Skip to Content

الأمثال في الكتاب المقدس - مثل الوكيل الخائن

مثل الوكيل الخائن

Click to view full size image
نصُّ الإنجيل

 كانَ  رجُلٌ  غنيٌّ , وكانَ  لهُ  وَكيل . فشُكِيَ  إليهِ  بأَنَّهُ  يُبَذِّرُ  أَموالَهُ . فدعاهُ  وقالَ  لهُ : " ما هذا  الذي  أَسمَعُ  عنكَ ؟ أَدِّ  حِسابَ  وَكالتِكَ , فلا  يُمكنُكَ  بعدَ  اليومِ  أَنْ  تكونَ  لي  وكيلاً ." 

فقالَ  الوكيلُ  في  نفسِه : " ماذا  أَعمَلُ ؟ فإنَّ  سيِّدي  يسترِدُّ  الوكالةَ  منِّي . وأَنا  لا  أَقوى  على  الفِلاحَةِ , وأَخجَلُ بالاستعطاء . قد  عَرَفتُ  ماذا  أَعمَلُ  حتى إذا  نُزِعَتْ  عَنِّي  الوكالَةُ , يكونُ  هناكَ  مَنْ  يقبلونَني  في  بيوتِهِم ."  فدعا  مَدِينِي  سيِّدِهِ  واحِداً  بعدَ  واحِد .

وقالَ  للأَوَّل : " كمْ  عليكَ  لسيِّدي ؟."  قال : " مئةُ  كَيْلٍ  زَيتاً ."  قال : " إِليكَ  صكَّكَ , فاجلِسْ  واكتُبْ  على عَجَلٍ : خمسين ."  ثُمَّ قال  للآخر :  " وأَنت كم  عليكَ ؟"  قال :  " مئةُ  كَيْلٍ  قمحاً."  قالَ  لهُ: " إليكَ  صكَّكَ , فاكتُبْ : ثمانين ." فأَثنى  السيِّدُ  على الوكيلِ  الخائِنِ , لأَنَّهُ  كانَ  فطِناً  في تصرُّفه . وذلكَ  أَنَّ  أَبناءَ  هذهِ  الدنيا  أَكثرُ  فِطنةً  معَ  أَشباهِهِم  مِنْ  أَبناءِ  النور.

وأَنا  أَقولُ  لكم :" اِتَّخِذوا  لكُم  أَصدِقاءَ  بالمالِ  الحرامِ , حتى  إذا  فُقِدَ , قبِلوكُمْ  في  المساكِنِ  الأَبديَّة ." ( لوقا 16/1-9 ).

الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل 

 إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ الوكيل الخائن تصرَّف مع زبائِن سيِّده بحكمة بشريَّة, فأمَّن لنفسه عندَهُم مكاناً للعمل ومَورِداً للرزق. فعلى المسيحي أن يتصرَّف بحكمة سماويَّة ليؤمِّن لنفسه مكاناً عِندَ الله ويحظى بالسعادةِ الأبديَّة في البيت السماوي. وإليكُم إيضاح هذه الفكرة.

يسوع ينصح لنا بالحكمة السماويَّة

 1- يسرد علينا هذا المثلُ أنَّ الوكيل الخائن قد سرق قسماً وافِراً من أموال سيِّده الغني. ولمَّا انكشف أمره لدَيْه خاف أن يُطردَ من وظيفته فزوَّر سندات الديون المستحقَّة على مديوني سيِّده, وهدفُهُ أن يستميلهُم إليهِ ويحصل عندَهُم على مكانٍ للعمل. فعندما اطَّلع سيِّدُهُ على تصرُّفه لم يوبِّخْهُ, بل أثنى عليه "لأنَّهُ تصرَّف بحكمة."

2- إنَّنا نستغرب هذا الثناء على الوكيل الخائن, ونتساءل بدَهَش ما إذا كان المثلُ يُناصِر الخِداع والتلاعب بأموال الناس والسرقة بطريقةٍ لبقة.

 لم يُناصِر يسوع قط الخطيئة مهما كان هدفُها, بل يقول لنا في هذا المثل بوضوحٍ وبساطة أنَّ " أبناء الظلام " يتمتَّعون بحكمة عالية تمكِّنهم من إيجاد الوسائل الملائمة لإصابة أهدافهم الأثيمة, ويصلون غالباً إلى تحقيقها بمهارةٍ فائقة.

 3- ولذلك دعا " أبناء النور " إلى أن يتشبَّهوا بهم, لا في استعمال أساليبهم الخدَّاعة للحصول على المال, بل في التصرُّف بحكمةٍ سماويَّة ليُصيبوا هدَفهم النبيل وهو الحصول على ملكوت السماوات.

Click to view full size image

طريقة يسوع الحكيمة

 1- إذا تأمَّلْنا في تفاصيل هذا المثل قُلنا إنَّ هدف أبناء الظلام هو الحصول على الأرباح الماديَّة وتحقيق المصالح الشخصيَّة, حتى وإن اِقتضى الأمر أن يلجأوا إلى مهارة الخداع والتلاعب والتزوير, كما فعل الوكيل الخائن.

 2- إنَّ هذا الأسلوب الخدَّاع الذي يتبنَّاه أبناء الظلام, يرفضه يسوع رفضاً قاطِعاً, ويعرض على أتباعه أبناء النور, عوضاً عنه, سلوك طريقةٍ حكيمة تُمكِّنهم من إصابةِ هدفٍ أسمى, وهو بلوغ ملكوت السماوات.

 إنَّ الطريقة الحكيمة التي يعرضها عليهم هي أن يتبرَّعوا بقسمٍ من أموالهم في سبيل الخيرِ والبِرِّ والإحسان. ذلك لأنَّ الواقع يؤكِّد أنَّ المال الوافر الذي جمعوه في أيديهم لم يكُن دوماً مالاً حلالاً, بل كان في بعض الأحيان ملطَّخاً بِبُقَعِ الظُلْم والتعامل الحرام.

فإنْ دفعوا مِنهُ قسطاً كريماً للفقراء والمحتاجين عوَّضوا عن هذا الظُلْم الخفيّ وأمَّنوا لأنفُسِهم بفضلِ دعاء الفقراء أصدقائهم الجُدُد عَفْوَ الله. فهذه هي الحكمة السماويَّة التي عناها يسوع عندما قال لنا : " إِتَّخِذوا لكُمْ  أَصدقاءَ  بالمالِ  الحرام ."

فالحكمة في نظر يسوع هي ممارسة المحبَّة للآخرين  ومؤازرة المحتاجين والتخلّص من عبوديّة الخطيئة. إنَّها الحكمة السماويَّة الحقَّة, لأنَّها تمحو الآثام وتُزيل آثار الظُلْم, وتمكِّن أبناء النور من الدخول إلى ملكوت السماوات.

المسيحيُّون الجشعون يشوِّهون فِكر يسوع

إذا طبَّقنا هذا المثل على واقعنا الحاضر رأينا أنَّ بعض المسيحيين الجشعين يتصرَّفون بدهاء الوكيل الخائِن, ويلجأون إلى الخداع والتلاعب لربح المال.

 1- إنَّهم يعتقدون أنَّ المحتالين المَهَرَة الذين يتوصَّلون بألاعيب خدَّاعة وحيَلٍ خفيَّة إلى جَمْعِ المال هم أصحابُ الحِكمة والذكاء النّير وأبناء النور. إنَّهم مُخطئون في اعتقادِهم لأنَّ المحتالين هم في الواقع أبناء الخطيئة و " أبناء الظلام ".

 2- كما أنَّهم يتصوَّرون أنَّ المسيحيّين الأتقياء الذين يُفضِّلون التعب والعمل الشريف والعطاء على الأخذ, مغفَّلون وأغبياء وأبناء الظلام. إنَّهم مخطئون أيضاً في تصوُّرهم هذا لأنَّ المسيحيين المُجاهدين في الحياة والمُحسنين الكرام هُم في الواقع أصحابُ الحكمة السماويَّة " وأبناء النور".

 3- إنَّ تفكير يسوع هو على نقيض تفكير هؤلاء المسيحيين الجشعين, لأنَّ الخِداع والتلاعب سرقةٌ وغشٌّ وعبادةُ المال, وهذا التصرّف المخادع لا يجوز إطلاقاً للمسيحي لأنَّه يتعارض مع الاستقامة ونقاء الضمير القويم وعبادة الله.

التطبيق العملي

 1- تذكَّر دوماً أنَّ الله قد دعانا إلى أن نحيا حياة الاستقامة والشرف, ونمتنع عن كلِّ سرقةٍ مهما كان أسلوبها, وأن نعمل بأيدينا لتكون لقمة عيشنا حلالاً.

2- إنَّ المسيحي الحقّ يشتغل بيدَيْه, ويتبرَّع بقسمٍ من ماله في سبيل الإحسان  ومساعدة المعوزين, كما قال بولس الرسول:
" يجبُ  على  المسيحي  أَنْ  يَكِدَّ  ويَعمَلَ  بيدَيْهِ  بنَزاهةٍ  لكي يحصُلَ  على  ما  يقسِمُهُ  بينَهُ  وبينَ  المُحتاج ." (أفسس 4/28)




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +