Skip to Content

المعجزات في الكتاب المقدس - شفى يسوع صبيأً مصاباً بالصرع وممسوساً


 فى يسوع صبيّاً مُصاباً بالصَرْع وممسوساً

Click to view full size image
نصّ الإنجيل

لمَّا وَصَلَ يسوع وتلاميذُهُ الثلاثة إلى التلاميذِ التسعة، رأوا جَمعاً كبيراً حَولَهُمْ وبعضَ الكَتَبَة يُجادِلونَهُم. فما إن أبصَرَهُ الجمعُ حتَّى دَهِشوا كلُّهُم وسارعوا إلى السلامِ عليهِ. فسألَهُم : " فيمَ تُجادِلونَهُم ؟ "

فأجابَهُ رَجُلٌ مِنَ الجَمعِ : " يا مُعَلِّم، أَتَيْتُكَ بابنٍ لي فيهِ روحٌ أبْكَم، حيثُما أَخَذَهُ يَصْرَعُهُ، فيُزبِدُ الصَبيُّ ويَصرِفُ بأسنانِهِ ويَتَشَنَّج. وقد سألْتُ تلاميذَكَ أن يَطردوهُ فلَمْ يستَطيعوا ". فأَجابَهُم : " أيُّها الجيلُ الكافِر، حتّامَ أبقى معَكُم ؟ وإلامَ أحتَمِلكُم؟ عليَّ بِهِ ". فأَتَوهُ بهِ. فما إِنْ رآهُ الروحُ حتّى خَبَطَهُ، فوقَعَ على الأرضِ يتَمَرَّغُ ويُزبِد.

فسألَ أباهُ : " منذُ كَمْ يَحدُثُ لـهُ هذا ؟ " قال : " منذُ طفوليّتهِ. وكثيراً ما ألقاهُ في النارِ أو في الماءِ ليُهلِكَهُ. فإذا كُنتَ تستَطيعُ شيئاً، فأشفِق علينا وأعِنّا ". فقالَ لـهُ يسوع : " أتَقولُ : إذا كُنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمِنَ يستَطيعُ كُلَّ  شيء ".

فصاحَ أبو الصَبيّ مِن ساعَتِهِ : " آمَنتُ، فشَدِّدْ إيمانيَ الضعيف ". ورأى يسوعُ الجمعَ يزدَحِمون، فانتَهَرَ الروحَ النَجِسَ وقالَ لـهُ : " أيُّها الروحُ الأخرَسُ الأصَمّ، أنا آمُرُكَ، اخرُجْ مِنهُ، ولا تَعُدْ إليهِ ". فصَرَخَ وخَبَطَهُ خَبْطاً عنيفاً وخَرَجَ مِنْهُ. فعادَ الصَبيُّ كالمَيْت، حتّى قالَ أكثَرُ الناس : " إنّهُ قد مات ". فأَخَذَ يسوعُ بيدِهِ وأَنْهَضَهُ فقام. ولمَّا دَخَلَ الدار خلا بِهِ تلاميذُهُ وسأَلوهُ : " لماذا لم نستَطِع نحنُ أنْ نَطْرُدَهُ ؟ "

فقالَ لَهُم : " إنَّ هذا الجنس لا يُطرَدُ إلاّ بالصلاةِ والصوم ".   (مرقس 9/14-29)

 

عَجْزُ التلاميذ التسعة عن شفاء الغلام المريض

بعدما تجلّى يسوع نزل من الجبل وجاء إلى تلاميذه التسعة، فرأى جمعاً ملتفّاً حولهم وبعضَ الكتبة يباحثونهم ويجادلونهم. فطرح عليهم هذا السؤال : " فيمَ كنتم تجادلون الكتبة ؟ " كان الجدل قائماً بينهم وبين الكتبة في شأن غلامٍ مُصاب بمرض الصَرْع قد استولى عليه الشيطان. كان أبوه قد عرضه عليهم وطلب منهم أن يُخرِجوا منه الشيطان. فلجأوا إلى السلطة التي كان يسوع قد أعطاهم إيّاها على إخراج الشياطين.

ولكنّهم لم يستطيعوا أن ينقذوا الغلام من سيطرة إبليس. وقد أثار عجزهم ضغينة الكتبة على يسوع واستهزاءهم بالسلطة التي منحهم إيّاها، فقام جدلٌ بين الطرفين، فأخذ التلاميذ يدافعون عن يسوع، وجعل الكتبة ينتقدونه بعنف، والناس المجتمعون حولهم يستمعون إلى هذا الجدل المحتدم.

 

قال يسوع: أيّها الجيل الكافر

وبرز من الجمع أبو الصبيّ وجاء بابنه إلى يسوع وقال له : " ها إني أقدّم لك ابنيَ المريض. لقد سألتُ تلاميذَكَ في غيابك أن يشفوه فلم يستطيعوا ".

وأوضح يسوع للأب وللواقفين حولَهما سببَ استمرار استيلاء الشيطان على هذا الغلام فقال : " أيها الجيل الكافر. ترفضون الإيمان بالله وتعيشون عيشة الخطيئة. لقد فتحتم بذلك للشيطان المجال الواسع لكي يستولي على هذا الغلام ويأبى الخروج منه. فمتى تتوبون وترجعون إلى الله؟ "

 

مفعول الإيمان بقدرة يسوع

إن هذا التوبيخ الذي صدر عن يسوع هزَّ أبا الصبي هزّاً قويّاً، فقال ليسوع :    " إذا كنتَ تستطيع شيئاً فأشفقْ علينا وأعِنّا ". أجابه يسوع وقال : " أتقولُ : إذا كنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ". بهذا القول بيّن مفعول الإيمان وأهميّته. فالإيمان الذي يستطيع أن ينقل الجبال قادِرٌ على أن يُخرج الشيطان مهما كان عنيداً.

 

وشعر أبو الصبي بأنّ إيمانه ضعيف فصاح : " إنّي أُؤمن. فشدّدْ إيمانيَ الضعيف ". إنّ يقظة الإيمان في قلب الوالد قد أثّرت في نفس يسوع تأثيراً بليغاً، فاستجاب طلبه وطرد الشيطان من جسم الصبي، وأعاد إليه الصحّة الكاملة، وبرهن بهذه المعجزة عمّا قاله منذ لحظات : " المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ".

لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ ؟ 

وبعدما شفى يسوع الغلام المريض غادر المكان مع تلاميذه ودخل أحد البيوت وانفرد بهم. فسألوه قائلين " لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ، مع أنّك قد أعطيتنا السلطة على إخراج الشياطين ؟ " فأجابهم :

" إنّ الشياطين أجناسٌ مختلفة. فبعضُهم شرٌّ من غيره. وهذا الجنس الغارق في الشرّ لا يخرُج من جسم الممسوس إلاّ إذا صلّيتم ومارستم أعمال التقشّف والتوبة. وهذا ما لم تفعلوه. لقد اتّكلتم على قوّتكم، فعاندكم الشيطان وخذلكم ورفض أن يطيعكم ويخرج. فلبسكم الخجل أمام الناس المتجمهرين حولكم".

 

الشيطان يلاحق المسيحي بالتجارب

إنّ الشيطان الذي قهرته قوّة يسوع الإلهيّة لا يُقرّ أبداً بانهزامه أمام الإنسان، مهما كان هذا الإنسان صالحاً وتقيّاً، ولا يدعه يستريح ويطمئنّ إلى صلاحه وتقواه. فهو?َ يلاحقه بالتجارب من دون هوادة، ويغتنم الفُرص الملائمة لكي يدفعه إلى الكبرياء والحسد والشهوة الفاسدة والكَذِب والطمع والثورة على إرادة الله وعَدَم مُمارسة الواجبات الدينيّة.

إنّه يعرف ميول كلّ إنسان وطباعه ومواطن ضَعفه البشري فيضربه على "الوتر الحسّاس" ويهزّ فيه مشاعره الداخليّة، ويهيّج في نفسه حساسيَّاته وشهواته، ويدفعه إلى ارتكاب الخطيئة. ومتى ارتكبها زيّنها له لينغمس فيها أكثر فاكثر، ويحيا حياة الخطيئة المستمرّة.

 

إنّ هذا الوصف ليس وصفاً خياليّاً، بل هو وصفٌ واقعي، فكلّنا نشعر بمهاجمة الشيطان وملاحقاته المتكرّرة بالتجارب المتنوّعة، فنساير إغراءه في ٍ بعض الأحيان، ونستسلم إلى ميول قلوبنا الفاسدة، ونرتكب الخطايا الكثيرة.

 

ضرورة اللجوء إلى يسوع

يشعر بعض المسيحيّين الخطأة، في أوقات الهدوء التي يعكفون فيها على التفكير في وضعهم الديني، بأنّهم من جماعة الهالكين المحكوم عليهم بالعذاب الأبدي، لأنّهم يعيشون عيشة الخطيئة المتواصلة، ولا يستطيعون التخلّص من قيودها الحديديّة، فيستسلمون إلى اليأس العميق، ويحيَون حياةً داخليّة كئيبة، على الرَّغم من مظاهر البهجة المصطَنعة التي يتظاهرون بها أمام الناس. إن سبب يأسهم هو أنّهم مقتنعون بأنهم ضعاف أمام قوّة تجارب إبليس، وليس لهم من ينقذهم من سلطانه عليهم.

 

إنّ هؤلاء المساكين يجهلون ما عمله أبو الصبيّ المريض. لقد التجأ إلى يسوع ونال منه شفاء ابنه. إنّهم بحاجة إلى دليلٍ أمين ? من الكهنة أو من العلمانيين الصالحين ? لكي يقودَهم إلى يسوع، فيطّلعون من فمه الإلهي على الوسائل الروحيّة الفعّالة التي تزيل عن قلوبهم ثقلَ اليأس والخوف من المستقبل الرهيب.

التطبيق العملي

يعرف يسوع ضَعفنا البشري وقوّة تجارب الشيطان فيدلّنا على الوسائل التي نتمكّن بها من التغلب عليها. وإليكم أهمّها:

    - الصلاة : " اسهروا وصلّوا لئلاّ تدخلوا في التجربة "

(متى 26/41) 

    - الإيمان : " قمْ فامضِ بسلام. إيمانُك خلّصك " (لوقا 17/19)

    - حِفظُ الوصايا : " إنْ أردْتَ أن تدخُلَ الحياة فاحفظِ الوصايا"  

(متى 19/17)

    - طلب مؤازرة يسوع : " بدوني لا تَستطيعون أن تعملوا شيئاً "

(يوحنَّا 15/5) 

     فمَنْ سمِعَ كلام يسوع بأُذُنٍ صاغية وقلبٍ منفتح، وعَمَدَ إلى تطبيقه في حياته الروحيّة تمكّن من التغلّب على تجارب الشيطان، وحافظ على نقاوة نفسه وصحّتها، وعاش مع يسوع صديقاً له حتّى في أحلك الأوقات وأصعبها.

    إنّ القدّيسين، حتّى الكبار منهم، عانَوا الكثير من تجارب الشيطان. ولكنّهم استطاعوا أن يتغلّبوا عليها لأنّهم لم يكتفوا بعزيمة إرادتهم ومقاصدهم الصالحة، بل لجأوا بصلواتهم وتقشّفاتهم إلى قوّة يسوع الذي كان يمنحهم نعمته الفعاّلة.



 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +