Skip to Content

حياة الفضيلة و البر ((8)) - الداخل و الخارج - قداسة البابا شنودة


حياة  الفضيلة  والبر  ((8))

قداسة البابا شنودة



((كل مجد ابنة الملك من داخل مز45 ))

الداخل و الخارج
 

قال السيد الرب ملكوت الله داخلكم لو 17 ‏: 21
‏أى فى داخل العقل والقلب،فى المشاعروالنيات والأحاسيس وطبعأ إذا ملك الله فى الداخل فمن الطبيعى أن تظهر ثمار ذلك فى التصرفات الخارجية.
‏أما البر الذى من الخارج فقط فقد يكون رياء!
‏الكتبة والفريسيون كانوا يظهرون من الخارج أنهم أبرار.. ولكنم كانوا مرفوضين من الرب وقد وصفهم بأنهم مراؤون ووبخم قائلا إنكم تنقون خارج الكأس والصحفة وهما من الداخل مملوءان اختطافأ ودعارة ويل لكم إيها الكتبة والفريسيون المراؤون.لأنكم تشبهون قبورأ مبيضة تظهر من خارج جميلة وهى من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة.. مت 27،25:23
إذن المهم هو البر الداخلى،ومن أجله قال الرب: يا ابنى أعطنى قلبك أم 26:23
‏أعطنى قلبك أولأ فأسكن فى داخلك فى مشاعرك،فى أعمالك وحينئذ،ونتيجة لذلك سوف تلاحظ عينان طرقي وهذه نتيجة طبيعية إذا ما اعطيتنى قلبك.فالخير يبدأ داخل القلب والفكر وهكذا قال القديس بولس الرسول تغيروا على شكلكم بتجديد أذهانكم؟ رو 12 ‏:2 ‏

وما معنى تجديد الذهن؟

معناه أن ينظر الإنسان إلى الأمور بنظرة جديدة باقتناع أخر ،وحينئذ سوف يتغير شكله ولا يشاكل هذا الدهر أى لايصير شكله مثله لذلك شرح الرسول الطريق السليم بقوله: لاتشاكوا هذا الدهر،بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم رو 2:12
‏فجعل تغيير الشكل الخارجى نتيجة طبيعية لتجديد الذهن
‏أى للتجديد الداخلى.
‏وفى هذه الحالة أن تعرض الإنسان لحرب روحية من الخارج فإن محبته لله وللخير التى هى داخل قلبه ستجعله قويأ ينتصر على كل حرب خارجية ويرفض أفكار العدو.الحرب الخارجية تعرض لها الكل،حتى المسيح!وهو على جبل التجربة قدم له الشيطان ثلاث أفكار .ولكنه رفضها جميعا ورد عليها،لأن البر الداخلى لايتفق معها وهكذا الأبرار فى كل جيل.ما أكثر الحروب التى تعرض عليهم من الخارج ،ولكن برهم الداخلى يرفضها كالإغراءات الكثيرة التى عرضت على الشهداء قبل استشهادهم ورفضوها ..وكالحرب الروحية التى تعرض لها يوسف الصديق وكانت تلح عليه كل يوم ولكن بره الداخلى رفضها ،قائلأ فى تعجب كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله؟! تك 9:39 ‏
‏ونحن حينها نقول البر الداخلى،لانقصد مطلقا أعمال البر الخارجية.
‏فقد يفعل الإنسان البر رياء ،كالكتبة والفريسيين وفى داخله حب الخطية أوقد يفعل البر خوفأ من انتقاد الناس أوخوفأ من عقوبة المجتمع أو عقوبة القانون ..وليس من أجل محبة الله ومحبة الخير.أوقد يعمل الخير مجاراة وتقليدأ لتيار فى المجتمع وهو غير مقتنع من الداخل وربما وهو محرج لا يستطيع أن يقول:لا..
‏إذن الفضيلة ليست فى عمل الخير إنما هى أصلأ فى محبة الخير. محبة الخير فى القلب،حتى لو كانت هناك موانع تعوق التنفيذ عمليا لذلك فالأب الكاهن فىي أ وشية القرابين يصلى طالبا البركة لأولئك: الذين يريدون أن يقدموا لك،وليس لهم .فيأخذون البركة على مجرد النية أو الرغبة الخارجية بدون الممارسة الخارجية ما دام هناك عائق يمنع ذلك...
‏والله تبارك اسمه هو وازن القلوب أم ا 2:2 ووازن الأرواح أم 16 ‏: 2 ‏ ويكافىء على البر الداخلى الذى فى داخل القلب والروح ويعرف مدى صدقه ومدى التزامه إذا أتيحت الفرصة..
‏والإنسان البار،تحاربه الخطايا من خارج فقط.لأنه من الداخل بار.وقوى
‏ورافض للخطية.

أما الإنسان الضعيف من الداخل،فأمامه حربان:

1- ‏إما أنه يسعى إليه بنفسه إلى الخطية.
2- ‏أو إذا سعت إليه الخطية.لايرفضها ولايقاومها إن أتته الخطية تجد بيته مزينا وفارغا مت 12 ‏: 44 .فتستريح فيه إن قلبه مثل البيت المبنى على الرمل الذى إذا نزل المطر،وجاءت الأنهار وهبت الريح،وصدمته،يسقط ذلك البيت ويكون سقوطه عظيما مت 27:7 ‏ .
‏هناك إنسان ضعيف من الداخل،وإنسان أخر يتسبب في إضعاف نفسه. إنسان ضعيف من الداخل ويحاول أن يقوم نفسه ولايعتبر الضعف الذى فيه طبيعة ثابتة ‏ولكنه يحاول أن يغير نفسه ولكن هناك من يلجأ إلى الأسباب التى تؤدى إلى ضعفه أو التى تزيد ضعفه ضعفا.

أما الإنسان البار فهو محصن من الداخل

‏مهما صادمته الحروب الروحية لاتقدر عليه فأبوابه مغلقة أمامها كما قيل عن عذراء النشيد:
أختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة،ينبوع مختوم نش 4 ‏: 12 ‏ وكما يقول المزمور سبحى الرب يا أور شليم سبحى إلهك يا صهيون،لأنه قوى مغاليق أبوابك  ‏ مز 147 ‏
‏حينها يكون الإنسان قويا من الداخل وقد أغلق أبواب فكره وقلبه أمام كل خطية وكل شهوة هذا يستطيع أن يقاوم إبليس وكل حيله بعكس الضعف فى داخله الذى يسقط بسهولة إن لم يكن فى نفس الوقت فبعد حين.على أن الإنسان قد تمر عليه فترات قوة أو ضعف فأحيانأ يكون قويأ من الداخل ينتصر فى كل حرب مهما كانت شدتها وأحيانأ يكون فى حالة ضعف من الداخل فيسقط وهو نفس الشخص الذى انتصر قبلأ

مثال داود النبي

‏كان شاول الملك الشرير يطارد داود من برية إلى أخرى ومن مكان إلى أخر ويريد قتله بكل السبل وأخيرا حانت الفرصة لداود ووقع فى يده شاول وكان نائما وأصحاب داود حرضوه على قتلة وقالوا له إن الله دفعه إلى يده ولكن داود رفض ذلك بطريقة قاطعة وحاسمة وقال حاشا لى من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدى مسيح الرب،فأمد يدى إليه لأنه مسيح الرب هو ووبخ داود رجاله اصم 7،6:24 ‏ .
‏ولكن داود حينها كان ضعيفأ فى الداخل أراد أن يقتل نابال الكرملى:لأنه رفض أن يعطيه طعاما لرجاله فى يوم جز الغنم..وأمر داود رجاله أن يتقلدوا سيوفهم وصمم أنه لايبقى لنابال حتى الصباح بائلأ بحائط اصم 25 ‏: 4 ‏- 22 ‏ . .لولا أن أبيجايل بحكمتها منعته من إتيان الدماء والانتقام لنفسه اصم 33:25 ‏ .
‏داود هو داود نفس الشخص ولكن هناك فرقأ بين حاله فى وقت القوة الداخلية وحاله وهو فى وقت ضعفه داود فى وقت ضعفه فى مرة أنقذته النعمة،وفى مرة أخرى سقط.
‏أنقذته النعمة حينها أرسلت إليه أبيجايل لتوبخه فى حكمة وتمنعه من سفك الدماء،ولكنه سقط فى مرة أخرى حينها اشتهى بثشبع ،وزنى بها وتحايل على قتل زوجها أوريا الحثى وقتله بحيلة لاتتفق مع المنهج الروحى واستحق لذلك عقوبة من الرب على فم ناثان النبىي 2 ‏صم ا 1 , 12

مثال إيليا

‏حينما كان إيليا قويأ من الداخل استطاع أن يوبخ أخاب الملك على سماحه بعبادة الأصنام بل استطاع أن يقتل 450 ‏نبيا من أنبياء البعل عند جبل الكرمل امل 18
‏وفى مرة أخرى قال فى قوة لقائد الملك أخزيا أن كنت أنا رجل الله،لتنزل نار من السماء وتاكلك أنت والخمسين الذين لك 2 ‏مل 1 ‏:1 ‏ وقد كان وتكرر الأمر
‏أما حينما ضعف إيليا من الداخل فإنه خاف من إيزابل وهرب ولما افتقده الرب فى هروبه وسأله قائلأ مالك ههنا يا إيليا . .أجاب ..نقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف وبقيت أنا وحدى وهم يطلبون نفسى ليأحذوها امل 19 ‏: 14 ‏ . . وأمره الرب أن يمسح إليشع نبيا عوضا عنه امل 19 ‏: 16

مثال إبراهيم.

‏لما كان أبونا إبراهيم قويأ فى إيمانه من الداخل ،بالإيمان وضع ابنه وحيده إسحق على المذبح ورفع السكين عليه ليقدمه لله محرقة هذا الذى قيل له عنه باسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأصوات عب 16 ‏: 18 ‏، 19 وبالعكس لما ضعف أبونا إبراهيم فى الداخل وخاف من الموت قال عن سارة إنها إخته:لئلا لو عرفوا إنها زوجته يقتلوه ويأخذوها وقال لسارة هذا معروفك الذى تصنعين إلى فى كل مكان أتى إليه قولى عنى هو أخى تك. 13:2 ‏، 11

بالمثل شمشون الجبار

‏كان فى بدء حياته قويا جسدا وروحأ اختاره الرب قبل أن يولد وكان روح الرب يحركه قض 63 ‏: 25،7 ‏ ولكن لما ضعف من الداخل وملك الزنا على قلبه قض 66 ‏: 1 ‏ ثم أحب دليلة وملكت عليه،استجاب أخيرأ لإلحاحها فى معرفة سر قوته كشف لها سره أخيرأ لما كانت تضايقه كل يوم بكلامها وألحت عليه حتى ضاقت نفسه إلى الموت قض 66 ‏: 16 ‏
‏وهكذا لما ضعف فى الداخل ،استسلم لها ،وناله ما ناله بعد ذلك .وقد أتاه الضعف الداخلى عن طريق التدريج

‏أحيانأ يكون سبب السقوط من الداخل والخارج معأ مثال ذلك ما حدث لأبينا يعقوب:كان محاربأ من الداخل بأن ينال البركة كما نال البكورية من قبل بحيلة مع أخيه إذ اشترها منه وهو جوعان ومعيى بأكلة عد س تك 27:25 ‏- 34 ‏ لذلك عندما عرضت عليه أمه حيلة أخرى أن يخدع بها أباه وينال البركة،كان ضعفه الداخلى مؤهلأ لقبول التحايل لسابق عهده به،

ولشهوة قلبه الداخلية لذلك على الرغم من انه أظهر شيئا من التخوف الا أنه قبل أن يخدع اباه وقال له انا عيسو بكرك تك19:27


أخاب الملك:

‏كان ضعيفا من الداخل ،أمام شهوته فى امتلاك حقل نابوت اليزرعيلى فلما اتته نصيحة زوجته الخاطئة ايزابل بحيلة لقتل نابوت وأخذحقله حينئذ ، استجاب أخاب ونفذ الخطة الشيطانية التى اقترحتها ايزابل´. كان الداخل

‏والخارج متجاوبين معا .
يهوذا أيضا :
‏كان داخله مثقلا بمحبة المال،لذلل لما جاءه إغراء رؤساء الكهنة من الخارج ،استجاب له،وأخذ المال،واتفق معهم على تسليم سيده.

‏هيرودس الملك:

‏كان محاربا من الداخل بمحبة المديح لذلك لما جاءه تملق الناس من الخارج قائلين له لما تكلم هذا صوت إله لا صوت انساند أع 12 ‏: 22 ابتهج بصوت المديح ولم يرفضه .فضربه ملاك الرب ومات فى الحال.بعكس بولس الرسول لما شفى الرجل المقعد فى لسترة وقام ومشى ،قام الجميع قائلين عنه إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا وأتى الكاهن ليقدم له الذبائح مع زميله برنابات!! لكن بولس رفض وقال نحن بشر تحت الآلام مثلكم ووبخ الناس ودعاهم إلى الإيمان بالاله الحي..فكانت النتيجة أنهم رجموه حتى ظنوا انه قد مات اع 14 ‏: 8 ‏- 19

الخوف كمثال

‏ليس سبب الخوف باستمرار ،هو عوامل خارجية تسبب الخوف ،فالقلب القوى من الداخل لايخاف والمؤمن بحماية الله لايخاف وقد قال المرتل فى مزمور الراعى إن سرت فى وادى ظل الموت ،لا اخاف شرا لأنك أنت معىي مز 23 وقال أيضا إن يحاربنى جيش فلن يخاف قلبى وإن قام على قتال ففى ذلك أنا مطمئن مز27 داود لم يخف من جليات ،لأن قلبه المملوء بالايمان أن الرب سيحبسه فى يده،وان الحرب للرب اصم 17 ‏: 46 ‏، 47
‏والشهداء لم يخافوا من الموت،لان قلوبهم البارة كانت تشتهى ان تلتقى بالرب فى الفردوس وكذلك يوحنا المعمدان لم يخف من هيرودس الملك،بل وبخه..لذلك إذا خفت اعرف أن هناك ضعفا فى الداخل حاول ان تنتصر عليه،فبطرس الرسول،خاف وهو يمشى على الماء مع المسيح ذلك لأن إيمانه فى الداخل قد ضعف لذلك وبخه الرب قائلا يا قليل الإيمان،لماذا شككت؟، مت 14 ‏: 31 ‏ .
‏القلب القوى فى الإيمان لاتهزه المشكوك الداخلية لأن ايمانه أقوى من الشكوك وهكذا كان أثناسيوس الرسولى حصنا قويأ للإيمان ضد كل شكوك الأريوسية وما استخدمته من فهم خاطىء لنصوص الإنجيل المقدس.
‏لهذا ينبغى على كل اسرة أن تقوى ايمان أطفالها حتى يستطيعوا بالقوة الداخلية أن يصمدوا أمام كل الشكوك التى يثيرها بعض رجال الفلاسفة او العلم،أو الملحدون أو بعض الطوائف المنحرفة مثل شهود يهوه والسبتيين وغيرهم.

‏دائما الخارج يضغط ،ملتمسا استجابة من الداخل فان لم يجد ،تفشل

‏كل حيله فأيوب `مثلا لم يستجب...

 

مثال ايوب الصديق

هذا الرجل الكامل،اذ كان بارا فى داخله ،حلت عليه تجارب مؤلمة لم تحدث لأحد من قبله جردته من ماله ومن أبنائه وبناته ومن صحته ومن رأفة أصحابه عليه ولكن إيمانه بالرب لم يتزعزع بل قال عبارته المشهورة الرب أعطى والرب أخذ . فليكن اسم الرب مباركا (أى 1 ‏: 21 ‏). ووبخ امرأته بقوله لها تتكلمين كلاما كإحدى الجاهلات،هل الخير من عند الله نقبل،والشر
‏لانقبل؟: أى 2 ‏: . 1

فى التطبيق العملى:

أنسان صائم :
‏قد يبدو من الخارج صائما وهو فى داخله يشتهى الأكل ويتحايل على الطعام النباتى ويتخير ما يكون منه شهيا بعكس دانيال النبى،الذى كان قلبا نقيا فى صومه وقد روى في إحدى المرات قائلأ كنت نائحا ثلاثة أسابيع أيام لم أكل طعامأ شهيا ولم يدخل فى فمى لحم ولا خمر ولم
‏أدهن.. دا . 1 ‏: 3،2 ‏ .
‏لذلك ليس الصوم مجرد ممارسة من الخارج وإنما فى الداخل يكون
‏القلب صائما وتكون النفس زاهدة فلا يكون الصوم شكليا


مثال العفة

‏ليست العفة هى مجرد امتناع الجسد عن الزنا فقد يمتنع االجسد بينما
‏تكون الروح زانية بشهوتها وهذا ما قصده الرب بقوله فقد زنى بها فى قلبه مت 5 ‏: 28 ‏ إذن العفة الداخلية هى نقاوة القلب من شهوة الزنا \
‏كذلك الحشمة ليست مجرد أوامر نصدرها من جهة الملابس أو الزينة
‏إنما هى حياء داخلى سواء فى أسلوب الكلام أو المنظر.ويقول مار إسحق عن الزى الحسن إن الإنسان يكون محتشما حتى وهو جالس فى غرفته
‏الخاصة...


مثال التسامح


‏ليس التسامح أن تقول للمسيء بلسانك الله يسامحك بينما أنت تفرح إذا ‏انتقم الله لك منه!!لأن التسامح هنا لايكون من القلب وبالمثل ليس أن تسلم على خصمك أو يصلى الأب الكاهن على رأسيكما معا وليس هو أن تغفر
‏بل بالحر أن تنسى.

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +