Skip to Content

المسحة - القديس كيرلس الأورشليمي

المسحة – القديس كيرلس الأورشليمي

 

وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه” (1 يو 2: 20)

 


قبلتم مسحة المسيح

1. إذ قد “اعمدتم في المسيح، ولبستم المسيح” (غل 3: 27)، أصبحتم على مثال صورة المسيح ابن الله، “لأن الله سبق فعيننا للتبني” (أف 1: 5).

“جعلنا لنكون على صورة جسد مجده” (في 3: 21)، حيث أننا نصبح “شركاء المسيح” (عب 3: 14).

وبحق دُعيتم للمسيح، وعنكم قال الله: “لا تمسوا مسحائي، ولا تسيئوا إلى أنبيائي” (مز 105: 15).

جُعلتم مسحاء بقبولكم ختم الروح القدس. وكل الأشياء عُملت فيكم امتثالاً (بالمسيح)، لأنكم صورة المسيح. هو اغتسل في نهر الأردن ونشر معرفة ألوهيته في الماء، وصعد منه وأضاء عليه الروح القدس في تمام وجوده، وحلّ كذلك عليه. ولكم أنتم فشبه ذلك بعد أن صعدتم من بركة المياه المقدسة صار لكم دهن شبه الذي مُسحَ به المسيح. وهذا هو الروح القدس الذي قال عنه المطوّب إشعياء في نبوته عن شخص الرب: “روح السيد الرب عليّ، لأن الرب مسحني” (إش 61: 1).


مسحه بالروح القدس

2. لأن المسيح لم يمسحه إنسان بزيتٍ أو دهنٍ مادي، لكن الآب عينه من قبل ليكون مخلصًا للعالم أجمع، مسحه بالروح القدس، كما قال بطرس: “يسوع الذي من الناصرة، كيف مسحة الله بالروح القدس” (أع 10: 8).

صرخ داود النبي أيضًا قائلاً: “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب استقامة قضيب ملكك. أحببت البرّ وأبغضت الإثم، لذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك” (مز 45: 6، 7).

وإذ صُلب المسيح ودُفن وقام حقًا، أنتم في العماد حُسبتم جديرين أن تُصلبوا وتُدفنوا وتقوموا معه على مثاله، هكذا في المسحة أيضًا. وكما مُسح بزيت مثالي “زيت الابتهاج”، لأنه منشئ الفرح الروحي، هكذا أنتم مُسحتم بدهن، إذ أصبحتم شركاء للمسيح وأتباعه.

بالدهن المنظور تُقدس نفسك بالروح القدس المحيي

3. لكن احذروا أيضًا لئلا تظنوه دهنًا بسيطًا، لأنه كما في خبز الإفخارستيا بعد حلول الروح القدس لا يصير خبزًا عاديًا بعد، بل جسد المسيح، هكذا هذا الدهن لا يكون دهنًا بسيطًا أو عاديًا بعد الصلاة، لكن هي موهبة المسيح بالنعمة وبحلول الروح القدس أصبح لائقًا لمنح طبيعته الإلهية.

بهذا الدهن مُسحت رمزيًا على جبهتك وحواسك الأخرى. وإذ يرشم جسدك بالدهن المنظور تُقدس نفسك بالروح القدس واهب الحياة.

 


بالمسحة السرية لبستم كل سلاح الروح القدس

4. رٌشمت على الجبهة كأنك تتخلص من العار الذي حمله الإنسان الأول معه في كل مكان، وأنه بوجه مكشوف كما في مرآة ناظرين مجد الرب” (2 كو 3: 18). ثم على آذانك حتى تتقبل الآذان سريعًا سماع الأسرار الإلهية التي قال عنها إشعياء النبي: “أعطاني الرب أذنًا للسمع” (إش 1: 4). وقال سيدنا الرب يسوع المسيح: “من له أذنان للسمع فليسمع” (مت 11: 15؛ مت 13: 9). ثم على الأنف حيث تتقبل الدهن المقدس، فيمكنك أن تقول: “لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون” (2 كو 2: 15). بعد ذلك على صدرك حيث “قد لبستم درع البرّ” (أف 6: 14)، حتى تقدروا “أن تثبتوا ضد مكايد إبليس” (أف 6: 11).

لأن المسيح بعد عماده وحلول الروح القدس ذهب وغلب الشرير، هكذا أنتم أيضًا بعد العماد المقدس والمسحة السرية، إذ لبستم كل سلاح الروح القدس لكي تقفوا ضد قوة الشرير وتقهروه قائلين: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” (في 4: 13).


نلتم اللقب الشريف

5. وإذ حُسبتم جديرين لهذه المسحة المقدسة، دُعيتم مسيحيين وبميلادكم الجديد أيد شرعية هذا الاسم، إذ قبل أن تكونوا مستحقين هذه النعمة، لم يكن لكم حق صحيح في هذا اللقب الشريف. لكن كنتم تتقدمون في طريقكم حتى تصيروا مسيحيين.


مثال المسحة في العهد القدبم

6. علاوة علي ذلك يجب أن تعلموا أن في الكتاب المقدس يوجد رمز لهذه المسحة. لأن من وقت أن عَرّف موسى أخاه الرب وجعله كاهنًا أعظم، وبعد استحمامه ودُعي هارون مسيحًا بوضوح أو مدهونًا بالزيت الرمزي. هكذا أيضًا صنع رئيس الكهنة في تقديم سليمان للمملكة مسحه بعد استحمامه في نهر جيحون (1 ملوك 1: 39).

وهكذا حدثت لهم هذه الأمور في شبه خيال لكن ليست في خيال، لكنها حقيقة. لكن مُسحتم حقًا بالروح القدس وابتدأ خلاصكم المسيح. لأنه باكورة الثمر، وأنتم العجين. فإن كان الثمر مقدسًا فواضح أن قداسته تنتقل إلى العجين كله أيضًا (رو 11: 16).


احفظوا هذه المسحة خالية من العيوب

7. احفظوا هذه المسحة خالية من العيوب، إذ ستعلمكم كل الأشياء إذا سكنت فيكم، كما سمعتم بوضوح من المطوّب يوحـنا: “وأعطانا كثيرًا بخصوص هذه المسحة” (1 يو 2: 20). لأن هذه المسحة المقدسة صيانة روحية للجسد، وخلاص للنفس. وعنها يتنبأ إشعياء المبارك منذ قديم الزمان فيقول: “على هذا الجبلالآن يدعو الكنيسة “الجبل”. وفي موضع آخر يقول: “يكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا” (إش 2: 2). وأيضًا “ويصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن، وليمة خمرًا، تبشرون فرحًا، يمسحون أنفسهم بدهن” (راجع إش 25: 6).

ولكي يؤكد لكم اسمعوا ما يقول عن هذا الدهن في أنه سري “سلموا كل هذه الأمور للشعوب، لأن مشورة الرب هي لكل الشعوب”.

 

وإذ قد دُهنتم بهذا الدهن المقدس احفظوه فيكم غير مدنس لا عيب فيه، متقدمين في الأعمال الحسنة، عالمين كل ما يرضي رئيس خلاصكم يسوع المسيح، الذي له المجد الدائم إلى دهر الدهور. آمين.



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +