Skip to Content

المعجزات في الكتاب المقدس - مشى يسوع على الماء وشفى المرضى الكثيرين

مشى يسوع على الماء وشفى المرضى الكثيرين

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

نصّ الإنجيل

واضطرَّ يسوع التلاميذَ عندئذٍ أن يركَبوا السَفينَةَ ويتَقَدَّموهُ إلى الشاطئِ المُقابِلِ حتّى يصرِفَ الجَمع. ولَمَّا صَرَفَهُم صَعِدَ الجَبَلَ ليُصَليَّ في العُزْلَة. وكان في المساءِ وحْدَهُ هُناكَ. وأمَّا السفينةُ فقد بَلَغَتْ عُرْضَ البَحْرِ وطَغَتْ الأمواجُ عليها، لأنَّ الريحَ كانت مخالِفَةً لها.

فعِندَ الهَزيعِ الرابِعِ مِنَ الليلِ، جاءَ إليهم ماشياً على البَحر. فلمّا رآهُ التلاميذُ ماشياً على البَحْرِ اضطَرَبوا وقالوا : " هذا خيال ! ". واستولَى علَيْهم الخَوفُ وصَرَخوا. فبادَرَهُم يسوعُ بقَولِهِ: " سكِّنوا رَوعَكُم. أنا هو، لا تخافوا ". فأجَابَهُ بطرس:  " رَبِّ، إنْ كُنتَ إيّاه، فمُرْني أنْ آتيَ إليكَ على الماء ". فقالَ لَهُ : " تعالَ ". فنَزَلَ بطرُسُ مِنَ السَفينَةِ يمشي على الماءِ آتياً نحوَ يسوع.

ولَكِنَّهُ خافَ عِندَما رأى شِدَّةَ الريحِ فأخَذَ يَغْرَق، فصَرَخَ : " رَبِّ، نَجِّني ". فمَدَّ يسوعُ يدَهُ مِنْ ساعَتِهِ وأمسَكَهُ وهوَ يقولُ لهُ : " يا قليلَ الإيمان، لماذا شكَكْتَ ؟ " ولَمَّا ركِبا السفينةَ، سَكَنتِ الريحُ . فسَجَدَ لهُ الذينَ كانوا في السفينةِ وقالوا : " أنتَ ابنُ اللهِ   حقّاً ". وعَبَروا حتّى بَلَغوا البَرَّ عِندَ جَنِسارِت. فَعَرَفَهُ أهلُ تِلكَ البَلْدَة، فأرسَلوا بالخَبَرِ إلى تِلكَ الناحيَةِ كلِّها، فأتَوْهُ بجَميعِ المرضى، وأخَذوا يسأَلونَهُ أنْ يَدَعَهُم يلمِسون هُدْبَ رِدائِهِ، فكانَ الذي يَلمِسُهُ يبرأ. (متّى 14/22-26)

نشر ملكوت الله يتطلّب الجَهد والتعب

كثَّرَ يسوع الخُبز والسمك في البَّرّية ثمّ أمَرَ تلاميذه بأن يركَبوا السفينة ويسبقوه إلى الشاطئ المقابل القريب من قرية بيت صيدا، وصرف الجموع، وصَعِد الجبلَ وحدَه، واستسلم إلى الصلاة حتّى بعد منتصف الليل.

كان يسوع يعرف أنّ الريح كانت معاكسة، وانّ ركوب البحر في هذا الظرف أمرٌ شاقّ. فلمّا أقبل الظلام واشتدّت الريح قضى التلاميذ قسماً كبيراً من الليل وهم يجذّفون سفينتهم، فلم تتقدّم إلاّ مسافةً قصيرة.

لقد أراد يسوع أن يقوموا بهذا الجَهد المُضني ليطبع في قلوبهم منذ ذلك الحين عادة قبول المصاعب في سبيل نشر ملكوت الله. فإنّ هذا الملكوت لا ينتشر في العالم إلاّ بالكدِّ والتعبِ وتحمّل الآلام، وذلك بسبب المقاومة العنيفة التي يُبديها العالم الشرير وأعوان إبليس. لقد تعِبَ الرسل تعباً شديداً عندما أخذوا يبشّرون بالإنجيل في العالم الروماني الغائص في عبادة الأصنام والمتمسّك بالعادات السيِّئة والمستسلم إلى الأخلاق الفاسدة.

وقد وصف لنا بولس الرسول وصفاً دقيقاً ما قاساه الرسل من أتعابٍ وآلام في سبيل نشر البشارة الإنجيليّة. ونحن عندما نقرأ هذا الوصف في رسالته الثانيّة إلى أهل قورنتوس نُعجَبَ بثباتهم وقوّة إيمانهم وسموِّ محبّتهم ليسوع والكنيسة    (الرسالة الثانيّة إلى أهل قورنتوس 4/8-11 و 6/3-5 و 11/22-29)

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

يسوع حقيقة لا خيال

لمّا رأى التلاميذ يسوع يمشي على البحيرة ارتاعوا جدّاً وصرخوا لأنّهم ظنّوا أنّ خيالاً غريباً قد خرج من الماء. أمّا هو فقال لهم : " ثِقوا. أنا هوَ لا تَخافوا ".

يسوع ليس خيالاً، بل هو الحقيقةُ عينُها، وهو ليس حقيقةً إنسانيّةً فحسبُ، بل حقيقة إلهيّة أيضاً، وهذا ما عبّر عنه التلاميذ عندما قالوا له : " حقّاً أنت ابنُ الله ".

فيسوع هو إلهٌ وإنسانٌ معاً، إلهٌ قد خلق البحار وضبطها بسلطته الإلهيّة وأخضعها لإرادته. وهو إنسان مثلنا لـه جسدٌ كجسدنا، وعاطفةٌ كعاطفتنا، وصداقةٌ كصداقتنا. ولا يفترق عنّا إلاّ بأنّه لم يرتكب الخطيئة قط.

يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟

    1- لمّا رأى بطرسُ يسوعَ يمشي على الماء ويقترب من السفينة قال له :    " إن كنتَ إيَّاه فمرني بأن آتيَ إليك ". لقد كان في تلك اللحظات، بعد منتصف الليل، وهو تَعِبٌ جدّاً، وأمامَ مشهدٍ غريب للغاية، في حالةٍ نفسيّة مضطّربةٍ كلَّ الاضطّراب جعلته يشكّ في هوّية الشخص الذي رآه يمشي على البحيرة.

وازداد اضطراب قلبه بعدما خطا على الماء بضع خطواتٍ وشعر بشدّة الريح، فَفَقَدَ صوابه وتزعزع إيمانه فأخذ يغرق، فخاف خوفاً شديداً.

    2- إلاّ أنّ الخوف من الخطر كان في الواقع لطمةً نفسيّة هزّته هزّاً عميقاً، وأعادت إليه صوابه ونور الإيمان، فعرف أنّ من كان واقفاً أمامه ليس شخصاً غريباً عنه، بل هو يسوع نفسه.

فانتعشت فيه الثقة وصرخ : " ربِّ نجّني ". إنّ هذا الاضطراب الداخلي لم يستغرق أكثر من بضع دقائق. وهذا ما حمل يسوع على أن يوجّه إليه هذا العتاب، وهو عتاب الصديق لصديقه : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت؟ "

ألا نشكّ نحن أحياناً في هويّة يسوع ؟

إنّ الموقف الذي وقفَهُ بطرسُ من يسوع، وهو الشكّ في هوّيته، نَقِفُهُ نحن أيضاً في بعض ظروف حياتنا. نَقِفُهُ في أثناء المرض الثقيل المستعصي، وفي أوقات الضائقة الماليّة الخانقة، وعند فقدان قريبٍ حبيبٍ إلينا خطفه الموت بسرعة، وفي ضَياع السلام والمودّة في بيوتنا،

وبعد فشل مشاريعنا المستقبليّة، ولدى رسوبنا في الامتحانات الدراسيّة على الرَّغم من جهودنا المبذولة، وأمام كلّ عقبةٍ كأداء تنتصب في وجوهنا وتحول دون تحقيق أمنياتنا الحلوة. إننا نقول ليسوع : " إن كنت إيّاه فأبعدْ عنّا هذه المحنة التي تحِلّ بنا ".

فما لنا إلاّ أن نراقب أنفسنا بتأنٍّ فنشعر بهذه " الهزّات النفسيّة" التي تنتابنا أمام صعوبات الحياة،  فنشكّ في هوّية يسوع، ونأخذ في الغرق، ونسمع منه ما قاله لبطرس : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت ؟ ". فعلينا نحن أيضاً أن نلتجئ إلى يسوع ونصرخ بلهفةٍ وإيمان كما صرخ بطرس : " ربِّ نجّني ".

النجاة تأتينا من يسوع

إنّ النجاة من الضيق والمحنة ومتاعب الحياة تأتينا من يسوع، ولكن بالطريقة التي يُريدُها هو، لا بالطريقة التي نُريدُها نحن، أيْ وَفْقَ مخطّطه الإلهي الذي رسمه لخلاصنا الأبدي. فقد تكون المحنة التي تنتابنا طريقاً أميناً يؤدّي بنا إلى الخلاص، وقد يكون زوال المحنة الذي نتوق إليه " الطريقَ الواسعَ الذي يؤدّي بِنا إلى الهلاك "   (متّى 7/13)  فالمسيحي المؤمن بقدرة يسوع وحبّه المُخْلِص يسلّم نفسه إلى تدبيره الإلهي، ويكون على يقين أنّ الصرخة التي يرفعها إليه عندما يقول " ربِّ نجّني " يسمعها يسوع ويسرع إلى نجدته. وهذا ما قاله لمستمعيه : 

 

 

" اسألوا تُعطَوا، اطلُبوا تجدوا، اقرَعوا يُفتحْ لكم. فمَنْ يسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلبْ يَجدْ، ومَنْ يقرَعْ يُفتَحْ لهُ " (متى 7/7)

 

لا يُهمل يسوع كنيسته

مَنْ اطّلع على تاريخ الكنيسة هنا وهناك في بلاد العالم عرف أنّها واجهت أخطاراً كثيرة، وفي بعض الأحيان رهيبة جداً. ومع ذلك فإنّها لا تزال باقية، تعمل بصمت وهدوء، وتُعنى بأبنائها، وحتّى بالغرباء عنها.

فكما أنّ يسوع لم يترك تلاميذه وحدهم على البحيرة في الضيق والاضطّراب ، بل جاء إليهم ليبعث في قلوبهم الطمأنينة والسلام، هكذا يأتي يسوع إلى كنيسته، ويحيا معها، ولا يتركها معرّضةً لأخطار العالم الشرير ومؤامراته واضطهاداته، بل يساندها، ويشدّد إيمان أبنائها، ويزرع في قلوبهم الثقة بحضوره معهم ، ويؤازرهم على خدمة إخوتهم البشر.

عَطَفَ يسوع على المرضى وشدَّدَ إيمان تلاميذه

ولمَّا نزل يسوع  من السفينة صنع المعجزات الكثيرة رأفةً بالشعب البائس الذي كان يسكن في الناحية المحيطة بمدينة جنِسارِت الصغيرة. وهذه المعجزات مظهر من مظاهر عطفه على المرضى والمتألّمين.

ولكنّه كان لـه هدفٌ آخر أعمق، وهو أن يشدّد إيمان تلاميذه عندما سيُطلِع الناس في صباح الغد  على أنّه سيعطيهم جسده ليأكلوه ودمه ليشربوه، ليَبقَوا معه ويلازموه، ويؤلّفوا نواة الكنيسة التي أسّسها.

التطبيق العملي

    1- شعر بطرس بشدّة الريح.  إنّ شدائد الحياة كثيرةٌ لا تُحصى. فالتجئْ إلى يسوع في الأوقات العصيبة واسأله أن يؤازركَ كما وعدَنا بذلك.

(متّى 7/7-11)

    2- لا تَظُنَّنَّ أنّ يسوع فكرةٌ خياليّة كما يدّعي مَنْ يفشلون في الحياة. يسوع حقيقةٌ تاريخيّةٌ راسخة عاش قديماً بين الناس، وهو حقيقةٌ واقعيّة يعيش اليومَ بينَنا، ويُرافقنا. قال لنا ذلك بصراحة : " هاءَنذا معَكُم طَوال الأيام إلى انقضاء الدهر ".   (متّى 28/30) هذا هو إيمان الكنيسة، وإيمان كلِّ مسيحيٍّ صادق.



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +