Skip to Content

ميلاد الرب يسوع 2006-2007 - المطران بشارة الراعي

 ميلاد الرب يسوع

  المسيح يقود التاريخ البشري نحو الانسنة والسلام

Click to view full size image

 

 

من انجيل القديس لوقا 1/ 1-20

 

 "قال لوقا البشير: في تلك الايام، صدر أمر من اغوسطس قيصر بإحصاء كل المعمورة. جرى هذا الإحصاء الاول، عندما كان كيرينيوس والياً على سوريا. وكان الجميع يذهبون، كل واحد الى مدينته، ليكتتبوا فيها. وصعد يوسف من الجليل، من مدينة الناصرة، الى اليهودية، الى مدينة داود تدعى بيت لحم، لانه كان من بيت داود، وعشيرته، ليكتتب مع مريم خطيبته، وهي حامل. وفيما كانا هناك، تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر، وقمتطه، واضجعته في مذود، لانه لم يكن لهما موضع في فاعة الضيوف.

 

 وكان في تلك الناحية رعاة يقيمون في الحقول، ويسهرون في هجعات الليل على قطعانهم. فاذا بملاك الرب قد وقف بهم، ومجد الرب أشرق حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً. فقال لهم الملاك: لا تخافوا! فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون للشعب كله، لانه ولد لكم اليوم مخلص، هو المسيح الرب، في مدينة داود. وهذه علامة لكم: تجدون طفلاً مقمطاً، مضجعاً في مذود!". وانضم فجأة الى الملاك جمهور من الجند السماويين يسبحون الله ويقولون: " المجد لله في العلى، وعلى الارض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر".

 

ولما انصرف الملائكة عنهم الى السماء، قال الرعاة بعضهم لبعض: "هيا بنا، الى بيت لحم، لنرى هذا الامر الذي حدث، وقد أعلمنا به الرب". وجاؤوا مسرعين، فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً في المذود. ولما رأوه اخبروا بالكلام الذي قيل لهم في شأن هذا الصبي. وجميع الذين سمعوا، تعجبوا مما قاله لهم الرعاة. أما مريم فكانت تحفظ هذه الامور كلها، وتتأملها في قلبها. ثم عاد الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوا ورأوا، حسبما قيل لهم".

 

  لوحة الميلاد تكشف ان الله يقود مجرى التاريخ. فالبشرية في مسيرة خلاص شخصي وجماعي يشمل جميع الوقائع الزمنية. الكنيسة تحمل " انجيل هذه البشرى السارة، وتشهد له في حياة ابنائها وبناتها ومؤسساتها.

اولاً، مضامين لوحة الميلاد الانجيلية

 

1.                                           الله يقود مجرى التاريخ

 

 حدث الميلاد يظهر ان الله هو الذي يقود مجرى التاريخ، بحيث يتحقق في واقعاته تصميم الخلاص. بمناسبة الاحصاء العالمي يحصل ميلاد الرب في بيت لحم، فتتم نبؤة ميخا التي قالها قبل الميلاد بسبعماية سنة عن " الحامل" التي تلد في بيت لحم من " يقف ويرعى شعب الله بعزّة الرب، ويعظمة اسم الرب الاله، ويتعاظم الى اقاصي الارض" (  ميخا 5/1-3). ان الذي أمر بالاحصاء، هو المتسلط على العالم، اغسطوس قيصر، لكن المولود الوضيع في بيت لحم هو سيد السماء والارض، ابن الله الذي صار انسانا، كما اعلن الملاك للرعاة: " ابشركم بفرح عظيم، يكون للعالم كله: لقد ولد اليوم لكم المخلص الذي هو المسيح الرب، في مدينة داود" ( لو2/10-11). داود هو رمز هذه الملوكية من جوانب ثلاثة: الجانب البيولوجي: يوسف ومريم هما من سلالة داود، والمولود الالهي " من زرع داود في الجسد" ( روم1/3) يحصى في هذه السلالة؛ الجانب الجغرافي: بيت لحم هي مدينة داود؛ الجانب الاجتماعي: فقر مذود بيت لحم لا قصور اورشليم التي هي مدينة داود بامتياز: " انت، يا بيت لحم، أصغر عشائر يهوذا، ولكن منك يخرج من يكون متسلطاً على اسرائيل" ( ميخا 5/1).

وتتحقق نبؤة اشعيا، السابقة للميلاد هي ايضاً بسبعماية سنة: " يؤتيكم الرب نفسه اية: ها ان العذراء تحبل فتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" ( اشعيا 7/14). فيستعمل لوقا عن قصد لفظة " خطيبة يوسف حبلى" ( لو2/5)، على الرغم من المساكنة الزوجية حسب الاصول القانونية منذ ستة أشهر. هذه للدلالة على ان مريم هي عروسة الروح القدس، " قوة العلي التي ظللتها" ( لو1/35)، لا يوسف، وانها العذراء الام، وان يوسف زوجها الشرعي هو ابو يسوع بالشريعة لا بالطبيعة.

ولدت البتول " ابنها البكر". لفظة " بكر" تعني المولود الاول الذي لا يعقبه اخوة، بل الذي ينبغي ان " يقدم للرب فدية وولاء للرب الذي حرر شعبه" ( خروج13/1-16). وسيقدم هذا البكر نفسه للاب على الصليب ذبيحة فداء عن البشرية جمعاء. ومعه " كبكر بين اخوة كثيرين" ( روم8/29) يبدأ شعب الله الجديد خلقاً جديداً  يدشن الازمنة الجديدة للعهد المسيحاني. انه " بكر الآب" اي " ابن الله الوحيد" ( يو1/18؛ 1 يو4/9)، الذي صار ابن البتول بالجسد البشري،  "ليكون، وهو صورة الله الذي لا يرى، بكر جميع الخلائق"، ( كولسي1/15)، و"ليكون، وهو الذي كان قبل الكل وبه كل شيىء كوّن، رأس الكنيسة والاول والبكر القائم من بين الاموات" ( كولسي 1/17-18).

لقد بدت علامات الخلاص والفداء في البتول الام التي تلد بدون وجع المخاض، هي التي سافرت طيلة خمسة ايام من الناصرة الى بيت لحم ( 150 كلم)، وهي التي، وحدها وبدون مساعدة من احد، " ولدت ابنها البكر ولفته بالقماتات ووضعته في مذود"، فتكللت بمجدين: البتولية والامومة الالهية. كما ظهرت شروط الفداء في فقر المولود الالهي ووداعته، وقد وُضع في مذود للبهائم، هو " الذي سيخلي ذاته أخذأً صورة عبد، ويطيع حتى الموت على الصليب" ( فيليبي2/7-9).

 2.                                           مسيرة خلاص البشرية

 

 عندما ولد يسوع في بيت لحم كان ظهور ملائكي في سمائها، بمثابة ليتورجية سماوية احتفلت بالحدث الذي  "يسير بالازمنة الى تمامها" ( افسس 1/10)، ماسكاً زمام ماضي البشرية والكون وحاضرها ومستقبلها حتى نهايتها الاخيرة ( Eskaton). " فالمسيح المولود هو هو امس واليوم والى الابد" ( عبر13/8). وقد أنشد جنود السماء: " المجد لله في العلى وعلى الارض السلام، للناس الذين يحبهم" ( لو2/14)، محتفلين بذاك الذي تنبأ عنه اشعيا: " الشعب السائر في الظلمة أبصر نوراً عظيماً... وفرّت للامة الفرح... لانه قد ولد لنا ولد واعطي لنا ابن، فصارت الرئاسة على كتفه. دُعي اسمه عجيباً مشيراً، الهاً جباراً، أبا الأبد، رئيس السلام، لنمو الرئاسة ولسلام لا انقضاء له، على عرش داود مملكته، ليقرّها ويوطدها بالحق والبر من الآن والى الابد. غيرة الرب تصنع هذا ( اش 9/1-2؛5-6). ان ليتورجيا الارض في الكنائس تواصل هذا الاحتفال بالحدث الخلاصي. والناس ذوو الارادة الحسنة يلتزمون بعمل الخلاص على اختلاف مستوياته: الروحية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية، السياسية والانمائية.

بلغت البشرى الى الرعاة، وهم رمز الناس المهمشين والفقراء والمستضعفين والاخيرين في الفئات الاجتماعية والرحل وغير المستقرين، سواء على الصعيد المادي ام الروحي ام الخلقي ام الاجتماعي. هؤلاء الذين قال عنهم الفادي الالهي يوم اعلن رسالته في مجمع الناصرة: " روح الرب عليّ مسحني وارسلني لابشر المساكين" ( لو3/18). وقد أظهر تضامنه الحسي والمعنوي والاجتماعي معهم بولادته في مذود لعدم وجود موضع له حيث نزل والداه ( انظر لوقا 2/7). لهؤلاء قال الملاك: " ابشركم بفرح عظيم" هو ميلاد من يأتي ليحمل لهم التحرير والخلاص. كانت البشرى لشعب زمانه المنتظر بشوق هذا التحرير الخلاصي، وهي " للعالم كله" ولكل شعب يلتقي في اي زمان هذا النداء ويسعى الى عيشه. لفظة " ابشركم" تعني " انقل اليكم خبراً مفرحاً. هذا ما تعنيه لفظة " انجيل" ومنها " الانجلة"، لا بالمعنى السلبي الذي تأخذه اليوم لفظة " تبشير"، اي " اقتناص" الناس لدين او مذهب لغايات سياسية او مصالح بشرية واجتماعية.

      رسالة الكنيسة هي " الانجلة" اعني نقل بشرى الخلاص لجميع الناس، والشهادة لهذا الخلاص في نشاطاتها ومؤسساتها الروحية والثقافية والاجتماعية والانسانية، والحكم الادبي على اداء بشري زمني، بما فيه الاداء السياسي في ما يتعلق بالخلاص لجميع الناس في مختلف مضامينه، دون ان تتدخل الكنيسة في " تقنيات " هذا الاداء او تتلون باي لون سياسي حزبي او فئوي.

       نسمع اليوم من يقول: " على الكنيسة الاّ تتعاطى الشأن السياسي". هؤلاء يخلطونه من جهة بين المبادىء التي تعلنها الكنيسة والتقنيات التي يمارسها السياسيون؛ ومن جهة ثانية لا يريدون تطبيق المبادىء على ممارستهم، فينحرفون عن الخير العام وكرامة الانسان وحقوقه، وعن العدالة الاجتماعية والوفاق، وعن كرامة شعب ومصلحة وطن ودولة. فلا بد من التعاون المخلص بين السلطة السياسية والكنيسة.

       انها بشرى-انجلة دائمة: " اليوم ولد لكم المخلص" (لو2/11). انه  يوم الله الذي يصبح  يوم الانسان، اليوم الخلاصي والنهيوي: بداية العهد المسيحاني الذي انتهت معه مسيرة التحضير الطويلة في العهد القديم، وبداية الزمن الاخير والحاسم لخلاص جميع الناس.  اليوم، دخل في التاريخ عالمُ الله النهائي، لا بالمفهوم السياسي والقومي، بل بمفهوم الخلاص المسيحاني. فالله وحده الرب، ولا اله سواه: " انا الاول وانا الاخر، ولا اله غيري ( اشعيا44/6). توجهوا اليّ فتخلصوا يا جميع اقاصي الارض" ( اشعيا45/22). ويجيب الشعب بصلاة المزمور: " أنصرنا يا اله خلاصنا اكراماً لمجد اسمك، وانقذنا واغفر خطايانا من اجل اسمك" (مو79/9). وعندما سأله الرسل في آخر لحظة، قبيل صعوده الى السماء: " أفي هذا الزمن تعيد المُلك الى اسرائيل"؟ ( اعمال1/6)، صحح نظرتهم وامالهم، وحدثهم عن مملكته الروحية وقوتها: " الروح القدس ينزل عليكم، فتنالون قوة وتكونون لي شهوداً حتى اقاصي الارض" ( اعمال1/8).

       مملكته ذات سلطان كهنوتي وخلاصي. فالمولود، كما اعلنه الملاك، هو " المسيح الرب", لفظة" مسيح" تعني ذاك الذي مُسح كاهناً ونبياً وملكاً، واصبح ينبوع المسحة الكهنوتية والنبوية والملوكية لشعب الله الجديد، الذي قبل بدوره هذه المسحة بالمعمودية، باب الاسرار كلها. الكنيسة تعمل بسلطان هذه المسحة المثلثة، وتشهد لمفاعيلها.

       لفظة " الرب" تشمل الالوهة وسلطان المسيح الخلاصي. ففي المفهوم البيبلي، لقب " الرب" المتصل بالله يعني دائماً وفي ان الالوهة والعمل الخلاصي. اما الكنيسة فهي " اداة الخلاص الشامل"، بفضل حضور الله فيها وعمله بواسطتها.

3.  مسؤولية المخلصين

 

تلقى " رعاة بيت لحم" خبر الحدث والوحي وقالوا بعضهم لبعض: " هلّم بنا الى بيت لحم لنرى الحدث الذي اخبرنا به الرب" ( لو1/15). فاسرعوا الى المكان، ورأوا الحدث، واخبروا عن الوحي الذي قيل لهم عن الطفل (لو2/16-17). " فحفظته مريم في قلبها" واضحت قدوة لكل نفس تصغي وتتأمل في كلمة الله، وتتعمق في الايمان اكثر فاكثر. نحن مدعوون لنصغي مثل مريم والرعاة، ونؤمن بما نسمع ونعلن بدورنا الخبر. فكل خبر من عند الله سارّ، ولذا ينبغي ان نقبله في القلب ونعلنه بالكلمة والعمل. هذا ما جرى مع الرعاة الذين واصلوا نشيد الملائكة، اذ " رجعوا وهم يمجدون الله ويسبحون" ( لو2/20). فكانوا اول المستودعين بشرى المخلص، واول المعلنين الفرحين للبشرى، واول الممجدين لله والمسبحين" على كل ما سمعوا ورأوا".

عندما دخل البكر الى العالم، سجدت له جميع ملائكة الله" (عبرانيين1/6). وفي الارض سجد له يوسف، وسجدت مريم لمن ولدت، وسجد رعاة بيت لحم، وسيسجد المجوس من المشرق. هكذا تلتقي ليتورجيا السماء وليتورجيا الارض. ويلتقي الله والبشر، والرب والرعاة، في من هو اله حق وانسان حق. بهذا يتمجد الله في السماء ويحلّ السلام في الارض.

4.                                           لوحة الميلاد انجيل الانسنة والسلام

 

بميلاد ابن الله انساناً ، عاد لكل انسان بهاء انسانيته ، ومنح الله العالم هبة السلام ، وأعطى معنى للحياة البشرية وللوجود التاريخي.

        " يسوع ابن يوسف من الناصرة " (يو1/45) هكذا أحصي السيد المسيح مخلص العالم في اول احصاء للعالم المعروف. انه ينتمي الى الجنس البشري, انساناً بين الناس ، مواطناً في هذا العالم ، خاضعاً للشريعة ، لكنه مخلص العالم. .

       اوريجانس يفسّر المعنى اللاهوتي لاحصاء يسوع المسيح : " أحصي مع الجميع ، فاستطاع ان يقدس الجميع . مع كل الارض اكتُتب في الاحصاء ، فقدّم للارض الشركة معه . كتب كل اناس الارض في كتاب الاحياء ، بحيث ان من يؤمن به يُحصى في السماء مع القديسين حول من له المجد والسلطان الى دهر الدهور " (حارس الفادي ،9).

        انشد الملائكة ليلة ميلاده : " المجد لله في العلى ، وعلى الارض السلام ، والرجاء الصالح لبني البشر ".

  المجد لله : " مجد الله الانسان الحي " يقول القديس ايريناوس . ابن الله المتجسد هو هذا  الانسان الحي ،  وقد  "صار بكراً لاخوة كثيرين " ، على ما كتب القديس بولس الى اهل روما ، " لكي يكونوا على مثال صورة هذا الابن " (روم 8/29). وهكذا يكون كل انسان " مجد الله الحي ". هذه هي الانسنة الجديدة .

 

 كتب خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة الاولى " فادي الانسان ":

       " لقد نفذ المسيح ، فادي العالم ، الى سرّ الانسان ودخل قلبه " ( فقرة 8). وتابع من تعليم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني " ان المسيح آدم الجديد ، باظهاره سرّ الآب ومحبته ، كشف بجلاء الانسان للانسان عينه وابان له سمو دعوته. ان سرّ الانسان لا يتضح الاّ في سرّ الكلمة المتأنس. ذاك الذي هو صورة الآب غير المنظور ( كولسي1/15) هو عينه الانسان الكامل الذي اعاد الى ابناء آدم الشبه الالهي الذي شوهته منذ ذاك الحين الخطيئة الاولى . ولما كان قد اتخذ الطبيعة البشرية دون ان يذيبها فيه ، فقد رفعها بذات الفعل الى مقام عظيم.لانه هو ابن الله الذي بتجسده قد انضمّ نوعاً ما الى كل انسان . لقد اشتغل بيدي انسان ، وفكرّ بعقل انسان ، وعمل بارادة انسان ، وأحب بقلب انسان.لقد ولد من عذراء وصار حقاً واحداً منا مشابهاً لنا في كل شيء ما عدا الخطيئة "(الكنيسة في عالم اليوم،22). انه الانسان الجديد، فادي الانسان .

       " السلام على الارض" : عندما يستعيد الانسان انسانيته ، أي صورة الله فيه ، يعيش بسلام مع الخلق اجمع . "فالسلام مع الله سلام مع الخليقة كلها. و" المسيح سلامنا" (افسس 2/14). لقد " بشر بالسلام الاباعد والاقارب " ( افسس 2/17)، و " حقق السلام بدم صليبه " ( كولسي 1/20). السلام عطية من الله ، وقد ائتمننا عليها . لكن السلام هو " ثمرة العدالة " ( اشعيا 32/17)، وهو " انماء الانسان والمجتمع الذي اصبح الاسم الجديد للسلام " ( البابا بولس السادس : ترقي الشعوب،87)..

       " الرجاء للبشر " : اعطى ابن الله المتجسد معنى لحياة الانسان ووجوده . الرعاة جاؤوا مسرعين ورأوا مريم ويوسف والطفل في المذود . ولما رأوا آمنوا بما قيل لهم من الملائكة ، واخبروا بما قيل لهم عن الطفل ، ورجعوا مهللين فرحين  يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوا ورأوا (لو1/16-20). ما ينقص الناس بالاكثر ، بل ما يحتاجون اليه ، ليس فقط الوسيلة للعيش ، بل الاسباب للعيش . ينقصهم الرجاء ، والرجاء هو ان نؤمن ان للحياة معنى . التزامنا، في الالف الثالث ، ان نعطي الناس اسباباً للعيش .

ثانيا، الخطة الراعوية

 

مع  ميلاد الرب يسوع تنتهي الخطة الراعوية من التأمل معاً في موضوع " كنيسة الرجاء"، وهو مضمون النص الاول من نصوص المجمع البطريركي الماروني. وقد بلغنا الى "آفاق الرجاء" (الفقرات29-30).

ذروة الرجاء تجسّد ابن الله ليكون " عمانوئيل"_ الله معنا، الذي وعد الكنيسة بأن " ابواب الجحيم، قوى الشر، لن تقوى عليها" ( متى16/18). الرجاء التزام، والالتزام برهان على مصداقية الرجاء.

الرجاء، في خطتنا الراعوية، هو التزامنا جميعاً ككنيسة في متابعة المسيرة المجمعية بتقبل التعليم وتطبيق التوصيات، بالاتكال على الروح القدس الذي يقود الكنيسة الى كل حق وخير وجمال. ان العمل الكنسي المشترك يتطلب تضحيات جمّة، منها التخلي عن الانانيات بكل اشكالها، وتبني الموقف الذي اوصى به الرب يسوع: " الكبير فيكم فليكن خادم الجميع، ومن فقد نفسه من اجلي، حفظها لحياة الابد".

بعد التأمل معاً في كنيسة الرجاء طيلة زمن الميلاد، يدعونا النص المجمعي ان نقول لابن الله المتجسد في مغارة بيت لحم، ما قاله له تلاميذا عماوس، يوم قيامته: " إبقَ معنا يا رب" (لو24/29). لكنه هو يقول لنا: ابقوا انتم معي، "لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئاً" ( لو15/5). هذه هي دعوة المستقبل التي تعيدنا الى عمق هويتنا، وتجدد حاضرنا، وتحقق حضورنا الفاعل في عالم اليوم.

صلاة

 

ليلة الميلاد، يُمّحى البغضُ، ليلة الميلاد، تُزهر الارضُ

 

ليلة الميلاد، تدفنُ الحربُ، ليلة الميلاد، ينبتُ الحب.ُّ

 

عندما نسقي عطشان كأس ماء، نكون في الميلاد.

عندما نكسو عرياناًً ثوبَ حبّ، نكون في الميلاد.

عندما نكفكفُ الدموعَ في العيون، نكون في الميلاد.

عندما نفرشُ القلوبَ بالرجاء، نكون في الميلاد.



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +