Skip to Content

الكآبة التي هي مرض - قداسة البابا شنودة - st-takla

 

الكآبة التي هي مرض

Click to view full size image

  كل منا ممكن أن يقع في الكآبة لفترة محدده ثم تزول. أما الكآبة المرضية فهى التي تستمر وتطول، ويبدو أنه ليس حدّ لنهايتها..!

 فيها تضغط الأفكار على الانسان حتى تحطم كل معنوياته، وتزُيل منه كل بشاشة. فكر الكآبة يلصق بالمريض ولا يفارقه! يكون معه في جلوسه وفى مشيه، في نومه وفى صحوه.. بأفكار سوداء كلها حزن وخوف وقلق، وصور كئيبة أمامه بلا حل ولا رجاء! كآبة تضيّع حياته وروحياته، ونفسيته وعقله، بأقتناع داخلى أنه قد ضاع!

 أسباب الكآبة:

* كإنسان مثلاً يظن أن خطاياه لن تُغْفَر.

 ربما يكون الشيطان هو الذي القى في نفسه هذا الفكر، حتى يوقعه في الكآبة ثم اليأس، على أعتبار أنه قد فقد أبديتة ولا خلاص له!

* أو قد يكون سبب كآبته هو عقدة الذنب.

 كأن يموت له أب أو ابن، فيشعر انه السبب في موته. ويظل هذا الفكر يتعبه، ويجلب له حزناً لا ينقطع. ويظل يقول: ربما أكون قد قصرت في حقه، ولولا تقصيرى ما مات! ربما لو أحضرت له طبيباً اكثر شهرة وخبرة، ما مات. ربما لو كان قد سافر إلى الخارج للعلاج... وهكذا تطوف به الأفكار..!

* وربما يكون سبب الكآبة هو مرض الشخص بمرض يظن أنه بلا شفاء!

أو يتوقع له نتائج خطيرة يصورها له الوهم أو الفكر الأسود..

* وما أكثر الأسباب التي تؤدى إلى الكآبة المرضية، والتى تصيب المريض بحزن لا يتخلص منه، ولا يعطى لنفسه فرصة للشفاء منه!

 أما عن أعراض الكآبة المرضية:

فالمريض بالكآبة يكون ساهماً باستمرار، كئيب الوجه والملامح، كثير البكاء، كثير الشكوى، يائساً تطمنه الأفكار السوداء، بلا رجاء!

 يظن أنه قد ضيّع أبديته، أو ضيع نفسه ومستقبله أو ضاعت صحته، أو أنه تسبب في ضياع غيره، وأن ما ينتظره هو أسوأ مما هو كائن!

 وقد تحاول تصحّح له أفكاره، فلا يقبل. فينظر اليك في يأس ويبكى فهذا الذي تقوله قد سبق أن سمعه أو فكّر فيه. وظهر له انه حل بلا جدوى!

أو قد يرفض الحديث جملةّ، إذ لا فائدة منه، ويشعر أن من يكلمونه لا يحسون به!

* وهناك نوع عكسى، يريد أن يحكى عن متاعبه، لكى يجد حلاً .

ومشكلة هذا الشخص انه إبا لا يجد حلاً، فتزداد كآبته. أو يجد الشخص الذي يستريح اليه، فيظل يتردد عليه كثيراً. وفى كل مرة يقضى ساعات في الكلام، حتى يهرب منه هذا الشخص المريح! فيتعبه هذا الهروب ويرى أنه يفقد القلب الذي أراحه. وفقدانه يزيد كآبته.

 ومن جهة العلاج، هناك نوعان من المصابين بالكآبة:

 * نوع يرفض العزاء ويرفض التفاهم

* ونوع يتشبث بالفكر. وكلما يخرجونه، يعود اليه. وكلما يشفى، يعود مرة أخرى إلى مرضه كما كان، وربما أزيد!

 * وربما تخطر عليه فكرة الأنتحار لكى يتخلص به من آلامه ومن حزنه. فاما أن ينفذ الفكرة، أو يجدها هي أيضاً بلا فائدة، إن كان يؤمن بالأبدية. أو لأنه يفضل الكآبة على الموت. أو لأنه يحاول أن يحل مشاكله عن طريق الخيال والفكر وأحلام اليقظة...

وعموماً يكون للكآبة تأثيرها السئ على صحته. من جهة انهاك الفكر له، فالكآبة تنهك الأعصاب. وأيضاً من جهة التعب النفسى وتأثيره على الجسد. وأيضاً فكرة واحدة محيطة به، لا يعرف كيف يخرج من حصارها له..

انه مرض يتعبه، ويتعب كل الذين حوله، ويتعب طبيبه معه. وأيضاً يتعب مرشدة الروحى، ويحتار كيف يتصرف معه..

اذن ما هو العلاج؟

 ينبغى أن يعرف أولاً ان الكآبة ليست حلاً لمشاكله.

لقد حدثت له مشكلة حزن بسببها. وكل الناس تحدث لهم مشاكل. فإما أن يجدون حلاً، أو يتركونها إلى الله حلال المشاكل كلها..

أما هذا الشخص فقد اكتأب بسبب كلها، وطال الزمن في إكتئابه حتى تحولت الكآبة بمرضاً، وأصبحت كآبته مشكلة أضخم من المشكلة الأولى التي كانت سبباً في كآبته. ثم ما الذي استفاده من الكآبة على طول مدتها؟! ليس هو سوى الكآبة، بل عرضت على الناس نقصاً فيه ما كانوا يعرفونه من قبل..

ويجب أن يكون أقوى من المشكلة، وأقوى من الكآبة. ويحاول أن يتخلص من هذا الجو الذي يعيش فيه.
 

ثم أن هناك علاجاً آخر للكآبة هو المشغولية:

فليشغل نفسه باستمرار، ليهرب من هذا الفكر الكئيب الذي يحاربه. لأن مداومة الفكر في المشكلة ترهق أعصابه ونفسيته

 فليشغل نفسه باستمرار بأى شيئاً يبعد عنه الفكر. والعمل يقدم له فكراً جديداً ينشغل به. ويشعره أنه قادر على أنتاج شئ، وقادر على تحمل المسئولية.

 ولتعرض عليه مشغوليات أو أنشطة معينة يختار منها ما يشاء..

غير أن البعض قد يرفضون العمل أو يهربون منه، لكى يخلو ذهنه مع الأفكار التي هي من أعراض أمراضهم

أما إن قبل المريض العمل والمشغولية، تكون هذه علامة صحية تبشر بقرب الشفاء من مرضه

الموسيقى كعلاج:

لا شك أن هناك أنواعاً من الموسيقى لها تأثير قوى على النفس ويمكنها أن تريح وتهدئ، وتبعد الانسان عن جو الحزن والكآبة، وتنقله إلى أجواء اخرى. ويمكن أختيار قطع الموسيقى التي لا تضر روحياً، وفى نفس الوقت يكون لها العمق والتأثير، والقدرة على نقل المشاعر المتألمة وفتح أبواب الرجاء له

ولا أظن أن الانسان المكتئب يرفض الموسيقى. وليس المقصود بالموسيقى أن تكون مصحوبة بالغناء. فهناك موسيقى عميقة لا يصاحبها غناء.

إن الموسيقى هي علاج للنفس من الداخل. علاج للمشاعِر والاحاسيس وقد تكون اكثر تأثيراً من العظات في بعض الأحيان

العلاج الكيماوى عن طريق العقاقير:

العلاج بالعقاقير قد يكون مقبولاً إذا كان المريض في حالة معينة، أو في حالة نفسيه لا تقبل التفاهم والحوار. فيعطونه العقاقير للتهدئة. وربما تهدئ أعصابه، وتصبح في حالة تسمح بالعلاج النفسى

والعقاقير تُعطى حينما يكون المريض غير محتمل للألم، والافكار تضغط عليه بطريقة تمنع عنه النوم. فتُعطى العقاقير كمسكنات، ولكى يقدر على النوم.

نقول هذا مع معرفتنا بأضرار كثيرة من العقاقير. ولكن في الحالات الصعبة، ربما لا يجد الطبيب علاجاً غيرها في ذلك الوقت

والمريض قد يأخذ العقاقير من مهدئات ومسكنات ومنومات، فيستريح من الفكر الذي يتعبه، وينام ويصحو، واذا الفكر الذي يتعبه ما زال موجوداً. فيحتاج إلى دفعة اخرى من العقاقير، وتتكرر العملية!

وقد لا يأتى العقار بنتيجة فتزاد الكمية المعطاة منه، أو يعطونه عقاراً آخر أشد تأثيراً، أو يُستبدل العقار بمنوم...

إن العقاقير ربما تكون لعلاج نتائج المرض، وليس لعلاقة الأسباب. وإن أعطوه آخر يجعله ينسى، سيؤثر هذا على قوة الذاكرة والمخ...

 إن أسباب الكآبة قد يصلح لها العلاج النفسى بأسلوب أعمق. والمشكلة أن العلاج النفسى يحتاج إلى وقت.. وسأم الطبيب من الإطالة وكثرة الكلام من المريض وتكرار كلامة، قد يجعل النفسى يتوقف

 وبعد ذلك قد يحتاج المريض إلى نوع من العلاج الروحى، وليس هذا هو مجاله الآن لأن المقال قد أوشك على الإنتهاء.

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +