Skip to Content

قوانين و نصائح القديس فرنسيس الأسيزي

قوانين و نصائح القديس فرنسيس الأسيزي

Click to view full size image

 

القانون الأول أو غير المثبت

القانون الثاني المثبت أو المعتمد

نصائح وتوصيات

قانون المحابس

مقتطفات من القانون

وصية صغرى

وصية كبرى

 

 

(القانون الأول أو الغير مثبت )

 


 (1209 ـ 1221)

ذهب فرنسيس مع رفاقه الأحد عشر إلى البابا إينوشنسيوس الثالث، أواخر سنة 1209، أو أوائل سنة 1210، لكي يُثبت له "نهج الحياة" الذي اختاره وكان يحمل معه نص النهج هذا الذي كتبه "بكلمات وجيزة وببساطة". والحبر الروماني ثبتها له شفهيا. لكن، مع تطور الجماعة ونموّها لم يعد القانون الوجيز قادراً على الاستجابة لمتطلبات الاخوة الجديدة. فكان المجمع العام السنوي وسيلة لتطوير القانون، وكان كل الاخوة يشاركون في وضع الأنظمة. ففي القانون أُضيفت وسيلة لتطوير القانون، وكان كل الاخوة يشاركون في وضع الأنظمة. ففي القانون أُضيفت تعليمات المجمع اللاّتراني الرابع، خصوصا ما يتعلق منه بالإفخارستّيا. أما التعديلات الأخيرة فكانت بين سنة 1220 ومجمع العَنْصَرة سنة 1221، الأمر الذي أدى إلى ولادة نص القانون الأول كما نعرفه اليوم. لكنه لم يُقَّدم إلى الكرسي الرسولي، لذلك نسميه: القانون الأول أو غير المثبت. بالرغم من ذلك، فهو لم يفقد قيمته بالنسبة إلى الرهبنة، فالقانون الأول هو وثيقة روحية وتاريخية ثمينة جداً، وضرورية لفهم الحياة الفَرَنْسيسية وعيشها.

تمهيد
(1) باسم الآب، والابن، والروح القدس!

(2) هذا هو نهج حياة إنجيل يسوع المسيح، الذي طلب الأخ فرنسيس من السيد البابا منحه إياه وتثبيته وقد وهبه إياه وثبته له، ولاخوته الحاضرين والمستقبلين. (3) فعلى الأخ فرنسيس، وكل من سيصبح على رأس هذه الجماعة الرهبانية، أن يَعِد طاعة، واحتراما للسيد البابا إينوشنسيوس وخلفائه. (4) وليلزم سائر الاخوة جميعهم بالطاعة للأخ فرنسيس، وخلفائه.

1. على الاخوة أن يعيشوا من دون أي شيء خاص، وفي العفة والطاعة

(1) إن قانون هؤلاء الاخوة وحياتهم هو: العيش في الطاعة، والعفة، ومن دون أي شيء خاص، واتباع تعليم وآثار ربنا يسوع المسيح الذي يقول: (2) "

إن شئت أن تكون كاملاً، فاذهب وبِع كل ما هو لك، وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء ثم تعال واتبعني". (3) "ومن أراد أن يتبعني، فلينكر ذاته، وليحمل صليبه، ويتبعني". (4) ويقول أيضا: "إن شاء أحد أن يأتي إليّ، ولم يبغض أباه وأمه، وزوجته، وأبناءه، واخوته، وأخواته، وحتى ذاته، لن يستطيع أن يكون لي تلميذاً". (5) "وكل من ترك أبا أو أمّا، اخوة أو أخوات، زوجة أو بنين، بيوتا أو حقولا، من أجلي سينال مئة ضعفٍ وسيرث الحياة الأبدية".

Click to view full size image

2. قبول الاخوة ولباسُهُم

(1) إن شاء أحد، بإلهام إلهي، اعتناق نهج الحياة هذا، وجاء إلى اخوتنا، فليستقبلوه بلطف. (2) وإن كان مصمما على اعتناق نهج حياتنا، فليحذر الاخوة من التدخل في شؤونه الزمنية، بل فليقدموه في أسرع وقتٍ إلى خادمهم. (3) وليستقبله الخادم بلطف، وليُشَدّدْهُ، وليشرح له بعناية فحوى حياتنا.

(4) وعندئذ، فليبع ذلك الشخص كل ما له، وليَسعَ إلى توزيعه كله على الفقراء، إن شاء ذلك، وإن استطاع تتميمه روحياً، وبلا عائق. (5) ولِيَحْذَر الاخوة، وخادم الاخوة، من التدخل في شؤونه بأية وسيلة، (6) ومن قبول أي مالٍ لا مباشرة، ولا بواسطة الغير. (7) ولكن، إن كان الاخوة في عوز، بوسعهم قبول أشياء أخرى ضرورية للجسد، ما عدا المال، بسبب الحاجة شأنهم شأن سائر الفقراء.

(8) وعندما يعود، فَلْيُسلّمه الخادم ثياب الاختبار، لمدة سنة، أي ثوبين بلا قَبّوع، وحَبْلة، وسراويل، وعطفا ينحدر حتى الحَبْلة. (9) وفي نهاية السنة، ولدى إنجاز مدة الاختبار، فليقبل في الطاعة. (10) وبعد ذلك، لا يُسمح له أن ينتقل إلى جماعة رهبانية أخرى، ولا أن يتيه خارج الطاعة، وفقا لأمر السيد البابا، وبحسب الإنجيل، إذ " ما من أحد يضع يده على المحراث، ثم يلتفت إلى الوراء، يَصلُح لملكوت الله".

(11) ولكن، إن جاء من لا يستطيع توزيع أملاكه، بلا عائق، ولكن لديه إرادة روحية في ذلك، فليترك أملاكه، ولذلك يكفيه. (12) وينبغي ألا يقبل أحد خلافا لنهج الكنيسة المقدسة، ونظامها. (13) وليكن لدى الاخوة الآخرين، الذين نذورا الطاعة، ثوب بقبّوع، وآخر بلا قبّوع، إن كان ذلك ضروريا إضافة إلى الحَبْلة والسَّروايل. (14) وليرتدِ جميع الاخوة ثيابا فقيرة، يستطيعون ترقيعها بأكياس وقطع أخرى ببركة الله. فالرب يقول في الإنجيل: "إن الذين يرتدون ثيابا ثمينة، ويعيشون في النعيم"، "والذين يرتدون الثياب الناعمة، يقيمون في بيوت الملوك". (15) وحتى لو قيل فيهم إنهم مراؤون، عليهم ألا يكفّوا عن فعل الخير، وألا يسعوا، في هذا الدهر، إلى اقتناء ثياب ثمينة، لكي يستطيعوا الحصول على ثوب في ملكوت السموات.

3. الفرض الإلهي والصوم

(1) يقول الرب: "هذا الجنس من الشياطين لا يُخرَج إلا بالصوم والصلاة". (2) ويقول أيضا: "إذا صمتم، فلا تُعبّسوا كالمرائين". (3) ولذلك، على جميع الاخوة، إكليريكيين كانوا أم علمانيين، أن يتلوا الفرض الإلهي والتسابيح والصلوات، كما هو مطلوب منهم.

(4) على الإكليريكيين أن يتلوا الفرض الإلهي، ويُصلّوه من أجل الأحياء والأموات، كما هي العادة عند الإكليريكيين. (5) وليتلوا، كل يوم، عن مخالفات الاخوة، وإهمالهم، "ارحمني يا الله" مع "الأبانا". (7) ويمكن أن تكون لديهم، فقط الكتب الضرورية لتلاوة فرضه. (8) ويُسمح للعلمانيين القادرين على قراءة كتاب المزامير، أن يقتنوا واحدا. (9) أما الآخرون الذين لا يجيدون القراءة فلا يسمح لهم باقتناء كتاب. (10) وليتلُ العلمانيون "قانون الإيمان"، وأربعا وعشرين مرة "الأبانا" مع "المجد للآب"، لصلاة منتصف الليل، وخمس مرات لتسابيح الصباح، أما للساعة الأولى، فليتلوا: "قانون الإيمان"، وسبع مرات "الأبانا" مع "المجد للآب". وللساعة الثالثة والسادسة والتاسعة فليتلوا في كل منها، سبع مرات ولصلاة الغروب، اثنتي عشرة مرة، ولصلاة النوم، فليتلوا "قانون الإيمان"، وسبع مرات "الأبانا" مع "المجد للآب"، ومن أجل راحة الأموات، فليتلوا سبع مرات "الأبانا" مع "الراحة الأبدية" وتكفيراً عن نقائص الاخوة، وإهمالهم، فليتلوا ثلاث مرات "الأبانا" كل يوم.

(11) وكذلك، فليصم جميع الاخوة من عيد جميع القديسين حتى عيد الميلاد ومن عيد الغطاس، عندما شرع ربنا يسوع المسيح يصوم حتى عيد الفصح. (12) ولا يُفرض عليهم الصوم في الأزمنة الأخرى، وفق نهج الحياة هذا، سوى أيام الجمعة. (13) وليسمح لهم بأن يتناولوا من جميع الأطعمة التي تقدم لهم وفقا للإنجيل.

4. العلاقة بين الخُدّام وسائر الاخوة

(1) باسم الرب!

(2) على جميع الاخوة الذين أُقيموا خُدّاما وخدما لسائر الاخوة، أن يوزعوا اخوتهم على الأقاليم، والأمكنة التي يقيمون فيها، وليزوروهم غالبا، ولينبهوهم روحيا، ويُشدّدْوهم. (3) وعلى جميع اخوتي الآخرين المباركين أن يطيعوهم بدقة، فيما يتعلق بخلاص النفس ولا يتعارض مع نهج حياتنا.

(4) وليفعلوا فيما بينهم مثلما قال الرب: "

كل ما تريدون أن يفعله الناس لكم، افعلوه أنتم لهم". (5) "وما لا تريد أن يفعله الآخرون لك، لا تفعله أنت لهم". (6) وليذكر الخُدّام ما يقول الرب: "لم آت لأُخْدَم بل لأَخدُم"، وليذكروا أيضا، أن خدمة نفوس الاخوة قد أُوكلت إليهم، وإن فُقِدَ أحد بذنبهم، أو وبسبب قدوتهم السيئة، فعليهم أن يؤدوا عن ذلك حسابا يوم الدينونة أمام الرب يسوع المسيح.
 

 Click to view full size image

( القانون الثاني المثبت أو المعتمد )

 


(1223)

إن القانون الأول الذي كتبه فرنسيس على مراحل، وقدٌمه إلى المجمع العام سنه 1221، لم يلق موافقة الاخوة. فبإيحاء من الكاردينال هوغولينو، ومن الاخوة انفرد فرنسيس مرة أخرى مع اثنين من اخوته في فونتي كولومبو، خلال شتاء سنة 1222 و1223، ليعيد النظر في القانون، ويختصره ويجعله أكثر تسلسلا من الأول. وفي ربيع 1223، ذهب فرنسيس إلى روما ليستشير الكاردينال هوغولينو، محامي الرهبنة. ثم في المجمع العام، في 11 حزيران 1223، اقترح الرؤساء الإقليميون تعديلات حول النص. طبعا نحن لا نعرف ما هي كل التعديلات التي جرت على النص النهائي للقانون الثاني، لأنه كان في حالة تحوٌل خلال كل هذه الفترة قبل تثبيته نهائيا. وبالرغم من كل هذه التحولات، كان فرنسيس يتبنى هذا القانون، ويعتبره قانونه أو القانون على الإطلاق. تتبع الرهبنة الأولى بفروعها الثلاثة هذا "القانون الثاني" الذي ثبته البابا هونوريوس الثالث، في 29 تشرين الثاني 1223، ببراءة بابوية (

Solet annuere ). بين كل كتاباته فالقانون الثاني هو أكثر الكتابات التي تظهر وجود مساعدين. لكن، على الرغم من ذلك، حضور فرنسيس واضح جدا وهو الأكثر حضورا، خصوصا من خلال العبارات الخاصة به. فهو وحده يقدر أن يأمر بحزم، وهو وحده كان يهتزٌ بالحنان نحو اخوته، وهو وحده كان قادرا على مدح الفقر بشاعرية جميلة، وصوفية عميقة. فلا شك في أن هذه الصيغة الثانية للقانون تعكس نظرته الإنجيلية.

من أونوريوس،

الأسقف، وخادم خدام الله،
إلى الأبناء الأعزاء،
الأخ فرنسيس، وسائر الاخوة،
في رهبنة الاخوة الأصاغر،
تحية وبركة رسولية.

لقد ألف الكرسي الرسولي أن يستجيب الطلبات التقية ويلبي باهتمام وعطف رغبات الطالبين الصادقة. ولذلك أيها الأبناء الأعزاء في الرب، ونزولا عند توسلاتكم التقية، نثبت لك بسلطتنا الرسولية. ونزوٌد بحماية هذا الكتاب، قانون رهبتكم المدوٌن هنا والذي سبق أن وافق عليه سلفنا، البابا إينوشنسيوس، الطيب الذٌكر. ونص هذا القانون هو التالي:

1. باسم الرب، يبدأ نهج حياة الاخوة الأصاغر
(1) إنٌ قانون الاخوة الأصاغر وحياتهم هو: حفظ إنجيل ربنا يسوع المسيح المقدس بالعيش في الطاعة، ومن دون أي شيء خاص، وفي العفة. (2) إنٌ الأخ فرنسيس يعد طاعة واحتراما للسيد البابا هونوريوس، وخلفائه المنتخبين انتخابا قانونيا، وللكنيسة الرومانية. (3) وليلزم سائر الاخوة بالطاعة للأخ فرنسيس وخلفائه.

2. في من يريدون اعتناق نهج الحياة هذا، وفي كيفية قبولهم
(1) إن كان ثمة من يشاءون اعتناق نهج الحياة هذا، وجاءوا إلى اخوتنا، فليرسلهم هؤلاء إلى خدامهم الإقليميين، الذين يُمْنَح لهم وحدهم دون سوهم الإذن بقبول الاخوة. (2) وليفحصهم الخدام بعناية فيما يتعلق بالإيمان الكاثوليكي، وأسرار الكنيسة. (3) فإن كانوا يؤمنون بكل ذلك، ويريدون الاعتراف به بأمانة، وحفظه بثبات حتى النهاية. (4) وإن كانوا من دون زوجات، أو إن كان لهم زوجات دخلن ديرا، أو كنٌ في سنٌ لا يثير الشبهات، فأعطينهم إذنا بذلك، بموافقة أسقف الأبرشيّة، بعد إبرازهنٌ نذر العفة. (5) فليقل (الخدام) لهم كلام الإنجيل المقدس بأن يذهبوا ويبيعوا كل ما لهم، وليسعوا إلى توزيعه على الفقراء. (6) وإن تعذٌر عليهم تتميم ذلك، فيكفيهم حسن النية. (7) وليحذر الاخوة وخدامهم من التدخل في أمورهم الزمنية، بل فليدعوهم يتصرفون بها بحرية وفقا لما يلهمهم به الرب. (8) ولكن إن هم طلبوا مشورة، فليسمح للخدام بأن يرسلوهم إلى أشخاص يخافون الله، فبمشورة هؤلاء يوزعون خيراتهم على الفقراء.

(9) بعدئذ فليسلموهم ثوب الاختبار، أي ثوبين بلا قبٌوع، وحبلة، وسراويل، ومعطفا ينحدر حتى الحبلة. (10) ما لم يرى أحيانا هؤلاء الخدام رأيا آخر يلهمهم به الله. (11) في نهاية سنة الاختبار، فليقبلوا في الطاعة، وليعدوا بحفظ هذه الحياة والقانون دائما. (12) ولا يُسْمِح لهم بأي شكل من الأشكال الخروج من هذه الجماعة الرهبانية، وفقا لأمر السيد البابا. (13) لأنه بحسب الإنجيل المقدس، "ما من أحد يضع يده على المحراث، ثم يلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله". (14) وليكن لمن نذروا الطاعة ثوب بقبٌوع، وإن شاءوا آخر بلا قبٌوع. (15) وبإمكان من تضطرهم الحاجة أن ينتعلوا أحذية. (16) وليرتدِ جميع الاخوة ملابس فقيرة، يستطيعون ترقيعها بأكياس، وقطع أخرى ببركة الله.

(17) وإني أنبههم وأناشدهم ألاٌ يزدروا أو يدينوا من يرون من الناس مرتدين الألبسة الناعمة والملوثة، ويتناولون الأطعمة والمشروبات الفاخرة، بل بالحري فليزدر وبدون كل واحد ذاته.

3. الفرض الإلهي، والصوم، وكيف يجب أن يذهب الاخوة في العالم
(1) فليتلُ الإكليريكيون الفرض الإلهي، وفقا لطقس الكنيسة الرومانية، ما عدا كتاب المزامير. (2) ولذلك يمكن أن يكون لديهم كتب الفرض المختصر. (3) فليتلُ العلمانيون، أربعا وعشرين مرة "أبانا" لصلاة منتصف الليل، وخمس مرات لتسابيح الصباح، وسبع مرات لكل من الساعات الأولى، والثالثة، والسادسة، واثنتي عشرة مرة لصلاة الغروب، وسبع مرات لصلاة النوم. (4) وليصلّوا من أجل المتوفين.

(5) وليصوموا من عيد جميع القديسين، حتى عيد ميلاد الرب. (6) أما الصوم المقدس الذي يبدأ من عيد الغطاس، ويدوم أربعين يوما متتابعا، والذي كرَّسَهُ الرب بصومه المقدس، فليبارك الرب من يصومه طوعا، أما من لا يريدون صومه، فليسوا بمجبرين. (7) ولكن، فليصوموا الصيام الآخر، حتى قيامة الرب. (8) وفي الأزمنة الأخرى، لا يفرض عليهم الصوم سوى أيام الجمعة. (9) وفي زمن الحاجة الجليٌة، لا يلزم الاخوة بالصوم الجسدي.

(10) إنني أنصح وأنبه وأناشد اخوتي في الرب يسوع المسيح: عندما يذهبون في العالم، فليمتنعوا عن الخصام، والمشاجرة بالكلام، وإدانة الآخرين. (11) بل فليكونوا ودعاء، ومسالمين، وبسطاء، وحُلَماء، ومتواضعين، وليكلموا الجميع بصدق، كما يليق. (12) وليتجنبوا ركوب الخيل، ما لم تضطرهم إلى ذلك ضرورة بيٌنة، أو مرض. (13) وأيٌ بيت دخلوا، فيقولوا أولا: سلام لهذا البيت. (14) ووفقا للإنجيل المقدس، فليسمح لهم بأن يتناولوا من جميع الأطعمة التي تقدم لهم.

4. على الاخوة ألاٌ يقبلوا مالا
(1) آمر بحزم كل الاخوة ألاٌ يقبلوا بأية وسيلة دراهم أو مالا بأنفسهم، أو عن طريق شخص آخر. (2) ولكن من أجل حاجات المرضى، ومن أجل إكساء سائر الاخوة، فليهتم أحسن اهتمام، الخدام، والحراس وحدهم بواسطة أصدقاء روحيين، ووفقا للأمكنة والأزمنة، والمناطق الباردة، حسبما يرون مناسبا للحاجة. (3) ودائما بشرط ألاٌ يقبلوا دراهم أو مالا، كما سلف.
 

 

( نصائح وتوصيات )

 


 في العصور الوسطى لم تكن "التوصيات" تنبيهات بل كانت تُقدَّم نصاً أو فكرةً من الكتاب المقدس، على ضوئها تعرض التطبيق العلمي. لذلك فتوصيات القديس فرنسيس تعكس رؤيته الكتابية، وكيفية ترجمته إياها في الحياة اليومية. على الرغم من أن بعض التوصيات تعكس شيئا من الإطار التاريخي الذي جعلها تُبصر النور، يصعب تحديد تاريخها. ليست التوصيات مؤلفاً موحداً مترابطاً ذا مضمون واحد. إنما هي ثمانية وعشرون فصلا مختلفة المضمون والحجم وهي غير مترابطة بعضها ببعض. لا أحد يشك في نسبتها إلى فرنسيس فهي موجودة في كل مجموعات القرن الثالث عشر. الأمر الذي يعكس أهميتها بالنسبة إلى الاخوة منذ السنوات الأولى. فالأسلوب بسيط جدا والمنهجية التي يعتمدها فرنسيس في التوصيات هي وضع الاضداد، الواحد بالقرب من الآخر لكي يصبح الكلام أكثر تأثيرا مثلا: الخير والشر، الفضائل والرذائل، …. وهو يُقدَّم لنا القيم الفرنسيسية ليس من ناحية نظرية إنما من ناحية الواقع الملموس وضمن اختبار حياتي. فهذه التوصيات هي قاعدة لحياة مسيحية وهي تحمل أسس نظرته إلى الإنسان في عظمته وفي فقره وهي جديرة بأن يُطلق عليها اسم "نشيد الصغر". همُّ فرنسيس هو أن يزيل من قلب الإنسان كل رغبة في التملك: تملك الأشياء أو الذات أو الخيرات التي يصنعها الرب فيه أو كل أشكال السلطة أو حتى تملّك الأشياء أو الذات أو الخيرات التي يصنعها الرب فيه أو كل أشكال السلطة أو حتى تملك كلمة. أهم هذه التوصيات واشهرها هي التوصية الأولى التي تُشدَّد بعمق لاهوتي وصوفي على احترام الإفخارستيا وعلى معنى هذا السر كاستمرار لسر التجسد وكتحقيق لوعد الرب بأن يبقى دائما معنا. بعد التوصية الثاني عشر تبدأ "التطويبات الفرنسيسية": وهي قراءة فرنسيسية للتطويبات الإنجيلية، تبدأ بكلمة "طوبى". أخيرا في التوصيات نجد الكثير من التقارب في المضمون مع القانون الأول.

 

( قانون المحابس )

 


(1217 ـ 1221)

هذه الوثيقة هي ثمرة اختبار فرنسيس المزدوج: حبٌّ مُتَّقِدٌ للوحدة مع الله، وحب للحياة الأخوية. بكلمات بسيطة يضع فرنسيس قانونا للمحابس، لا يمكن تجاوزه من حيث البساطة والغنى. يقوم أخوان بمهمة الابنين، وآخران بمهمة الأمين. يعيش الولدان في العزل والتأمل بينما يقوم الآخران بالخدمة لكنهم يجتمعون عند صلاة الصباح، وفي أوقات الصلاة، مع العلم أن العيش في المحبسة بالنسبة إلى فرنسيس لم يكن إلى مدى الحياة. فكان يجمع بهذه الطريقة بين الصلاة والرسالة. إن سير حياة فرنسيس تملؤها أسماء المحابس والصوامع. وهذا يدل على أن الحياة النُّسكية في بداية الرهبنة كانت منتشرة للغاية. لكن بالرغم من أن هذه الوثيقة تعكس الكثير من عناصر الحياة النُّسكية التقليدية: الانفصال عن العالم، والقلاَّية الفردية وتقليد مرتا ومريم فإنها تُعبّر أيضا عن الميزات الفرنسيسية الخاصة كالحياة الأخوية، وطلب الحسنة ودور الخادم الإقليمي والحارس وزيارتهما. من ناحية أخرى نجد نص هذه الوثيقة القيمة في أقدم مجموعة لكتابات القديس فرنسيس (خطوط أسيزي رقم 338)، وفي مخططات القرن الرابع عشر والخامس عشر. فبالنسبة إلى عنوان هذه الوثيقة أعطى العلماء إمكانيات لا تحصى (قانون المحابس، السكن في المحابس بتدين، وثيقة التنسّك ….الخ)، إذ أن مخطوط أسيزي (رقم 338)، على عكس المخطوطات الأخرى لا يضع أي عنوان ولا يضع الآية الأخيرة. أما بالنسبة إلى تاريخ هذه الوثيقة فقد كتبت بعد سنة 1217، تاريخ تقسيم الرهبنة إلى أقاليم، وعلى الأرجح قبل 1221، أي قبل تدوين القانون الأول بصيغته النهائية. إلا أن بعض العلماء يعتبرن أنها دوّنت بين 1223 (أي بعد القانون الثاني) و1224.

(1) على من يريدون أن يكونوا بطريقة رهباني في المحابس أن يعيشوا ثلاثة اخوة أو أربعة، على الأكثر. وليكن اثنان منهم أُمّيْن وليكن لهما ابنان، أو واحد على الأقل.

(2) وعلى الاثنين القائمين بدور الأم، أن يعيشا حياة مرتا وعلى الابنين أن يعيشا حياة مريم، وليكن لهم مكان مُسيّج حيث لكل واحد قلاّية يصلي ويرقد فيها.

(3) وليتلوا دائما صلاة النوم الخاصة باليوم فورا بعد غروب الشمس وليجهدوا في الحفاظ على الصمت، وليتلوا صلوات الساعات ولينهضوا لصلاة منتصف الليل، وليطلبوا أولا ملكوت الله، وبره. (4) وليتلوا صلاة الساعة الأولى في الوقت المناسب وبعد صلاة الساعة الثالثة فليكفوا عن الصمت وليستطيعوا التكلم والذهاب إلى الأمّين. (5) وعندما يطيب لهما بإمكانهما أن يطلبا منهما الإحسان، حبا بالرب الإله، شأن الفقراء الصغار. (6) وبعد ذلك، فليتلوا صلوات الساعة السادسة، والساعة التاسعة، وليتلوا صلاة الغروب، في الوقت المناسب.

(7) وعليهم ألا يسمحوا لأحد بالدخول إلى المكان المُسيّج حيث يقيمون وألا يتناولوا الطعام فيه. (8) وعلى الأخوين القائمين بدور الأم أن يجهدا في البقاء بعيدين عن كل إنسان، وطاعة لخادمهما، فليحرسا ابنيهما من كل إنسان بحيث لا يكون باستطاعة أي كان أن يكلمهما. (9) ولا يتكلم الابنان مع أي إنسان، إلا مع أميهما ومع خادمها وحارسهما عندما يطيب له أن يزورهما ببركة الرب الإله. (10) وليَتَوَلّ الابنان بين حين وحين، مهمة الأمّين بالتناوب ولمدة يتم الاتفاق عليها. وليجهدوا في حفظ كل ما ذُكر أعلاه بعناية ودأب.


Click to view full size image

( مقتطفات من القانون )

 


(1209-1223)

نجد أجزاء كثيرة وكبيرة، من نص يطابق في جوهره نص القانون الأول، تحتويها وثائق متنوعة، للمثال: السيرة الثانية للقديس فرنسيس التي دوَّنَها توما من شيلانو، والتعليق على القانون من قبل الأخ هوغ من دينه، في منتصف القرن الثالث عشر، والمخطوط "ك 27" الموجود في مكتبة كاتدرائية ورتشستر (إنكلترا)، والعائد إلى النصف الأول من القرن الرابع عشر. فبينما هوغ يعالج شرحا قانونيا، رأينا مخطوط ورتشستر يحتوي على أبحاث مختلفة حول التوبة، مأخوذة من روحانية القديس أغوسطينوس، والقديس فرنسيس. من ناحية أخرى، تختلف تلك المقتطفات بعض الاختلاف عن نص القانون الأول، الأمر الذي جعل الكثير من العلماء الفرنسيسيِّين يرون فيها صيغة للقانون الأول مختلفة عن الصيغة المعروفة. وإذا صحَّ اعتقادهم، فقد تُشَكِل هذه المقتطفات مرحلة من مراحل تدوين القانون وتطويره، وقد تعبٌر عن مفهوم النٌهج الإنجيلي، لدى فرنسيس وأتباعه الأوائل.

1. المقتطفات في مخطوط كاتدرائية ورتشستر
(1) فلننتبه جميعنا، أيها الاخوة إلى ما يقوله الرب: "أحبوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم". إذ إنٌ ربنا يسوع المسيح، الذي علينا أن نقتفي آثاره، قد دعا خائنه صديقا، وقدٌم ذاته تلقائيا، لصالبيه. (2) إنهم إذا أصدقاء لنا، كل الذين يسببون لنا ظلماً، الشدائد والضيقات، والتٌعييرات، والإهانات، والأوجاع والآلام، والاستشهاد، والموت. علينا أن نُحِبَّهم حباً شديداً، فمن جراء ما يلحقونه بنا، تكون لنا الحياة الأبدية.

(3) ولنعاقب جسدنا صالبين إياه برذائله، وشهواته، وخطاياه، إذ إنه يَحِملُنا على العيش وفقا للجسد، ويرمي إلى سلبنا حبٌ يسوع المسيح، والحياة الأبدية، وإلى إرسال ذاته مع النفس إلى جهنم. (4) فنحن بذنبنا كُنّا نَتِنين، ومقاومين للخير، ومستعدين للشر، وميالين إليه، (5) على حدٌ قول الرب: "من القلب تنبعث، وتخرج الأفكار الشريرة، الخ.....".

(6) لكن، بعد أن تركنا العالم، فما علينا سوى اتباع مشيئته بعناية، وإرضائه. (7) فلنحذر من أن نكون الأرض الموضوعة على حافة الطريق، أو الأرض الصخرية، أو تلك التي تتكاثر فيها الأشواك، على حدٌ ما يقول الرب في الإنجيل: "الزرع هو كلمة الله. ما سقط على حافة الطريق وداسته الأقدام، الخ... حتى :(8) يؤتون ثمراً بالصبر".

(9) ولذلك، يا جميع الاخوة، فَلْنَدْعِ الأموات يَدفِنون موتاهم، على حدٌ قول الرب. (10) ولنحذر كثيرا من خبث الشيطان ومكره، فهو يبتغي ألاٌ يدع الإنسان يوجٌه قوته، وقلبه صوب الرب الإله. (11) إنه يطوف ساعيا بذريعة مكافأة أو عون ما إلى الاستيلاء على قلب الإنسان، وخنق كلام الرب ووصاياه، وانتزاعها من ذاكرته، ويريد السكن في قلب الإنسان، وإعماءه بشؤون العالم، وهمومه، على حدٌ قول الرب: (12) "إنٌ الروح النجس، الخ.... حتى: (13) فتكون حالة ذلك الإنسان الأخيرة، أسوأ من حالته الأولى".

(14) فلنحذر جيداً، جميعنا يا اخوتي من أن نتذرٌع بعمل، أو بمكافأة، أو بمساعدة ما، فنفقد فكرنا وقلبنا، أو نحوٌلهما عن الرب. (15) لكنني، بالمحبة التي هي الله، أرجو جميع الاخوة الخدٌام والآخرين، أن يزيحوا كل عائق، ويضعوا جانبا كل همٌ وقلق ويسعوا على أفضل وجه إلى حبٌ الرب الإله، وخدمته، وعبادته بقلبٍ طاهرٍ، وفكرٍ نقي فليفعلوا ما يطلبه هو فوق كل شيء. (16) ولنجعل دائما مقاما ومسكنا له، هو الرب الإله الكلي القدرة، الآب، والابن، والروح القدس، الذي قال: "اسهروا إذاً وصَلٌوا في كل حين لكي توجدوا أهلا للنجاة من جميع الشرور الآتية. وللمثول أمام ابن الإنسان". "وعندما تقومون للصلاة، قولوا: أبانا". (17) ولنعبدهُ بقلبٍ نقيٍ، إذ ينبغي أن نصلي دائما ولا نملٌ. فالآب ينشد مثل أولئك العابدين. (18) إنٌ الله روح، وعلى من يعبدونه أن يعبدوا بالروح والحق. (19) ولنلجأ إليه لجوءنا إلى راعي نفوسنا وحارسها، وهو القائل: "أنا الراعي الصالح، الخ... حتى: أبذل نفسي في سبيل خرافي". (20) "أنتم جميعكم اخوة، فلا تدعوا أحداً أباً لكم في الأرض،الخ... (21) ولا تدعوا أحداً يدعوكم معلمين، الخ... (22) إن ثبتم فيٌ، وثبت كلامي فيكم، فاسألوا ما شئتم، يكن لكم. (23) حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، الخ... (24) وها أنذا معكم كل الأيام، الخ... (25) والكلام الذي قلته لكم هو روح وحياة. (26) أنا الطريق والحق والحياة".

(27) فلنتمسك إذاً بأقوال وبتعليم وبحياة وبإنجيل ربنا يسوع المسيح، الذي تنازل وصلٌى، من أجلنا للآب، وأظهر لنا اسمه بقوله: "يا أبت، لقد أظهرتُ اسمك للناس، الخ... حتى: (28) يا أبتٍ، إنٌ الذين وهبتهم لي، أريد أن يكونوا معي حيث أكون، لكي يشاهدوا مجدك في ملكوتك". (29) المجد للآب وللابن وللروح القدس كما كان في البدء والآن وعلى الدوام وإلى دهر الداهرين. آمين.

(30) ولْيُظِهر الاخوة للفقراء ، حبٌ بعضهم لبعض على حدٌ قول الرسول: "لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان، الخ...". (31) فليحذر جميع الاخوة أينما كانوا من النظر الشرير، ومن معاشرة النساء. ولا يتحدثن أحد منهم معهنٌ بمفرده. أدناه: (32) ولنحتفظ جيدا بذواتنا، وبأعضائنا كلها طاهرة، فالرب يقول: "من نظر إلى امرأة كي يشتهيها، الخ...". أدناه: (33) عندما يذهب الاخوة في العالم، عليهم ألاٌ يحملوا "للطريق شيئا، لا كيساً للدراهم، ولا خِرْجاً، ولا خبزا، ولا مالا، ولا عصا، ولا حذاء".أدناه: (34) "وليحرصوا ألا يقاوموا الشرير، بل إن ضربهم أحد على خد، فليديروا له الآخر أيضا. (35) وإن سلبهم أحد معطفهم. فلا يمنعوه ثوبهم، وإن سلبهم ما هو لهم، فلا يطالبوا به".

(36) بإمكان الاخوة الذين يذهبون بإذن من خادمهم بين غير المؤمنين، أن يعيشوا روحيا، بطريقتين. (37) إحداهما هي الامتناع عن أي جدال أو نقاش، والخضوع لكل خليقة بشرية، من أجل الله، والاعتراف بأنهم مسيحيون. (38) والطريقة الأخرى هي، عندما يبدو أنٌ ذلك يرضي الرب، إعلانهم كلمة الله، كي يؤمنوا بالله الآب الكلي القدرة، والابن والروح القدس. أدناه: (39) وليذكر جميع الاخوة، أينما كانوا، أنهم وهبوا ذواتهم، وأودعوا ذواتهم وأجسادهم لربنا يسوع المسيح. (40) وحبا به، عليهم أن يحتملوا الاضطهاد والموت من الأعداء المنظورين، وغير المنظورين، الخ... أدناه (41) فيعظ جميع الاخوة بأعمالهم.

(42) لا يتملكنٌ أي خادم أو أي واعظ خدمة أو مهمة الوعظ، بل عليه أن يتخلٌى عن مهمته هذه، متى يُؤْمَر بذلك. (43) ومن ثم، أتوسل، بالمحبة التي هي الله، إلى جميع اخوتي الوعٌاظ، والمصلين، والعاملين، الإكليريكيين والعلمانيين، أن يجهدوا في الاتٌضاع في كل شيء، (44) وألاٌ يتباهوا، وألاٌ يفرحوا في ذواتهم، وألاٌ يفتخروا داخليا بالأقوال والأعمال الصالحة، وبأيٌ خير، على الإطلاق يحققه الله أو يقوله أو يعمله، في أي وقت، فيهم وبهم حسب قول الرب: "لا تفرحوا بأنٌ الأرواح تخضع لكم، الخ...".

(45) ولنعلم علم اليقين أنٌ لا شيء يخصنا، سوى رذائلنا وخطايانا، (46) لكن، علينا بالحريٌ أن نبتهج عندما نقع في مضايق مختلفة، وعندما سنتحمل كلٌ أنواع ضيقات النفس والجسد، وشدائدهما في هذا العالم من أجل الحياة الأبدية. فلنحذر إذا، جميعنا من الكبرياء والمجد الباطل. (47) ولنحفظ ذواتنا جيدا من حكمة هذا العالم، ومن فطنة الجسد. (48) إذ إنٌ روح الجسد يبتغي امتلاك الأقوال، ويبذل في سبيلها جهداً جماً، ولكنه لا يعبأ بالأعمال، (49) ولا يتطلع إلى العبادة والقداسة في الروح، إنما يريد ويرغب في عبادة وقداسة تتجليان ظاهريا للناس. (50) وعن هؤلاء يقول الرب: "الحق أقول لكم: لقد نالوا أجرهم". (51) غير أنٌ روح الرب يريد أن يُمات الجسد، ويُزدرى، ويُحتقر، ويُرذل، ويُعتبر مخزيا. (52) وهو يسعى إلى التواضع، والصبر، وبساطة الروح النقية، وسلامه الحقيقي. (53) وهو فوق كل شيء يرغب في المخافة الإلهية، والحكمة الإلهية، والحب الإلهي، حب الآب والابن والروح القدس.
(54) ولنردٌ إلى الرب الإله العليّْ والأسمى كلٌ الخيرات ولنعترف بأنٌ كل الخيرات هي له.
(55) وليحصل هو على كل إكرام وإجلال، وكل تسبيح وبركة، وكل شكر ومجد:
له كل صلاح وهو الصالح وحده.

(56) وعندما نسمع إنسانا يقول الشر،  أو يُجَدِّف على الرب،

فلنصنع الخير نحن ولنقله ولنسبح الله الذي هو مبارك مدى الدهور.

(57) ولنعتبر كل رجال الإكليروس والرهبان كأسيادنا، فيما يتعلق بخلاص النفس، وفي ما لا يبعدنا عن جماعتي الرهبانية. ولنكرم في الرب رتبتهم، وخدمتهم، ومهمتهم. أدناه: (58) وبوسع كل الاخوة، بقدر ما يلهمهم الله، إعلان هذه المناشدة أو هذا التسبيح، أو ما يشبههما بين كل الناس ببركة الله وبإذن خادمهم:

(59) اتقوا وكَرِّموا، سبِّحوا وباركوا اشكروا واعبدوا،
الرب إلهنا الكلي القدرة في الثالوث والوحدة، الآب والابن والروح القدس  خالق الأشياء كلها.

(60) توبوا،  واثمروا ثمارا تليق بالتوبة لكي تعلموا بأننا سنموت قريبا.

(61) "أعطوا تُعْطوا".

(62) اغفروا يُغْفَر لكم.

(63) وإن لم تغفروا  لن يغفر لكم الرب خطاياكم. اعترفوا بكل خطاياكم.

(64) طوبى لمن يموتون في التوبة، فإنهم سيكونون في ملكوت السماوات.

(65) والويل لمن لا يموتون في التوبة، إذ إنهم سيكونون أبناء إبليس الذين يعملون أعماله، وسيذهبون إلى النار الأبدية.

(66) احذروا كل شرٍ وامتنعوا عنه، وثابروا في الخير حتى النهاية.

(67) فليحذر جميع الاخوة، أينما وُجِدوا، في المناسك أو في أماكن أخرى، من تملٌك مكان أو أي شيء، والذٌود عنه ضد أيٍ كان. (68) وإن جاءهم أحد، صديق أو خصم، فليمتنعوا عن النقاش معه، بأي شكل من الأشكال. (69) وحيثما وُجِدَ الاخوة، وفي أي مكان التقوا يجب أن يزوروا ويُكرِّموا بعضهم بعضا، روحيا وبعناية وبلا تذمر. (70) وليحذروا من أن يظهروا خارجيا حزانى أو معبٌسين كالمرائين، بل فليبدوا فرحين في الرب، مبتهجين، بشوشين، وحسني المعشر كما يليق.

(71) إنني لأرجو كل أخ مريض إذ يشكر الخالق عن كل شيءٍ، أن يرغب في أن يكون مثلما يشاء له الله أن يكون، معافى أو مريضا، فبمنخس المصائب والأمراض، وبروح الندم، يؤدب الرب كل الذين أعدهم للحياة الأبدية، على حد قوله: "من أحبهم، الخ...". (72) لذلك أرجو جميع اخوتي المرضى، ألاَّ يغضبوا أو يضطربوا في أمراضهم حيال الله أو حيال الاخوة، وألاّ يرغبوا بإلحاحٍ كبير في الأدوية أو تحرير جسد سينتهي قريبا إلى الموت وهو عدو للنفس.

(73) فليجتهد جميع الاخوة في الاقتداء بتواضع ربنا يسوع المسيح وبفقره، وليذكروا أنٌ عليهم ألاٌ يملكوا من العالم كله سوى ما يقول الرسول: "إن كان لدينا ما نأكل وما نلبس، فحسبنا ذلك، لنرضى". (74) وعليهم أن يبتهجوا عندما يعيشون وسط أشخاص محتقرين، ومزدرين، وسط الفقراء والضعفاء، والمرضى والبُرْص، والمتسولين على الطرقات. (75) وإن اقتضت الضرورة فليطلبوا الإحسان. (76) وعليهم ألاٌ يخجلوا من ذلك، لأن ربنا يسوع المسيح، ابن الله الحي والكليّ القدرة جعل وجهه كالصوان، ولم يخجل. (77) وكان فقيراً وضيفاً، وعاش من الإحسان، هو والعذراء الطوباوية، أمه مريم القديسة والتلاميذ. (78) وإذا ما عَيٌرهم الناس، وأمسكوا عنهم العطاء، فليشكروا الرب. فلقاء هذه الإهانات سينالون إكراما عظيما أمام منبر ربنا يسوع المسيح.

(79) وليعلموا أنٌ العار لا يمس من ينصب عليهم، بل خصوصا أولئك الذين يُلْحِقونه بالآخرين، (80) وأنٌ الإحسان هو ميراث الفقراء والبٌر الواجب لهم، إذ استحقهما لنا ربنا يسوع المسيح. (81) والاخوة الذين يعملون في الحصول على الإحسان سيظفرون بأجر عظيم، وسيكسبون هذه الأجر من يهبون الإحسان، فإن كل ما سيتخلى عنه الناس في العالم سيفنى، ولكنهم لقاء المحبة، ولقاء ما يجودون به من إحسان، سينالون الحياة الأبدية.

 

Click to view full size image

( وصية صغرى )

 


 

(نيسان/ أيار 1226)

بينما كان فرنسيس في مدينة سينا الإيطالية، في شهر نيسان أو أيار، من سنة 1226، اشتدٌ عليه المرض في إحدى الليالي، وصار ينزف دماً. فخاف عليه الاخوة واعتقدوا أنٌ عبوره إلى الآب صار قريباً، فطلبوا منه بإلحاح أن يترك وصيته الأخيرة. فباركهم هم وجميع الذين سيأتون من بعده. وبما أنه لا يقوى على الكلام بسبب مرضه، فقد اختصر وصيته بثلاث أفكار رئيسية دوٌنها الأخ مبارك: المحبة الأخوية المتبادلة، عيش الفقر المقدس، الخضوع للكنيسة ولكلٌ الإكليريكيين. هذه الوصية التي تدعى أيضا "الوصية الصغرى"، هي من أقصر النصوص وأكثرها تأثيراً وإلحاحاً. فمن خلالها يختصر فرنسيس برنامج الحياة الذي أراده له ولاخوته، ويعطي خُلاصةُ واضحةُ لروحانيٌته.

(1) اكتب أني أبارك جميع اخوتي، الموجودين في جماعتنا الرهبانية، والذين سينضمون إليه حتى آخر الدهر.

(2) وبما أنني بسبب الضعف وألم المرض لا أقوى على الكلام، فإني أبيٌن لاخوتي مشيئتي موجزة بهذه الكلمات الثلاث:

(3) علامة على أنهم يتذكرون بركتي ووصيتي فليحبوا دائما بعضهم بعضا،

(4) وليحبوا دائماً سيدتنا (فضيلة) الفقر المقدس، وليقيٌدوا بها،

(5) وليكونوا دائما مخلصين وخاضعين لأحبار أمٌنا الكنيسة المقدسة، ولكلٌ رجال الإكليروس.

 

( وصية كبرى )

 


 

(أيلول / تشرين الأول 1226)

بعد أن أعطى الوصية الصغرى في سبينا، تحسٌنت صحة فرنسيس، فطلب أن يُنْقَل إلى أسٌيزي. وفي أواخر أيامه على الأرجح وخلال مراحل عديدة واستجابة لأسئلة اخوته، أملى وصيته المعروفة "بالوصية" أو "الوصية الكبرى" شارحاً للمرة الأخيرة رؤيته الإنجيلية. الوصية هي الوثيقة الأكثر أصالة، والأكثر نسبة إلى فرنسيس من كل النواحي. من ناحية حياته: يُعيد فرنسيس قراءة حياته على ضوء العطيٌة، ويُرَدَّدْ بعد كل مرحلة من مراحل حياته "أعطاني الرب". من ناحية إنسانيته: تظهر طبيعته الإنسانية بعفوية، بدءاً بالذكريات العذبة وصولاً إلى صرخته، صرخة النبي المتألم الذي يبدو وكأنه سينهض من الفراش لكي يدافع للمرة الأخيرة عن تلك العطية التي أوحاها إليه الرب. لكنه يحذٌر الاخوة من اعتبار الوصية هذه قانوناً جديداً: إنها فقط توصية أبوية وأخوية، من خلالها يسلٌمهم ما تسلٌم من الرب، أي نهج الحياة الذي كان بالنسبة إليه، وسيكون بالنسبة إلى اخوته مصدر فرح وبركة. وفي ختام الوصية تتغيٌر لهجته، وتصبح مملوءة حنانا ورأفة، وبعد أن يستمطر بركة الثالوث على اخوته، يجرؤ هو أيضا على أن يباركهم.

(1) هكذا أعطاني الرب، أنا فرنسيس، أن أبدأ بالتفكير: إذ لمٌا كنت في الخطايا، كانت تبدو لي رؤية البُرْصِ مرةً واحدةً. (2) وقد قادني الرب نفسه بينهم ورئفت بهم. (3) ولدى ابتعادي عنهم، تحوٌل ما كان يبدو لي مُرَّاً إلى عذوبة الروح والجسد، وبعد ذلك بقيت قليلا ثمٌ هجرت العالم. (4) وأعطاني الرب إيماناً كبيراً بالكنائس، بحيث أني كنت أصلٌي ببساطة، هكذا قائلا: (5) إننا نسجد لك أيها الرب يسوع المسيح في جميع كنائسك الموجود في العالم أجمع، ونباركك لأنك بصليبك المقدس فَدَيْتَ العالم.

(6) بعدئذٍ، أعطاني الرب ولا يزال يعطيني إيماناً كبيراً بالكهنة الذين يحيون وفقاً لنهج الكنيسة الرومانية بسبب رُتبتهم، بحيث إني أريد اللجوء إليهم حتى إن هم اضطهدوني. (7) وحتى لو كان لديٌ مثل حكمة سليمان ولقيت كهنة مساكين في هذا العالم، فإني لا أريد أن أعظ ضدٌ إرادتهم في الرٌعايا حيث يمكثون. (8) وأريد أن أحترمهم هم وجميع (الكهنة) الآخرين، وأن أحبهم وأكرمهم كأسيادٍ لي. (9) ولا أريدُ أن أنظر إلى الخطيئة فيهم، إذ إنني أميٌز فيهم ابن الله وهم أسيادي. (10) وإني أفعل ذلك لأنني في هذا العالم لا أرى شيئاً جسدياً من الابن العليٌ لله سوى جسده ودمه الكليٌي القداسة، اللذين يقبلونهما هم أنفسهم، وهم وحدهم يوزعونهما على الآخرين. (11) أريد أن تُكَرٌم هذه الأسرار الكليٌة القداسة، وتُوَقٌر فوق كل شيء وتُودع في أماكن ثمينة. (12) وحيثما وُجدت أسماؤه وكلماته المكتوبة الكليٌة القداسة، في أماكن غير لائقة، أريد أن ألتقطها وأرجو الآخرين أن تُلتقط، وأن تُوضع في مكان لائق. (13) وعلينا أن نكرٌم ونوقٌر جميع اللاٌهوتيين، والذين يوزٌعون الأقوال الإلهية الكليٌة القداسة، على أنهم يوزٌعون الروح والحياة.

(14) وبعد أن أعطاني الرب اخوةً، لم يدلٌني أحد إلى ما يتوجب عليٌ عمله، لكنٌ العليٌ نفسه أوحى إليٌ بأنٌ عليٌ العيش وفقاً لنهج الإنجيل المقدس. (15) وأنا جعلت (ذلك) يُكْتَب بكلمات وجيزة وبسيطة، وثَبَّتُه لي السيد البابا. (16) وأولئك الذين كانوا يأتون للحصول على الحياة، كانوا يُعطون الفقراء كلٌ ما يملكون، مكتفين بثوب واحد، مرقٌع من الداخل والخارج، مع حبلة وسراويل. (17) وما كنٌا نريد الحصول على أكثر من ذلك. (18) وكنا، نحن الإكليريكيٌين نتلو صلاة الفرض مثل سائر الإكليريكيٌين، وكان (الاخوة) العلمانيون يتلون "الأبانا" وكنا عن طيب خاطر نبقى في الكنائس. (19) كنا غير متعلمين وكنا خاضعين للجميع.

(20) كنتُ أعمل بيديٌ، وما زلت أريد أن أعمل، وأريد بحزم أن يعمل جميع الاخوة الآخرين عمً شريفاً. (21) وعلى الذين لا يُحسنون (عملا) أن يتعلموا، لا طمعا بالحصول على جزاء العمل، بل من أجل (إعطاء) المثل الصالح، وطرد البطالة. (22) وعندما لا ننال عن عملنا جزاء، فلنلجأ إلى مائدة الرب، طالبين الإحسان من باب إلى باب. (23) وقد أوحى إليٌ الرب بهذه التحية التي ينبغي أن نقولها : "ليُعْطِكَ الرب السلام". (24) فليحذر الاخوة من قبول الكنائس والمساكن الوضيعة وكل ما يُبنى من أجلهم إطلاقاً، ما لم تكن ملائمة للفقر المقدس الذي التزمنا به في القانون ولنمكث فيها دائما مثل غرباء وحجٌاج.

(25) إني آمر بحزم وباسم الطاعة جميع الاخوة أينما كانوا، ألاٌ يتجاسروا ويطلبوا أية رسالة من الدوائر الرومانية بأنفسهم أو عن طريق شخص آخر، لا من أجل الكنيسة، ولا من أجل أيٌ مكان آخر، لا بحجٌة الوعظ، ولا بسبب اضطهاد (يلحق) بأجسادهم. (26) ولكن حيثما لا يُقبلون، فليهربوا إلى أرض أخرى كي يكفٌروا ببركة الله. (27) وأُريد بحزم الخضوع للخادم العامٌ لهذه الاخوة، وللخادم المحليٌ الذي يطيب له أن يعيٌنه لي. (28) وأُريدُ أن أكون مقيٌداً بين يديه، بحيث لا أستطيع الذهاب أو العمل خارجاً عن الطاعة أو عن إرادته، لأنه سيدي.

(29) وعلى الرغم من أني بسيطٌ ومريضٌ، فإني أريد أن يكون لي دائماً إكليريكيٌ يتلو صلاة الفرض، كما نصٌ عليه القانون. (30) وليلزم جميع الاخوة الآخرين بالطاعة لخدٌامهم المحليين، وبتلاوة صلاة الفرض وفقاً للقانون. (31) وإن وُجِدَ من لا يتلون صلاة الفرض وفقاً للقانون، ويرغبون في تعديلها بطريقة أخرى، أو ليسوا كاثوليكيين، فليلزم جميع الاخوة أينما كانوا باسم الطاعة وحيثما وجدوا أيٌا من هؤلاء بأن يُقدموه إلى الحارس الأقرب إلى المكان الذي وجدوه فيه. (32) وليلزم الحارس بحزم وباسم الطاعة أن يحرسه أشدٌ حراسة ليلاً ونهاراً، مثل رَجُلٍ في القيود، بحيث لا يُفلت من يديه إلى أن يُسلٌمه شخصياً لخادمه. (33) وليلزم الخادم بحزم وباسم الطاعة أن يرسله مصحوباً باخوة يحرسونه ليلاً ونهاراً مثل رجل في القيود، إلى أن يُقدموه لسيد أوستيا الذي هو سيد كلٌ الاخوة، وحاميها ومصلحها.

(34) ولا يقولنٌ الاخوة "هذا قانون آخر"، إنما هو تذكير وتنبيه ومناشدة وهو وصيتي التي أوصيكم بها، يا اخوتي المباركين أنا فرنسيس أخاكم الصغير، كي نحفظ على نحو كاثوليكيٌ أفضل القانون الذي وعدنا به الرب. (35) وليُلزم الخادم العامٌ وجميع الخدام الآخرين والحراس باسم الطاعة، ألاٌ يضيفوا إلى هذه الكلمات أو يحذفوا منها شيئا. (36) وليكن دائما معهم في النصٌ إلى جانب القانون. (37) وعندما يقرأون القانون في جميع المجامع التي يعقدونها، فليتلوا أيضا هذه الكلمات. (38) آمر بحزم وباسم الطاعة كلٌ اخوتي الإكليريكيين والعلمانيين، ألاٌ يضعوا تعليقات على القانون أو على هذه الكلمات قائلين: "هكذا ينبغي أن تفهم". (39) لكن مثلما أعطاني الرب أن أقول وأكتب ببساطة ونقاء القانون وهذه الكلمات، كذلك افهموها ببساطة ومن غير تحريف واحفظوها واعملوا بموجبها بقداسةٍ حتى النهاية.

(40) وكل من يحفظ ذلك فليمتلئ في السماء من بركة الآب العليٌ، وليمتلئ على الأرض من بركة ابنه الحبيب والروح المُعَزّي والكليٌ القداسة وكل قوات السماوات وكل القديسين. (41) وأنا فرنسيس أخاكم الصغير وخادمكم أثبت لكم بقدر ما أستطيع في الداخل وفي الخارج هذه البركة الكليٌة القداسة.



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +