Skip to Content

المعجزات في الكتاب المقدس - أحيا يسوع ابن أرملة نائين


 

أحيا يسوع ابن أرملة نائين

اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

نصّ الإنجيل

وذهَبَ يسوعُ مِنْ بعدُ إلى مدينةٍ تُدعى نائين، وتلاميذُهُ وجَمعٌ كبيرٌ يسيرونَ معَهُ. فلمَّا اقتَرَبَ مِنْ بابِ المدينةِ، إذا مَيْتٌ محمول، وهو واحِدُ أُمِّهِ وهي أرمَلَة. وكانَ يَصْحَبُها جَمعٌ كبيرٌ مِنَ المدينَةِ. فلمَّا رآها الرّبُّ أخَذَتْهُ الشَفَقَةُ عليها. فقالَ لها :  " لا تبكي ". ثمَّ دنا مِنَ النَعشِ فلَمَسَهُ فوقَفَ حامِلوهُ. فقال: " يا فتى، أقولُ لك : قُمْ ". فجَلَسَ الميْتُ وأخَذَ يتَكَلَّم، فسَلَّمَهُ إلى أُمِّه.

فاستولى الخوفُ عليهم جميعاً، فقالوا وهُمْ يُمَجِّدونَ اللهَ : " قد ظَهَرَ فينا نبيٌّ عظيم، وافتَقَدَ اللهُ شعبَهُ ". وانتَشَرَ هذا الحديثُ عنهُ في اليهوديّةِ كلِّها وجميعِ النواحي المجاورةِ لها. (لوقا 7/11-17)

يسوع إنسان مثلنا

لمّا وصل إلى باب مدينة نائين  - وهي مدينةٌ صغيرة تقع على بُعْدِ أربعين كيلومتراً جنوبيَّ كفرناحوم  رأى جنازة فتى واحدِ أُمِّهِ، وكانت أرملة.

لقد أثّر موت هذا الفتى في نفوس سكّان نائين تأثيراً بليغاً فخرجوا جميعهم في الجنازة ليُعَزّوها.

وكان مع يسوع جمعٌ كبير، فتلاقى الجمعان عند باب المدينة. وعرف من الناس السائرين في الجنازة وضْعَ هذه الأرملة المسكينة فأشفق عليها.

إنَّ شعور يسوع بالشفقة دليلٌ على أنه كان إنساناً مثلنا، لـه في نفسه شعورنا الإنساني أمام مصائب الناس وأحزانهم. فقَد بيّن هو نفسُهُ بأساليب مختلفة أنّه إنسان مثلنا بكلِّ ما في هذه الكلمة من قوّة ? ما عدا ارتكاب الخطيئة ? فقد جاع وأكل ونام وتألّم ومات. وكان يفضّل لشخصه لقب "ابن الإنسان" على غيره من الألقاب. 
إنّ إنسانيّة يسوع عقيدة من كبار عقائد الدين المسيحي عبّر عنها يوحنَّا الإنجيلي بصراحة في مطلع إنجيله فقال : " والكلمةُ صارَ بَشَراً وسَكَنَ بيننا".  (يوحنَّا 1/14)  فكلّ من شهد ليسوع بأنّه قد جاء بالجسد كان من الله، وكلّ من رفض أن يؤدّي هذه الشهادة لم يكن من الله، هذا ما قاله يوحنَّا الإنجيلي في رسالته الأولى   الجامعة : " كلُّ روحٍ يشهَدُ ليسوعَ المسيح الذي جاءَ في الجَسَدِ كان مِنَ الله. وكلُّ روحٍ لا يَشهَدُ ليسوع لم يكُنْ مِنْ الله ".

( 1 يوحنَّا 4/2 )

لماذا صار ابنُ الله إنساناً ؟

طرح بولس الرسول هذا السؤال في رسالته إلى العبرانيّين، وأجاب عنه بإسهابٍ وتفصيل (2/9-18) . وإليكم ملخّص جوابه، فقال : لقد صار ابنُ الله إنساناً مثلنا ليصيب أهدافاً ثلاثة، وهي :

1- أن يتمكّنَ من تحمُّل العذابات وآلام الموت، ويستطيعَ أن يحقّق إرادة الله الآب، ويخلّصَ البشريّة الخاطئة من الهلاك الأبدي، ويبلغَ بها إلى المجد السماوي الذي أعدّه الله لها منذ الأزل.

2- وأن يجعلَ الناس الذين افتداهم بدمه على الصليب إخوةً لـه، ويُشركَهم معه في الآلام والمجد، ويرفعَهم إلى مقام أبناء الله، ويقودَهم إلى أبيه السماوي.

3- وأن يقضيَ على سلطة إبليس في العالم، ويكونَ في السماء وسيطاً دائماً بين الله والبشر، وكاهناً أعظمَ وحبراً أميناً، مَهَمَّتُهُ أن يؤازر البشر المعذّبين كما تعذّب هو في سبيل التكفير عن الخطايا.

ولذلك نقول بإيجاز : إنّ ابنُ الله صارَ إنساناً حبّاً للبشر، ورغبةً منه في أن يموت لأجلهم، ويفتح لهم أبواب السعادة الأبدية.

يسوع إله كأبيه السماوي

ليس يسوع إنساناً فحسبُ ، بل إلهٌ أيضاً. إنّ الشفقة التي شعر بها على الأرملة المسكينة لم تكن عاطفةً إنسانيّةً  عاجزةً كلَّ العجز، كما هيَ عاجزةٌ فينا نحن البشر الضعفاء، بل كانت مصحوبةً بقوّةٍ إلهيّةٍ  قادرةٍ على صنع المعجزة العظيمة.

لم يطلب أحدٌ من يسوع أن يصنع معجزةً يعيد بها الحياة إلى الفتى الميت، بل أخذ المبادرة من تلقاء نفسه، فأوقف الحاملين، وأمره قائلاً له : " يا فتى، لكَ أقولُ : قُمْ". فانتعش الميت فوراً وجلس وأخذ يتكلَّم. فاستولى على الجميع خوفٌ عظيم.

نحن نؤمن بأنّ يسوع إلهٌ كأبيه السماوي

إن هذه المعجزة تحملنا على أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي : لماذا نؤمِنُ نحنُ المسيحيّين بأنَّ يسوع إلهٌ كأبيهِ السماوي ؟

نحن نؤمن بأن يسوع إلهٌ لأنّه صرّح بذلك تصريحاً واضحاً ، وبرهن ببراهين قاطعة على ألوهيّته. وإليكم إيضاح هذا الجواب :

1- صرّح يسوع بأنّه إله : قال يسوع عن نفسه، في مناسبات كثيرة، وبأساليب مختلفة إِنّه إله. ونحن نكتفي هنا بإيراد تصريحٍ واحد من تصريحاته الكثيرة، المذكورة بنوعٍ خاص في الإنجيل بحسب القدّيس يوحنَّا.

 قال يوماً لليهود : " أنا والآبُ واحد ". ففهموا أنّه يؤكّد ألوهيّته بهذا القول الواضح. فأتوا بحجارةٍ ليرجموه. فقال لهم : " أرَيْتُكُمْ عِدَّةَ أعمالٍ صالحةٍ من لَدُنِ الآب. فلأَيِّ عملٍ مِنها ترجُموني ؟ " قال اليهود: " لا نرجُمُكَ للعَمَلِ الصالِح، بَل للكُفْرِ، لأنَّكَ ما أنتَ إلاّ إنسانٌ فجعلتَ نفسَكَ الله ". (يوحنَّا 10/30-32)

2- وبرهن على أنّه إله : ولم يكتفِ يسوع بأن يعلن على الملأ أنّه إله، بل برهن على ألوهيّته ببراهين قويّة.

 ومِن أبرز البراهين التي قدّمها، المعجزاتُ الكثيرة التي صنعها، ونبؤاتُ الأنبياء التي تحقّقت فيه. وإليكم عرضاً موجزاً للبرهان الناجم عن المعجزات والنبؤات.

1) المعجزات التي صنعها : لقد صنع يسوع عدداً لا يُحصى من المعجزات، وقد صنعها كلَّها بقدرته الذاتيّة، كما رأينا ذلك في المعجزة التي أحيا بها أبن أرملة نائين. قال للفتى المَيْت : " يا فتى، لكَ أقولُ: قُمْ ". فقامَ الفتى على الفور حيّاً بأمره الخاصّ. إنّ المعجزة عملٌ يفوقُ قوى الإنسان، ولا يقومُ به إلاّ الله. فلمّا صنع يسوع المعجزات الكثيرة والمتنوّعة بأمره وسلطته برهن على أنهُ إلهٌ كأبيه السماوي.

2) النبؤات التي تحقّقت فيه : لقد تنبَّأ الأنبياء عن يسوع نبؤاتٍ كثيرة تحقّقت كلّها فيه. ومن أشهر هذه النبؤات وأهمّها :

- إنّه ابنُ الله : قال له الله الآب يومَ وَلَدَهُ : " أنتَ ابني. وأنا اليومَ ولَدْتُكَ " (مزمور 2/7).  إنّ  يوم الله  يومٌ  أزلي، لا بدءَ له ولا نهاية. فيسوع هو ابن الله قد وُلِدَ منذ الأزل من الله الآب ولادةً روحيّة فائقةَ الوصف، لا يُدركها العقل البشري المحدود.

- وإنّه إلهٌ جبّار : تنبّأ أشعيا عن يسوع المولود فقال: " لأنَّهُ قد وُلِدَ لنا ولدٌ، وأُعطيَ لنا ابنٌ، فصارتْ الرئاسةُ على كَتِفِهِ، ودُعيَ اسمُهُ عجيباً، مُشيراً، إلهاً جبّاراً، أبا الأبَد، رئيسَ السلام ". (أشعيا 9/6)  إنّ ما قاله أشعيا عن يسوع الإله قد ثبّته الله الآب عندما قال لأبنه يسوع : " إنَّ عَرشَكَ يا الله ثابتٌ أبَدَ الدهور ". (مزمور 44/7)

- وإنّه سيولد من أُمٍّ عذراء وسيحمل اسماً إلهيّاً. قال أشعيا النبي : " ها إنَّ العذراء تَحَبلُ وتَلِدُ ابناً، وتدعو اسمَهُ عمّانوئيل " أيْ، "الله معنا" (أشعيا 7/14)

- وإِنَّهُ سيُضيء الشعبَ الجاهِل بنورِهِ العظيم. رأى أشعيا النّبي بالرؤيةِ النبويّة الشعبَ قابِعاً في ظلامِ الجهل وبُقعةِ موتِ الخطيئة، ورأى يسوع يأتي إليه فيُضيئُهُ بنورِ تعاليمِهِ وفضائلِهِ فقال : " الشعبُ السالِكُ في الظُلمَةِ أبصَرَ نوراً عظيماً. والجالِسونَ في بُقْعَةِ الموتِ وظِلالِهِ أشرَقَ عليهم نور ". (أشعيا 9/1-2)

- وإنّه سيُعلَّق على الصليب وتُثقب يداه ورجلاه. رآه داود النبي بالرؤية النبويّة مصلوباً فقال بفم يسوع : " ثقبوا يدَيَّ ورجلّيَّ وأحصَوا كلَّ عِظامي"(مزمور 21/16)

- وإنّه سيتألّم ويموت بسبب خطايانا ولأجل خلاصنا : "جُرِحَ لأجلِ معاصينا، وسُحِقَ لأجلِ آثامِنا، عقابُ سلامِنا عليهِ ، وبجروحاتِهِ شُفينا " (أشعيا 53/5) . لقد صُلِب يسوع وتعذَّبَ ومات لينقذنا من خطايانا ويشفينا مِن أمراض آثامِنا.

- وإنّه سيُدفَنُ في القبر، ولكنّه لن يبقى فيه، ولن يرى جسده فساد الموت، بل سيقوم حيّاً من بين الأموات. قال أشعيا النبي : " وكانَ قبرُهُ معَ المنافقين " (أشعيا 53/9) وتنبَّأَ داود النّبي عمّا سيقولُهُ يسوع لأبيهِ السماوي بعدَ دَفنِهِ: " لذلِكَ فَرِحَ قلبي، وابتَهَجَ مَجدي، وجسَدي أيضاً سيَسْكُنُ على الرجاء. لأَنَّكَ لا تَتْرُكُ نفسي في الجَحيم، ولا تَدَعُ قدّوسَكَ يرى فساداً ". (مزمور 15/9). فيسوع حقَّقَ نبوءة داود وقامَ من بينِ الأموات وظهرَ لتلاميذه مدّة أربعين يوماً، وكان يكلّمهم على ملكوت الله.

إنّ المعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، والنبؤات التي تحقّقت فيه تبرهن بكلّ وضوح على أنّه إلهٌ قد نَزَلَ من السماء لينشُرَ ملكوت الله على الأرض، ويُحرِّر البشريّة الخاطئة من عبوديّة الخطيئة وسيطرة إبليس ويُنقذَها من الهلاك الأبدي.

قال الشعب : قامَ فينا نبيٌّ عظيم

إنّ الشعب الذي رأى مُعجزة إحياء ابن الأرملة لم يستنتج أنّه إله، ولم يفكّر في أنّه المسيح، بل اكتفى بان يقول عنه إنّه نبيٌّ عظيم. كان هذا الشعب المسكين يعيش في ظلام الإيمان وفساد الأخلاق لأنّ الرؤساء الدينيّين قد أهملوا تعليمه، ولم يقوّموا أخلاقهُ وفسَّروا لـه الكتب المقدّسة تفسيراً خاطئاً، واهتمّوا بمصالحهم الخاصّة وحدَها، وتركوا الشعبَ مشَتّتاً مُتعَباً يعيشُ كالخرِاف التي لا راعي لها.

وانتشر خبر المعجزة في اليهوديّة كلّها

وانتقل خبر المعجزة إلى اليهوديّة، إلى هيكل سليمان، إلى مقرّ رؤساء الكهنة والكتبة وعلماء الشريعة والفريسيّين، فلم يطمئنّوا إليه. إنّ الحسد الأسود المتغلغل في قلوبهم قد دفعهم إلى الاعتقاد أنَّ يسوعَ أخَذَ يُنافسهم لينتَزِع منهُم سلطتَهُم الدينيّة. فجعَلوا يتآمرون عليه ويتداولون في الطريقة الملائمة للتخلّص منه.

التطبيق العملي

1- عندما تتأمّلُ في هذه المعجزة يبدو لك بوضوح أنّ يسوع إنسانٌ صديقٌ لنا، وإلهٌ ينقذُنا مِن أحزاننا وشدائدنا. فاتّخذْ يسوع صديقاً لك، وافتحْ لـه قلبكَ، وعبّرْ له عمّا تشعرُ به من عواطف الفرح أو الحزن أو الأمل، فهو يُشاطِرُكَ أفراحَكَ وأحزانَكَ وآمالَكَ لأنّه صديقُك الوفيّ الذي لا يخونك ولا يهملك.

2- ومتى دخلتَ الكنيسة عبّرْ له أيضاً عن إيمانك بألوهيّته، واسجدْ له سجوداً عميقاً ، واسألْه أن يحفظَك دوماً في حال النعمة، ويُقيمَ النفوسَ الميتة بالخطيئة، ويُعيدَ إليها الحياة الإلهيّة التي فقدتها، كما أعاد الحياة الطبيعيّة إلى الفتى ابن أرملة نائين.



 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +