Skip to Content

وستعرفون الحق و الحق يحرركم الفصل(23) الظلم الإجتماعي



وستعرفون الحق والحق يحرركم

 


untitled.jpg


الفصل الثالث والعشرون:
الظلم الإجتماعي

وأخيراً هل من عدالة إجتماعية في العالم؟ أليس الغبن والظلم
وإساءات الإستعمال مستَشريات؟ أما تُغبن حقوق النساء والأطفال في عقود العمل
والتوظيف؟ أما تُساء معاملة الناس في التعامل؟ أما تُهزم الحقوق؟ أين النزاهة
والإنصاف والعدل والمساواة وعدم الإنحياز وعدم التمييز؟ في الدنيا مظالم عديدة،
الأنظمة التي وعدت برفع مستوى البشر فشلت، الوعود كثيرة والوفاء عسير، والقوانين
في خدمة مَنْ أحياناً؟ ومن وضعها؟ ولمصلحة مَنْ وُضعت القوانين؟ لا شك أنّ
الصعوبات عديدة والإنسان لا يميل الى الخير مئة بالمئة، شهواته ورغباته وأهواءه
تلعب أدواراً عديدة في مصيره، لا نستطيع أن نجرّد الإنسان عن الهوى مئة بالمئة،
يبقى لدى الإنسان درجة من العاطفية والهوى مهما سمت أخلاقه. العدل المطلق وصف لله،
النزاهة المطلقة وصف لله، ولكن كان للمسيحية آثار قوية جداً في تمدين البشر.

لا شكّ أن هناك مكتسبات كبيرة في الحضارة والمدنية، هناك الصدق في بعض
البلاد والإمتناع عن الإيمان والإمتناع عن الشهادات الكاذبة، وهذا مكسب كبير في
مواضع كثيرة من هذه الدنيا، هناك القضاء في بعض البلاد وفيه نزاهة. من مكاسب
الحضارة الكبيرة أن يُحال رئيس الجمهورية الفرنسية السابق جاك شيراك الى المحاكمة
وأن يُقضى على رئيس المجلس الدستوري الفرنسي الوزير السابق أيضاً
Roland Dumas وهو قانوني كبير، وأن يُقضى أيضاً على إبن رئيس الجمهورية الأسبق فرنسوا
ميتران وعملائه في المحاكمة. هذا كسب كبير وهناك قضاء نزيه هنا وهناك في الدنيا.

التقدّم الحضاري فيه إيجابيات، ولكن على المستوى العام الدولي يبقى الظلم
قائماً بنسبةٍ كبيرة جداً، فالعدالة الإجتماعية مفقودة. كم ينفق الأوروبيون
والأميركان على القطط والكلاب والعصافير، وفي بلادهم أكثر من مئة مليون عاطل عن
العمل ومتشرّد وسكّير ومريض عقلياً والى آخره، وكم هناك من الأيتام والمرضى
والمعذَّبين؟ أليس هؤلاء أحقّ بالعناية من الكلاب والقطط والعصافير وسوى ذلك؟ هناك
إنحراف في طباع الكثيرين من البشر، الأغنياء يَحارون في وجوه إنفاق أموالهم عبثاً
في القمار والخمور والتهتّك وسوى ذلك من النفقات السخيفة، بينما يجوع الناس
ويعطشون، بينما يمرض الناس ولا يجدون ثمناً للدواء. فالبشرية تتعذّب بنسبةٍ كبيرة،
المعذّبون والمشرّدون والمحرومون كثيرون جداً جداً بينما ينعم سواهم بتخمة باهظة
جداً جداً. ماذا يفعل أغنياء هذا العالم للفقراء؟ همّهم محصور بزيادة أرباحهم على
حساب سواهم. يمتصّون دماء الناس ليكدّسوا أموالهم.

لذلك فحالة الإنسان لا تدعو الى الإفتخار إلاّ في القدّيسين، والقداسة
مطْمع لا يطمع فيه إلاّ الخائفون من الله، وكم عددهم؟ وأين هم؟ الله يعرفهم لا
أنا، ولكني أعرف قوماً منهم، أعرف المنصفين والعادلين والأتقياء والأفاضل، لا تخلو
الدنيا منهم، إنْ خلت الدنيا منهم أتاهم الطوفان من جديد، هناك مصلّون وأتقياء،
هناك نسّاك كبيرون. ما زال العالم المسيحي ينعم بكمية من الأفاضل وما زال المسيح
يربح وإن كان هناك ضلالات عديدة.

عودة روسيا الى الإيمان الأرثوذكسي بعد 75 عاماً من التخبّط من الخضوع
لنظام ملحد يريد ان يفرض على روسيا الإلحاد والكفر، هذه العودة مشرِّفة تدلّ على
أنّ المسيح لا يُغلب يُضطهد ويُصلب، ولكن بصليبه إنتصر على قوى الشرّ جميعاً
وسيبقى منتصراً الى يوم القيامة، لا خوف على المسيحية، الخوف على الجبناء الفاقدي
الرجولة الذين ينهزمون أمام الواجبات المسيحية لانّ صليب يسوع المغروس في كل الدنيا
هو المنتصر الى الأبد، به سنغلب كل الشرور، وحينما ينتصر الشرّ سيأتي الطوفان
ويأخذ الكرة الأرضية بدون أن ينتصر الشر إنتصاراً كاملاً. لذلك على المسيحيين أن
يعودوا الى التقوى والسجود والصلاة والأعمال الصالحة لكي يحفظ الله بصلواتهم
وتقواهم وصدقاتهم الكرة الارضية من الطوفان.

أيها الآب القدوس والإبن القدوس والرب القدس القدوس، إحفظ الكرة الأرضية من
الشرور ومن القوى الشريرة ومن الظلمة والعدوان والإستثمار والإستغلال ومن كل
الشرور، وأعطِ الناس جميعاً ان يعبدوك بمخافةٍ كلّ أيام حياتهم، لَكَ الإكرام
والسجود الى أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين.

 



لمجده تعالى




عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +