Skip to Content

سرّ الزواج - جنود مريم


سرّ الزواج

 


مقدّمــة
موضوع الزواج والعيلة هو قصّة الحياة والحُبّ. وحكاية الخلق حيث تولد وتتعاقب فصول الحياة البشريّة وتتّسع لتشمل العيلة البيتيّة والمجتمع والكنيسة. عمر الزواج في التاريخ من عمر الإنسان. يتضمّن الزواج أبعاد الإنسان في محاور وجوده وتكامله. في تربيته وكرامته، في سعادته وخلاصه وطقوسه؛ اختلفت حوله المفاهيم والنظريّات، باختلاف الأديان والحضارات على مدى التاريخ.
تعرّضت الحياة الزوجيّة، ولا زالت، لهزّات العادات اللاأخلاقيّة والعشوائيّة ومنها: مشاعيّة الزواج، والطلاق الكيفيّ، وعبادة الشهوة الجسديّة وغرائز الإمتاع.


ما يعنينا من الحديث: الزواج بالمفهوم المسيحيّ وطرحه.
ينطلق مفهوم الزواج بالمسيحيّة من ثلاثة نداءات:
1-   
كينونة الإنسان الطبيعيّة.
2-   
إرادة اللـه وتصميمه في تركيبة الإنسان وهويّته ومهامه.
3-   
الأسرة حيث يُحقِّق الإنسان كينونته ومهامه، ويُجيب على نداء الأبوّة والأمومة وغايات الزواج.


عرّفنا الوحي الإلهيّ على اللـه ثالوثًا متساويًا، هو في ذاته محبّة، حوار، خلق، شراكة، جماعة أشخاص وعلاقة؛ على مثاله خلق الإنسان عائلة مؤلّفة من أبّ وأمّ وولد، في جدليّة وجود بين الأنا والأنت في النحن. صمّم اللـهُ الإنسان على الحُبّ والانشداد والانجذاب نحو الآخر.

صمّم الإنسان على الوحدة والديمومة وأعلن هذه الحقيقة في قصّة الخلق: إنّها شرعة الزواج في الآيات الخمس الواردة في الكتاب المقدّس، «لا يحسن أن يكون الإنسان وحده، فأصنع له عونًا بـإزائه» «أنموا واكثروا واملأوا الأرض وأَخضعوها» «يترك الرجل أباه وأمّه ...» «يصيران جسدًا واحدًا» «ما جمعه اللـه لا يفرّقه إنسان».هذا يعني:  تكاملوا، الواحد بالآخر وازدهروا وتفتّحوا بالحُبّ والحياة والوحدة. توالدوا وتكاثروا واشتركوا في الخلق معي. كمِّلوا بناء الخليقة وتطويرها، نظّموها وأنسنوها.
نستخلص ممّا تقدّم أنّ طبيعة الإنسان ثنائيّة ومتساوية، علائقيّة في الطبيعة، منفتحة بقصد اللـه على الحُبّ والحياة. والحُبّ والحياة يهدفان إلى الأبوّة والأمومة. والأبوّة والأمومة مصوّبان على الولد. إنّ وجود الإنسان هو نداء إلى آخر وعبور من الأنا إلى الأنت

 برمج السيّد المسيح بتعليمه وأعماله، دورة الحياة في الأبوّة والأمومة على حبّة القمح المأسويّة، الّتي يجب أنّ تموت عن البخل والأنانيّة، لكي تقوم وتتكاثر للحصاد. برمج الحياة على الآخر، لوهب الحياة وخدمتها، ومن هنا حتميّة الزواج والعيلة.


أولاً، الزواج في المفهوم المسيحيّ وطرحه
لقد أسّس الخالق شركة الزواج في الحُبّ والحياة ووضع لها الشرائع والنواميس، لاستمرار النوع البشريّ وتقدّم الشخص ونموّه وبناء المجتمع.لذلك ينطلق مفهوم الزواج المسيحيّ من المعتقد اللاهوتيّ والوحي، فهو مؤسّسة إلهيّة وإنسانيّة معًا. واختلاف الجنسين هو أصل الحياة في المجتمع القائم على الحُبّ.


وجاء الزواج عيد المشاركة واللقاء بين إرادة اللـه وإرادة البشر، عرس الوصال والجواب على نداء الكينونة وتصميم اللـه. إنّها إرادة اللـه تتجلّى في قصّة الخلق. لقد اختبر آدم العزلة والحُرمان من الطفولة والوالدين والعيلة والأصدقاء؛ وطلب العون على الوحشة والعزلة وتحمّل مسؤوليّات الحياة ودعواتها، الصديقة والرفيقة.

جاءت حوّاء فهتف لها هتاف الغبطة والفرح «هوذا لحم من لحمي وعظم من عظامي» (تك1:4 )هتفت له نشيد الحُبّ والسعادة «قد رزقت رجلاً من عند الربّ». فالإنسان هو عطيّة اللـه للإنسان والهديّة، وباتّحادهما معًا يكتشفان إزدهارهما، وتكاملهما، ويشتركان في وظيفة اللـه الخالق، في مسؤوليّة الأبوّة والأمومة، وإعطاء الحياة وخدمتها، احتضانها وتربيتها.الإنسان، في كينونته، يختبر ذاته، حالة انشداد وتوق وانجذاب وانتساب إلى آخر. فالضلع يتوق إلى اكتماله ويلتصق الواحد بالآخر ويصيران جسدًا واحدًا. هي التعبير عن الشراكة والقرابة.
بالعيلة يلجُ الإنسان إلى الوجود وتكمن عناصر المهمّة: «انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها». وهذا ما اقتضى الزواج، وبناء العائلة كمرجعيّة ونموذج لمسيرة الإيمان والحياة، لأنّها:
  1-
بيئة الحياة والحُبّ، بيئة التنشئة على الحُبّ والحياة.
2-
الكنيسة البيتيّة: مدرسة الصلاة ، جماعة العيدوالمشاركة والحوار،جماعة عيش الإيمان والرجاء والمحبّة والتربية عليها والشهادة لها، والتلمذة على كلمة اللـه. إنّها سرّ الأخ وجماعة الأخوة والغفران ومصدر كلّ الفضائل.
إنّها عبور من قطب الأنا اللامتناهي إلى قطب اللامتناهي الإنسانيّ: الأسرة، الكنيسة، الوطن والإنسانيّة. من هنا توجّه قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني إلى العيال بالقول «اجعلوا من الإنجيل قاعدةً لحياتكم العائليّة ومن حياتكم فصلاً من الإنجيل».
3-
إنجيل السلام والفرح، وشهادة القيامة والرجاء وأيقونة الثالوث.
4-
إعادة لحالة الفردوس، حالة الوفاق بين الرجل والمرأة، والانسجام والسلام، حالة الخَلق والحُبّ.
5-
هيكل لقاء الأجيال وشبكة العلاقات الإنسانيّة المتكاملة والمتفاعلة وخميرة الرجاء، شهادة الحُبّ والربيع القادم بلا خريف.


ثانيًا، مميّزات الزواج المسيحيّ
للزواج، في المسيحيّة، مضمون ومصطلحات حصريّة. فالزواج، في كلّ الأديان والحضارات، يُعتبر عقدًا. أمّا في المسيحيّة فالزواج وعدٌ وعقد، عهد وسرّ، نعمة وخدمة ودعوة.
لقد تزوّج السيّد المسيح البشريّة بالتجسّد، ولأجلها ترك أباه، تبنّى البشريّة وتعهّدها وعاهدها على الخلاص والشراكة في حياته، لكي يكون معها شخصًا واحدًا. والحُبّ الزوجيّ، هو علامة هذا الحُبّ والعهد والأمانة وصورة لوحدة الثالوث، وتعبيرٌ عن ترقية الحُبّ الشاهد لوحدة الجنسين الإنسانيّة.


ب- الزواج سرّ لأنّ غايته مشاركة اللـه في الخلق. فالإنسان يعطي الحياة الطبيعيّة واللـه ينفحها بالروح. هو عطيّة الأبوّة والأمومة والحياة، وعهد مع اللـه مصدر كلّ أبوّة.


ج- ما يميّز الزواج المسيحيّ- السرّ هو:
-   
أَنّ اللـه يحُبّ بقلوب البشر، وبقدر ما يؤنسن الأزواجُ حُبَّ اللـه، يدخل حُبُّ اللـه في تاريخ الناس، ويتجلّى ويُعلَن.
-   
بالزواج، يدخل الأزواج في سرّ اللـه ويُشاركونه في الخلق بالتكليف والزمالة. هم معاونو اللـه الخالق والمُخلِّص في عطيّة المحبّة والحياة.
-   
بالزواج يتجلّى حضور اللـه الواحد والثالوث الّذي يواصل عهد الحُبُّ والحياة مع العروسين.
-   
بالزواج يشهد الأزواج لأبوّة اللـه وأمومته بأبوّتهم وأمومتهم، ويصيران رمزًا لعلاقة المسيح بالكنيسة وعهدَ حُبّه المختوم بدمه معها، وتعبيرًا عن أمانته لها واتّحاده به.
كلمة "النَعَم" ومفاعيلها
بكلمة «النَعَم» يتمّ السرّ، ويباركه اللـه بواسطة الكاهن ويتحوّل العروسان في وحدة حياة وحُبّ وتطلُّع ووحدة مسؤوليّة وعمل إلى الابد. يتجسَّد الوعد والسرّ والعهد وتصير الكلمة سرًّا وحياةً ونعمة. هي عمليّة التحوّل الباطنيّ.
أنّ نعمة السرّ تُكمِّل هكذا الحُبّ البشريّ القائم بين الزوجين، وتُرسِّخ وحدتهما، وتقدّسهما في طريق الحياة الأبديّة.


تتجسّد نِعَم سرّ الزواج في:
المُساعدة على الحُبِّ والطهارة والصفاء، فيصير على مثال حُبّ المسيح للكنيسة، وتتحوّل الأسرة إلى كنيسة بيتيّة وإعلان لحقيقة حضور اللـه في العالم وامتداد حضوره الّذي يُحوِّل الكون وكلّ ما فيه إلى أيقونة لله، وكما حوَّل السيِّد المسيح الماء خمرًا في عرس قانا، يُحوِّل حُبّ الأزواج إلى نفحة طيِّبة، إلى حُبٍّ ناضج ونبيل، يحمل لهم السعادة ضمن تقلّبات الزمن والأزمات.
إنّها الضمانة لمصلحة الأزواج وخيرهم، خير الطفل وديمومة السرّ والأمانة.لذلك، رأى آباء الكنيسة، بلسان يوحنّا الذهبيّ الفمّ، «عندما يتّحد الرجل والمرأة في الزواج لا يبدوان بعدُ كشيءٍ أرضيّ، بل هما صورة اللـه نفسه».

أيّ يعكسان طبيعة اللـه عن طريق الحُبّ والصبر، الأمانة والصفح. إنّ للحُبّ ميزة خاصّة بحيث لا يعود الحبيبان كائنين اثنين، بل يصيران كائنًا واحدًا ... إنّهما ليسا فقط متّحدَين، بل هما واحد ... الحُبّ يُغيِّر جوهر الأشياء.


وبفمّ ترتليانوس: «إنّني لعاجز عن وصف السعادة في زواج تبنيه الكنيسة، وتُثبِّته الذبيحة، وتختمه البركة، وتُبشِّر به الملائكة، ويُصادق عليه الآب السماويّ».


ثالثًا، غـايـات الزواج
تتمحور غايات الزواج وتختصر بما يلي: الوحدة والأمانة، الخُصب وعدم الانحلال ويعبّر عنها في:
1.
تحقيق الحُبّ البشريّ الطبيعيّ، وتقديسه وتكريسه بإرادة اللـه ونعمته. فالحُبّ يجعل من الزوجين كائنًا واحدًا، بحضور اللـه وبركته ورضاه وشهادة حيّة لحُبّ المسيح.


 2.
التكامل الإنسانيّ الشخصانيّ، بين الرجل والمرأة. فالإنسان كائن ثنائيّ، علائقيّ طبعًا. مبرمج رجلاً وأنثى معًا؛ وهما ككلّ نصفين، يكمّل الواحد الآخر، فلا يعيش الواحد إلاّ لكي يعطي آخر، يرتبط بآخر، يشارك آخر، لكي يصير الآخر ويتحوّل بكلّيته إلى آخر، يصير له القوت يغذّيه، الفكر لعقله والحبّ لقلبه، يتقبّل الآخر بكليّته، حتّى لا يبقى شيء غريب عنه، يصير نصف كيانه في كل حالات الحياة، فيترك أباه وأمّه ويلزم شريكه في عيلة.


 3.
إنجاب البنين وتربيتهم، «انموا واكثروا»: هي إرادة اللـه تلتحم مع إرادة الإنسان والحياة، ليتكاثر الجنس ويستمرّ فعل الخلق في الكون. من مهامّ الوالدين: توفير العطف والأمان، العناية والحماية، التربية والثقافة.إن تقبُّل الأولاد وتربيتهم هما من أهداف الاسرة الرئيسيّة، ينطلقان من منطق العطاء المتبادل المفتوح على الإنجاب والتجسّد.يأتي الطفل تعبير الحُبّ والاتّحاد، زهرة الحُبّ والثمر، وإكليل الأزواج المتبادل.

 هو عطاء الخالق للمخلوق، دعوته أن يكون شخصًا على مقدار الموهبة الممنوحة. ومن حقّه الإحاطة والعناية ، وهو حالة عدم الاكتمال، حالة الاكتساب والصيرورة، ينـزع إلى النمو والبلوغ، هو ربيع الحياة واستباق الآتي.

 بالطفل تبلغ حياة الأهل والأسرة معناها الإنسانيّ وتتحقّق الأبوّة والأمومة وتُثمر.
ولا غرابة أن يجعله السيّد المسيح، قبلة الملكوت. « دعوا الأَطفال يأتون إليّ»، «إن لم ترجعوا». ومن هنا واجب الاهتمام به والإصغاء إلى حاجاته وتربيته وتثقيفه لينمو بالقامة والنعمة والحكمة عند اللـه والناس. فأمم الأرض تنجب لمدينة الأرض، والكنيسة تربّي لمدينة الأرض والملكوت معًا.
يحتاج الطفل إلى الحُبّ والأمانة والمشاركة بين الزوجين ليتكوّن ويولد، ويبقى يحتاج إلى هذه العناصر لينمو ويتربّى وينضج.
أحشاء الأمّ تؤمّن للجنين المسكن والملبس والغذاء، وعلى أحشاء العيلة متابعة مشروع الحياة، ليتدرّج الطفل في بلوغ نضجه الشخصيّ والدخول في سرّ الملكوت

: ملكوت الحقّ والحياة، ملكوت القداسة والنعمة، ملكوت العدالة والمحبّة، ملكوت السلام والأخوّة، هو شوق البشريّة الدائم وهدف الخليقةمهمّ أن ننجب الأولاد للحياة، والأهمّ أن نؤمّن لهم حقوق الحياة: التربية والثقافة على الحُبّ، والانتماء إلى العيلة والوطن والكنيسة. نؤمّن لهم الحاجات الجسديّة والفكريّة والروحيّة. من واجب الوالدين الالتزام في تكوين شخصيّة أولادهم ومفاهيمهم وتوفير المناخ لنضوجهم وسعادتهم وخلاصهم.


 4.
المساعدة المتبادلة، «لا يحسن أن يبقى الإنسان وحده، قال اللـه بل اجعل له عونًا وشبيهًا به»؛ خلق له المعين: الرفيقة، الحبيبة والزوجة، الصديقة والشريكة، هي العون على الوحشة والعزلة وتحمّل مسؤوليات الحياة والهموم والمهام واحتمال صعوبات الحياة وضغوطاتها، قساوة المرض وعجز الشيخوخة.
إنّها رفيقة الجهاد، وأخت السلاح وشريكة الحياة والحليفة. إنّها نصف كيانه، يصير معها شخصًا واحدًا في لقاء الجسد والأفكار والقلوب. في شراكة الحُبّ والحقوق والحظوظ، يؤمّن لها ما تحتاج ويلزمها لتكون ذاتها وتمضي في تحقيق ذاتها حتّى النهاية، معًا يحقّقان دعوة صورة اللـه وأهداف الحياة. فالحُبّ والحياة شراكة، السعادة والمسؤوليّة شراكة مع آخر وانتماء وانتساب إلى آخر، حوار ولقاء مع آخر. وليس لسلطة في الأرض إلغاء قرار اللـه وتجاوز إرادته. تتجسّد هذه المساعدة والمعونة في وحدة الحياة والمصير، في السعة والضيق.


** 
مادّة سرّ الزواج: إنّ مادّة سرّ الزواج هي الزوجان الراضيان بتولية كلّ منهما للآخر على جسده.


** 
صورة سرّ الزواج: هي الكلمة الّتي تُحقِّق السرّ وتُكرِّس وتُقَدِّس وتُبارك الحُبّ، وتُعانق كلمة اللـه، وكلمة اللـه فعلٌ خالِق. هي نَعَم الرضى السريّة الفعّالة، كلمة الحُبِّ المُعلَن باللفظ الصريح أو العلامة، تتضمَّن معنى سرّ عهد المسيح مع البشريّة، بها يتحوَّل الزوجان إلى علامةٍ للوحدة والحُبّ بين اللـه والنوع البشريّ، بين المسيح والكنيسة.


** 
خادم السرّ: خادم السرّ هو عبارة عن مُباشرة عمل السرّ باسم المسيح، أيّ إنّه قائم مقامه؛ فالزواج هو السرّ الوحيد الّذي لا يمنحه الكاهن، بل العروسان الواحد للآخر. الكاهن هو شاهد من قبل الكنيسة.
رابعًا، مقوّمات سرّ الزواج الجوهريّة وركائزه:
الحُبّ ،الرضى، الأمانة، ديمومة الزواج، وحدة الزواج، العفّة في الزواج.

 


 
خامسًا، أزمات العائلة في العالم المعاصر ومخاطرها
تتعرّض العائلة المعاصرة لكثير من الافات والتحدّيات والمحن وأهمّها:
1.
الطلاق: وهو جحود وكفر برفيق العمر وشريك الحياة وإِعلان إفلاس العهود والعلاقات على ما تخلّف من الويلات والتبعات على الزوجين والمجتمع والأولاد.
يجعل الطلاق الأولاد يتامى والاهل على قيد الحياة، إنّه جرح العيال، والحُبّ هو الدواء مع الصلاة والنعمة واستئصال الأنانيّة والبخل. والعار أن لا يعرف الإنسان قيمة الآخر إِلاّ بعد فقده.
2.
الخيانة: هي تشيئ الآخر والانفصال والغربة عن الذات والآخر.هي محاولة تغييب الآخر وتهميشه، وتسجيل المكاسب للذات على حسابه، نتاجها الهزيمة والفشل في الأرض والسماء.
هي طعن بقدس أقداس الشخص الّذي نستبدله وكأنّه انتهى. هي سحق الأنت وتدميره وتهشيمه، وتحسيسه أنّه لم يعد يستحقّ أن نكون له، فنقطع العلاقة والارتباط.
وإذا كانت التكاليف بهذا الحجم والفعل جريمة، فما هي الفوائد والمحاصيل؟
3.
تعدّد الزوجات: هو نحر لكرامة الإنسان وقيمته وقداسته واغتصاب حقوقه.
4.
الحُبّ المدعو حرًّا: هو مشاعيّة الإنسان وفوضى الغرائز وسيادة الأنا، الّتي تلغي الآخر وتستعمله وتستغلّه. فالشهوة قوة عمياء يقودها الجنون.
5.
تجارة الأرحام والتعقيم المفتعل: وهي مؤامرة على الحياة في قدس أقداسها.
6.
اعتماد الوسائل الاصطناعيّة لمنع الولادة: هي ثأر البخل من الحياة. أمّا الحلّ فهو التوفيق بين الحُبّ والتناسل الواعي.
7. 
الإِجهاض: هو الاستقواء على عجز الطفولة الّتي حالفها اللـه. وعدوانيّة مجرمة على الحياة والرحمة في الارحام وتعدٍّ على اللـه في صورته.إنّها تهديد مباشر للحياة في الاشخاص والحضارة جمعاء، وترويج وتسويق لحضارة الموت. لقد صوّر العلماء الجنين وهو يتحرّك في بطن أمّه، وضبطوا ردّات فعله الجنونيّة وهو يهرب من المقصّ الّذي يُلاحقُه بقصد تمزيقه والقضاء عليه. وهذا ما حدا ببعض الأطبّاء إلى التوقّف عن إجراء عمليّات الإجهاض.
8.
الانحرافات الجنسيّة واللواط والسحاق وسفاح القربى (علاقة جنسيّة بين الأقارب) والدعارة والخلاعة: إنّها نحر الحُبّ وتعقيمه وتخريب الطبيعة البشريّة ونواميسها في الذات والمهمّة.
9. 
انتشار حضارة النفعيّة والإنتاج والإمتاع: حيث يستخدم الأَشخاص كما الأشياء على حساب الحرّيّة في عطاء الذات للآخرين.
10-
صرعات زواج الرفقة وزواج الاختبار: زواج آخر الأسبوع وتجارة الأجساد في أسواق العَرض والطلب…: ويبقى السؤال العنيد هل هذا ما تبتغيه المرأة، وجوابها على التحدّي والتهميش والاستغلال والإغراء المشبوه. وهي المُطالبة بالحقوق والكرامة؟
11.
البطالة والعوز: هما من المخاطر الّتي تؤزّم الحياة الزوجيّة وترهقها وتُشغل عنها. فضلاً عن تزايد الجبهات على الإيمان والالتزام بالقيم في المطارح والقطاعات.
إنّ هذه الآفات الهاجمة على الإنسان وإنسانيّته سببها: ابتعاد العائلة عن المسيح مصدر حياتها وحُبّها والاساس. ومن هنا وجوب العودة إليه لتصحيح النظرة إلى الآخر، وسرّ الشخص، للتنبّه إلى مستوى القيم الاخلاقيّة والحفاظ على التوافق بين إرادة اللـه ورغبات الطبيعة البشريّة وتطلّعاتها.
ففي أحضان العائلة يتجلّى الحُبّ وتخدم الحياة. تعاش القيم والفضائل وتتجسّد مجانيّة العطاء بالضيافة واللقاء والحوار، بالخدمة والتضامن، بالأخوّة والسلام وتتسم العلاقات بالاحترام والعدالة، ويبنى مجتمع أكثر إنسانيّة، وينمو أنسان أكثر إتّزانًا وتوازنًا في أبعاده ووظائفه.
12.
الاختبارات على الأجنّة والاستنساخ وتحديد النسل: إنّها مؤامرة على الحياة وتعدٍّ عليها وتحدٍّ لها. وعلى العيلة الدفاع عنها والعناية بها وإنصافها.


سادسًا، ملاحظات حول مسبّبات الفشل في الحياة الزوجيّة وتعزيز النجاح
1-
محورة الحياة على الأنا وعدم العبور من الأنا إلى الأنت ومن الأنا والأنت إلى النحن.
2-
عدم العبور من حالة العذوبيّة والمُراهقة إلى حالة النُضج و    الأبوّة والأمومة بالمسؤوليّة والمُشاركة وحسّ الآخر والاهتمام به والإصغاء إليه والتعاطف معه.
3-
تشييئ الآخر واستعماله كوسيلة للذّة الذاتيّة على حساب كرامته وحرّيّته كشخص كامل الحقوق والصفات، وعدم العبور من الغريزة إلى الحُبّ.
4-
البُخل بالأشياء وبالذات.
5-
السماح بالتدخّلات الخارجيّة في سرّ العيلة والخصوصيّات، والإصغاء إليها والمهادنة في قرار العيلة الداخليّ.
6-
الإهمال والكَسَل في المسؤوليّات وعدم الاهتمام في تأمين المهام داخل البيت وخارجه.
7-
الإهمال بالشكل والنظافة في الذات والثياب والبيت.
ما يعزّز الألفة العائليّة وحمايتها من الأخطار،


أ- وجوب تجديد العهود في ذكرى الزواج بخلوة صلاة وتقييم وتحديد مكامن النجاح والفشل وأخذ المقاصد والمقرّرات المطلوبة.
ب- ممارسة الأسرار بانتظام والصلاة العائليّة اليوميّة ولو للحظات وتعيين مرشد صديق يُرجع إليه عند الحاجة.
ج-  تكريس وتخصيص وقت يوميّ لتلاقي الأزواج والحوار والتشاور وتبادل الآراء والإصغاء معًا لتساؤلات الأولاد والعيش معهم.
سابعًا، طقوس الزواج
لقد تبنّى الزواج المسيحيّ كلَّ الطقوس والمراسيم والرموز الّتي واكبت احتفال الإِكليل، في الحضارات القديمة، وضمّنها أبعادًا روحيّة     مسيحيّة جديدة:
-
النقاب أو الطرحة.
-
ضمّ اليدين على الإنجيل المقدّس، يرمز إلى التضامن والتعاون.
-
تبادل الخواتم أو المحابس.                           - تكليل العروسين.
-
الشرب من كأس الخمر المشتركة.               - الخميرة.
-
القبلة المتبادلة.                                          - توقيع السجل.
-
رعاية الإشبينين.                                        - صلاة المشاركين.
وكلّها تشير إلى الرضى المتبادل والعهد القائم والاتّحاد السرّيّ.
وللمزيد من الإيضاح، نركّز على ما يلي:


 1. الخواتم: ترمز الخواتم بشكلها المستدير إلى الكمال ويدلّ استعمالها في الإصبع على العلاقة والارتباط، على الانتماء إلى حالة معيّنة أو الالتزام بمسؤوليّة أو بشخص من قِبَل العهد أو النذر. ترمز إلى العطاء التّام نفسًا وجسدًا مدى الحياة، وعلامة الحُبّ والأمانة والقداسة.


 2.  الأكاليل : كانت الاكاليل تصنع من زهور المواسم أو أغصان الشجر والمعادن وتوضع على الرأس، إشارة إلى سموّ الشخص أو للتكريس أو التدليل على الأنتصار. وقد صار مرادفًا للملكيّة.
مع المسيحيّة صارت الاكاليل رمزًا لانتصار العروسين بعد انتظار. إنّه تكليل وتتويج لكلّ من العروسين ملكًا على قلب الآخر ومملكة العيلة الجديد بالمجد والكرامة. كما أنه تذكير بتسليط اللـه للإنسان على الخليقة «أخضعوا الأرض»، ورمز إلى المكافأة على صيانة النفس بالعفّة والمسؤوليّة عن العيلة.


 3. النقاب أو الطرحة: هو قطعة قماش شفّاف تحجب وجه المرأة المتزوّجة، علامة لتحرّرها وكونها لم تعد برسم الزواج. وصارت، في ما بعد، عنصر زينة من عناصر بدلة العروس.


 4. الخميرة: تحملها الحماة للكنّة عند دخولها إلى البيت، فتلصقها على العتبة. وهي رمز اندماج العروس في البيت الجديد كاندماج واتّحاد الخميرة في العجين.فالخميرة تحوّل العجين إليها وتتحوّل إليه، كما تعبّر في التقاليد والعادات المشرقيّة عن الرغبة في الخصب وإنجاب البنين.


 5. الإشبينان: هما الذاكرة الحيّة، تُسجِّل حدث العهد والزواج وترعاه، هما يمثّلان الجماعة بحضورهما ويشهدان رسميًّا على الارتباط وكلمة النَعَم الجوهريّة.                             كليـــل مُبـــارك بالسَعدِ والبنين



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +