Skip to Content

17- الفصل الثالث: الحياة لي، هي المسيح - جنود مريم

 

     الفصل الثالث: الحياة لي، هي المسيح

Click to view full size image

     الورديّة، طريق استيعاب السرّ: إنّ التأمّل في أسرار المسيح تعرضها الورديّة بطريقة مميّزة، جديرة طبيعيًّا بأن تسهّل استيعابها. إنّها طريقة مؤسّسة على التكرار.

يطبَّق ذلك قبل الكلّ على السلام عليك يا مريم، تكرَّر عشر مرّات في كلّ سرّ. إن اكتفينا بهذا التكرار بشكل سطحيّ، قد يصيبنا ألاّ نرى في الورديّة سوى ممارسة جافّة ومملّة. بالعكس، يمكن أن نعتبر المسبحة بشكل آخر، إن نظرنا إليها كتعبير عن هذا الحبّ الذي لا يملّ في التوجّه نحو الشخص المحبوب بعواطف، هي، وإن كانت دومًا متشابهة في ظاهرها، جديدة دائمًا بالشعور الذي يُنعشها...

     ...هنالك شيءٌ واضح: إذا كان تكرار السلام عليك يا مريم يوجَّه مباشرة إلى مريم، فبالنهاية، معها وبها يوجّه إلى يسوع فعل الحبّ. إنّ التكرار يتغذّى من الرغبة في أن نكون دومًا أكثر مطابقة للمسيح، ذلك هو "برنامج" الحياة المسيحيّة الحقّ...

     ...الورديّة ليست فقط طريقة للتأمّل. فكون المسبحة طريقة، يجب استعمالها بعلاقة مع غايتها الخاصّة ولا يمكن أن تكون هدفًا بحدّ ذاتها... يهدف ضمّ سلسلة جديدة من أسرار النور، في حلقة الأسرار، وكذلك بعض الاقتراحات المتعلّقة بتلاوة الورديّة، التي تعرضها الرسالة الحاضرة. بهذه الأسرار، مع احترام البنية الثابتة لهذه الصلاة، أودّ مساعدة المؤمنين على فهمها في نواحيها الرمزيّة، بالانسجام مع متطلّبات الحياة اليوميّة.

بدون ذلك نتعرّض لخطر ليس فقط بأن لا تأتي الورديّة بالنتائج الروحيّة المرتجاة، بل إنّ المسبحة ذاتها، التي تعوّدنا تلاوتها بها، تصبح كتعويذة أو كأداة سحريّة، تناقض جذريًّا معناها ووظيفتها.

     المسبحة: المسبحة هي الأداة التقليديّة لتلاوة الورديّة. إنّ ممارسة جدّ سطحيّة تؤدّي إلى اعتبارها غالبًا كمجرّد أداة تستعمل لعدّ تتابع السلام عليك يا مريم. ولكنّها تريد أيضًا أن تعبّر عن رمزيّة يمكنها أن تهب معنى جديدًا للتأمل.

     بهذا الخصوص، يجب قبل كلّ التنويه بأنّ المسبحة تفضي إلى المصلوب... 

     الخاتمة: "ورديّة مريم المقدّسة، السلسلة العذبة التي تصلنا بالله":

     ما قيل إلى الآن يعبّر بشكل مستفيض عن غنى هذه الصلاة التقليديّة، التي لها بساطة صلاة شعبيّة، بل أيضًا العمق اللاهوتي لصلاة توافق الذين يدركون فريضة تأمّل أكثر نضجًا. لقد اعترفت الكنيسة دائمًا لهذه الصلاة بفعاليّة خاصّة، موكلة إليها الحالات الأصعب في أثناء تلاوتها الجماعيّة وفي ممارستها الدائمة.

في ظروف كانت المسيحيّة نفسها مهدّدة، عُزي إلى قوّة هذه الصلاة إبعاد الخطر، ونودي بسيّدة الورديّة كواهبة للخلاص. اليوم، كما نوّهت بذلك في البداية، أُوكل بطيبة خاطر إلى فعاليّة هذه الصلاة قضيّة السلام في العالم والسلام في الأسرة.

     السلام: ...الورديّة هي صلاة موجّهة بطبيعتها نحو السلام، لمجرّد، أنّها تأمل في المسيح، أمير السلام و"سلامنا" (أف 14، 2). الورديّة هي أيضًا صلاة سلام بفضل ثمار المحبّة التي يحدثها...

     الأسرة: الوالدون...: الورديّة صلاة من أجل السلام، وهي أيضًا، منذ البدء، صلاة الأسرة ومن أجل الأسرة. ويجب أن تُعاود الصلاة في الأسرة، والصلاة من أجل الأسر، باستخدام هذا الشكل من الصلاة... الأسَر التي تتّحد في الصلاة تبقى موحّدة...

     الورديّة، كنـز علينا اكتشافه من جديد: أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء! إنّ صلاة سهلة إلى هذا الحدّ، وفي الوقت عينه، بمثل هذا الغنى، تستحقّ أن تعيد الجماعة المسيحيّة اكتشافها. فلنقم بهذا العمل بخاصّة هذه السنة، مستقبلين هذا العرض كتثبيت للخط الذي رسَمته الرسالة الحبريّة نحو ألفيّة جديدة، التي استوحت منها عدّة كنائس خاصّة لوضع مشارعيها الرعائيّة وتخطيط التزاماتها في مستقبل قريب.

أتوجّه إليكم خاصّة، أيّها الإخوة في الأسقفيّة، والكهنة والشمامسة وإليكم أنتم أيضًا، أيّها العاملون الراعويّون الملتزمون في مختلف الخدمات، كي تصيروا باختباركم الشخصيّ جمال الورديّة، دعاةً لها ناشطين.

     أتكل عليكم أيضًا، أيّها اللاهوتيّون، كي تجعلوا المؤمنين، بقيامكم بتفكير سديد وحكيم في آن معًا، متأصّل في كلمة الله يحياه الشعب المسيحيّ، يكتشفون الأسس البيبليّة والكنوز الروحيّة والقيمة الرعائيّة لهذه الصلاة التقليديّة.

     أتّكل عليكم، أيّها المكرّسون، الرجال والنساء، المدعوّون بصفة خاصّة إلى تأمل وجه المسيح في مدرسة مريم.

     أتوجّه إليكم، أيّها الإخوة والأخوات من كلّ طبقة [من طبقات المجتمع]، إليكم أيتها الأسَر المسحييّة، إليكم أيها المرضى والمسنّون، إليكم أيها الشباب: خذوا بثقة المسبحة بين أيديكم، أعيدوا اكتشافها على ضوء الكتاب بتناغم مع الليتورجيا، في إطار حياتكم اليوميّة.

     لا تدعوا ندائي يبقى حبرًا على ورق! في بداية السنة الخامسة والعشرين لحبريتي، أضع هذه الرسالة الرسوليّة بين يدَي العذراء مريم الحكيمتين، منحنيًا روحيًّا أمام صورتها في المزار الرائع الذي شيّده على اسمها الطوباوي بارتولو لونغو، رسول الورديّة. وأتبنّى بطيبة خاطر الكلمات المؤثّرة التي بها يختم الصلاة الشهريّة ملكة الورديّة:

     "أيّتها الورديّة التي باركَتْها مريم، أيّتها السلسلة العذبة التي تصلنا بالله، يا رباط الحبّ الذي يوحّدنا بالملائكة، يا برج الحكمة تجاه هجمات الجحيم، يا ميناء الطمأنينة في الغرق العام، لن نتركك أبدًا. سوف تكونين عزاءنا في ساعة النـزاع. لكِ آخر قبلة في الحياة التي تنطفئ. وآخر لفظة على شفاهنا يكون اسمك العذب، يا ملكة ورديّة بومباي، يا أمّنا الأعزّ، يا ملجأ الخطأة، يا معزيّة الحزانى العظيمة. تباركتِ في كلّ مكان، اليوم ودائمًا على الأرض وفي السماء".


الفاتيكان، في 13 تشرين الأوّل 2002

بدء السنة الخامسة والعشرين لحبريتي

                                                                        + يوحنّا بولس الثاني

الفصل الأوّل: الورديّة ، صلاة تأمّليّة

الفصل الثاني: أسرار المسيح  أسرار أمّه

الفصل الثالث: الحياة لي، هي المسيح

 

جمعيّة "جنود مريم"

 

 

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +