Skip to Content

تأملات شهر ايار - 31 - طلبة العذراء - رعية مار شربل الاردن

 

٣١ أيار
ختام الشهر المريمي

 


((طلبة العذراء))

Click to view full size image


في القرون الوسطى بلغت عبادة العذراء ذروتها فأعطى الفن أجمل معابده والشعر أصفى أشعاره، وتألفت هذه الصلوات المعروفة مثل "السلام الملائكي والسلام عليك يا أمّ الرحمة والرأفة..." في ذلك الوقت أيضاً تنظمت طلبة العذراء فعبّرت بلغة الشعب عن كلام اللاهوتيّين والمفكرين والآباء القديسين كما فتحت المجال لعاطفة المحبة العفوية لمن حيّاها الملاك وسماها ممتلئة نعمة وأعلنتها اليصابات مباركة في النساء. نقول طلبة لا بل طلبات عديدة كانت تردد هنا وهناك فجاء من يجمعها في الجيل الثاني عشر لتكون صلاة موحّدة، طلبات عديدة في طلبة العذراء. خمسون طلبة تعظم مريم وتنشدها كأمّ الله وقديسة وبتول وسلطانة وتعطيها الأسماء العديدة المأخوذة من الكتب المقدسة ومن عبارات التقوى المسيحية. هذه الطلبة نتلوها وننشدها مراراً في حياتنا المسيحية سنتوقف على طلباتها ونتفهم معانيها فتصبح صلاتنا أكثر وعياً وغنى ونشيدنا أقرب إلى التأمل.

يا مريم.

يا قديسة مريم... إذا كان اسم ابنك أعذب من العسل فاسمك يملأ قلوبنا حناناً وعذوبة... مريم هو الاسم الذي يحمله الكثير من أخياتنا. يا قديسة والدة الله. هذه الصرخة التي هتف بها المؤمنون في مجمع أفسس لأنها أعظم لقب يلقبون بها أمهم وأمّ يسوع الذي هو الكلمة الإله. يا قديسة عذراء العذارى أي يا أعظم عذراء أنت أمّ وعذراء، ولدت المسيح بفعل قوة الله والروح القدس الذي حلّ عليك وظللك.

يا أمّ الله.

يا أمّ سيدنا يسوع المسيح، هذا ما نقوله في السلام الملائكي فنضع صورتك قرب صورة ابنك. يا أمّ النعمة الإلهيّة والنعمة هي مجمل عطايا الله الذي خلقني وقدسني والنعمة نداءات الروح في قلبي والنعمة هي يسوع المسيح. أعطينا يا عذراء يسوع النعمة وينبوع كل النعم. يا أمًّا طاهرة وأنت الخليقة الوحيدة لا خطيئة فيها في العالم طبعته الخطيئة بطابعها فصار تحت سلطان الخطيئة والشيطان. يا أمًّا عفيفة لم يلحقها غبار أي رغبة شريرة أو فكر شرير، عاشت العفة المسيحيّة فأحبت كل ما خلقه الله وغمسته بحضور الله ولهذا ندعوها يا أمًّا غير مدنسة. يا أمًّا بغير عيب. لكم افتخر يسوع بأمّ تحلّت بهذا الجمال الذي لا عيب فيه.

يا أمًّا حبيبة ومحببة إلى قلبنا لأنك أمنا وبسبب كمالاتك وقداستك وعظمتك. إنك حبيبة لأنك أمّ يسوع صديقنا وحبيبنا. يا أمًّا عجيبة ونحن نعجب بمحبتك الوالدية، بشجاعتك أمام الصعوبات وبتضحياتك في خدمة البيت وقد قيل فيك "طوبى للبطن الذي حمل (المسيح) وللثديين اللذين أرضعاه". إنك عجيبة لأنك أمّ الخالق الذي يحيا منذ الأزل في حضن الآب وولد منك في ملء الزمن، في الزمن المحدد، لأنك أمّ المخلص والمسيح فَدَاك قبل أن يحبل بك في أحشاء والدتك فكنت أول المخلصين بدم ابنك وذبيحته.

يا بتول.

يا بتولاً حكيمة وقد ظهرت حكمتك بالنظر الثاقب والواقعية والتطلع إلى الأمور على نور الله وبهديه. يا بتولاً مكرمة والتكريم يَتَوَجْه إلى عالم السر الإلهيّ وأمام العظمة الإلهيّة كما يتوجه إلى كل من تقربوا من هذه العظمة الإلهيّة كالقديسين وخاصة العذراء. ولهذا نسميها البتول الممدوحة والمستحقة كل مديح وقد تبارى الشعراء والآباء القديسون في إنشاد مدائحها وفضائلها. إنها البتول القادرة وقدرتها تأتي من ابنها الذي لا يردّ لها طلباً. وهي البتول الحنونة التي تنحني على البشر وتعرف تعاستهم وبؤسهم وشقاءهم فتصلي من أجلنا نحن الخطأة وصلاتها لن تكون صلاةٌ عابرة بل صلاة مواظبة.

إنها البتول الأمينة لربها والتي تحافظ على الأمانة لأبنائها وإن نحن خنّا محبة الرب وعهده. يا مرآة العدل، والعدل لا يعني فقط الإنصاف في المعاملات بل يعني تتميم وصايا الله والتشبه بالآب السماوي وحياة القداسة. ولقد كانت العذراء جوعاً وعطشاً إلى عالم البرارة وشوقاً ورغبة نحو الله. يا كرسي الحكمة وقد أجلستِ في حضنك يسوع الحكمة الأزلية وقدّمْتِه للعلماء والحكماء كما قدَّمْتِه للمجوس الآتين من الشرق لإكرامه.

يا سبب سرورنا وقد أعطيتنا كل فرح عندما أعطيتنا المخلص الذي انتظرته الأجيال. يا إناءً روحياً والرب يخلقنا بين يديه كما الفاخوري يصوغ الإناء ليحمل نعمة الله وعطيته. فأي إناء أنت يا مريم وقد حملت المسيح في حشاك فصرتِ  إناءً مكرماً وإناء العبادة الجليلة. يا وردة سرية والوردة ملكة الزهور عطرها لا يضاهى. يا أرزة لبنان والأرز خضرة دائمة وجذورٌ ثابتة. لقد قال الكتاب: "ارتفعت كالأرز في لبنان... وكغراس الورد في أريحا" (سيراخ 24\17-18). يا برج داود. يا قلعة إليها نلتجئ فنخلص من أعدائنا ونجد الدفء ونسترجع الشجاعة والإقدام في حياتنا. يا برج العاج، يا بيت الذهب وهل أثمن من الفضة والذهب والعاج لتعطي صورة عن جمال العذراء وقيمتها ليس فقط فيما يزينها من فضائل بل وفيما تمثل لأنها تابوت العهد ذلك الصندوق الحاوي كلام الله وعطيته والذي يرمز إلى حضور الرب. وهي باب السماء لأنها شفيعة النعم التي يغدقها الله على المؤمنين من سمائه وهي نجمة الصبح التي يعلن ظهورها عن شروق الشمس. فالعالم العائش في الظلمة والمنتظر نور المسيح قد انتعش بحضورك وانتظر مجيء المسيح نور الحق وشمس البر.

ونقدم لها حاجاتنا ونطلب صلاتها ومعونتها: يا شفاء المرضى، أشفي مرضانا. يا ملجأ الخطأة صلي لأجلنا يا معزية الحزانى عزيهم بمشهد وقوفك قرب صليب المخلص تتألمين ألمه وتأخذين القوة من حضوره. يا معونة النصارى وقد خلصت الغرب المسيحي من الهجوم التركي كما خلصت شعب لبنان العائش على هذه الجبال والذي تعوّد اللجوء إلى ظلّ حمايتك.

يا سلطانة.

إن مريم أرفع من كلّ مخلوقات الأرض مهما سما مقامها وعظم حبها وقويت غيرتها. إنها سلطانة الملائكة وهي أقرب المخلوقات إلى الله وسلطانة الآباء ولو كانوا إبراهيم واسحق ويعقوب مع الإيمان الذي دفعهم في طريق الرب. إنها سلطانة الأنبياء الذين حملوا كلام الله لأنها حملت المسيح الكلمة. إنها سلطانة الرسل وقد رافقتهم في انطلاقتهم الرسوليّة يوم صلت معهم في العنصرة وقبلت الروح القدس.

إنها سلطانة الشهداء وقد تألمت مع المسيح وحباً بالمسيح فرافقته في آلامه حتى موته على الصليب. إنها سلطانة المعترفين أي الممجدين في السماء من الملافنة وكهنة ورهبان وعلمانيين. إنها سلطانة العذارى وهي عذراء العذارى. إنها أخيراً سلطانة جميع القديسين وهي أرفعهم قداسة. يا سلطانة الوردية المقدسة كما أعلنت اسمك للفتاة لوسيا في فاطيمة وطلبت أن نصلّي لك مسبحة الوردية. يا سلطانة الحبل بلا دنس كما أعلنت عن اسمك لبرناديت في مغارة لورد. يا سلطانة الانتقال كما أعلنتْ الكنيسة أنك تعيشين صحبة ابنك في مجدٍ لا يزول. يا سلطانة السلام أبعدي الحروب والفتن، لاشي الاضطرابات وأعطينا السلام الحقيقي الذي يصالحنا مع الله ومع ضميرنا ومع القريب لا سلام الدول المبني على توازن القوى بل سلام المسيح الذي ينبع من المحبة.

صلاة:

يا عذراء ننظر إليك ويسوع بين يديك، التفتي إلى شقائنا وتطلعي إلى حاجات أبنائك، أعطيهم النور والعزاء واملئي قلوبهم من سلام الله ومحبته ـ آمين. 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +