Skip to Content

حياة الفضيلة و البر ((10)) - قداسة البابا شنودة







  

حياة الفضيلة و البر  ((10))

قداسة البابا شنودة

                            Click to view full size image 

ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاطفال (مت 18 : 3 )

كيف يستطيع الانسان ان يحيا حياة البر والفضيلة ان الرب وضع أمامنا هذا الشرط المهم في قوله لتلاميذه

 إنها وصية عجيبة وخطيرة كشرط أساسى وهام لدخول ملكوت السموات، بحيث إن لم نسلك فى الطفولة الروحية فلن ندخل الملكوت

 خطورة الوصية

‏هناك أمور جوهرية تمنع الملكوت:

‏مثال ذلك قول الرب: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لايقدر ان يدخل ملكوت الله (يو 3 ‏: 5 ‏). وقوله أيضأ: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم (يو 6 ‏: 53 ‏).

وقوله كذلك: إن لم تؤمنوا إنى أنا هو، تموتون فى خطاياكم (يو 8 ‏: 24 ‏).

وكذلك: إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون (لو 13 ‏: 3 ‏، 5 ‏).

وهكذا جعل الرب هذه الأمور كلها لازمة للخلاص:

المعمودية، والتناول، والايمان، والتوبة.

ونراه يضع شرط الرجوع إلى شبه الأطفال لازما لدخول الملكوت.

‏بنفس عبارة: إن لم ... التى قالها عن المعمودية والتناول والايمان والتوبة.

نراه يقول لتلاميذه القديسين: الحق أقول لك، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السموات (مت 18 ‏: 3 ‏).

وهذا يدل على خطورة هذه الوصية، ويجعلنا نتساءل: ماهي الصفات االتي تصف بهاالطفل 0 حتي نحاول أن نتشبه بها ونصير مثله ؟

‏نحن نظن أننا نعلم الأطفال، ونقف أمامهم كقدوة. وهوذا الرب يعكس الأمر، ويضع الأطفال أمامنا كقدوة، حتى نتشبه بهم، وإلا.. فإنه يقدم لنا تحذيرأ خطيرا، وهو عدم دخول الملكوت.

 ‏طبعا لا نتشبه بالطفل فى العقل، وإنما فى القلب والروح والنفسية. والمقصود طبعا أن نشتبه بالطفل السوي، وليس الولد  الذي بميول أو طباع منحرفة، سواء بالوراثة أو لأسباب أخرى.

 صفات الاطفال

‏ أول صفة للاطفال هى البراءة والبساطة.

‏وهكذا كان أبونا أدم قبل أن يعرف وهكذا كانت أمنا حواء. إذن كان الرب يقول لنا: إن لم ترجعوا إلى البراءة والبساطة، فلن تدخلوا الملكوت..

‏الطفل فى بدء حياته، لا يشك فى شئ. يقبل الأمور فى براءة وثقة، إلى أن يغيره المجتمع، ويدخل الشك إلى قلبه، وفى طباعه، فتتعكر نقاوته.

وقد يزيد الشك عنده فيصبح مرضا، سواء وجد سبب للشك أم لم يوجد!

الطفل يتصف أيضا بحب المعرفة والتعليم.

‏فهو يسأل ويريد أن يعرف. ولا يخجل من السؤال والاقرار بعدم المعرفة، وهو يقبل التعليم، وعن طريقه ينمو فى المعرفة يوما بعد يوم.

‏أما الكبار فقد يمنعهم عن التعليم: إما كبرياء لا تريد أن تظهر أنها لا تعرف، أو يمنعهم الخجل، أو الاكتفاء بما هم فيه من معرفة.. وكلما كبر الإنسان فى سنه، قد يخجل من التعليم، لئلا يخطى أثناء تدربه فيخجل من خطئه. لذلك فالطفل أقدر على تعلم اللغة من كبير السن، لأنه لا يخجل أن ينطق ولو نطقا خاطئأ يصححه له معلمه، بينما الكبير لا يفعل.

 حاول إذن أن تنمو فى المعرفة، وأقصد المعرفة النافعة لك. ومادمت قد كبرت فى السن، أمامك ألوان أساسية فى المعرفة غير ما يسقى إليه الطفل، عليك أن تعرف نفسك، وأن تعرف الله، وتعرف الحق، وتعرف الطريق السليم الذى يوصلك.

وليكن لك التواضع الذى به تسأل وتطلب المعرفة، دون أن تخجل. ودون أن ترتئى فوق ما ينبغى، ظانا أنك تعرف.. ودون أن تكون حكيما فى عين نفسك..

 ‏ من صفات الطفل أنه دائم النمو.

‏قيل عن يوحنا المعمدان فى طفولته: أما الصبى فكان ينمو ويتقوى بالروح. وكان فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل (لو ا : 10 ‏).

وقيل أيضا عن الطفل يسوع: وأما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس (لو 2 ‏: 52 ‏). من جهة القامة، يصل الكبار إلى حد معين لا تنمو فيه قامتهم، ولكن هناك مجالا أخر ينبغى أن يمارسوا فيه صفة النمو.

 وهو النمو فى الروح، فى العقل، فى المعرفة، فى الحكمة، فى كل فضيلة وعمل صالح.

 تعجبنى فى الطفل أيضأ صفة البشاشة.

‏هو باستمرار يحب البشاشة، يحب المرح، يحب أن يضحك، ويحب من يضحكه. إنه لا يحمل هموم الد نيا فوق كتفيه كما يفعل الكبار. ولا يحمل هما، ولا يفكر فى مشاكل الغد ومشاكل المستقبل ، إنما يلقى كل ذلك -إن صادفه- على أبيه وأمه. ويملك السلام على قلبه، حتى فى أشد الأوقات خطورة. تجد البيت كله منزعجا، متوقعا شرا، ماعدا الطفل.

‏أريد لك يا أخى هذا السلام وهذا الفرح، فهما من ثمار الروح (غل 5 ‏: 22 ‏).

 من الصفات الجميلة فى الطفل أنه لا يحمل حقدا.

‏قد يوجد ما يبغضه أو يضايقه أو يحزنه.. ولكن هذا كله يأخذ وقته وينتهى فى وقته، دون أن يخزنه فى قلبه أو فى مشاعره. وما أسرع أن يتصافى ويلعب مع طفل اخر كان يتعارك معه منذ لحظات.

الذين يخزنون الإساءة هم الكبار، فى ذاكرتهم التى كثيرا ما تنسى الخير، ولكن لا تنسى الإساءة. ويتحول الغضب عندهم إلى حقد وإلى عداوة، وربما إلى رغبة فى الانتقام.

وهؤلاء يقول لهم الرب: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال.. .

إن الطفل سريع التصالح. وقد يضربه أبوه أو أمه، وبسرعة يأتى فيرتمى فى حضنهما. وفى العطف والحنان الذى يأخذه، ينسى كل ما حدث.

‏ ليتنا نكون أيضا مثل الطفل فى حبه الكبير.

‏الحب الذى يتسع لكثيرين. والذى فيه يتصادق بسرعة مع كثيرين، ويزيد عدد معارفه وأحبائه. ويجعل الاخرين يحبونه، دون أن يعرف تحزبا . وقد يتشاجر الأب والأم معا، بينما الطفل يحب الاثنين معا ، بل قد يعمل على مصالحتها..

 الطفل عنده الإيمان والثقة.

‏بعض الطوائف لا تعمد الأطفال، وتنتظر إلى أن يؤمنوا أولا. ولكننى أقول ليتنا جميعا نكون مثل الأطفال فى عمق إيمانهم. الأطفال الذين يقبلون كل حقائق الإيمان دون أدنى شك أو سؤال.

‏إن الطفل يولد مؤمنا، تقول له نصلى، يصلى. ترفع يدك إلى السماء وتقول يارب، يفعل مثلك.

يؤمن أن الله قادر على كل شئ، ولا يشك فى ذلك. بل يؤمن أن أباه الجسدى يقدر أن يعطيه كل شئ، وأن يحميه من كل خطر ولا شك.. إيمان الطفل إيمان عجيب، لا يفسده إلا الكبار، حينها يدخلون إلى ذهنه أمورا تؤذيه.

 ‏ الطفل أيضا يتميز بالصدق، ولا يجامل على حساب الحق.

وهو لا يعرف الرياء. فإن كان يحبك يقول لك إنه يحبك. ويكون ذلك من قلبه، وهو صادق فيما يقول. وإن كان يخافك أو قد أذيته قبلآ، لا يمكن أن يجاملك كذبا ويقول لك إنه يحبك، بل يقول لك رأيه فيك بصراحة. إنه لا يعرف النفاق. هو صادق فى التعبير عن مشاعره.

 محبة الاطفال محبة حارة أكثر من محبة الكبار

‏وهى محبة بريئة وطاهرة. إنه يرتمى فى حضن من يحبه بكل عواطفه.

‏وقد يبكى من كل قلبه، لأن أباه قد غاب عنه، أو أمه قد غابت عنه. ولا يستريح إلا إذا وجد من يحبه. ليتنا نحب مثلما الأطفال يحبون.

 والطفل يشتهى المثل العليا.

‏إنه يستطيع أن يميز بفطرته. لذلك فهو يحب الخير بطبيعته. وله ‏ضمير لم يفسده المجتمع يميز به بين من يحبه ومن لا يحبه، وبين الإنسان الخير الذى يتصف بالروح الطيبة وغير ذلك.

 وهو يستطيع أن يحكم عليك من مجرد النظر إلى ملامحك. يعرف داخلك من نظرة عينيك، ومن تقاطيع وجهك، ومن نبرة صوتك.

وهو حساس جدا، وحسه سليم. إنه لا يقبل أن يرى أباه غاضبأ أو ثائرا، مقطب الملامح أو الجبين، أو محتد الصوت. كل هذا ضد مثله العليا.

 ومن الأشياء الجميلة فى الطفل أن فضائله طبيعية تلقائية.

‏بلا تصنع، بلا تمثيل، بلا جهاد فى الوصول إلى الفضائل، فهى فيه بالفطرة.. لا يحاول أن يظهر فى زى فضيلة ليست فيه. لا يجاهد ليحصل على البساطة، فهو بسيط بطبيعته، وهكذا مع باقى الفضائل.

الطفل ليس عنده غرور.

‏حتى عندما تمتدحه. يرضى لك يشعر بأنه تصرف حسنا، دون أن يتكبر. الغرور رذيلة تتعب الكبار..

 المسيح والأطفال

‏كان السيد المسيح يحب الأطفال. وكان يحتضنهم ويباركهم (مر 0 ‏ا : 6 ‏ا ). وكان يحزر الناس من أن يسببوا لهم عثرة.

وهكذا قال: من أعثر أحد هؤلاء الصغار، فخير له أن يعلق فى عنقه حجر الرحى ويغرق فى لجة البحر ‏(مت 11 ‏: 6 ‏).

 وقال فى محبته للأطفال: أنظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار.. (مت 11 ‏: 0 ‏

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +