Skip to Content

ذبيحة التسبيح - الجزء الثاني - الثيؤطوكيات - لنيافة الأنبا رافائيل

 

 

همسات روحية

لنيافة الأنبا رافائيل

 Click to view full size image

ذبيحة التسبيح - الجزء الثاني

الثيؤطوكيات

برعت كنيستنا في صياغة الثيؤطوكيات. ويظهر فيها كيف حوَّل الآباء إيمانهم الحي إلى صلاة، وكيف علَّمونا أن نعبِّر عن إيماننا من خلال كلامنا مع الله. فليست الصلاة في الفكر الأرثوذكسي مجرد مشاعر روحية فقط، بل هي أيضًا فرصة إعلان الإيمان، والاعتراف به، خاصة ألوهية ربنا يسوع المسيح.

ويتضح أيضًا من الثيؤطوكيات كيف فهم الآباء نصوص الكتاب المُقدَّس، وفسروها على شخص ربنا يسوع المسيح المُخلِّص. فلا بد للمُصلي أن يجد نفسه وقد اغتنى بالمعاني اللاهوتية والروحية والكتابية، فيما يتأمل في كل عبارة يُصلي بها.

أم الله

الثيؤطوكيات هي قطع مُنغّمة تُمجِّد فيها الكنيسة العذراء والدة الإله (الثيؤطوكوس)، وتشرح فيها سر التجسد الإلهي بجمال روحي وعقائدي لا نظير له، وتُبرز الثيؤطوكيات العلاقة السرية بين القديسة مريم العذراء وابنها الحبيب الكلمة المُتجسِّد.

وتحتوي الثيؤطوكيات على خُلاصة الفكر اللاهوتي من جهة تجسد الله الكلمة .. ذلك الفكر الذي استغرق من الكنيسة جهدًا ووقتًا هائلين حتى مَجمَع أفسس سنة 431م، لكي يتم شرح وتحديد وكتابة قانون إيمان، يصيغ الإيمان بصورة واضحة ومُحددة وثابتة غير قابلة لتلاعب الهراطقة والمبتدعين.

أي إننا لا يمكن أن نتكلّم عن طبيعتين من بعد الاتحاد، وإنما عن طبيعة واحدة لله الكلمة المُتجسِّد دون أن ننكر وجود اللاهوت بكل صفاته وخصائصه وقدراته في شخص ربنا يسوع المسيح، وكذلك دون أن ننكر وجود الناسوت بكل صفاته وخصائصه ما عدا الخطية والميول للشر. لذلك فالمولود من العذراء مريم هو شخص واحد (الإله المُتجسِّد)، والعذراء تكون هي (أم الله) = (ثيؤطوكوس).

وإزاء إصرار نسطور على معتقداته المنحرفة، قرّر مَجمَع أفسس حرمانه، وحرّم تعاليمه - وقد نُفي إلى أخميم بصعيد مصر، ومات هناك.

Click to view full size image

"إن العذراء لم تلد إنسانًا عاديًا، بل ابن الله المُتجسِّد، لذلك فهي حقًا أم الرب وأم الله".

هيبوليتس، وكليمنضس، وديديموس، وأثناسيوس الرسولي، وغريغوريوس النيصي، وأبيفانيوس أسقف قبرص، والقديس أغسطينوس.

وكان إصرار الآباء على هذا اللقب هو للتأكيد على ألوهية السيد المسيح، وأنه في نفس الوقت وُلد ميلادًا حقيقيًا من العذراء مريم.. إذ قد اتخذ منها لنفسه جسدًا حقيقيًا وليس خياليًا كما ادّعى أوطاخي (هرطوقي آخر)، وأن الاتحاد بين اللاهوت والناسوت كان اتحادًا كاملاً منذ أول لحظة في الحَمل الإلهي في أحشاء العذراء البتول الطاهرة مريم.

ويقول القديس "غريغوريوس النيزينزي": "مَنْ لا يقبل القديسة مريم بكونها الثيؤطوكوس، يُقطع من اللاهوت. ومَنْ يقول بأن السيد المسيح عَبَر في العذراء كما في قناة ولم يتشكل بطريقة تحمل لاهوتيته كما ناسوتيته أيضًا، فهذا يُحسب شريرًا. ومَنْ يقول بأن السيد تشكل فيما بعد بسكنى الله، فهذا يُدان.

ومَنْ يتحدث عن ابن الله بكونه آخر غير ابن مريم، وليس هو شخص واحد، فهو محروم من شركة التبني".

وللتأكيد على هذه الحقيقة اللاهوتية الخلاصية .. بدأت الكنيسة تُردِّد هذه التعبيرات المُقدَّسة في صلواتها وتسابيحها اليومية والموسمية، وفي الإفخارستيا والأجبية، وفي كل خدمة كنسية.. مُعلنة بذلك إيمانها بلاهوت الابن الوحيد المُتجسِّد، ومُثبِّتة هذه المفاهيم في أذهان وقلوب جمهور الشعب المُصلي بهذه التسابيح.

ونحن نقول إن هذا الإيمان إيمان خلاصي، لأن بدونه لا يوجد خلاص .. حيث إن الإيمان بألوهية السيد المسيح هو حجر الأساس في كل البناء الروحي واللاهوتي للإنسان، وبدونه لا يكون دخول إلى ملكوت السموات.

"أنتَ هو المَسيحُ ابنُ اللهِ الحَي!" (مت16:16) .. أعلن السيد المسيح أن هذا الإيمان هو الصخرة التي تُبنى عليها الكنيسة .. "وعلَى هذِهِ الصَّخرَةِ أبني كنيسَتي" (مت18:16).

والإيمان بلاهوت المسيح شرط أساسي للخلاص ..

"لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو16:3).

"الذي يؤمِنُ بهِ لا يُدانُ، والذي لا يؤمِنُ قد دينَ، لأنَّهُ لم يؤمِنْ باسمِ ابنِ اللهِ الوَحيدِ" (يو18:3).

"الذي يؤمِنُ بالاِبنِ لهُ حياةٌ أبديَّةٌ، والذي لا يؤمِنُ بالاِبنِ لن يَرَى حياةً بل يَمكُثُ علَيهِ غَضَبُ اللهِ" (يو36:3).

"الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ مَنْ يَسمَعُ كلامي ويؤمِنُ بالذي أرسَلَني فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، ولا يأتي إلَى دَينونَةٍ، بل قد انتَقَلَ مِنَ الموتِ إلَى الحياةِ" (يو24:5).

"لأنَّ هذِهِ هي مَشيئَةُ الذي أرسَلَني: أنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبنَ ويؤمِنُ بهِ تكونُ لهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخيرِ" (يو40:6).

"الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: مَنْ يؤمِنُ بي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ" (يو47:6).

"الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنْ كانَ أحَدٌ يَحفَظُ كلامي فلن يَرَى الموتَ إلَى الأبدِ" (يو51:8).

"أنا هو القيامَةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بي ولو ماتَ فسَيَحيا، وكُلُّ مَنْ كانَ حَيًّا وآمَنَ بي فلن يَموتَ إلَى الأبدِ" (يو25:11-26).

"وأمّا هذِهِ فقد كُتِبَتْ لتؤمِنوا أنَّ يَسوعَ هو المَسيحُ ابنُ اللهِ، ولكي تكونَ لكُمْ إذا آمَنتُمْ حياةٌ باسمِهِ" (يو31:20).

"فيهِ كانَتِ الحياةُ، والحياةُ كانَتْ نورَ الناس" (يو4:1).

"وهذِهِ هي الشَّهادَةُ: أنَّ اللهَ أعطانا حياةً أبديَّةً، وهذِهِ الحياةُ هي في ابنِهِ. مَنْ لهُ الاِبنُ فلهُ الحياةُ، ومَنْ ليس لهُ ابنُ اللهِ فليستْ لهُ الحياةُ" (1يو11:5-12).

"كتَبتُ هذا إلَيكُمْ، أنتُمُ المؤمِنينَ باسمِ ابنِ اللهِ، لكَيْ تعلَموا أنَّ لكُمْ حياةً أبديَّةً، ولكي تؤمِنوا باسمِ ابنِ اللهِ" (1يو13:5).

وتعتمد فكرة الثيؤطوكيات في التسبحة اليومية على تفسير بعض رموز العهد القديم في ضوء تجسد الله الكلمة، فتربط التسابيح ما بين هذه الرموز وبين العذراء مريم أو السيد المسيح نفسه. وكذلك تشرح الثيؤطوكيات فكرة التجسد، وكيف حدث، وما الذي نلناه نحن البشر من بركات نتيجة هذا التجسد الإلهي العظيم.

وعلى وجه الخصوص أسفار العهد القديم. وفي نفس الوقت تكون قد قمت بإعلان إيمانك بلاهوت الابن الوحيد الكلمة، وبتجسده من العذراء القديسة مريم.

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +