Skip to Content

احد الكهنة 2007 - الامانة والحكمة في ممارسة السلطة - المطران بشارة الراعي

  الاحد 28 كانون الثاني 2007

احد الكهنة

الامانة والحكمة في ممارسة السلطة

 Click to view full size image

من انجيل القديس لوقا 12/42-48

 " من تُراه الوكيل الأمين الحكيم الذي يُقيمه سيّده على خدمه ليعطيهم حصتهم من الطعام في حينها؟ طوبى لذلك العبد الذي، متى جاء سيّده، يجده فاعلاً هكذا! حقاً أقول لكم: إنه يُقيمه على جميع مقتنايته. أما إذا قال ذلك العبد في قلبه: سيتأخر سيدي في مجيئه، وبدأ يضرب الغلمان والجواري، يأكل ويشرب ويسكر، يجيء سيّد ذلك العبد في يوم لا ينتظره، وفي ساعة لا يعرفها، فيفصله، ويجعل نصيبه مع الكُافرين. فذلك العبد الذي عرف مشيئة سيده، وما اعد شيئاً، ولا عمل بمشيئة سيده، يضرب ضرباً كثيراً. أما العبد الذي ما عرف مشيئة سيده، وعمل ما يستوجب الضرب، فيضرب ضرباً قليلاً. ومن أعطي كثيراً يُطلب منه الكثير، ومن اؤتمن على الكثير يُطالب بأكثر".

 

**

 

 

تبدأ مع هذا الاحد اسابيع التذكارات الثلاثة: تذكار الكهنة، الابرار والصديقين، والموتى المؤمنين، الذين سبقونا الى بيت الآب. التذكار يعني ذكرهم بالصلاة تشفعاً واستشفاعاً، والاقتداء بمثلهم. اما التذكار بامتياز فنجده في سرّ الافخارستيا: عندما نحتفل بالقداس، نحيي تذكار موت المسيح وقيامته، بحيث تتحقق الآن عملية فدائنا اعني استمرارية موته  على الصليب فداءً عنا، وقيامته من بين الاموات لتبريرنا، واستمرارية وليمة جسده ودمه في العشاء الفصحي للحياة الالهية التي تجري فينا ( الرسالة العامة للبابا يوحنا بولس الثاني " الكنيسة من الافخارستيا،11 و12)؛ في اطار هذا التذكار نذكر كل ابناء الكنيسة وبناتها الاحياء والاموات.

        انجيل اليوم ينطبق على الكهنة المقامين في الدرجة المقدسة وعلى جميع المعمدين الذين اصبحوا منتمين الى الكهنوت العام، وعلى كل مسؤول في الاسرة والمجتمع والوطن. انه انجيل الامانة للمسؤولية والحكمة في السلطة: " من تراه الوكيل الامين الحكيم" (لو12/42). يأتي كلام الرب يسوع في معرض الحديث عن السهر لبناء ملكوت الله في مدينة الارض، وهو ملكوت المحبة والعدل والخدمة والاخاء: " لا تخف ايها القطيع الصغير، فقد سرّ ابوكم ان يعطيكم الملكوت" (لو12/32)، ويدعو الى الاهتمام بشأن هذا الملكوت كغاية، نسعى اليها عبر تأمين حاجات الحياة في هذه الدنيا: " اطلبوا اولاً ملكوت الله وبره والباقي يزاد لكم" (لو12/31).

                                                                    

1.     الكاهن

 

الكاهن في الكنيسة رجل ائتمنه الرب يسوع على اعلان الانجيل بالكرازة والتعليم (الخدمة النبوية اوالتعليم)، وعلى توزيع النعمة الالهية والحياة الجديدة بالاحتفال باسرار الخلاص واحياء العبادة الالهية (الخدمة الكهنوتية او التقديس)، وعلى بناء جماعة المحبة والمصالحة والتضامن (الخدمة الملوكية او التدبير). يؤدي الكاهن هذه الخدمة المثلثة بشخص المسيح وباسمه، هو الذي اشركه بكهنوته ووكّله  على اسرار الله (1كور4/1). عليه ان يكون " الوكيل الامين الحكيم": بوصفه وكيلاً  يصنع ما صنع المسيح، ويمارس السلطات نفسها، فهو خادم ليسوع المسيح، وبه ومعه ومن اجله يصبح خادم الناس". ومطلوب من الوكيل ان يكون اميناً لشخص المسيح الذي يمثله، فبقدر ما يكون الكاهن مرتبطاً بالمسيح يكون قادراً على خدمة الجميع؛ وكيل حكيم ينظر من منظار المسيح الى حاجات الذين اوكلوا الى خدمته، وهم بنو بيت الله، ليعطيهم في حينه طعام الكلمة والنعمة والمحبة. الامانة والحكمة لا تنفصلان عن كيان الكاهن المكرّس للخدمة ( مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك: رسالة راعوية الى الكهنة، 10).

الكهنوت مسؤولية يؤدي عنها الكاهن حساباً امام الله: " فمن استودع كثيراً يُطلب منه اكثر مما في يده" ( لو12/48). اما اهمال الخدمة فيستوجب القصاص: " اما الخادم الذي يعرف مشيئة سيده، ولم يهيء له بحسب مشيئته يضرب كثيراً" ( لو12/47). روح الخدمة الكهنوتية المحبة الراعوية. ليس الكاهن مجرد موظف، ولا يمكن تقليص خدمته الى نواحيها الوظيفية والطقوسية.

ان مهمته الاساسية رعاية الايمان في نفوس الناس: يثقف الايمان ويربيه في المؤمنين بالتعليم والعمل الكرازي في رعيته؛ يزور كأب جميع ابناء رعيته في بيوتهم ويلتقيهم في واقع حياتهم الزوجية والعائلية والاجتماعية؛

يحيط اسرار الخلاص، ولاسيما المعمودية والقربان والزواج، بعمل راعوي تحضيري وتثقيفي وادائي يساعد على ادراك معانيها في حياة المؤمنين، فلا يكون السّر مجرد عادة اجتماعية، بل يكون عملاً ايمانياً ينال منه المؤمن ثماره الروحية.

ويدرك ما للعلمانيين من دور في حياة الكنيسة ورسالتها، فيشجع ويبارك كل المواهب والوظائف التي يوزعها الروح على المؤمنين لبناء الكنيسة، ويوليهم الثقة الكافية ويحمّلهم المسؤوليات اللازمة في خدمة الكنيسة بمقدار ما عندهم من خبرة ومعرفة وغيرة، من خلال المجلس الرعائي والهيكليات القانونية والمنظمات الرسولية، تحقيقاً للشركة في الايمان والرسالة.

 يعتبران الفقراء والصغار هم في عهدته بصورة خاصة، فيحوطهم بالعناية والمحبة ويكشف لهم عن قيمة حالتهم في سرّ آلام المسيح، ويعمل جاهداً مع ابناء رعيته على الاهتمام بهم وتقديم العون المادي والروحي والمعنوي لهم واخراجهم من فاقتهم، " هم الذين لبسوا وجه المسيح وأضحوا احباء الله"؛ يعتبر نفسه خادماً لجميع الناس ولكل انسان في رعيته، اياً كان دينه او طائفته او انتماءاته الاجتماعية او السياسية، ذلك ان محبة الله ترسله الى كل من يلتقيه من خلال يومه وعمله، ليكون اداة نعمة الله للجميع؛ يجتهد في بناء السلام والاستقرار في محيطه، فخدمته تشمل الشأن العام ايضاًَ في كل ما يؤمّن حقوق الانسان والاستقرار السياسي والعدل والسلام.

 كل هذه المسؤوليات التي يحملها الكاهن تستمد حافزها وقوتها من " المحبة الراعوية" على مثال السيد المسيح، الكاهن الاسمى والراعي الصالح الذي  "يبذل حياته في سبيل الخراف" (يو10/11؛ راجع رسالة البطاركة الى الكهنة،30-41).

 

2.     المعمدون العلمانيون

 

المسيحيون العائشون في العالم مؤتمنون هم ايضاً على "طعام المسيح  كوكلاء يعطونه لبني بيت الله": فبفضل المعمودية اتحدوا بالمسيح واقيموا شعباً لله، وجُعلوا شركاء في وظائف المسيح النبوية والكهنوتية والملوكية ( هوية الوكيل)، دعوا، حسب حالة كل واحد منهم لقبول الكلمة والنعمة والمحبة، والشهادة لها في محيطهم بالمسلك والقول والمبادرات، وهي رسالة اسندها الله الى الكنيسة لاتمامها في العالم ( خدمة الوكيل). من هذه الهوية والخدمة تتحدر حقوق وواجبات تشكل مسؤولية المؤمنين المسيحيين العائشين في العالم يمارسونها في الكنيسة-السر، والكنيسة-الشركة، والكنيسة- الرسالة.

أ- في الكنيسة ? السر، لهم حق الاتحاد بالله، وعليهم واجب السعي الى هذا الاتحاد وعيشه من خلال سماع كلام الله وحفظ وصاياه، والمصالحة معه بتوبة القلب، والاغتذاء بجسد الرب ودمه، والصلاة الشخصية والجماعية. هذا على صعيد الهوية والكيان. اما على صعيد الرسالة، فالواجب هو المساهمة في بناء الكنيسة، جسد المسيح السري، من خلال سعيهم الى الكمال المسيحي ليبلغوا مقدار قامة المسيح (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية،2045).

ب- في الكنيسة الشركة، لهم الحق في الانتماء الكامل اليها، وعليهم واجب المحافظة على الشركة بالمسلك الملائم للحالة المسيحية من خلال معرفة العقيدة، والعيش الخلقي بموجب حقائق الايمان، بطرح السؤال الدائم: بماذا اؤمن؟ وماذا يجب ان اعمل؟

ج- في الكنيسة ?الرسالة، لهم الحق وعليهم الواجب بالمشاركة في رسالة الخلاص، والقيام بها تجاه جميع الناس من كل زمان ومكان. هو حق اولاهم اياه الرب يسوع بحكم مسحة المعمودية، لا ينتزعه منهم احد، وواجب ملزمون به لا يمكنهم التخلي عنه ( راجع القوانين 12،13،14،406).

ان المسيحيين العائشين في العالم موكلّون هم ايضاً، بحكم اندماجهم في الكهنوت العام، على الرسالة المنوطة بكل الشعب المسيحي وهي ان يبثوا الروح الانجيلية في النظام الزمني اي في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والاداري والثقافي، كما وفي الحياة الزوجية والعائلية وتربية الاولاد. وبهذا يؤدون خدمة حقيقية للانسان والمجتمع الوطني (الدستور العقائدي في الكنيسة،31؛ رجاء جديد للبنان، 112). عليهم ان يتصفوا بالامانة والحكمة، لكونهم " في الخط الامامي من حياة الكنيسة، التي تصبح بواسطتهم العنصر الحيوي في بنية المجتمع البشري. وبالتالي لا ينتسبون فقط الى الكنيسة، بل هم الكنيسة (البابا بيوس الثاني عشر، راجع العلمانيون المؤمنون بالمسيح،9).

 

3.     رجال السياسة: خدمة الخير العام وقضية السلام

 

رجال السياسة هم الوكلاء بامتياز الذين اوكل الله اليهم ان يعطوا " الطعام لبني بيته"، على المستوى الزمني.

انهم وكلاء الله، " لان لا سلطة إلاّ من الله:  والسلطات القائمة هي الذي وضعها لخدمة الخير" (روم13/1-3). ولكن اذا تجاوزت السلطة السياسية حدودها، وانتهجت سياسة الظلم والكيد والاستبداد والتسلط والاستضعاف وتغليب المصالح الخاصة على الصالح العام، فيحق للمواطن اعتراض الضمير، لان " الطاعة لله اولى من الطاعة للناس" ( اعمال5/29).

الطعام المؤتمنون عليه هو الخير العام الذي من اجله وُجدت السلطة السياسية، وهو مبرر وجودها. انه يشمل مجمل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوطنية والخلقية التي تمكّن الناس والعائلات والمجموعات من تحقيق ذواتهم تحقيقاً أكمل (الكنيسة في عالم اليوم، 74). وتؤمّن هذه الاوضاع من خلال مهام ثلاث: تنظيم الحياة العامة في مقتضياتها اليومية في خدمة العدالة التي تخلق اوضاع مساواة وتكافؤ فرص بين المواطنين، وتعمل على ألا يصبح الاغنياء اكثر غنى والفقراء اكثر فقراً؛ وفي تعزيز التضامن الذي ينتصر على انانية الاشخاص والدول ( البابا يوحنا بولس الثاني، خطاب الى البرلمانيين ورؤساء الحكومات، 10/11/2000). وتنظيم الدولة ? داخياً، بحسن الادارة وتنقيتها من الفساد ووضع المخططات في ميادين الاقتصاد والاجتماع والتشريع والثقافة الرامية الى تأمين حقوق المواطنين الاساسية، وخارجياً بابرام اتفاقات مع الدول توفر مصالح البلاد وشعبه. وتعزيز محبة الوطن بالمحافظة على قيمه وتراثه وكرامة شعبه، وعلى سيادته واستقلاله وحرية قراره، وبتحقيق امال ابنائه وتطلعاتهم وازالة هواجسهم ودرء ما يتهددهم من اخطار.

يخون رجال السياسة وكالتهم والله سيدهم كل مرة يجعلون السياسة، هذا الفن الشريف، مجرد وسيلة لتأمين المصالح الخاصة على حساب الصالح العام، ولبلوغ غايات انتخابية وكسب الانصار والاحتفاظ  بالسلطة واختلاس اموال الدولة،  وما هو أسوأ  (المرجع نفسه، 4).

ان وكالتهم معطاة لهم من السيد المسيح " امير السلام" (اشعيا9/6)، لكي يخدموا قضية السلام من خلال توجيه أفكارهم وعنايتهم وقواهم لتعزيز الخير العام للجميع. فبدونه يكون السلام كلمة جوفاء. ولا سلام يبلغ اليه العمل السياسي ما لم يكن مؤسساً على الحقيقة، ومستنيراً بمبادىء العدالة، ومنطقياً بروح المحبة، ومتمماً بحرية (البابا يوحنا الثالث والعشرون: السلام على الارض،167).

 

***

ثانياً،  ختام اسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين

 

في هذا الاسبوع يقع عيد ارتداد بولس الرسول (25 كانون الثاني)، وفيه اختتام اسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين.

كان ارتداد شاول الى المسيحية سنة 43 عندما أبرق حوله  نور من السماء اسقطه ارضاً، وسمع صوتاً يقول له: شاول شاول، لماذا تضطهدني؟ فقال له: من انت؟ فاجاب: انا يسوع الذي انت تضطهده، وكان شاول متوجهاً الى دمشق ليسوق موثقين الى اورشليم اتباع يسوع المسيح. فتحوّل شاول من مضطهد للكنيسة الى بولس رسول يسوع المسيح ( اعمال الرسل 9/1-22).

بدأ اسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين في الثلاثينات من القرن الماضي اي منذ سبعين سنة مع الآب بول Couturier) الفرنسي في ليون، بنتيجة الحوار المسكوني الذي قاده الكردينال Mercier رئيس اساقفة Malines-Bruxelles، بتشجيع من البابا بيوس الحادي عشر. من اجل وحدة المسيحيين ترك الكردينال Mercier هذه الوصية اروحية التي تبقى الاساس للصلاة والعمل المسكوني: "لكي نتوحّد يجب ان نتحاب، ولكي نتحاب يجب ان نتعارف، ولكي نتعارف يجب ان نذهب الى ملاقاة الواحد الآخر".

تجدر الاشارة ان مبادرة الصلاة من اجل وحدة المسيحيين بدأها سنة 1908، في عهد البابا بيوس العاشر ابوان من الكنيسة الانغليكانية، هما سبنسر جونس ولوي-بول واتسون.

في سنة 1948 أُنشىء مجلس الكنائس العالمي في امستردام. وسنة 1960 اسس البابا يوحنا الثالث والعشرون امانة سرّ وحدة المسيحيين في الكوريا الرومانية. وفي سنة 1961 شارك اول مراقبين كاثوليك في اعمال مجمع الكنائس العالمي في اجتماع نيو دلهي. وجاءت وثيقة المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني " القرار في الحركة المسكونية" في 21 تشرين الثاني 1964، الذي استُهل بهذه الكلمات: " ان العمل على اعادة الوحدة بين جميع المسيحيين هو احدى الغايات الرئيسية للمجمع المقدس المسكوني الفاتيكاني الثاني. وفي 25 اذار 1993 اصدر المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين " الدليل  لتطبيق المبادىء والقواعد حول الحركة المسكونية" وهو معرف " بالدليل المسكوني" الذي وُضع نصه الاول سنة 1970، واعيد النظر فيه بالدليل الحالي بعد صدور مجلة الحق القانوني للكنيسة اللاتينية (1983)، ومجموعة قوانين الكنائس الشرقية (1990)، وكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية (1992).

نشكر الله على ما تمَّ انجازه بشأن الحوار اللاهوتي المسكوني على مستوى الشرق الاوسط، فنذكر:

1971: الاتفاق الكريستولوجي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة السريانية الارثوذكسية الذي وقعه البابا بولس السادس والبطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث. ثم توسع فيه سنة 1984 البابا يوحنا بولس الثاني والبطريرك مار اغناطيوس زكا الاول عيواص.

1973: الحوار اللاهوتي الرسمي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الارثوذكسية بعد زيارة البابا شنوده الثالث الى الفاتيكان.

1993: وثيقة اللجنة المشتركة الدولية للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الروم الارثوذكسية في ختام اجتماع دير البلمند. وفيها مبادىء اكليزيولوجية وقواعد راعوية.

1994: الاعلان الكريستولوجي المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الاشورية الموقّع من البابا يوحنا بولس الثاني والبطريرك مار دنخا الرابع.

1996: الاعلان المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الارمنية الارثوذكسية، الموقّع من البابا يوحنا بولس الثاني والكاثوليكوس كاريكين الاول.

ولا بدّ من التنويه بالحوار الجاري في اطار مجلس كنائس الشرق الاوسط، وقد وضعت دراسات وابحاث حول اربعة مواضيع: لغة عربية مشتركة لسرّي الثالوث الاقدس والتجسّد؛ انبثاق الروح القدس من الآب والابن؛ قانون الايمان النيقاوي- القسطنطيني؛ والنص الموحّد للصلاة الربية " الابانا".

***

 

 

ثالثاً، الخطة الراعوية

 

تواصل الخطة الراعوية في هذا الاسبوع التفكير معاً حول ما جاء في النص الثاني من نصوص المجمع البطريركي الماروني، وهو بعنوان: هوية الكنيسة المارونية ودعوتها ورسالتها، وبوجه التحديد العنصر الخامس المكّون للهوية وهو ان الكنيسة المارونية في  شركة تامة مع الكرسي الرسولي الروماني.

 

1. الكنيسة المارونية منذ نشأتها " جماعة خلقيدونية"، ومنذ تكوينها كنيسة بطريركية في اواخر القرن السابع واوائل القرن الثامن، كانت متحدة اتحاداً تاماً بكرسي روما حول شخص خليفة بطرس ونائب السيد المسيح. وحافظت على هذا التقليد حتى يومنا، بفضل استقلاليتها وابتعادها عن النزاعات اللاهوتية بين اللاتين واليونان حول طبيعة الكنيسة وبنيتها التي ادّت الى الانشقاق الكبير سنة 1054، وبفضل ايمانها بسرّ التجسّد وفق الصيغة الخلقيدونية ( فقرة 29).

تسعى الخطة الراعوية الى ايقاظ الوعي لما للكنيسة المارونية من دور مسكوني، بحكم حالة الشركة مع الكرسي الرسولي الروماني والتراث الانطاكي المشترك، في سبيل استعادة الوحدة في الكنيسة الجامعة من خلال الشركة التامة بين الكنائس ( فقرة 30). وتفكر الجماعات الرعوية في مبادرات لتنشيط العمل المسكوني على مستوى الصلاة معاً افردياً وعمومياً، والتعارف، والشهادة للايمان المسيحي، والتعاون في الحقل الاجتماعي والانمائي والثقافي والخلقي ( راجع القرار في الحركة المسكونية، 12؛ والدليل المسكوني، 5).

 

2. كان للشركة التامة  بين الكنيسة المارونية والكنيسة الرومانية آثار ايجابية مهمة ساعدتها على تأدية رسالتها في محيطها بحيوية وفعالية. تسعى الخطة الراعوية الى اكتشاف هذه الآثار في ضوء النص المجمعي:

أ- الانفتاح على الغرب والافادة من مقدراته العلمية والفكرية منذ تأسيس مدرسة روما سنة 1584، لتعريف الغرب على الشرق ولتعزيز النهضة الثقافية في الشرق.

ب- بلورة هوية لبنان الفريدة القائمة على التعددية الثقافية ( فقرة 31).

ج- الاستفادة من المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي يشكّل ربيع الكنيسة، لاطلاق ورشة التجديد في كنيستنا على مختلف الاصعدة. وقد ساعد عليها بالاكثر السينودس من اجل لبنان في الارشاد الرسولي " رجاء جديد للبنان"، والمجمنع البطريركي الماروني (فقرة 33).

تقتضي الخطة الراعوية، في ضوء هذه الاحداث الكنسية الثلاثة، رسم خطة لرسالة كنيستنا في لبنان، والعالم العربي، مع تحديد تطلعاتها.

د- ولما كان المجمع الفاتيكاني الثاني قد تعمّق في المفهوم اللاهوتي للكنيسة- الشركة، مستعيداً التقليد البيبلي والآبائي المشترك بين الشرق والغرب في الالفية الاولى، تقتضي الخطة الراعوية تعزيز الحوار والتعاون بين الكنائس الكاثوليكية ومع الكرسي الرسولي من اجل خدمة رسولية اشمل وانجح (الفقرة 34).

 

 

***

 

 

صلاة

 

 نصلي مع الرب يسوع:

" ايها الآب القدوس، ان الذين وهبتهم لي، قد وهبتهم المجد الذي اعطيتني، ليكونوا واحداً كما نحن واحد. انا فيهم وانت فيّ، ليكونوا كاملين لواحد، ليعلم العالم انك انت ارسلتني، وانك أحببتهم كما احببتني. ايها الآب اريد ان يكون الذين وهبتهم لي هم ايضاً معي، حيث أكون ليشاهدوا مجدي الذي وهبتنيه. لقد عرّفتهم اسمك وسأُعرفّهم ايضاً، حتى ان ذاك الحب الذي احببتنيه يكون فيهم، واكون انا فيهم. آمين ( يوحنا 17).

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +