إلى الرب مرتلين المزمور الثانى:

"أعيننا إياك تترجى وأنت ترزق الطعام فى حينه للذين يحبونك" (مز144: 15)

إن هؤلاء الناس جعلوا الإيمان اساساً لنفوسهم.

v فقد قال الرب لهؤلاء: "لا تهتموا بالغد" (متى6: 34)، "أنظروا إلى طيور السماء فإنها لا تزرع ولا تحصد والآب السماوى يُطعمها" (متى 6: 26).

إن العدو لا يمكنه أن يؤذيها بشئ لأن معظم الشدائد والمصائب تأتى من جمع الأموال. فحيث يتواجد عدم القنية لا حول ولا قوة للعدو، أيحرق الحقول غير الموجودة؟ فليفعل؛ أيهلك الحيوانات التى لا وجود لها؟

فليفعل؛ أيؤذى الأعزاء الذين تركوهم؟

فليفعل. إن عدم القنية هو بالحقيقة أكبر انتصار على العدو وكنز ثمين جداً للنفس.

 

v عن القديسة سينكلتيكى: إن الشيطان، ماقت الخير

لما رأى المغبوطة سينكلتيكى تفر من فخاخه فرار الحمامة هى وجميع اللواتى كن يتعلمن منها كيفية الانتصار عليه، عزم عزمه الأخير على محاربتها.

فضرب أحشاءها بجرح عميق فى موضع الرئتين بالذات ـ العضوين الأساسيين لحياة الإنسان ـ سبب لها ألماً لا يطاق وأودى بحياتها إلى الموت شيئاً فشيئاً.

v وبعد أن استجيب لطلبه أن يقصر مدة حياتها، سمح الله لـه بتقصيرها، إن أمكنه بأسرع ما يكون.

لكنه بدل أن يقصرها، أطالها مضيفاً على جراحاتها جراحاً أخرى ليشفى ـ كجلاد سفاح ـ غليله منها ويحملها على التذمر من طيلة الوقت ومما لا يطاق من العذابات المؤلمة.

v بدأت رئتها تضمحل من الألم شيئاً فشيئاً، من جرى بصاقها الدم. فارتفعت حرارتها ولبثت مرتفعة حتى أخذ جسمها الهزيل يتآكل كمبرد الحديد ويضمحل.

v وكما كان الحكام ـ إذا ارادوا التفنن فى تعذيب المجرمين ـ يأمرون بحرقهم بالنار شيئاً فشيئاً،

كذلك ألهب العدو الحرارة فى أحشاءها، فأخذت تمتد فى جسدها وتلتهمه معذبة إياها ليلاً ونهاراً.

v فلبثت تلك النفس الأبية تصارع العدو بأوجاعها المجيدة ثلاث سنين محتملة الجراح بصبر وشجاعة، ثابتة على عزمها، لا بل مزدادة العزم ضده، تبرئ بتعاليمها جميع الذين أصيبوا منه بالجراح.

v فاشتد غيظه لما رأى فيها من ثبات. وإذ لم يقدر على احتمال الهزيمة، زاد على عذابها عذاباً أشد. فضرب أوتارها الصوتية ليمنعها عن الكلام ويحرم الآخرين منفعة تعاليمها.

v لكن، وإن حُرموا منفعة سماع كلامها، فإن رؤيتها كانت ربحاً لهم يفوق كلامها بكثير. فإنهم، إذ كانوا يشاهدونها بعيونهم تقاوم الآلام المريرة بنفسها الأبية، كانت تشتد عزائمهم فيبادرون إلى محاربة العدو بشجاعة أفضل.

v فالضربة التى ضربها العدو أولاً أصابت فمها الذى كانت تتدفق منه عذوبة مياه أقوالها. ابتدأ الألم فى ضرسها، فتورمت نيرتها وتقيحت، ثم سقط ضرسها وسرى الالتهاب فى فكها الأسفل وأخذ يتآكل لحمها تآكلاً لم يلبث أربعين يوماً حتى نُخر العظم، وبعد ذلك بشهرين، ثُقب واسود مدار الثقب، وبدأ عظم الفك يتآكل شيئاً فشيئاً.

v ومن جرى تفاقم الالتهاب ، كانت تخرج من المكان المنخور رائحة كريهة جداً، منعت اللواتى كن يخدمنها

عن الاقتراب منها، إلا عند الحاجات القصوى، حيث كن يحرقن كمية كبيرة من البخور، ويقمن بواجبهن نحوها بسرعة ويرجعن إلى الوراء.

v وقد حاربت تلك الأم الشجاعة العدو بعزم ثابت، كما لو كان أمام عينيها

رافضة كل مساعدة بشرية تخفف من ألمها، وغير مكترثة لطلب النسوة المجتمعات حولها، اللواتى كن يلتمسن أن يُدهن ـ ولو بطيب ـ جرحها، لكى يتعطر الجو قليلاً، فيتمكن من المكوث بجانبها.

أما المغبوطة فما كانت تصغى إلى طلبهن، لاعتقادها أن ما يُتاح لها من مساعدة بشرية يحرمها جائزة الجهاد المجيد.

v وإذ رأين إصرارها طلبن طبيباً لكى يتمكن، بواسطته من إقناعها بقبول الوسائل الطبية. فرفضت ذلك

وقالت لهن: لماذا تحرمننى من هذا الجهاد الشريف مهتمات بما هو ظاهر ومتجاهلات ما هو خفى؟

لماذا تصرفن كل جهدكن فى معالجة المرض ولا تنظرن إلى مسببه؟

v وبعد أن انتهت من الكلام قال لها الطبيب: إننا لا نقدم لكِ هذا الدواء بغية تعزيتك أو شفاءك

وإنما نحاول دفن العضو الذى غدا ميتاً بالنسبة للجسد، وذلك لئلا تتأذى منه النساء الجالسات حولك. فإنى، إذ أضع المر والآس الممزوجين بالخمر على الجرح الميت فيكِ، إنما لا أفعل أكثر مما يفعل أولئك الذين يحنطون الموتى.

v وإذ رضيت بنصيحة الطبيب ـ لا حباً بالشفاء ولكن شفقة بمن حولها ـ خفت وطأة الرائحة.

إلا أن البارة استمرت مثابرة فى جهادها رغم شقاء حالها، وكانت نعمة الله تشدد جسدها السقيم الذى غدا هيكلاً عظمياً. فانقطع أكلها وتفاقمت رائحة جسمها من شدة التآكل، ونومها ـ الذى كان يتيح لها قسماً من الراحة ـ طار منها لمذاقة مر الآلام.

v ولما دنا انتهاء جهادها وحان أوان توشحها بإكليل البر، بدأت تعاين روحياً حضور ملائكة وبريق أنوار لا توصف ومصاف من البتوليات يهيئن صعودها.

v وكانت كلما عادت إلى وعيها، تعلن ما شاهدته للواتى حولها وتشجعهن على احتمال الآلام وقطع اليأس منهن.

وقد انبأتهن بيوم انفصالها عن الجسد، أنه سيكون بعد ثلاثة أيام، محددة لهن الوقت بدقة.

v وبعد ثلاثة أيام، وفى الساعة المحددة، أنتقلت إلى الرب حائزة منه على إكليل الجهاد وحياة النعيم فى السماوات.

بركة صلواتها تكون معنا آمين.



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +