Skip to Content

صغر النفس - لنيافة الأنبا مكاريوس




صغر النفس

Click to view full size image


بينما يحارب الشيطان الصغار والضعفاء بالتأجيل

فإنه يحارب الأقوياء والمتميزون بصغر النفس

وهكذا يمكن أن يصطاد الضعفاء كما يصطاد الصياد السمك الصغير بشبكته، في حين يقف بالأيام قدام سمكة كبيرة !. 

وصغر النفس هو العلاج الشيطاني الناجح مع العظماء... ويسمونه الحرب الباردة.. فالصخرة الجبارة التي لا تتأثر بالديناميت أو الصواريخ، تستطيع نقطة مياه مستمرة فوقها أن تشطرها إلى نصفين

والإناء الممتليء عن آخره لا تغلبه اللطمة المفاجئة بينما الضغط المتوالي بأصغر الأصابع يمكن أن يهزمه ويلقيه أرضاً.

 

   والشيطان _ وهو خبير بالنفس البشرية_ يعرف كيف يحاصر الأقوياء نفسياً ? إذا لم يكونوا متيقظين ? وذلك عن طريق الإلحاح اللزج البطيء والمستمر

شريطة ألاّ يشعر  بأنه مستهدف من الشيطان، وبذلك يضعف قليلاً قليلا، بل إن إحدى الطرق الشيطانية التي استنبطها اليونانيون في الانتحار هي تصفية دم الانسان قطرة قطرة من خلال قطع شريان صغير في اليد فينزف قليلاً قليلاً ويضعف ويهبط ضغط دمه

ثم يدخل في غيبوبة حتى يفقد الحياة.

بل لعلكم قرأتم عن الاختبار الذي اجري على شخص محكوم عليه بالموت، كيف أغمضوا عينيه وأوهموه أنهم قطعوا شريان يده

 

وأن دمه ينزف قليلا قليلا وأخبروه أن لترين قد سالا وبعد قليل أوهموه أنه فقد أربعة لترات ..

وبدأ الرجل في أن يضعف ويصفرّ لونه ولما أوهموه الشخص بانه لم يتبق من دمه إلاّ لتر واحد دخل في غيبوبة ثم ما لبث أن مات !!

 والحقيقة أنهم لم يفعلوا سوى "شكة" ضعيفة بابرة، ولكن الوهم قتل الرجل !!.

هذا هو الحال الآن مع الكثير من الطلبة، لا سيّما طلبة الثانوية العامة، فقد بدأ بعضهم دروسه في الصيف الماضي..

وامتدت الرحلة حتى الآن، ولم يخل يوماً من الدروس، وفي الأشهر الأخيرة يقضون اليوم ما بين الدروس والامتحانات الدورية، ورغم تفوقهم إلاّ أن تلك الآفة البغيضة _ صغر النفس _ تبدأ في اقلاقهم هذه الأيام

وتتردد داخلهم مشاعر الاحباط فيحدّثون أنفسهم: وماذا بعد .. وما الفائدة .. إن درجة واحدة تنقص كفيلة بأن تقصينا تلقينا من شريحة إلى ُاخرى، ويقارن نفسه بآخرين وُاخريات تعبن العام كله ولم يحققن الكلية التي أردنها

مثلما قال التلاميذ للرب

" يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئا ولكن على كلمتك ألقي الشبكة " (لوقا 5 : 5).

 ويأتي هذا الفكر كلما نفص الطالب بضع درجات في امتحان عادي .. فيتوتّر ويوتر الذين حوله .. وقد ُيثنيه هذا الفكر عن مواصلة الاستذكار، فيميل إلى الأكل والنوم واللعب !

ولكن كل ذلك يكون ممزوجاً بكآبة بغيضة.

لقد حدث مثل ذلك في أيام نحميا العظيم عندما كان منهمكاً في أعمال البناء والتعمير، وكان الأعداء يحيطون به مما جعله يأمر البنائين بأن يكون سلاح كل منهم في يده، بينما في اليد الأخرى أداة البناء.

ولكن وأثناء هذا العمل الجبّار الذي اشترك فيه كل الشعب، إذا بالأعداء يسخرون قائلين:

"ما يبنونه اذا صعد ثعلب فانه يهدم حجارة حائطهم (نحميا 4 : 3).

كان يتنهد ويقول "اذكرني يا الهي و تراءف علي حسب كثرة رحمتك (13 : 22).

ولكن إن كان كل المتميزون سينهزمون لهذا الفكر فمن الذي سيتفوّق !!  إلاّ الذي يعي جيدا أنها مجرد حرب ..

 وملل وصغر نفس، وأن هذه المشاعر مرّ بها أكثر الطلبة .. ويبقى أن نعرف أنه مطلوب منا أن نتعب ونجتهد وليس المطلوب أن نحرز تفوقاً بعينه .. ومع ذلك فالذين يزرعون بالدموع يحصدون بالفرح ..

والله ليس بظالم حتى ينسى تعبكم

" لان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة"(عبرانيين 6: 10).

بل أن سلامة الأعصاب وقوتها وهدوء الإنسان لها دور كبير في القدرة على التذكر واستعادة المعلومات.

تشدد وتشجع وقل مع نحميا العظيم

" أرجل مثلي يهرب" ؟!(نحميا 6 : 11)






عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +