Skip to Content

أخوة يسوع.. ما هى حقيقتهم؟ - الشماس نبيل حليم يعقوب

 

أخوة يسـوع.. ما هى حقيقتهم؟

 الشماس نبيل حليم يعقوب

 

انقر هنا للتكبير

  

هناك العديد من التفسيرات التى قيلت عن "أخوة يسوع" وامتلأت الـمكتبات بالكتب والمؤلفات عن هذا الـموضوع وإمتد الجدل حول بتولية العذراء مريم قبل وبعد ميلاد السيد المسيح،أوعن بتولية القديس يوسف،ومنذ بدء الـمسيحية وحتى وقتنـا الحالـى وتتضارب التفسيرات وإختلفت الطوائف الـمسيحية الحالية فى معتقدها بخصوص من هم "أخوة يسوع"،فمن قائل انهم كانوا من زواج سابق للقديس يوسف،أو انهم جاءوا نتيجة معاشرة زوجية بين القديس يوسف والقديسة مريم بعد ولادة السيد الـمسيح. وكل من أصحاب تلك التفسيرات له ما يستند اليه من بعض آيات من الكتاب المقدس أوبعض من أقوال الآباء فى العصور الاولى للمسيحية أو حتى نتيجة لبعض الدراسات اللاهوتية الحديثة.

والآن فلنحاول إلقاء الضوء على بعض من تلك الآراء مع محاولة لتفيند الحجج والاسانيد.

هناك أكثر من 10 مواضع فى العهد الجديد التى ذُكر فيها "أخوة يسوع" أو "أخوة الرب" وهى كالتالى:

1. انجيل القديس متى

+ "وفيما هو يتكلم مع الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً يريدون أن يكلموه"(متى46:12).

+عندما دهش اليهود من تعليم يسوع وحكمته وقالوا:"من أين له هذه الحِكمة والقوات.أليس هذا هو إبن النجّار. أليست أمـه تدعى مريم واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا"(متى55:13).

2. انجيل القديس مرقس

+"حينئذ جاءت أمه وإخوته ووقفوا خارجا وأرسلوا إليه يدعونه. وكان الجمع جلوسا حوله فقالوا له إن أمك وإخوتك خارجا يطلبونك.فأجابهم قائلا من أميّ وإخوتـي.ثم أدار نظره فى الجالسين حولـه وقال هؤلاء هم أميّ وإخوتـي"(مرقس 31:3-34).

+ "أليس هذا هو النجّار إبن مريم وأخا يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان.أوليست أخواته ههنا عندنا.وكانوا يشكون فيه"(مرقس6:3).

3. انجيل لوقـا

+"وأقبلت إليه أمه وإخوته فلم يقدروا على الوصول اليه لأجل الجمع.فأخُبر وقيل له إن أمك وإخوتك واقفون خارجا يريدون ان يروك"(لوقا19:8-20).

4. انجيل يوحنا

+ "وبعد هذا إنحدر إلى كفر نحوم هو وأمه وإخوته وتلاميذه ولبثوا هناك أياما غير كثيرة"(يوحنا12:2).

+"فقال له اخوته تحّول من ههنا واذهب الى اليهودية ليرى تلاميذك ايضا اعمالك التى تصنعها فانه ليس احد يصنع شيئا فى الخفية وهو يطلب ان يكون علانية.

إن كنت تصنع هذه فأظهر نفسك للعالم. لأن إخوتـه لم يكونوا يؤمنون بـه"(يوحنا3:7-5).

+"وبعد ان صعد إخوته صعد هو ايضا الى العيد لا صعودا ظاهراً بل كمستتر"(يوحنا 10:7).

5. أعمال الرسل

+"هؤلاء كلهم كانوا مواظبين على الصلاة بنفس واحدة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته"(أعمال14:1).

6. رسالة بولس الى اهل كورنثوس الأولى

+ "أما لنا سلطان ان نجول بإمرأة أخت كسائر الرسل وإخوة الرب وكيفا"

(1كورنثوس5:9).

الشرح:

حتى يمكن للـمرء أن يعرف من هم "أخوة يسوع" يجب دراسة النقاط التالية:

أولا- أن نحدد ما معنى كلـمة "الأُخوة" كما جاءت فى الكتاب المقدس وحسب العادات والتقاليد التى كانت سائدة عند اليهود خاصـة ودول الشرق عامـة.

ثانيا- أن نحدد من هم هؤلاء الإخوة وهوّيتهم

ثالثا- أن نتعرض لبعض الإعتراضات. 

أولا- الأخـوة ..ومعناهـا

لكى نفهم كلمة "أخ" او "أخت" فى الكتاب المقدس يجب أن نعود الى تلك العصور التى كانت فيها اللغة الآرامية او اللغة العبرية القديمة سائدة. يرى القديس جيروم(220-316م) أن تعبير "أخوة" قد استخدم فى الكتاب الـمقدس فىالحالات التالية:

أ- اخوة حسب الدم:

مثل يعقوب وعيسو ولدا اسحق ورفقة(تكوين21:25-26)، راحيل وليئة ابنتا لابان زوجتا يعقوب(تكوين 16:29)، وأولاد يعقوب الإثناعشر(اخبار الأيام الأول 1:2-2)، واندراوس وبطرس (يوحنا40:1)، ويعقوب ويوحنا إبنا زبدي(لوقا10:5).

ب- اخوة بحسب وحدة الجنسية

مثل اليهود فهم يسمّون أخوة"اذا باع منك اخوك العبراني او اختك العبرانية.."(تثنية الاشتراع12:15).وأيضا القديس بولس فى رسالته الى رومية يقول:"لأجل اخوتى أنسبائي حسب الجسد الذين هم اسرائيليون"(رو3:9)، وموسى عندما خرج الى اخوته ورأى رجل مصري يضرب رجلاً عبرانيا من اخوته فقتله موسى

(خروج11:2).

ج- اخوة بحسب القرابـة

أي من عائلة واحدة كما جاء عن ابرام ولوط"فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني

وبينك لأننا نحن رجلان أخوان"(تكوين8:13) ولم يكن لوط اخ لابراهيم بل كان لوط ابن اخيه كما جاء "تارح ولد ابرام وناحوم وهاران وهاران ولد لوط"(تكوين27:11)،"كان ابرام ابن خمسة وسبعين لما خرج من حاران فأخذ ابرام ساراي امرأته ولوط ابن أخيه"(تكوين5:12). وكذلك جاء عن يعقوب وخاله لابان "قال لابان ليعقوب إذا كنت أخى أفتخدمنى"(تكوين15:29).

د- أخوة بالـمحبة

كالـمحبة الروحية التى تجمع الـمؤمنين معا كما يقول المرنم:"هوذا ما أحسن وما أجمل ان يسكن الاخوة معاً(مزمور1:132)،او كما جاء على لسان السيد الـمسيح لـمريم الـمجدلية بعد قيامته:"اذهبي واخبري اخوتى وقولى لهم"

(يوحنا17:20).

فإستخدام تعبير "أخوة الرب" أو "أخوة يسوع" سيكون مطابقا للحالة الثالثة.

ان كلمة "أخا" فى الارامية وكلمة "أخ" فى العبرية Achim،او كلمةadelphos باليونانية معناها الشقيق ونصف الشقيق وأبناء العم والخال والأنسباء بالمعنى الواسع لانهم غالبا ما يعيشون فى العائلة الكبيرة تحت سقف واحد،فلا توجد كلمة مرادفة اومساوية لإبن العم او الخال مثل اللغة الانجيليزية cousin،وحتى هذه الكلمة لا تميز بين ابناء العم والخال والخالات والعمّات فالجميع يُدعون بلفظة Cousin.

وهكذا يكون بحسب شرح القديس جيروم أن "أخوة يسوع" هم أولاد عم أو عمة أو خال أو خالة للسيد الـمسيح.

ثانيا- من هم هؤلاء الإخوة وهوّيتهم؟

لو رجعنا الى انجيلي متى ومرقس لوجدنا أسماء أربعة ممن أُطلق عليهم "أخوة يسوع"وهم :يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان. فمن هم يا ترى؟

1.يعقوب - هناك رسولان جاءت أسماؤهما بـ يعقوب وهما: يعقوب ابن زبدى وهو الذى يسمونه "يعقوب الكبير" وقد جاء إسمه فى بشائر الانجيل مقترنا بإسم أخيه يوحنا،ويعقوب بن حلفى أو يعقوب الصغير كما يلي:

+ "ولم يدع أحداً يتبعه إلاّ بطرس ويعقوب ويوحنا أخـا يعقوب" (مرقس37:5).

+ "يعقوب بن زبدى ويوحنا أخو يعقوب وجعل لهما اسم بُوانرجس اي ابني الرعد"(مرقس18:3).

+ "وهذه أسماء الإثنى عشر رسولاً.الأول سمعان المدعو بطرس ثم اندراوس أخوه ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخوه وفيلبس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن حلفى وتدّاوس"(متى2:10-3).

+ "ثم أخذ معه بطرس وإبنى زبدى وابتدأ يحزن ويكتئب"(متى37:26).

+ "ثم اجتاز من هناك فرأى اخوين آخرين يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه فى السفينة مع زبدى أبيهما يصلحان شباكهما فدعاهما"(متى21:4).

+ "ومتى وتوما ويعقوب بن حلفى وسمعان المدعو الغيور ويهوذا أخا يعقوب ويهوذا الإسخريوطى الذى أسلمه"(لوقا15:6-16).

+ "ولما دخلوا صعدوا الى العلية التى كانوا مقيمين فيها بطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس وفيلبس وتوما وبرتلماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا أخو يعقوب"(أعمال13:1).

وأجمع علماء الكتاب الـمقدس أن يعقوب بن حلفى هو الذى جاء عنه فى سفر أعمال الرسل وهو الذى كان أسقفاً لأورشليم وكاتب أول رسالة من الرسائل الكاثوليكية فلقد توفى يعقوب بن زبدي قبل كتابة سفر اعمال الرسل كما جاء فى سفر أعمال الرسل:"وفى ذلك الوقت مدّ هيرودس الـملك يديه ليسئ إلى أناس من الكنيسة فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف"(اعمال1:12-2).

وعليه فيكون الـمشار إليه فى سفر أعمال الرسل ورسائل القديس بولس هو يعقوب إبن حلفى أحد إخوة الرب:

- " بطرس بعد خروجه من السجن قال:"أخبـروا يعقوب والإخوة بهذا"

    (اعمال17:12).

- وأيضا جاء ذكره فى أول مجمع فى أورشليم"أجاب يعقوب قائلاً أيهـا الرجال الإخوة اسمعوا لي"(اعمال13:15) و عند عودة بولس الى أورشليم "وفى الغد دخل بولس معنا إلـى يعقوب.."(اعمال18:21).

- وأيضا جاء ذكره فى رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية:"ولم أرى غيره من الرسل سوى يعقوب أخى الرب"(غلاطية19:1).

ويعقوب الصغيـر أو إبن حلفى هو الذى كتب فى بدء رسالته "من يعقوب عبد الله والرب يسوع الـمسيح إلى.."(يعقوب1:1).

وبـمقارنة ما جاء فى الآيات التالية سنتعرف عليه أكثر:

- "وكان هناك نساء كثيـرات ينظرن عن بعد وهن اللواتى تبعن يسوع من الجليل يخدمنه وبينهن مريم الـمجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابني زبدى"(متى55:27-56). وهنا إشارة لوجود ثلاث نسوة هن: مريم الـمجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى، وأم إبنى زبدى.

- "وكان ايضا نساء ينظرن عن بعد بينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير وام يوسي وسالومة"(مرقس40:15).

- "وكانت واقفة عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم التى لكلوبا ومريم المجدلية"(يوحنا 25:19).

- "وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي تنظران أين وُضع"(مرقس46:15).

- "ولـما إنقضى السبت إشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويحنطن يسوع"(مرقس1:16).

مـما سبق سوف نجد الآتـى:

-       "مريم التى لكلوبا" التى هى أم يعقوب ويوسى ليست بـمريم المجدلية أو مريم أم يسوع،أو أم ابنى زبدى وإلاّ لكان قد ذُكر أن مريم هـى أم يسوع ويعقوب ويوسى.

-       جاء تعبير "مريم التى لكلوبا" فكإمرأة متزوجة لا يتم ذكرها مرتبط بإسم أبوها بل تعنى أنها زوجة لكلوبا وليست إبنته.

"كــلوبـا" و"حـلفـى":

ببحث الآيات السابق ذكرهـا سوف نجد ان هناك إسمان هما "كلوبا" و"حلفى" ولقد أجمع علماء الكتاب المقدس أنهما لشخص واحد (كلوبا باللغة اليونانية وحلفى هو الإسم اليهودى له كما أخذ شاول وهو إسم يهودى إسم بولس بعد ذلك وهو اسم يوناني).

وبهذا يكون يعقوب هذا هو ابن حلفى واخاً ليوسي ويهوذا وسـمعان.

2. يوسى -أمـا عن يوسى فلا يوجد شيئ معروف أكثر مـما جاء عنه مرتبطاً كأحد من أُطلق عليهم "أخوة الرب".

3. سـمعان - أمـا عن سمعان فلا يوجد شيئ يمكن إضافته سوى حسب ما كتبه الـمؤرخ اليهودى يوسيفوس من أنه كان إبن كلوبا وحل محل القديس يعقوب كأسقف لأورشليم. ولقد عرّفـه البعض من انه هو سمعان الغيور او القانوي(متى4:10،مرقس18:3،لوقا15:6).

4. يهـوذا - أمـا عن يهوذا  فسوف نجد ذكره فى انجيلي متى ومرقس قد جاء ضمن الرسل الإثنا عشر بإسم "تدّاوس"(متى2:10-3)،(مرقس16:3)، وفى انجيل لوقا نجد اسم آخر هو "يهوذا" (لوقا14:6-16)،أما انجيل يوحنا نجد اسم "يهوذا وهو غير الإسخريوطي"(يوحنا 22:14). ولقد أوضح علماء الكتاب الـمقدس أنه هو كاتب رسالة القديس يهوذا الـموجودة بالعهد الجديـد"من يهوذا عبد يسوع الـمسيح وأخى يعقوب"(يهوذا 1).

أمـا عن والد هؤلاء الإخوة يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا فهو كما سبق وان ذكرنا "حلفى" أو "كلوبـا"، وكما كتب الـمؤرخ اليهودى يوسيفوس من انه كان اخو القديس يوسف،أما أمهم فهى "مريم" وهى غير مريم أم يسوع. 

أما ما جاء فى نص انجيل يوحنا:"وكانت واقفة عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم التى لكلوبا ومريم المجدلية"(يوحنا 25:19)، فمريم التى لكلوبا هى كما جاء فى هذا النص "أخت" لـمريم أم يسوع ولكن لابد من أن نفهم أن كلمة "أخت" هنا لا يعنى شقيقة طبيعية لها من حنة ويواقيم والداي مريم العذراء بل كانت إبنة عم أو عمة أو خالة أو خال كما فى العادات الشرقية. هذا بالإضافة انه لا يُعقل ان تدعى فتاتان فى العائلة بنفس الإسم ،هذا ويسوع وحده كان يدعى ابن مريم "أليس هذا هو النجّار ابن مريم"(مرقس3:6).  

 ثالثا- الإعتراضات

الرد على الرأي القائل بأن أخوة يسوع هم أبناء للقديس يوسف من زواج سابق

تصور البعض ونتيجة لـما جاء فى بعض الكتب مثل كتاب "انجيل يعقوب" والمعروف بـProtevangelium Jacobi (حوالى عام 125م) وكتاب "متى" وكتاب "قصة يوسف النجار" وكتاب "انجيل الـميلاد" وكتاب "حياة العذراء وموت يوسف" وكلها كتابات لا تعترف بها الكنيسة وأطلق عليها الكتب الـمنحولة أو الغير قانونية من أن أخوة يسوع ليسوا إلاّ أبناء القديس يوسف من زواج سابق.  وجاء فى تلك الكتب من أن يوسف كان قد تزوج بإمرأة اسمها مِلكة او سالومى وهو فى سن 49 عاما وعاشا 49 سنة معاً وانجبا 6 أبناء (بنتان واربع ابناء) وبعد عام من موت زوجته اي كان عمره حوالى 90 عاما وعندما طلب رئيس الكهنة ان يتقدم كل الأرامل او الشبان من عشيرة مريم العذراء،تم إختياره بطريقة عجيبة ولكنه اعترض قائلا أنا رجل شيخ ولي اولاد ومريم فتاة صغيرة ولكن أقنعوه بهذا الزواج.

وجاءت بعد ذلك بعض الكتابات بالقبطية والسريانية والأثيوبية فى القرن الخامس الـميلادى وهى تصف القصص الـمنقولة عن موت مريم العذراء وجاء فيها عن أخوة يسوع من زواج سابق للقديس يوسف. 

ولقد اعتقد كل من ترتليان(توفى 220/230م) وهيلفيدس فى حوالى عام 382م وجوفنياتوس (توفى حوالى عام 405م) وغيرهم فى معرض دفاعهم عن بتولية مريم العذراء من أن أخوة وأخوات يسوع ما هم إلاّ أخوة بالدم ليسوع جاءوا بعده،اما بعض الآباء أمثال ابيفانوس (من اواخر القرن الرابع الميلادى) وأوريجين (توفى عام 254م) والقديس اكلمنضس الأسكندرى وغريغوريوس النيصي وكيرلس الاسكندري ويوسابيوس اسقف قيصرية وغيرهم فلقد دافعوا عن بتولية مريم العذراء واعتبورا أن هؤلاء الإخوة هم من ابناء ليوسف من زواج سابق.

ولقد دافع كلا من القديس جيروم والقديس اغسطينوس (480م) عن بتولية مريم العذراء قبل واثناء وبعد الـميلاد واعتبروا ان إخوة يسوع ما هم إلاّ اقارب لـه.

لا يمكن ان يكون اخوة يسوع هم من زواج سابق للقديس يوسف وذلك للأسباب التالية:

1. يذكر لنا الكتاب المقدس ان مريم ويوسف والصبي ذهبوا للهيكل كعادة العيد وكان يسوع له اثناعشر عاما وعند رجوعهما بقى الصبي يسوع فى اورشليم وابواه لايعلمان(لوقا41:2-43)،"وإذ كانا يظنان انه مع الرفقة سافرا مسيرة يوم وكانا يطلبانه عند الاقارب والـمعارف"(لوقا44:2) ولم يذكر ان كان له اخوة أتت مع يوسف الى أورشليم. 

2. يذكر لنا الكتاب المقدس عن الإكتتاب "صعد يوسف ايضا من الجليل..ليكتتب مع إمرأته الـمخطوبة"(لوقا5:4) فلو كان ليوسف ابناء من زواج سابق لذكر أنهم قد ذهبوا معه الى بيت لحم للإكتتاب.

3. يذكر لنا الكتاب المقدس انه عندما ظهر الملاك فى حلم قال ليوسف "قم فخذ الصبي وأمه وإهرب إلى أرض مصر" (متى13:2) ولم يذكر اي شيئ عن أبناء يوسف،ألايهم السماء انقاذهم ايضا؟

4. يذكر لنا الكتاب المقدس بالتحديد من هم والداي يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا وهما حلفى او كلوبا وزوجته مريم.

5. كيف يختار الله شيخا ضعيفا أرمل وله ستة أبناء لخدمة العائلة الـمقدسة والمحافظة عليها والتعب فى تحصيل قوتها وكيف يتحمل شيخ ضعيف مشقات السفر الى مصر والعودة منها؟.  

6. يذكر لنا الكتاب الـمقدس قول السيد المسيح على الصليب"فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذى يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة هوذا إبنك ثم قال للتلميذ هذه أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ الى خاصّته"

(يوحنا36:19-37).  وهنا لـماذا لم يترك يسوع أمـه لأحد إخوتـه أو أخواتـه؟، وإنما طلب من يوحنا بن زبدى تلميذه أن يرعى أمـه.

7. نقرأ فى بدء رسالة يهوذا "من يهوذا عبد يسوع المسيح وأخى يعقوب.."

(يهوذا 1) فلماذا وضع يهوذا فروقاً بين انه عبد ليسوع الـمسيح وأخ ليعقوب؟،أليس لأنه كان فقط اخاً ليعقوب؟    

8. و فى انجيل متى "أوليست اخواته كلهن عندنا"(متى56:13) تشير الى وجود عدد كثير من الأخوات لهذا جاءت كلمة "كلهن" بالإضافة الى ما جاء ذكره من أسماء أربعة من الإخوة إنـما يدل على عدد كبير من الأبناء وهذا من الـمستحيل أن يثبت انهم جميعا أولاد يوسف من زواج سابق.  

الرد على الرأي القائل بأن أخوة يسوع هم أبناء للقديس يوسف من القديسة مريم

يعترض البعض قائلا حقيقة ان مريم كانت بتولا قبل ميلاد يسوع فالكتاب يذكر انها كانت عذراء ولكن ليس بعد ميلاد يسوع،ألم يذكر الانجيل "فأخذ يوسف امرأته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البِكر وسمّاه يسوع"(متى25:1)، اي انه بعد ولادة الـمسيح أتت العذراء بنسل آخر غير الـمسيح.وأضافوا قائلين ألم يُذكر ان المسيح هو "البِكر" والبكر لابد له من أخوة ولدوا بعده،وألم يُذكر أيضا أخوة الرب يوسى ويعقوب ويهوذا وسـمعان

(متى55:13)،فكيف بقيت بتول؟

1. انها مغالطة لأبسط قواعد اللغة العربية لكلمة "حتى" فهى تنفى ما بعدها كما هى تنفى ماقبلها لا سيما اذا تبعتها حرف نفى (لم يعرفها) اي لم يعرفها بعد الولادة كما لم يعرفها قبل الولادة.

+ يقول العلاّمة ديونيسوس مطران السريان فى دفاعه عن استخدام كلمة "حتى" من ان لفظة "حتى" تقال على ثلاثة انواع:

أ- على ما له حد:كقوله "لم يرتحل الشعب حتى أُرجعت مريم"(عدد15:12)

اي بعد شفائها قد رحلوا. وكقوله"لايزول قضيب من يهوذا حتى يأتى

شيلون"(تكوين10:49) اي بعدما يجيئ المخلص يزول القضيب اي المُلك.

ب- يفصل الأمور: كقوله"سار ايليا فى البرية حتى جاء وجلس تحت رِتمة"

(3ملوك4:19) ومعلوم انه بعدما أتى جلس وبعدما وصل للجبل استراح.

ج- على مالاحد له:كقوله"أرسل نوح الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه"(تكوين7:8) ومعلوم أنه بعدما نشفت الـمياه لم يرجع. وكقوله"ان ميكال ابنة شاول لم يكن لها ولد حتى ماتت"(2صموئل23:6) فهل ولدت بعد موتها،فإن لم تلد قبل موتها فكم بالأمر بعد وفاتها. وكقوله"ها انا معكم كل الايام حتى انقضاء الدهر"(متى19:28) العل الرب فيما بعد يتركهم. وكقوله"قال الرب لربي اجلس عن يـميني حتى اضع أعداءك موطئاً لقدميك"

(مز1:109) فهل يبطل جلوس المسيح عن يمين ابيه بعد اخضاع اعدائه.

وعليه فلفظة "حتى" التى قيلت فانما اطلقت على ما لاحد له بمعنى انه لم يعرفها قط لاقبل ولا بعد.

2. إن القديس يوسف الذى يذكر الكتاب عنه انه كان باراً والبرارة فى عُرف الكتاب الـمقدس هى القداسة،وهى العيش بطرق الحق والعدالة والعمل بوصايا الله. جاءه الـملاك وطمأنه وأمره أن يأخذ امرأته الى بيته وأطاع يوسف كما فعل من قبله الأنبياء والأبرار من طاعة أوامر الرب وانطلق بامرأته الى بيته وعلم ان الله يُعد لـمجئ الـمخلص العجيب فهل نتصور أن يجرؤ أن يلمس امرأته بعد أن علم بحقيقة أمرها؟!.

وبعد الـميلاد ظهر له الملاك وقال له خذ الصبي وامه ولم يقل خذ زوجتك وطفلك وهذا يعنى ان مريم لم تصر زوجة له بعد ولادة المسيح بل علاقتها مازالت بالمسيح وليست مع يوسف.

3. رؤيـة فى حلم وبشارة ورعاة يُبشرون والمجوس يسجدون ويقدمون الهدايـا وصرخة سمعان الشيخ وحنة النبية فكيف نصدق ان يوسف على الرغم من معرفته الكاملـة بـمثل هذه العجائب المدهشة يجرؤ أن يلمس أم الرب..هيكل الله..مسكن الروح القدس؟    

4. مريم العذراء هل تقبل يوسف زوجاً ؟. لا.

لقد إمتلأت تماما من النعمة والروح القدس وولدت مخلص العالم،فإن لم تجد إشباع أشواقها الروحية وتطلعاتها السماوية فى ابن الله الوحيد فهل تجده فى الزواج وإنجاب الأولاد؟

5. "حتى ولدت ابنها البِكر" وهنا لقب "البِكر" الذى يطلق على يسوع "فولدت ابنها البكر"(لوقا7:2) لا يعنى أن العذراء قد ولدت أبناء بعد يسوع فالقديس متى إنـما دعا الـمسيح البِكر Prototokosلأن العذراء لم تلد مولوداً قبله لا لأنها ولدت بعده فهذه هى شريعة الرب القائلة:"قدّس لي كل بِكر فاتح رحم من بنى اسرائيل (خروج2:13)،(لوقا22:2-23). ويقول القديس ايرونيموس فإذا كان اللقب البِكر يتعلق فقط بمن لهم أخوة أصغر منهم فان الكهنة ما كانوا يستطيعون ان يطالبوا بالأبكار الى ان يولد ما بعدهم حتى يتم التأكد من أنهـم الأبكار. ويسوع هو بِكر الآب و"بِكر كل خليقة"(كولوسي15:1) وهو "البِكر من بين الأموات لكى يكون هو الأول فى كل شيئ"(كولوسي18:1)، "انت ابنى وانا اليوم ولدتك وأيضا أكون له أبا وهو يكون لي ابناً"(عبرانيين5:1-6).

6. ان العذراء مريم بتولا وظلت هكذا قبل واثناء وبعد الـميلاد العجيب تأكيداً لنبؤة حزقيال النبي "قال الرب هذا الباب يكون مغلقاً لايفتح ولايدخل منه انسان لأن الرب اله اسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً"(حزقيال2:44).

7. فى قصة فقد يسوع فى الهيكل وكان يسوع لـه اثنا عشر عاما

(لوقا43:2-44) فلم يُذكر ان كان له أخوة أتت بعد يسوع. إثنا عشر عاما بعد ميلاد يسوع ألم تكن كافية لإنجاب أولاد كما يدعى البعض؟

8. عند الصليب ترك يسوع أمه إلى تلميذه الحبيب يوحنا البتول فأين هم اخوته؟ وكيف يـمكن ليسوع أن يفرّق ما بين مريم وأولادها ليسلمها الى يوحنا؟

9. تساؤل العذراء مريم للملاك فى البشارة "كيف يكون هذا وانا لا أعرف رجلاً" (لوقا34:1) ما كانت تقوله إن لم تكن قد أخذت عهداً على نفسها للبتولية وهذا ما يؤكده القديس اغسطينوس. وعندما اخبرها الملاك "ان الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك ولذلك فالقدوس الـمولود منك يُدعى ابن الله"(لوقا35:1) فكيف بعد ذلك تضحي ببتوليتها من أجل أطفال آخرين يأتوا بعد إبنها يسوع الإبن الوحيد للآب السماوي وهى بالتالى الأم الأرضية الوحيدة للإبن السماوى الوحيد؟

10. فى نص انجيل مرقس"أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخا...."(مر3:6) حدد أن يسوع هو إبن مريم وليس أحد أبناء مريم وإلاّ لكان قد ذكر اسم يسوع ضمن قائمة أسماء اخوته لأن يسوع كان معروفا من أنه الإبن الوحيد لـمريم.

11. فى نص انجيل لوقا وفى مجمع الناصرة تعجب الجميع من يسوع ومن كلام النعمة البارز فيه وقالوا"اليس هذا هو ابن يوسف"(لوقا22:4) ولم يقولوا أنـه أحد أبناء يوسف.

12. عند الصليب عندما أعطى يسوع أمه الى يوحنا قال"هذه هى أمك" وقال لأمه "يا مرأة هوذا هو ابنك"(يوحنا36:19) ولم يقل هوذا كأحد ابناءك.

13. موسى النبي لم يعرف امرأتـه صِفّورة بعد ان رأى الله فكيف ليوسف ان يلمس أو يقترب لأم يسوع ابن الله. فالبتولية هى رمز لشركة فريدة مع الله كما يعلن سفر الرؤيا"هؤلاء هم الذين لم يتنجسوا مع النساء لأنم أبكار هم التابعون للحمل حيثما يذهب وقد افتدوا من بين الناس باكورة لله والحمل ولم يوجد فى أفواههم كذب لأنهم بلاعيب أمام عرش الله"(رؤيا4:14-5).

14. عندما يظهرون أن مريم هى إمرأة عادية لها أن تحبل وتلد بنين وبنات من غير مراعاة من ابنها يسوع هو ابن الله فيعد هذا تقليل من شأن يسوع نفسه من انه انسان عادي وليس قدوس الله. 

 إن كل ما سبق ذكره من الحجج والأسانيد الكتابية والـمنطقية لا يدع ثمة شك ان من أطلق عليهم "اخوة يسوع" ما هم إلاّ أقربـاء لـه.

                          ___________________

الـمراجـع:

1.   القديسة مريم فى الـمفهوم الأرثوذكسي-القمص تادرس يعقوب ملطي

        (1978).

2.   اللاهوت فى فكر العذراء مريـم-القمص سيداروس عبد المسيح

    (1988).

3.   دوام بتولية العذراء مريم-الاب بولس نصير (مايو 1937).

4.   أم وعذراء-القمص ابراهيم جبرة(1978).

5.   الإثنا عشر-حبيب سعيد (1979).

6.   القديس يوسف النجار خادم سر التجسد الإلهى-ديرمارمينا(1989).

    8. اللاهوت الـمسيحي والإنسان المعاصر - المطران كيرلس بسترس

   الجزء الرابع (1993).

7.   القديس يوسف النجار خطيب العذراء مريم-الأنبا غريغوريوس،منشورات اسقفية الدراسات العليا اللاهوتية (1982)

8.   فى خدمة البشارة: يوسف من أنت؟-(الجزء التاسع) جميل نعمة الله السقلاوى مرسل لعازري (1991)

 

 

  1. - “The Devine Favors Granted to St. Joseph”, Pere Binet, S.J

           Tan Books and Publishers, Inc.-1983

 

  1. Apostolic Exhortation of John Paul II “Guardian of the Redeemer”; Paulin Books & Media – 1989

 

  1. Like Wife, Like Husband”, Brother John Samaha, Marian

Library- 2000.

 

12.  “Saint Joseph and the Third Millennium”, Michael D. Griffin,

         Teresian Charism Press-1999

 


 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +