Skip to Content

المعجزات في الكتاب المقدس - احيا يسوع ابنة رئيس المجمع


أحيا يسوع ابنة رئيس المجمع

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

نصّ الإنجيل

ولمَّا رَجَعَ يسوع ( إلى كفرناحوم) تلَقَّاهُ الجَمْعُ لأنَّهُمْ كانوا كُلُّهُمْ ينتَظِرونَهُ. وإذا برَجُلٍ اسمُهُ يائير، وهو رئيسُ المَجمَع، قد جاءَ فارتَمى على قَدَمَيْ يسوع، وسأَلَهُ أنْ يأتيَ دارَهُ،

لأنَّ لهُ ابنَةً واِحِدَةً في نحوِ الثانيَةَ عشْرَةَ مِنْ عُمرِها، قد أشرَفَتْ على الموت. وبينَما يسوعُ يتَكَلَّمُ، جاءَ رَجلٌ مِنْ عِندِ رئيسِ المَجمَعِ فقال : " ماتتِ ابنَتُكَ، فلا تُكَلِّفِ المُعَلِّم ". فسَمِعَ يسوع فأجابَهُ: " لا تَخَفْ، حَسْبُكَ أن تؤمِنَ فتَخلُصَ ابنَتُكَ ". ولَمّا وصَلَ إلى الدار لم يدَعْ أحَداً يدخُلُ معهُ إلاّ بُطرُسَ ويوحنَّا ويعقوبَ وأبا الصَبيَّةِ وأُمَّها.

وكانَ جميعُ الناسِ يبكونَ وينوحونَ عليها. فقالَ لهم : " لا تبكوا، لم تَمُتْ، إنَّما هي نائمة ". فضَحِكوا مِنهُ، لعِلْمِهِمْ بموتِها. أمّا هَو، فأخَذَ بيدِها، وصاحَ بِها : " يا صَبيَّةُ قومي ! " فَرُدَّتْ الروحُ عليها وقامَتْ مِنْ ساعَتِها، فأَمَرَ بأن تُطْعَمَ. فدَهِشَ أبواها، فأوصاهُما ألاّ يُخبِرا أحَداً بما حَدَث. (لوقا 8/40-41 ، 49-56)


إيمان رئيس المجمع إيمان ذو حدود ضيّقة

    1- كان رئيس المجمع يؤمن بأنّ يسوع يستطيع أن يشفي المرضى، وهذا ما حمله على أن يلتجئ إليه ويطلب منه أن يشفي ابنته المريضة المشرفة على الموت. إلاّ أنَّ إيمانه بيسوع كان إيماناً ذا حدودٍ ضيّقة. كان يؤمن بأنّه نبيٌّ كسائر الأنبياء، يتمتّع بسُلطانٍ يَشفي به المرضى، ولكنّه لا يستطيع أن يحييَ الموتى.

إنَّ إحياء الموتى من سلطان الله وحده. فإذا ماتت ابنتُهُ قَبْلَ أن يصِلَ إليها كان عاجِزاً عن إحيائها. وهذا ما يُفَسِّر إلحاحَهُ على أن يُسرِعَ يسوع في الوصولِ إلى بيته.


    2- وعرف يسوع ، بعلمه الإلهي، أنَّ إيمان رئيس المجمع ذو حدود ضيّقة، فأراد أن يُحطِّمَ هذه الحدود، ويجعل إيمانه يشمل لا شفاء المرضى فحسبُ، بل إعادة الحياة إلى الموتى. لذلك قال له : " حسبُكَ أنْ تؤمِنَ فتخلُصَ ابنَتُكَ ".

       فالإيمان بيسوع لا ينقل الجبال الشامخة ويلقيها في البحر فقط، بل يُعيد الحياة إلى الموتى، ويجعلهم يحيون على الأرض حياةً جديدة مزدهرة.


يسوع سيّد الحياة والموت

لمّا وصل يسوع مع رئيس المجمع إلى البيت، رأى باحة الدار تغصّ بالناس. فقد كانوا أقارِبَ الرئيس وأصدقاءَه ومعارِفَهُ مع الزمّارين والنوّاحات. وكان الضجيج عظيماً، مصحوباً بالصراخ والعويل والبكاء والأصوات العالية.

سمعَ يسوع هذا الضجيج، فنهى الناس عن البكاء : " لا تَبْكوا ? إنّها لم تمُتْ بلْ هيَ نائمة ". لمّا نهى الناس عن البكاء لم يستنكر الحزن ولم يستخفَّ به . فالحزن عاطفة جديرة بالاحترام. وسيأتي يوم يشعر هو نفسُهُ بالحزن العميق عندما ينازع في بستان الجتسمانيّة، وسيعبّر عن عاطفة حزنه بقوله لتلاميذه : " نفسي حزينةٌ حتى الموت ". (متى 26/38) ولكنّه لم يرضَ بأن يستسلم الناس إلى مظاهر الحزن المصطنعة وغير النابعة من عاطفةٍ صادقة، كبكاء النوّاحات وضجيج آلات الزمّارين.

    
ودخل يسوع غرفة الميتة، ومعه تلاميذه الثلاثة المفضّلون، وأبو الفتاة وأمّها. ووقف أمام سريرها وقال لها وهو سيّد الحياة والموت : " يا صبيّة قومي ". ففتحت عينَيْها وقامت على الفور. وأمرَ بان تُعطى طعاماً ليؤكّد لأبويها عودة الحياة إليها.

لقد صنع يسوع هذه المعجزة العظيمة بقدرته الإلهيّة وبأمره الشخصي، ولم يكن كسائر الأنبياء الذين كانوا يتضرّعون إلى الله أن يُجريَ المعجزة بوساطتهم.


موت النفس أشدّ رهبةً من موت الجسد

أعاد يسوع الحياة إلى الفتاة الميتة. ومع ذلك فإن هدف يسوع من مجيئه إلى العالم لم يكن إحياء الأجساد الميتة وإعادة الحياة الأرضيّة إليها، بل إحياء النفوس الميتة بالخطيئة وإعادة الحياة الإلهيّة المفقودة.

إنّ الخطيئة التي يرتكبها المسيحيّون تنزع عن نفوسهم الحياة الإلهيّة التي حصلوا عليها بالمعموديّة المقدّسة. فالخطيئة موتٌ روحي، أيْ موتُ النفس الخاطئة، وهُو موتٌ رهيب، بل أشدُّ رهبةً من موت الجسد، لأنّه يغلق في وجه المسيحيّين الخطأة باب السعادة الدائمة ويلقيهم في هوّة الهلاك الأبدي.

إنّ الحياة الإلهيّة هي الكنز العظيم واللؤلؤة النادرة التي يجب عليهم أن يتخلّوا في سبيل الحفاظ عليها عن كلّ شيء في الدنيا، ليتمتّعوا بنور الله الخالد الساطع.


أوصى يسوع والدَيْ الفتاة ألاّ يخبرا أحداً

إنّنا نستغرب كلّ الاستغراب أن يسوع قد أوصى والِدَيْ الفتاة بأَلاّ يُعلما أحداً أنه قد أعاد الحياة إلى ابنتهما. ولماذا أراد كتمان هذه المعجزة العظيمة؟

كان يسوع يعلم أن كلَّ عمل صالح يقوم به لخير الشعب كان يثير حقد رؤساء اليهود وحسدهم، ويدفعهم إلى تشديد عزمهم على مقاومته وتدمير رسالته الخلاصيّة. لقد كان آنذاك في مطلع سنوات تبشيره بملكوت الله. فلم يشأ أن يعرقلَ عملَهُ الديني بمعارضة خبيثة تشلّ نشاطه الروحي.

ولذلك فإنّه قرّر أن تبقى معجزاته في طيّ الكتمان، أو على الأقل في إطار ضيّق، ليتمكّن من مواصلة رسالته بهدوء وسكينة،

بعيداً عن كلّ مقاومة يقوم بها الرؤساء الحاقدون. ولكنّه لم ينجح في إخفاء معجزاته. فإن خبر إحياء الفتاة انتشر انتشاراً واسعاً في مقاطعة الجليل كلّه.


التطبيق العملي

    1- يحيا المسيحي حياتين، حياة طبيعيّة وحياة إلهيّة. فكما أنّه يحرص على العناية بحياته الطبيعيّة، فكذلك يجب عليه أن يُعنى كلّ العناية بحياته الإلهيّة، وذلك بممارسة الفضائل المسيحيّة، وتتميم واجباته الدينيّة، والقيام بأعمال البرّ.


    2- ماتت الفتاة وهي لا تزال صغيرة. فالموت لا يحترم أحداً، لا الصغير ولا الكبير. فلا يحقّ للمسيحي الفتى أن يقول في ذاته : " أنا في مطلع حياتي وأمامي سنوات طويلة ". إنّ هذا القول يُنشئ فيه الفتور الديني، ويدفعه إلى إهمال واجباته الدينيّة. فهل يضمن لنفسه عمراً يصل  به إلى الشيخوخة ؟

كلا ! فليطع الله  إذاً.

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +